أهلا وسهلا بك إلى منتديات أئمة الأوقاف المصرية .
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات أئمة الأوقافالخطبة الاسترشادية 24 شوال 1437هـ 29 يوليو 2016  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالإثنين يوليو 25, 2016 8:24 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافاليوم السابع / غلق باب التقديم لمسابقة الدعاه بعد غد الثلاثاء الموافق 26 يوليو 2016  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالأحد يوليو 24, 2016 8:13 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافضوابط الاعتكاف لشهر رمضان 1437 هـ 2016 م  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالإثنين مايو 30, 2016 7:51 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتعميم : عدم حضور أي دورات تدريبية إلا بتصريح من الأوقاف  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالإثنين مايو 30, 2016 7:36 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتعليمات هامة للأئمة قبل شهر رمضان 1437 هـ 2016 م  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالإثنين مايو 30, 2016 6:46 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة التسوية لوظيفة إمام وخطيب المجموعة الأولى  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالخميس أبريل 28, 2016 7:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء المرشحون أوئل القراءة الحرة لمرافقة بعثة الحج لهذا العام 1437هـ 2016 م  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالأربعاء أبريل 20, 2016 8:53 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة التفتيش العام إبريل 2016 م خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالأربعاء أبريل 20, 2016 8:41 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافإلى اخي الأستاذ سعد غابة فضلا  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة أبريل 15, 2016 1:36 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقاف وفاه كبير ائمه مركز زفتى غربيه خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالسبت أبريل 02, 2016 6:49 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقاففضيلة الشيخ زكريا السوهاجي وكيل وزارة الأوقاف بأسوان يفتتح مسجد الروضة خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالسبت مارس 26, 2016 6:55 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتكليف د خالد حامد برئاسة لجنة الاتصال السياسي بالوزارة يعاونه الأستاذ مخلص الخطيب  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالسبت مارس 19, 2016 9:13 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافحوار فضيلة الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف مع جريدة الأهرام  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة مارس 18, 2016 12:06 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافافتتاح عشرة مساجد غدا الجمعه 18 مارس 2016 م خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالخميس مارس 17, 2016 11:50 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافالمطالبون بالتسوية بالمؤهل الجامعي عليهم التوجه لمديرياتهم فورا وآخر موعد غدا الثلاثاء  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالإثنين مارس 07, 2016 6:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافاقتراح من فضيلة الشيخ عبد الناصر بليح بعمل انتخابات مجلس إدارة الصندوق بالمديريات أو بقطاعات ثلاثه  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالأحد مارس 06, 2016 7:57 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافماذا تعرف عن صندوق نهاية الخدمة خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالأحد مارس 06, 2016 7:36 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافإعلان شغل وظائف بمديرية أوقاف بني سويف  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالخميس مارس 03, 2016 7:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الذين سيحصلوا على الدرجات بوزاة الأوقاف لجميع العاملين بالوزارة 2016  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالخميس مارس 03, 2016 7:33 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة إيفاد القراء في شهر رمضان 1437هـ 2016 م  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالثلاثاء مارس 01, 2016 8:50 am من طرف

منتديات أئمة الأوقاف المصرية  :: صوت المنبر

شاطر
 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:26 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:26 am



خطب عن بدء العام الدراسي


إخواني الدعاة : ــ
قمت بجمع خطب عديدة من على شبكة الإنترنت عن بدء العام الدراسي الجديد لتكون لكم عونا على إعداد خطبة في هذا الموضوع الهام وإني أعلم أن علمكم الغزير سيفيض بأفضل الكلمات والألفاظ والإيحاءات والأفكار الهادفة المفيدة والمتنوعة حيث إن هذه الخطب ربما لا تتوافق مع مجتمعنا المصري فلكل بلد فكره والخطبة تخاطب المجتمع الذي يعيش فيه الداعية
وهذه الخطب عون للمبتديء ولتكون تفتيحا للدعاة الفاهمين والقدامى لبعض الأفكار الغائبة علينا و
وإننا نتوجه إلى الله تعالى بأن يجعله عاما دراسيا سعيدا مليئا بالنجاح والتفوق والتفاؤل والأمل والحب والإيمان
م





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:31 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:31 am



خطب عن بدء العام الدراسي


استقبال العام الدراسي
عبد الله بن محمد البصري

ملخص الخطبة

1- أثر العلم في بناء الأمم. 2- فضل العلم وشرف أهله. 3- حال السلف مع طلب العلم. 4- تيسّر سبل العلم في المجتمعات المعاصرة. 5- أحوال المسلمين في العصر الحاضر مع العلم. 6- أهمية الأدب لطالب العلم. 7- الهمة بين طلاب الماضي والحاضر.

