بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد /
فمع اللقاء الثاني حول عصب الأمة (الشباب ) بعدما عرفنا وتعرفنا على بعض همومه في اللقاء الأول مع حضراتكم اليوم نتعرف عن التحديات التي يواجها شباب أمة الإسلام قاطبة ونحن في أحلك اللحظات وأحرجها لأننا أصبحنا في مفترق الطريق إما البقاء والصمود وإما واليعاذ بالله تعالى الدمار والفناء فإن الأمة الآن وبالتحديد تعيش أزمة قاسية عدو في الداخل يريد الكيد والفتك بها وعدو في الخارج يتربص بشبابها لينال منها في مقتل حتى تفنى وتذبل وتصبح دائما في ذيل الأمم كما يزعم الزاعمون والمستأجرون والأفاكون كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا بعد صحت واسيقظت من سباتها ومن نومها العميق وظلت سنوات ترزح تحت وطأة ظلم الظالمين ففتحت عينها لترى صباح نور مشرق بإذن ربها وترتشف من معين لا ينضب ومن عين جارية لا ينفد ماؤها واستنشقت عبير زهرٍ وورد لتسترد روحها وعافيتها بقدرة ربها الذي يحيها ويميتها .
وإن الشباب الذي يواجه التحديات التي سأذكرها لاحقاً ليستبشر بنصر قريب وفوز عظيم قال تعالى (وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) [سورة الصف الآية 13]لأنه في رباط دائم تجاه هذه التحديات ولعلمه اليقيني بقدرة الله التي هي فوق كل قدرة مهما كانت ومهما علت قال تعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ قدير * تولج الليل في النها وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) . [سورة آل عمران الآيتين 26 , 27 ]
أما عن التحديات التي يواجهها شباب أمتنا في هذه الآونة فسأبلورها في عدة نقاط مهمة :
1 - انعدام الثقة بينهم وبين من ولاهم الله على مقاليد الأمور الدنيوية .
2 - والتهميش لهم من لدن من ولاهم الله على مقاليد الأمور الدنيوية .
3- توجيه طاقاتاتهم ونشاطاتاتهم إلى غير المسار الصحيح من لدن من ولاهم الله على مقاليد الأمور الدنيوية .
4- قهرهم وتعذيبهم واحتكارهم واغلاق باب الحوار معهم .
هذا غيض من فيض وقليل من كثير من التحديات التي يواجهها شباب أمة الإسلام الآن ولو يعلم هؤلا ء الذين ولاهم الله تعالى على الأمم أنهم مسولون وموقوفون أمام ذي العزة والجبروت والملك والملكوت وأنهم سيحاسبون عما يفعلون لما تحدوا شباب الأمة في صلف وعناد وكبر ابليس (قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) فكان جزاؤه الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى (قال فاخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ) [ سورة ص الآيات 76 , 77 , 78 ] - الذين يريد الاصلاح والصلاح والتغير والتغيير - وليضع الشباب في حسبانهم أنهم في موقعة من أكبر المواقع موقعة بين الإرادة والعزيمة وبين هذه التحديات إنهم إن انتصروا - وسينتصرون بإذن الله وقدرته ومدده لأن المؤمن دائماً متفائل وكان سيد الخلق وإمام الحق نبينا ورسولنا وقرة أعيننا وشغاف قلوبنا كما ورد في الحديث في سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة. وفي رواية: (يحب الفال الحسن ) ولا يياس شباب أمة الإسلام مما يحاط بهم وليأخذوا قدوتهم من رسولهم ومن قول ربهم على لسان نبي الله يعقوب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكي التسليمات لبينيه (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) [سورة يوسف : الآية 87] وشباب أمة الإسلام بحمد الله تعالى مؤمنون موحدون صادقون بإذن الله في إيمانهم ومصدقون بموعود ربهم بنصرهم (ياأيها الذين آمنو إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) [سورة محمد : 7]ليس فقط بقوة عتاد مادي وانما بقوة ايمان بالله تعالى لأنه لو إنسان ما كل عتاد وقوة مادية وخلى كل ذلك من إيمان صادق بالله تعالى فإن الهزيمة لاحقة به لا محالة .
وعندما نتصفح كتاب ربنا متدبرين آياته نجد أن الله تعالى يذكر لنا معاشر المسلمين وخاصة شباب الأمة الذي يريدالتغيير والتغير نحو الأفضل ويتطلع إلي مستقبل مشرق نموذجا رفيعا لايحاكيه أبلغ البلغاء وأفطن الفظنا ء وأأدب الأدباء من أهل الأرض قاطبة (قل لئن اجتمعت الأنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) [سورة الإسراء : الآية 88]
نموذج من التحدي والصمود - موسى - عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات وأزكى التسليمات - ومن آمن معه في مواجهة فرعون ومن اتبعه على كفره وعناده وصلفه وطغيانه في سورة غافر والتى تسمى أيضا بسورة المؤمن نسبة إلى مؤمن آل فرعون – أنموذجاً وقدوة لشباب الأمة فقد قولة حق في مواجهة طاغية معبراً عن رأيه الإيماني في شجاعة وجرأة منقطعة النظير- والذي جاء ذكره بوصفه لا باسمه في ثنايا الحديث عن الجزء من قصة موسى عليه السلام وهو يمثل جزءا وفترة مهمة في حياة موسى عليه السلام في أرض مصر وليعش كل مسلم وخاصة شباب أمة الإسلام بشعوره ووجدانه وقلبه وعقله ولبه مع تلك الأيات الذي سأسردها بدون تعليق وليأخذ كل بمعين فهمه وليخرج بعظات نافعات ودروس مستفادات من تلك الآيات الكريمات وليتعلم أهل الدنيا جميعا كيفية الحوار والأسلوب الحواري االهادئ لا الهائج الذي يوصل الى الحق والصواب ..
قال تعالى : (23. وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
24. إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ
25. فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ
26. وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ
27. وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ
28. وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ
29. يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ
30. وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ
31. مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ
32. وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ
33. يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
34. وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
35. الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
36. وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ
37. أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ
38. وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ
39. يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ
40. مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
41. وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ
42. تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ
43. لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ
44. فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
45. فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ
46. النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ
47. وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ
48. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ
49. وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ
50. قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ
51. إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ
52. يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ
53. وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ
54. هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ
55. فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) [سورة غافر الآيات 23 : 55]
وليعلم وليسبشر الشباب من خلال المشهد القرآني من قصة موسى أن الحق سينتصر على الباطل لأن هذا هو موعود الله تعالى ووعده وموعوده لا يتخلفان أبد ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زا هق ) وأن الظالم مهما علت شوكته وقوته فستنكر بإذن الله تعالى وقوته (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) [سورة الشعراء الآية 227]
هذا وبالله التوفيق والسداد وأسألكم الدعاء لي ولسائر المسلمين والمسلمات بظهر الغيب فإن الملك يقول ويؤمن على دعائك : ولك بمثله وسامحوني إن أطلت عليكم فإن يك صواباً فمن الله وحده وإن يك غير ذلك فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع تحيات أخوكم الشيخ / أبومحمد صلاح