إن لصاحب الحق مقالا حدثنا محمد بن المثنى حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة
أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له فهم به أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقالا ثم قال اشتروا له بعيرا فأعطوه إياه فطلبوه فلم يجدوا إلا سنا أفضل من سنه فقال اشتروه فأعطوه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء
حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سلمة بن كهيل نحوه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح
قَوْلُهُ : ( أَنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )
أَيْ طَلَبَ مَتَّهُ قَضَاءَ الدَّيْنِ , وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ : كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الْإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ . وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ يَتَقَاضَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا
( فَأَغْلَظَ لَهُ )
أَيْ فَعَنَّفَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ النَّوَوِيُّ : الْإِغْلَاظُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْدِيدِ فِي الْمُطَالَبَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ قَدْحٌ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ كَافِرًا مِنْ الْيَهُودِ أَوْ غَيْرِهِمْ اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ : وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ أَعْرَابِيًّا وَكَأَنَّهُ جَرَى عَلَى عَادَتِهِ مِنْ جَفَاءِ الْمُخَاطَبَةِ
( فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ )
أَيْ أَرَادَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤْذُوهُ بِالْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ , لَكِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَدَبًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( دَعُوهُ )
أَيْ اُتْرُكُوهُ وَلَا تَزْجُرُوهُ
( فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا )
أَيْ صَوْلَةُ الطَّلَبِ وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ . قَالَ اِبْنُ الْمَلَكِ : الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الدَّيْنُ أَيْ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ حَقٌّ فَمَاطَلَهُ فَلَهُ أَنْ يَشْكُوَهُ وَيُرَافِعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ وَيُعَاتِبَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَقَالِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ .
( اِشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا )
قَالَ الْحَافِظُ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ : اِلْتَمِسُوا لَهُ مِثْلَ سِنِّ بَعِيرِهِ
( فَلَمْ يَجِدُوا إِلَّا سِنًّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ )
أَنَّ بَعِيرَهُ كَانَ صَغِيرًا وَالْمَوْجُودُ كَانَ رَبَاعِيًا خِيَارًا كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ الْآتِيَةِ
( فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً )
فِيهِ جَوَازُ وَفَاءِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمِثْلِ الْمُقْتَرَضِ إِذَا لَمْ تَقَعْ شَرْطِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ اِتِّفَاقًا وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ تَفْصِيلٌ فِي الزِّيَادَةِ إِنْ كَانَتْ بِالْعَدَدِ مُنِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ بِالْوَصْفِ جَازَتْ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )
وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .
نور الدين بركات