الخطبة الأولى

أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله جل وعلا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29].

أيها المسلمون، لا شك أن العلم من المصالح الضرورية والحاجات الملحّة التي عليها تقوم حياة الأمة أفرادًا وجماعات، وبها يستقيم حالها شعوبًا وحكومات، وبغيرها لا يصلح أمرها ولا يقوى شأنها، وحاجتها إليه لا تقل عن حاجتها إلى الطعام والشراب والملبس والمسكن والدواء، وإنما احتل الكفار بلاد المسلمين لأسباب كثيرة، كان من أهمها جهل المسلمين بأمور الدين والدنيا، وإنما انتشرت المذاهب الهدّامة والنِّحَل الباطلة لأنها وجدت قلوبًا جَوْفاء خالية من العلم، فتمكنت منها وتَغَلْغَلَت في سُوَيْدَائها، وهكذا فإن القلوب التي لا تتحصّن بالعلم والمعرفة تكون عُرْضَة للانخداع بالضلالات والوقوع في الانحرافات، وفريسة سهلة لذئاب الشر، ولقمة سائغة لكلاب الرذيلة.

ولقد جاءت نصوص الكتاب والسنة دالة على فضل العلم، حاثّة عليه، مرغّبة في طلبه، مبيّنة عظم أجره، قال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9]، لا والله لا يستوون، لا يستوي من يعبد الله على علم وهدى وبصيرة بمن يتخبط في ضلالات الجهل والهوى والبدع والمحدثات، لا يستوي من هو عالم بسنة خير الورى متبع لها عاضّ عليها بالنَّواجِذ بمن هو متبع لآراء الرجال ومذاهبهم وأقوالهم عاملاً بما كان منها صحيحًا وما كان خطأ، أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122].

وقد أعلى الله سبحانه شأن أهل العلم، ورفع قدرهم، وبيّن أنهم هم أهل الخشية له والخوف منه، وهم أهل الرفعة والدرجات، وهم أهل الإيمان والتصديق، قال سبحانه: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، وقال جل وعلا: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]، وقال سبحانه: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا [الإسراء:107]، وقال جل وعلا: وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [سبأ:6]. وقد أمر سبحانه نبيه أن يدعوه ليزيده علمًا، وبيّن أنّ: ((من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين))، وأنّ: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له طريقًا إلى الجنة))، وقال : ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورّثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر)).

ولما كان هذا هو فضل العلم وشأن أهله فقد كانت حال السلف في طلبه عجيبة، استثمروا في طلبه دقائقهم وساعاتهم، وأفنوا في تحصيله شبابهم وأعمارهم، وأمضوا في مدارسته ومطارحة مسائله أغلى أوقاتهم، فحصلوا منه ما يدعو إلى الدهشة ويبهر الألباب ويستنهض الهمم ويقوي العزائم، رحل جابر بن عبد الله إلى بلاد الشام مسيرة شهر ليسمع حديثًا واحدًا من عبد الله بن أُنَيس ، ورحل أبو أيوب الأنصاري إلى عقبة بن عامر بمصر ليسمع منه حديثًا واحدًا، وقال أبو العَالِيَة: "وكنا نسمع الحديث عن الصحابة، فلا نرضى حتى نركب إليهم فنسمعه منهم"، وحفظ الإمام أحمد مليون حديث، وحفظ أبو داود أربعين ألفًا، وكان أبو زُرْعَة يحفظ مائتي ألف ويقول: "أحفظ مائتي ألف حديث كما يحفظ الإنسان: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ". هكذا كان حال طلاب العلم في القرون الخالية والأزمنة الماضية، هِمّة يتقطع دونها السحاب، وعزيمة ينفتح لها مغلق الأبواب.

