الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى كل من استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
يقول الحق سبحانه وتعالى " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامه فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور "
ويقول أيضا " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام "
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
وما المال والأهلون إلا ودائع ولابد يوما وأن ترد الودائع
خلق الله عز وجل الإنسان في هذه الدنيا للعبادة فقال سبحانه " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " والإنسان مخلوق في هذه الحياة الدنيا للعبادة والعبادة هي التي تنفع الإنسان في هذه الحياة هي التي تنفعه في دنياه ليكون في الآخرة من المقربين وليكون في الآخرة من الذين يمن الله عز وجل عليهم بمغفرة الذنوب والآثام , وقد بين رب العالمين سبحانه وتعالى ذلك للناس أجمعين ليعلم الإنسان بأنه مخلوق في هذه الحياة الدنيا ليكون عبدا لله رب العالمين سبحانه وتعالى ومن طبيعة العبودية أن يعيش مسلما أمره لله رب العالمين سائرا وفق ما أراد الله عز وجل من امتثال الأوامر والمحافظة على شعائر الله ومن المحافظة على الفرائض وأركان الإسلام حينما يسير الإنسان بذلك فإنما يعطي لنفسه الخير وقد بين الله عز وجل في حديثه القدسي " يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا , يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا " فعبادتنا إنما هي لأنفسنا حينما نحافظ عليها فإنما ننفذ أوامر الله رب العالمين سبحانه وتعالى هذه الأوامر تنفعنا ليعيش بقلب راض وبنفس مطئنة وبطمأنينة واستقرار نفسي وصدق ربنا إذ يقول " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئات " ذكر الله هو الذي ينفع الإنسان في هذه الحياة الدنيا وقد بين النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ في وصيته الجامعه حينما جاء أحد الصحابة يسأله أوصني يا رسول الله لم يقل له عليك بكثرة صيام أو بكثرة صلاة أو بمجهود بدني شاق يقوم به الإنسان, وإنما قال له " لا يزال لسانك رطبا بذكر الله " ذكر الله أن تذكر الله بلسانك أن توحد الله رب العالمين سبحانه وتعالى أن تعيش بالقلب المؤمن وبالقلب السليم الذي ينفع صاحبه يوم الدين حينما بين لنا الحق سبحانه وتعالى " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " هذا القلب هو الذي يحافظ على فرائض الله هذا القلب هو الذي يذكر الله في الصباح والمساء من تسبيح واستغفار وقراءة للقرآن وصلاة بالليل والناس نيام وبالمحافظة على السنن والرواتب والنوافل فإن ذلك ينفع الإنسان فقد بين الحق سبحانه وتعالى في حديثه القدسي " ولا يزال عبدي يتقرب بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " هذا الذي يتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة يعيش بسمع وببصر من الله كأن الهداية والتوفيق أصبحت سجية له وطبيعة له يسير بها في هذه الحياة والإنسان في هذه الحياة الدنيا يريد من الدنيا حسنة يريد من الدنيا جزاء يريد من الدنيا أن تكون ممرا صالحا للآخرة .
وقد بين القرآن الكريم " وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك " اعمل للآخرة من طاعة لله رب العالمين ـ سبحانه وتعالى من أعمال صالحة من صدقة جارية من تربية صالحة لأولادنا من أعمال صالحة يقوم بها الإنسان تنفعه في دنياه وأخراه وعلى الإنسان أن يستغل كل نعمه وكل ما آتاه الله عز وجل إليه أن يستغله في طاعة الله رب العالمين أن يستغله في الطاعة والعبادة فتعيش بذلك في هذه الحياة الدنيا ولا ينسى الإنسان نصيبه من الحياة الدنيا ولكن ليس كما يقول البعض ساعة لقلبك وساعة لربك ساعة تعبد فيها الله وساعة نلهو ونلعب بمعصية الله لا وإنما ساعة القلب أن نروح عن قلوبنا بالأمور الحلال المباحة التي بينها لنا الإسلام أن يروح عن قلبه بالاستراحة النفسية القلبية وهذه الاستراحة لن تكون إلا بطاعتنا الله وبذكر الله كما قال القرآن الكريم " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " وعَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ، قَالَ: - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .
ساعة يكون الإنسان فيها مستغلا قلبه وعقله في طاعة الله عز وجل وساعة يعيش بالأمور المباحة من جلوسه مع أولاده وزوجته من عمله من أجل لقمة العيش الحلال من الأمور الصالحة التي يعيش بها في هذه الحياة
فالإنسان يستغل أيامه لتكون في طاعة الله هذه الطاعة تنفعه في الدنيا والآخرة " من يطع الرسول فقد أطاع الله " , وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون " آيات متعددة تأمر الإنسان بطاعة الله عز وجل يحافظ على شعائر الله ويحافظ على لسانه من أن يتلفظ بلفظة السوء وبأن القرآن بين " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " أن يستغل الإنسان آيات القرآن ليعيش بها في هذه الحياة أن يعلم بأن الله عز وجل مطلع عليه في كل وقت وحين
إذا خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
أن تكون مراقبا لله عز وجل في سرك وعلانيتك أن تكون تلك المراقبة دافعة للإنسان على طاعة الله وإنها الخشية التي تأتي للإنسان وحينما أراد أحد الناس أن يراود امرأة للمعصية قالت له ابحث لنا عن مكان لا يرانا أحد فجهز المكان وقال لها هيا فقال له هل يرانا أحد قال لها لا لا ترانا إلا الكواكب فقالت له بلسان المرأة الواثقة التي جاء إليها الإيمان في وقت الشدة فقالت لها وأين مكوكبها فخرج الرجل مسرعا تذكر تقوى الله وتذكر مراقبة الله عز وجل فترك المعصية على الفور وانصرف وهؤلاء هم المتقون وصدق ربنا إذ يقول " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " على الفور يتذكر الله هذا التذكر يأتي للإنسان الذي يحافظ على طاعة الله عز وجل ومراقبة الله عز وجل في كل وقت وحين ولذلك بين لنا النبي ــ صلى اله عليه وسلم ــ تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة " الإنسان في صحته ينبغي أن يستغلها في طاعة الله لأن الإنسان حينما تأتي هذه المعصية فإنما يرجع إلى الله على الفور والإنسان يستغل أيامه كلها لتكون في طاعة الله عز وجل لأن من عاش على شيء شاب عليه ومن شاب على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه
فاللهم اغفر لنا أجمعين وحقق لنا حسن الختام وارحم أمواتنا وأموات المسلمين اللهم آمين
اليوم الثلاثاء الموافق 5 يناير 2016 م