العـالم والخــليفة جاء في كتاب حلية الاولياء ان الامام الشافعي دخل علي هارون الرشيد يوما فقال له: يا أمير المؤمنين اعلم ان الله جل ثناؤه امتحنك بالنعم وابتلاك بالشكر ففضل النعمة احسن لتستغرق بقليلها كثيرا من شكرك.
فكن لله تعالي شاكرا ولآلائه ذاكرا تستحق منه المزيد واتق الله في السر والعلانية تستكمل الطاعة واسمع لقائل الحق وإن كان دونك تشرف عند الله وتزد في عين رعيتك واعلم ان الله سبحانه وتعال بي يفتش سرك فإن وجده بخلاف علايتك شغلك بهم الدنيا وفتق ـ اي شق عصا الجماعة ـ لك ما يزنق ـ يضيق ـ عليك واستغني الله والله غني حميد وأن وجده موافقا لعلانيتك احبك وصرف هم الدنيا عن قلبك وكفاك ئوونة نظرك لغيرك وترك لك نظرك لنفسك وكان المقوي لسياستك ولن تطاع إلابطاعتك لله تعالي فكن له طائعا تكتسب بذلك السلامة في العاجل وحسن المنقلب في الآجل فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون, واحذر الله حذر عبدعلم مكان عدوه وغاب عنه وليه, فتيقظ خوف السري اشارة إلي وقت نزول القبر ـ لاتأمن من مكر الله لتواتر نعمه عليك فإن ذلك مفسدة لك وذهاب لدينك واسقط المهابة في الاولين والآخرين, وعليك بكتاب الله الذي لايضل المسترشد به ولن تهلك ما تمسكت به, فاعتصم بالله تجده تجاهك وعليك بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم تكن علي طريقة الذين هداهم الله فبهداهم اقتده فإنك مسئول عن رعيتك فلا تطع الخاصة تقربا إليهم بظلم العامة ولاتطع العامة تقربا إليهم بظلم الخاصة لتستديم السلامة وكن لله كما تحب ان يكون لك اولياؤك من العامة من السمع والطاعة فإنه ما ولي احد علي عشرة من المسلمين فلم يحطهم بنصيحة إلا جاء يوم القيامة ويده مغلولة إلي عنقه لايفكها إلا عدله وانت اعرف بنفسك.. فبكي الرشيد وعلا نحيبه وبكي جلساؤه.