ولنا أن نسأل أنفسنا اليوم وقد سمعنا هذه النماذج المضيئة في جبين أمتنا: كم منا من يحفظ ألف حديث؟! بل من منا من يحفظ خمسمائة، بل مائة، بل أين هم حفّاظ الأربعين النووية؟! فضلاً عن أن كثيرًا من الناس لا يحسن قراءة القرآن كما ينبغي، بل بعضهم لا يكاد يقرأ الفاتحة التي هي ركن من أهم أركان الصلاة! إنه وإن وجد العذر لبعض آبائنا ممن عاشوا قبل ستين أو سبعين سنة بفقرهم وقلة ذات أيديهم وصعوبة وصولهم لمراكز العلم ومحاضنه وقلة المدارس وندرتها في ذلك الوقت، فإنه لا عذر لشبابنا اليوم ولا مبرر لهم في البقاء على الجهل أو الإقامة على الضلال، كيف والمدارس قد انتشرت في كل مدينة وقرية، والمعلمون وطلاب العلم موجودون في كل مكان، والوسائل ميسرة والاتصالات ممكنة، والكتب والأشرطة تباع بأبخس الأثمان، بل توزع بالمجان؟! فما على أحدهم إلا أن يخلص النية، ويحقق المتابعة، ويتصل بمن كان موثوقًا فيه من العلماء، ويختار الكتب النافعة والأشرطة المفيدة، فيقرأ ويستمع، ويتعلم ويعمل، ويفقّه نفسه ويرفع عنها الجهل، ويعلّم غيره، وينشر الخير في أمته.

وإن لشبابنا وطلابنا في مناهجنا الدراسية ومدارسنا النظامية سبلاً ميسّرة لنيل الفقه وتحصيل العلم الشرعي الذي به نجاتهم في أخراهم، وطرقًا كثيرة إلى بلوغ المقصود في كثير من فنون العلم الدنيوي الذي يجارون به من سواهم، ويتفوقون على من عداهم، فهل هم مقبلون على العلم والدراسة في حال صغرهم؟! هل هم حريصون على التفقه والتعلم في مرحلة فتوّتهم وقوتهم؟! هل يريدون أن يرفعوا عن أنفسهم الجهل ويستنيروا بنور العلم ما دام ذلك في إمكانهم؟!

إنها فرصة عظيمة، بل فرص متعددة، حري بالعاقل اغتنامها وانتهازها، فما يستطيعه المرء اليوم في شبابه وفتوته قد يعجز عنه غدًا في كبره وضعف قوته، وما يتهيأ له الآن في ظل وجود والديه وإنفاقهما عليه قد لا يتهيأ له غدًا لكثرة مشاغله وتعدد ارتباطاته. يقول الحسن رحمه الله: "العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، ويقول عَلْقَمَة رحمه الله: "ما حفظت وأنا شاب فكأني أنظر إليه في قرطاس أو رقعة"، وقال عروة بن الزبير رحمه الله لبنيه: "هلمّوا إلي، وتعلّموا مني، فإنكم توشكون أن تكونوا كبار قوم، إني كنت صغيرًا لا يُنْظَر إلي، فلما أدركت من السن ما أدركت جعل الناس يسألونني، وما شيء أشد على امرئ من أن يُسأل عن شيء من أمر دينه فيجهله".

أيها المسلمون، إن أمة قد تهيأت لها سبل العلم ومُهِّدَت لها طرقه وتيسرت لها أماكنه وتعددت بين يديها وسائله ثم هي بعد ذلك ترضى بالجهل وتتقاعس عن طلب العلم وتنصرف عن العناية به وبأهله وتنشغل بأمور ساقطة وشؤون سافلة وتتبع رؤوسًا جهالاً ضلالاً، إنها لخليقة بأن تدفع الثمن غاليًا، وحريّة بأن تنقد الضريبة أضعافًا مضاعفة، فلقد سطّر التأريخ فيما مضى من أيامه ونطق الواقع بما لا مجال لرده ودفعه بأن للجهل آثارًا ضخمة وسلبيات وخيمة، سواء على مستوى الأفراد والمواطنين، أو على مستوى الأمة والمجتمع، ومن أبرزها ضعف الإيمان وقلة التقوى، وازدياد المعاصي واقتراف السيئات، وكثرة الفواحش وظهور المنكرات، وبروز الفتن وانعقاد الإحن، وانتشار الحسد، وعبادة الدنيا، وسائر الآفات المهلكة. إن الجهل يقيد الأمة بأغلال التخلف في جميع المجالات، ويؤدي إلى ضعفها وقلة هيبتها أمام أعدائها، ويقودها إلى الحاجة إليهم وإلى مخترعاتهم ومصنوعاتهم، وبالتالي إلى ما يحملونه من انحرافات في الفكر والسلوك ولا بد. بسبب الجهل تكثر المشكلات الأسرية، وتضعف التربية، ويضيع الأبناء، ويجني المجتمع ثمارًا مرة موجعة.

