بين القناعة و الطمع الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من أخرج الله به البشرية من الظلمات إلى النور , أما بعد.... فقضية الرزق أرقت البشرية منذ وجودها على وجه الأرض مع أن الله عزو جل حسمها بقوله (وما من دآبة فى الأرض إلى على الله رزقها) , و المشكلة ليست فى الرزق و لا قلته و لا كثرته و لكن المشكلة تكمن فى الطمع _ فالنفس طماعة فعودها القناعة _ النفس دائما تطمح إلى ما ليس لها و لا تقنع برزق الله لها و تحاول الإستزادة من كل شىء و إن لم يكن لها و تقول (هل من مزيد ) , مع أن الرزق ما انتفع به الإنسان و ليس ما جمعه , فقد يجمع الإنسان الملايين و لا ينتفع منها إلا بمئات – هى رزقه الحقيقى الذى انتفع منه – وهذا المعنى كان النبى صلى الله عليه و سلم يبثه فى نفوس أصحابه منذ إسلامهم لينشئوا عليه ........................................................................فالنفس كالطفل شب على حب الرضاع و إن تفطمه ينفطم (عن حكيم بن حزام رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطانى ثم سألته فأعطانى ثم قال ياحكيم إن هذا المال خضر حلو, فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه , ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه و كان كالذى يأكل و لا يشبع , و اليد العليا خير من اليد السفلى , قال حكيم فقلت يا رسول الله و الذى بعثك بالحق لا أرزأ (أى لا آخذ شيئا من مال و غيره و لا أطلب من بشر منفعة دنيوية ) أحد بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا , فكا ن أبو بكر – رضى الله عنه – فى خلافته يدعوه ليعطيه العطاء فيأبى , ثم إن عمر – رضى الله عنه – دعاه فى خلافته ليعطيه فأبى , فقال يا معشر المسلمين أشهدكم على حكيم أنى أعرض عليه حقه الذى قسم الله له فى هذا الفىء فيأبى أن يأخذه ..... فلم يرزأ أحدا من الناس بعد النبى صلى الله عليه و سلم حتى توفى ) متفق عليه . ويستمر معلم البشرية صلى الله عليه و سلم فى معالجة الطمع بالقناعة ويعلم أتباعه أن لا يسألوا الناس و لكن يسألوا رب الناس فيقول (من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لن تسد * إنتبه أخى فهو يجزم بأنها لن تسد و لن يغنيه سؤال الناس مع تعوده عليه * ومن أنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل ) رواه أبو داوود و الترمذى . فاللهم ارزقنا الهدى و التقى و العفاف و الغنى . و السلا م عليكم و رحمة الله وبركاته .