سماحة الدين الإسلامي
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده الذي أخصنا بالإسلام ديناً وجعله لنا دين يسر وسماحة وأشهد إن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله خير نبي وسلم فجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين .
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " [ آل عمران : 102 ].
" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا " [ النساء : 1 ] .
عباد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره لقوله تعالى : " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " الزلزلة [ 7 - 8 ] .
أيها المسلمون اتقوا الله واشكروا ربكم على ما اختصكم به فهو الإسلام العظيم وإرسال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " [ آل عمران : 164 ] .
إن الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم دين من عند الله سبحانه وتعالى جاء لإخراج الناس من الظلمات إلى النور دين الرحمة والخير والسعادة ، الإسلام هو الاستسلام لله تعالى والإنقياد له بالطاعة والإنقياد لما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو دين الأنبياء جميعاً قال نوح عليه السلام " وأمرت أن أكون من المسلمين " [ يونس : 72 ] . ثم نسخ الإسلام جميع الديانات " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " [ آل عمران : 85 ] .
كثير من المسلمين يقصر بطاعة الله سبحانه وتعالى يبتعد عن نهج الله المستقيم وإذا ذكر بطاعة الله احتج قائلاً إن الدين يسر ، يقصر بصلاة الجماعة ولا يدفع زكاة المال ويقصر بأماناته خصوصاً مع أولاده وجيرانه ويقول الدين يسر ، توضيحاً لمعنى سماحة الإسلام يقول صلى الله عليه وسلم : " بعثت بالحنفية السمحة " . عباد الله إن الإسلام راعى أحوال العباد رحمةً بهم وتخفيفاً عليهم من هذه الرحمة واليسر السماحة في الإسلام أنه رخص للمسافر أن يفطر في نهار رمضان والقضاء من أيام أخر ورخص له قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين وأباح لنا ديننا العظيم أن نجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما وشرع للخائف أن يصلي على حسب حاله ماشياً أو راكباً وشرع للمريض أن يصلي حسب استطاعته قائماً أو قاعداً الو على جنبه .
من سماحة الإسلام يا أهل الإيمان أنه رفع عن هذه الأمة المؤاخذة بالخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ففي صحيح ابن حيان عن ابن عباس رضي الله عنهما إنه صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وقال صلى الله عليه وسلم " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وأسقاه " .
من سماحة الإسلام شرع للمسلم إذا عدم الماء أو خاف ضرراً أن يتيمم بالتراب كذلك من عظيم رحمة الله عز وجل بعباده الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون إنه رفع عنهم وخفف عنهم الجهاد وقتال الأعداء " ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله " [ التوبة : 91 ] .
كذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم الوسطية والاعتدال دون تشدد فروى الإمام مسلم في صحيحه قال : " هلك المتنطعون " أي المتشددون .
وقد " علم النبي صلى الله عليه وسلم الأمة سماحة الإسلام ويسره من خلال ثلاثة رهط جاءوا يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما اخبروا كأنهم تقالوها وقالوا أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له من ذنبه ما تقدم وما تأخر قال أحدهم : أما أنا أصلي الليل أبداً قال الآخر أنا أصوم النهار ولا أفطر وقال الآخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً فجاء صلى الله عليه وسلم معلماً لهم ولأمته حتى قيام الساعة أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله أني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأقوم وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني " هذا هو اليسر والسماحة في دين الإسلام الذي جاء يوافق الفطرة البشرية ويقودها إلى جنة الله سبحانه وتعالى فالذين يستغلون معصية الله سبحانه وتعالى بحجة سماحة الإسلام قد ضلوا وابتعدوا عن نهج الإسلام وتقول كذلك لهؤلاء ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثماً .
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً والمسلمين إلى فهم سماحة الإسلام ويسره أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه . الخطبة الثانية
الحمد لله الذي شرع القدرة بالمهتدين أحمده سبحانه وهو رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله اللهم صلى على عبدك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : من سماحة الإسلام ويسره أنه من ترك الواجب لعجزه عنه مع عزمه على فعله كتب له من الأجر مثل أجر من فعله يقول صلى الله عليه وسلم : " إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً ولا سرتم سيراً إلا وهم معكم حبسهم العذر " ليس معنى اليسر أن تترك الواجبات وترتكب المحرمات ينبغي أن نسعى جميعاً إلى طاعة الله سبحانه وتعالى ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً .
وأعلموا عباد الله إنكم مأمورون بهذا اليوم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ، لبيك اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين والدين وألف بين قلوب المسلمين ووحد صفوفهم واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ من شركك والنار ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون . وأقم الصلاة .