أما الأمة التي تولي العلم وأهله عنايتها ورعايتها، فتُقْبِل على التحصيل، وتسخِّر طاقاتها في سبيله، ويدرك أفرادها أهمية انخراطهم في مدارسه ومؤسساته، وقيمة التحاقهم بمعاهده وكلياته وجامعاته، فإنها تعيش في ظلال العلم الوارفة، وتتقلب في رياضه الغَنَّاء، فتجدها أمة مؤمنة بالله، عارفة له حق المعرفة، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، تلفيها أمة عاملة بعلمها، مستفيدة من ثقافتها، متمسكة بفضائل الأخلاق ومحامد الآداب، تقل فيها الفواحش والمنكرات، وتكثر فيها الطاعات والقربات، يعرف كل فرد فيها ما له وما عليه، ويعطى كل ذي حق حقه، مما يشعر الجميع بالسعادة النفسية واللذة الحسية، ويوردهم موارد النجاة في الدنيا والآخرة.

أيها الإخوة، ونحن في بداية عام دراسي جديد فإنه يحسن أن ننبه أبناءنا الطلاب إلى أن للتعلم آدابًا لا بد من توفرها أو أكثرها لمن أراد التحصيل، فإنا نرى أكثرهم عن آداب التعلم معرضين، وفيما يناقضها ويضادها واقعين، ألا وإن من أهمها تقوى الله عز وجل القائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [الأنفال:29].

ومنها الإخلاص لله تعالى، وذلك بأن يبتغي الطالب بعلمه وجه الله والدار الآخرة، بنية إنقاذ نفسه وأمته من الجهل، لا أن يبتغي بعلمه الرياء والسمعة، أو عَرَضًا من الدنيا قليلاً كان أو كثيرًا، قال : ((من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عَرَضًا من الدنيا لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة)).

ومن الآداب التي يجمل بطالب العلم أن يتحلى بها ويتجمل بلبسها الصبر وتحمل المشاق وسعة الصدر، فإن العلم جهاد وليس بشهوة. وعليه كذلك أن يكون متواضعًا في طلبه العلم، وأن يحذر من الكبر والغرور، فإنه لا ينال العلم مستح ولا مستكبر. ويحسن بالمتعلم كذلك أن يكون متفرغًا للعلم مقبلاً عليه، منصرفًا إلى تحصيله، متأدبًا مع معلمه ومدرسيه، بعيدًا عن الجدال والمراء، محسنًا التلقي والإصغاء، بلباقة في النقاش ولين في الجانب، وأن يكون شعاره الذي يرفعه دائمًا: ((الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها)).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ [إبراهيم:1، 2].

الخطبة الثانية

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واجتنبوا نهيه ولا تعصوه.

واعلموا ـ أيها الشباب ـ أن طلب الشهوات والانسياق وراء العواطف وحب الراحة وإيثار اللذات هو الذي يسقط الهمم، ويفتر العزائم، فكم من فتيان يتساوون في نباهة الذهن وذكاء العقل وقوة البصيرة، ولكن المتفوق منهم في دراسته قليل، والناجح منهم في اختباره ضئيل، والكاسب منهم في حياته العملية نادر عزيز، بل إن بعض الشباب قد يكون أقل ذكاء وأضعف إمكانيات ووسائل، ولكنه يفوق زملاءه، ويغلب أقرانه، ويتعدى حدودًا بعيدة، ويتجاوز عتبات عالية، يقف عندها كثير منهم مقتنعين بما وصلوا إليه، فإذا بحثت الأمر وطلبت السبب وجدته في مقدار ما يملكه كل طالب ويحمله من إرادة وعزيمة وهمة، وفي نسبة ما يدفعه ثمنًا للنجاح ويبذله، من صبر وجد واجتهاد، إضافة إلى وضوح الرؤية والدقة في تحديد الهدف.

