قيمة الوقت فى الاسلام قيمة الوقت عند المسلم
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم" نعمتان مغبون فيهما الناس الصحة والفراغ" لذلك كان الصحابة والسلف أحرص ما يكونون على الوقت فكانوا يقولون: من علامات المقت إضاعة الوقت، وكانوا يستغلون الوقت للترقي من حال إلى حال حتى يكون يوم أحدهم أفضل من أمسه فيقولون من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون، ومن كان يومه شر من أمسه فهو ملعون.
وكان لا يمر يوم أو برهة من الزمن- وإن قصرت – دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي. وهذا الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي يقول: لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا انهض غلا وقد خطر لي ما أسطره، وغني لأجد من حرصي على العلم في عشر الثمانين اشد مما كنت أجد وأنا ابن عشرين سنة، وقد صنف كتابا في الفنون ويبلغ كما يقول بعضهم ثماني مائة مجلد.
ويقول سبط ابن الجوزي: سمعت جدي يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعيّ هاتين ألفي مجلد. حتى أن بُراية أقلام ابن الجوزي التي كتب بها الحديث جمعت فحصل منها شيء كثير، وأوصى أن يسخن بها الماء الذي يغسل به بعد موته ففعل ذلك، فكفت وفضل منها. وقال ابن الجوزي وهو يوصي ابنه: واذكر ساعتك التي ضاعت فكفى بها عظة فاغتنم أنفاسك ففي الحديث( من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة) فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل. من عاش في الدنيا ستين سنة فإنه يمضي عشرين سنة في النوم، ونحوا من خمس عشرة في الصبا، فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمكاسب والمكدرات فإذا خلص ما للآخرة وجد فيه من الرياء والغفلة الكثير فبماذا تشتري الحياة الأبدية؟ وما الثمن إلا هذه الساعات؟!
فما يساعد على اغتنام الوقت تنظيم الأعمال، واجتناب المجالس الفارغة الخاوية، وترك الفضول، ومصاحبة المجدين النبهاء الأذكياء، وقراءة أخبار العلماء الأفذاذ أصحاب التراجم فإن ذلك يعرفك بقيمة الزمن.
واعلم أن العمر الطويل ينقضي يوما بعد يوم ويمضي مسرعا ولا يعود قال الإمام أحمد بن حنبل: ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط!! واعلم أيضا أن الوقت في الكبر أضيق منه في أوقات الشباب، فبادر ساعات العمر وهي سانحة، واغتنمها قبل أن تضيع.