خواطر عن الضمير حمد لله رب العالمين يطمئن القلوب بذكر ملك الملوك ويزيل الغموم براحة البال واليقين ويهدي البشرية للخير بإحياء الضمير
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء أمرنا بالعمل الصالح والسير على منهاجه لنفوز في بجنة عرضها الأرض والسماوات .
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله حثنا على الفضائل كلها ونهانا عن الرذائل والمنكرات.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وعلى كل من استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعد
فإن اليوم ابتليت بفئات تجردت من القيم والمباديء والعهود والمواثيق والأخلاق الفاضلة فلا واذع داخلي ينفع ولا وازع ديني ينفع وإنما عاشت لنفسها وفقط أو لغيرهم ممن سعوا وراء المتع الزائفة وإن الشيطان إنما يزين لكل إنسان الطريق الذي يسير فيه وصدق ربنا ـ حين قال سبحانه وتعالى ــ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا إن من يعش بتلك المفاهيم الخاطئة إنما تسيطر عليه الدنيا بحذافيرها فيرى المعروف منكرا ويرى المنكر معروفا مع العلم بأن الحق سبحانه وتعالى بين لنا الحقائق التي نسير عليها وصدق النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ حين قال { إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ....
لقد أمات الشيطان في قلوب أتباعه الضمير الإيماني والوازع الديني فلم يروا إلا ما يراه الشيطان والعياذ بالله
ويجب علينا اليوم أن نعلم بأن الضمير إنما له فوائد عظيمة تعود على الإنسان بالخير في الدنيا والآخرة ولقد أراد الحق سبحانه وتعالى أن يبين لنا ذلك من خلال آيات التقوى التي يذكرنا بها على الدوام وإن حديث القرآن الكريم عن التقوى يبين لنا بأن المسلم سيعى للعمل الصالح لنيل الرفعة في الدنيا والآخرة يا أيها الذين اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح .........
يا أيها الذين آمنوا اتقوا ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله
إن النظرة إلى الحياة الدنيا وإلى عمل الإنسان فيها ينبغي عليه أن يفكر في الكلمة التي ينطق بها وفي الفعل الذي يقوم بأداءه لأن عنده الوازع الديني والضمير الحي الذي يدفعه إلى تقوى الله ومراقبة الله لم ينظر لدنيا فانية أو منصب زائل أو يعمل من أجل فلان أو علان لأنه يعلم بأن الأمور بيد الله
فبالضمير تحيا الأمم وتقوم الحياة بالضمير الحي تنصر امم والشعوب بالضمير الحي يبتعد الإنسان عن المعاصي والشهوات بالضمير الحي تسعد الدنيا كلها بالضمير الحي يعرف كل إنسان واجبه ويؤدي عمله بإتقان بالضمير الحي تتطهر الأمة من رجس أهل الباطل والعصيان
الضمير قوة داخلية في الإنسان تدفعه لعمل الصالحات وتقربه من علام الغيوب الضمير يدفع الإنسان إلى الندم إن قصر في عمله الضمير يجعل الإنسان محافظا على لقمة عيشه وأن يأتي بها بإخلاص الضمير الحي يدفعه للوقوف بجانب المظلوم ويدافع عنه الضمير الحي يجعله قويا محافظا على الأصول والثوابت الضمير الحي يجعل الإنسان واقفا أمام كل كلمة ينطق بها لئلا يقع في إثم أو منكر
لقد أحيا الضمائر في النفوس فهدوا إلى الإيمان وسعوا من اجل رفع كلمة لا إله إلا الله عالية مدوية ضحوا بما عندهم بل ضحوا بتلك الدنيا ليفوزوا بجنة عرضها السماوات والأرض.
لقد رباهم الإسلام على الحق والمباديء والقيم والأصول لقد دعاهم إلى التحلي بمكارم الأخلاق والوفاء بالعهود والمواثيق والسعي من أجل الحق والعدل في الأرض دعاهم إلى أن يستشعر كل إنسان منم بأن الله عز وجل رقيب عليه في كل فعل عمل وقول يتلفظ به فرأينا المخطيء قبل المحسن رأينا من يخطيء يأتي للنبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ معترفا بخطئه لا رقيب عليه ولم يره أحد يفعل المعصية ولكنه يأتي للنبي ــ صلى الله عليه وسلم مختارا بنفسه بهذا الضمير اليقظ الذي جعله يرتضي الفضيحة في الدنيا لكي يتطهر من رجس معصيته وليكون تائبا ضامنا الجنة وهو في الدنيا فإن الفضيحة الكبرى تكون في الأخرة لم ينظر إلى تلك الدنيا التي نعمل نحن اليوم لها ألف حساب نخاف ألا نفضح أمام الخلق ونرضى بالمعصية وعمل السيئات وأن نقوم بالتحايل واختلاق الأكاذيب والشعارات الواهمة التي تأتي إلينا لنبرر ما نكنا نقوم به وفي السنة النبوية ما يؤكد ذلك
واليوم نقول
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
ونهجوا الزمان بكل لفظ ولو لفظ الزمان بنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا
وللموضوع بقية إن شاء الله