ومن هنا أيها الآباء الفضلاء والمعلمون النبلاء والأبناء الأعزاء، فإن لزامًا علينا أن نعرف ونتبين أن من مظاهر بخس حق العلم وعدم تقدير المعرفة ما يعايش في أروقة بعض مدارسنا أو يشاهد على أبوابها من ضعف في همم الطلاب ودنو في مطالبهم ودناءة في أهدافهم وخِسَّة في مآربهم، حيث يعيشون في واد والعلم في واد آخر، منحرفين عن الصراط المستقيم، منصرفين إلى سبل الشر والفساد، تصرفاتهم صبيانية، وحركاتهم شهوانية، بعضهم يروّج المخدرات والمفتّرات، وآخرون يتبادلون الصور الفاضحات، وتنشغل فئة منهم بمطاردة المُرْدَان ومضايقة الغلمان، وأخرى بأشرطة الغناء واللعب بالسيارات، كتابات سخيفة على الجدران والممرات وفي دورات المياه وعلى الكراسي والمكاتب والكتب والدفاتر، بل حتى على المصاحف وكتب التفسير والفقه والحديث، نجاح بوسائل ممنوعة غير مشروعة، وتضييع للمعلومات وإلقاء للكتب بعد الانتهاء منها مع المهملات، وكم ممن يكوّنون تحزّبات وتعصّبات مع من هم على شاكلتهم، فيؤذون زملاءهم ببذيء الكلام من السب واللعن الشتم، أو يعتدون عليهم بسيئ الفعال من الضرب والطعن، أو يقعون مع أمثالهم في مهاوشات ومناوشات، نهايتها إزهاق أرواح بعضهم وذهاب نفوسهم، أو إصابتهم بجراحات وإعاقات، ناهيك عما يطال الآباء من جراء ذلك، من تحقير وإهانات وبذل أموال ووجاهات ودخول مخافر والسير إلى مراكز وإنشاء مكاتبات وطرد معاملات والدخول في قضايا ومشكلات كانوا في غنى عنها وراحة منها لو اتجه أبناؤهم إلى ما جاؤوا إلى المدارس من أجله، ووفّروا جهودهم لما هو أنفع لهم ولأمتهم، وعرفوا الهدف المطلوب منهم فسعوا إلى تحقيقه، وتركوا الانشغال بما لا فائدة لهم فيه ولا نفع من ورائه.

والعلوم ـ أيها الإخوة ـ ما وُضِعت إلا لتهدي إلى العمل النافع والسلوك الحسن، فلا شرف لها في نفسها وذاتها، وإنما شرفها بما يترتب عليها من عمل صالح وأثر حسن. وكيف تكون المفاخرة بفتيان درسوا من العلوم التجريبية ما درسوا ثم لم ينفعوا بلادهم في معامل، ولم يخدموها في مصانع؟! بل لم تستقم طباعهم، ولم تحسن أخلاقهم، ولم تنضج عقولهم أو تزك تصرفاتهم. إنه يجب أن يقترن العلم بالعمل، وأن تتبع المعرفة بالتطبيق، فمن علم خيرًا فليبادر إلى فعله، ومن علم شرًا فليحذر الاقتراب منه.
لا تحسبنّ العلمَ ينفع وحدَه ما لَم يُتَوّجْ ربُّهُ بِخَلاقِ

فاتقوا الله أيها الآباء والمعلمون، ولنكن يدًا واحدة ونوحّد الجهود، ولنبذل ما في وسعنا وما نستطيعه، ليصلح أبناؤنا ويفلحوا.






الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:35 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: وصايا العام الدراسي الجديد  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:35 am



خطب عن بدء العام الدراسي


وصايا العام الدراسي الجديد

محمد بن محمد المختار الشنقيطي

ملخص الخطبة

1-تذكير المعلمين والمعلمات بعظم الأمانة الملقاة على عواتقهم. 2-قدوة المعلمين . 3-توجيه أولياء أمور الطلاب لاحترام المعلمين. 4-دعوة الطلاب للإخلاص والتقوى.

