الجليس الصالح الخطبة الأولى
الحمد لله شديد العقاب واسع المغفرة سريع الحساب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بشرا المؤمنين بالجنة وأنذر الكافرين بالنار اللهم صلي على عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : يقول الله سبحانه وتعالى " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا " .
عباد الله : آيتان من كتاب الله سبحانه وتعالى تتحدث عن نوم الظالم الذي فارق طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقاً آخر غير سبيل الرسول وكان سبب نزولها في عقبة بن أبي معيط أو غيره من الأشقياء الذي أنصرف من الهدى إلى الضلالة وكان السبب في ضلاله صاحبه الذي أبى أن يكلمه حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وأبقى نفسه بالكفر في طاعة خليله الذي صده عن سبيل الله يقول جل ثناؤه مخبراً عن هذا النادم على ما سلف منه في الدنيا في طاعة خليله لقد أضلني عن الإيمان بالقرآن والإسلام وقال عليه الصلاة والسلام موضحاً فائدة الجليس الصالح : " إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وأما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافح الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة " متفق عليه ، يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أثر الجليس على رفقاءه سلباً وإيجاباً ويعلم الأمة أن تبحث عن الجليس الصالح لأنه بمجرد الجلوس معه فيه كل الخير حيث شبه الجليس الصالح بحامل المسك فإنك إذا جالسته لا بد أن يحصل لك خير إما أن يعطيك ويهدي إليك أو تشتري منه أو تجد منه الرائحة الطيبة التي تظهر على بدنك فكذلك جليسك الصالح تنتفع بمجالسته يذكرك بطاعة الله سبحانه وتعالى إن أنت غفلت عن طاعته .
الناس في الدنيا يتفاوتون فيما بينهم فمن الناس من يدعو إلى دين الله سبحانه يذكر الناس بطاعة الله عز وجل يكون مفتاح خير دال على الخير ومنهم من يكون غارقاً في المعاصي بعيداً عن الطاعة جالباً للشر يقول عليه الصلاة والسلام : " إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه " سنن ابن ماجة . عباد الله إن ثمرات مجالسة الصالحين كثيرة منها إن الذي يحرص على مجالسة الصالحين تشمله رحمة الله سبحانه وتعالى ويأخذ من الخير يقول صلى الله عليه وسلم : " إن لله ملائكة يطوقون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوهم تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم : ما يقول عبادي قالوا : يسبحونك ويحمدونك وفي آخر الحديث يقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم ويقول مالك : فهيم فلان وفي رواية فيهم فلان عبداً خطاء إنما مر فجلس فيقول : هم الجلساء ولا يشقى جليسهم وله قد غفرت " ، إن جليسك الصالح إن جلست معه تحصلت على مغفرة من ذنوبك ، جليسك الصالح يبثرك بعيوبك ويدلك على ما تقصر به في طاعة الله لذلك نجد إن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المؤمن كالمرآة لأخيه ، قال بعضهم : المؤمن مرآة أخيه إن رأى فيه ما يكره سدده وحفظه في السر والعلانية وجليسك الصالح يصلك على إخوان لك على قدر من العلم والتقوى فتنتفع بإخوانك بعلمهم لقربهم من طاعة الله مما يدفعك إلى التعلم والإجتهاد والحرص على طاعة الله ، إنك يا عبد الله يا من حرصت على جليس صالح فإنك إذا جلست معهم تنكف عن المعصية مما يؤدي بك إلى التخلي الدائم عن المحرمات ، عباد الله الوقت هو حياة الإنسان وسوف يسأل عنه عند لقاء ربه فإننا إذا حرصنا على مجالسة أهل الخير قضينا أعمارنا وأوقاتنا في طاعة الله عز وجل ، إن جليسك الصالح أخي المؤمن يعلمك أمور الخير ، يرشدك إلى كثير من التطوعات ، يشجعك على المشاركة في مشروعات الخير البر إن كنت من الذين أعطاك الله المال ، من فضائل مجالسة الصالحين أنهم يحفظونك في حضرتك ومغيبك فلا ينتهكوا لله حرمة ، يدافعون عنك في مواطن أنت بحاجة إلى الدفاع عنك فيها .
عباد الله : صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " أولياء الله إذا رؤوا ذكر الله تعالى " رواه البخاري إن المسلم إذا رأى الصالحين والأخيار يذكر الله تعالى فما أعظمها من نعمة للذي حرص على مجالسة أهل الخير وقال صلى الله عليه وسلم : " إلا أنبئكم بخياركم قالوا : بلى يا رسول الله : خياركم الذين إذا رؤوا الله عز وجل " أخرجه ابن ماجة ، انظروا عباد الله رحمكم الله في هذين الحديثين إن للأخيار تأثير على من رأهم وأنه يذكر الله عز وجل وذلك لما يجده من نور الإيمان وحسن السيرة وهيبة العلماء تلك الهيبة التي كانت موجودة قديماً ، نسأل الله تعالى أن تكون في هذا الزمان ، إنها هيبة العلماء ، الخير يحصل لمن رآهم فكيف لمن يجالسهم ويخالطهم .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الخطبة الثانية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله الذي جعل الصلاة خير زاد أحمده سبحانه وأشكره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خير من صلى وأتقن الصلاة اللهم صلي على عبدك محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد : يا عبد الله يا من حرصت على مجالسة أهل الخير أعلم إنك تنتفع بدعاءهم بظاهر الغيب في حياتك وعند موتك فإن أهل الخير يدعون بعضهم البعض قال صلى الله عليه وسلم : " دعوة المرء المسلم لأخيه بظاهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل " رواه مسلم ، يقول عمر رضي الله عنه : عليك بإخوان الصدق فعش في أكنافهم فإنهم زين في الرخاء وعدة في البلاء .
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ، اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ، ولا تعذبنا فإنك علينا قادر ، اللهم تقبل منا صلاتنا واستغفارنا ودعائنا وسائر أعمالنا يا رب العالمين ، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ، اللهم آتي نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، وأقم الصلاة .