الخطبة الأولى

أما بعد:

فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

عباد الله: في الغد القريب تفتح مدارس العلم أبوابها، ويقبل عليها طلابها وطالباتها فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعل هذا العام عاماً مباركاً، وأن يجعله عام عزة ونصرة للإسلام والمسلمين .

يا معشر المعلمين والمعلمات: والمربين والمربيات الفاضلات: يا من جعلكم الله مشاعل للنور والرحمة هاهم أبناء المسلمين وبناتهم قد أقبلوا عليكم محبين مجلين أقبلوا عليكم بكل شوق وحنين ينتظرون منكم علوماً نافعة، ينتظرون منكم الوصايا الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، فخذوا بمجامع تلك القلوب إلى الله، ودلوها على محبة الله ومرضاة الله، واغرسوا فيها الإيمان والإحسان والعبودية لله ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين [فصلت:33].

يا مشاعل النور والرحمة: ما كان لله دام، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، فأخلصوا -رحمكم الله- لله القول والعمل.

قال الحسن البصري رحمه الله: لايزال الرجل بخير إذا قال: قال لله، واذا عمل: عمل لله، الإخلاص هو الهدى والنور، عاقبته الرضا والسرور، وجنات الفردوس والحبور، ما كان في قليل إلا كثره، ولا يسير إلا باركه، قال بعض السلف رحمهم الله: كم من عمل قليل كثرته النية .

فيا مشاعل النور والرحمة: أخلصوا لله ذي العزة والجلال، أخلصوا له في القول والفعال تنالوا رحمة في الدنيا وفي المال.

يا مشاعل النور والرحمة: رسالة العلم رسالة التعليم إئتساء واقتداء بأشرف الخلق سيدنا محمد ، كان خير المعلمين إمام المربيين والموجهين، كان خير المعلمين، قال معاوية وأرضاه: ((فبأبي وأمي ما رأيت معلماً كرسول الله ما كهرني ولا ضربني ولاشتمني))2، وقال أنس بن مالك وأرضاه: (ما لمست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله ، ولقد صحبته عشر سنين ما قال لي يوماً أف)3.

كان خير المعلمين، كان خير المربين، حينما كان حليماً رحيماً رفيقاً رقيقاً، ييسر ولايعسر، ويبشر ولا ينفر، كان خير المعلمين حينما كان طليق الوجه دائم البشر والسرور، قال جرير وأرضاه: (ما لقيت النبي إلا تبسم في وجهي)4.

أقبل أبناء المسلمين على المعلمين، وأقبلت البنات على المعلمات، حقوق وواجبات، أمانات ومسئوليات برأت من حملها الأرض والسموات، وأشفقت من عبئها الجبال الشم الشامخات الراسيات، حمل هذه الأمانات المعلم، حملتها المعلمة، حملها كل واحد منهما أمانة على ظهره ووضعها في رقبته وعنقه، لكي يرهن بها بين يدي الله ربه، فطوبى ثم طوبى للمخلصين والمجدين والمجتهدين والمثابرين الناصحين، ثم ويل وويل للمستهزئين والمستخفين والمضيعين وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم وليُسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون [العنكبوت:13].

يا معشر المعلمين والمعلمات والمربين والمربيات: انعقدت عليكم الآمال بعد الله ذي العزة والجلال، انعقدت عليكم في هداية الناس من الضلال، في تعليم الجاهل وتربية السفيه، سيأتيكم أقوام وفئام، يأتيكم الجاهل بجهله، والسفيه بسفهه، فاصبروا رحمكم الله وصابروا واغرسوا بأيديكم بذوراً قريباً يكون ثمارها، وقريباً يكون حصادها، اغرسوا بأيديكم العلوم النافعة، واغرسوا بأيديكم الأخلاق الجامعة لخيري الدنيا والآخرة.

التعليم رسالة عظيمة تقلدها الأنبياء، وورثها العلماء، وقام بها الأخيار والصلحاء، فطوبى لمن عرف حقها، وأدى حقها على الوجه المطلوب الذي يرضي الله جل جلاله.

يا معشر الآباء والآمهات: الله الله في حقوق المعلمين والمعلمات وحقوق الأبناء والبنات، اغرسوا في قلوب أبنائكم وبناتكم حب العلم والعلماء، اغرسوا في قلوب أبنائكم وبناتكم إجلال المعلمين والمعلمات وتوقيرهم وإحترامهم طلباً لمرضات الله سبحانه وتعالى، علموهم الأدب قبل أن يجلسوا في مجالس العلم والطلب.

هذه أم النبراس والقبس الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه وعليها، لما أرد أن يطلب العلم ألبسته أحسن الثياب ثم أدنته إليها، أدنته تلك المرأة الصالحة، ومسحت على رأسه، وقالت: يا بنيّ أذهب إلى مجالس ربيعة، وأجلس في مجلسه، وخذ من أدبه ووقاره وحشمته قبل أن تأخذ من علمه.

علمته قبل أن يجلس في مجلس الدرس والطلب.

وهذا رب العزة والجلال يخاطب حبيبه وكليمه موسى صلوات الله وسلامه عليه فيقول: اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني [طه:13-14].

علمه سبحانه الأدب: اخلع نعليك علمه أدب الحديث: فاستمع لما يوحى ثم أوحى إليه بالتوحيد والشريعة: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري.

الأدب ثم الأدب قبل أن يجلس الإنسان في مجالس العلم والطلب، يتعلم للعلم الوقار، يتعلم له الحشمة والقرار.

وينطلق الأبناء والبنات وقد غرس الآباء والأمهات في نفوسهم المعاني السامية معاني الإسلام الكريمة التي تدعوهم إلى احترام الكبير، وتوقير كل من أمر الله له بالتوقير .

يا معشر الآباء والأمهات: تضيع رسالة العلم إذا ضاعت حقوق المعلمين والمعلمات، إذا أصبح الآباء ولأمهات لايتابعون الأبناء والبنات، ولا يسألون عن أحوالهم، ولا يتفقدون حالهم.

تضيع رسالة العلم بضياع هذه الأمانة العظيمة فاشحذوا هممكم رحمكم الله واحتسبوا الأجر عند الله بالمتابعة والملاحظة والتوجيه للأبناء والبنات.

يا معشر الآباء والأمهات: أعينوا الأبناء والبنات على ماللعلم من مشاق ومتاعب.

هذه أم سفيان الثوري رحمة الله عليه وعليها، يا لها من أم صالحة، توفي أبوه وكان صغير السن حدثا، فنشأ يتيماً لا أب له، ولكن الله رزقه أماً صالحة كانت عوضاً له عن أبيه، أم وأي أم هذه الأم الصالحة، لما توفي زوجها تفكر سفيان رحمه الله في حاله وحال إخوانه وحال أمه فأراد أن يطلب العيش والرزق، وينصرف عن طلب العلم، فقالت له تلك الأم الصالحة مقالة عظيمة مباركة قالت له: أي بني اطلب العلم أكفك بمغزلي، فانطلقت الأم تغزل صوفها وتكافح في حياتها حتى أصبح سفيان علماً من أعلام المسلمين، إماماً من أئمة الشريعة والدين.

وكل ذلك في ميزان حسنات هذه المرأة الصالحة أعظم الله ثوابها عن المسلمين.

يا معشر الآباء والأمهات: في الآباء آباء وأي آباء، وفي الأمهات أمهات وأي أمهات، فاحتسبوا الأجر عند الله عز وجل في القيام بحقوق الأبناء والبنات، وإسداء الخير إليهم.

تضيع رسالة العلم، وتقتل المعنويات، وتضيع الأمانات إذا استخف الآباء والأمهات بحقوق المعلمين والمعلمات، حينما ينطلق الأبناء والبنات إلى مقاعد الدراسة دون توجيه ولا إرشاد ولا تربية، يعبث هنا وهناك، ويلغوا كيف يشاء حتى تضيع طاقات وإمكانات بعبث العابثين وسخرية المستهزئين حتى إذا أوذي ابنه وقوم على السبيل أقام الدنيا وأقعدها، فانطلق ذلك الآب لكي يسب هذا ويشتم هذا ويستخف بالمعلمين ويهينهم أمام المدرسين، فأي معنوية ننتظرها إذا أهين المعلم أمام إخوانه من السفلة والرعاع، أصبح كثير من المعلمين لايستطيعون القيام بكثير من الواجبات والحقوق بسبب تفريط الآباء، كذلك المعلمات أضعن كثيراً من الأمانات والواجبات بسبب تدخل الأمهات وكثرة الشكاية هنا وهناك.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله اتقوا الله في حقوق المعلمين عليكم، واتقوا الله في حقوق المعلمات عليكم فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

من منا الكامل؟ وأنت بين أبنائك وبناتك كم تظلم، وكم تؤذي، وكم تضرب، وكم تجاوز من حدود الله جل وعلا؟ ولكنك تنسى الإساءة في عظيم إحسانك إلى أبنائك، فكيف بهذا المعلم الذي أقام لابنك وعلمه وأدبه، ويريد الخير له، فاحتسبوا رحمكم الله في إكرام المعلمين والمعلمات:

إن المعلم والطبيب كلاهما لاينصحان إذا هما لم يكرما

فاقنع بدائك إن جفوت طبيبها واقنع بجهلك إن جفوت معلماً



أكرموا المعلمين والمعلمات، واغرسوا في قلوب الآبناء والبنات حبهم وتوقيرهم وإجلالهم والصبر على أذيتهم يكن لكم في ذلك خير كثير.

عباد الله تضيع رسالة التعليم إذا ضاعت حقوقه وواجباته، تضيع رسالة التعليم من المعلمين والمعلمات بالسهر إلى ساعات متأخرة بالليل مع الأصحاب والأحباب، فتضيع حقوق الطالبات والطلاب، ويأتي المعلم إلى درسه وقد خارت قواه.

وتأتي المعلمة وهي في غاية الكسل والخمول، الناس في ذرى العلياء وهم يجدون ويجتهدون، فكونوا عباد الله خيراً منهم، وارتقوا عن هذه الأمور التي تضيع بها الحقوق والواجبات.

اللهم إنا نسألك السداد والرشاد، ونسألك صلاح الحال في الدنيا والآخرة.

2 - أخرجه مسلم في كتاب المساجد/باب تحريم الكلام في الصلاة ( 5/20) بشرح النووي .

3 - أخرجه البخاري في كتاب المناقب/ باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (6/654) فتح، ومسلم في كتاب الفضائل باب رقم 51.

4 - أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار /باب ذكر جرير بن عبدالله البجلي (7/164) الفتح، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة/ باب فضائل جرير بن عبدالله ( 16/35) بشرح النووي ، عن جرير .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى الأمين، صلى الله عليه وسلم، وعلى آل بيته الطيبين والطاهرين، وعلى جميع أصحابه الغر الميامين، وعلى جميع من سار على نهجهم وسلك سبيلهم إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل.

يا معشر الطلاب والطالبات: هاهي أيام العلم قد أقبلت فأقبلوا عليها بجد وإخلاص.

خير الوصية وأجمعها وأعظمها على الإطلاق وأشرفها: الوصية بتقوى الله عز وجل، وصى الله بها الأولين والآخرين، وذكّر بها الأنبياء والمرسلين، وحث عليها الأخيار والصالحين فقال في كتابه المبين: ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله

اتقوا الله فإن الله يهدي بالتقوى من الضلالة، ويعلم بتقواه من الجهالة، ومن يتق الله يجعل له فرقاناً: ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً .

يا معشر الطلاب والطالبات: تذكروا حديث رسول الله : ((من تعلم العلم ليماري به السفهاء أو يجادل به العلماء فليتبوأ مقعده من النار)).

يا معشر الطلاب والطالبات: إذا سلكتم سبيل العلم فاذكروا قول رسول الله : ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).

أشرف العلوم وأزكاها وأحبها إلى الله جل وعلا علوم الدين، وأشرفها علم العقيدة والإيمان ثم علم الشرائع والأحكام، فجدوا واحتسبوا، ننتظر منكم خيراً كثيراً، وما ذلك على الله بعزيز: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم.

إذا علم الله في قلبك أنك تريد أن تكون من أهل العلم الصلحاء، ومن الأخيار العلماء الأتقياء وفقك وسددك وألهمك ويسر لك الخير حيثما كنت.

كما نريد العلماء ونريد من يقوم بثغور الدين، فإننا كذلك نريد من يقوم بسد ثغور الدنيا، ننتظر العلوم على اختلافها مالم تعارض شريعة ربنا، ننتظر الطبيب بطبه، والمهندس بهندسته، وكل عالم ينفع الأمة بعلمه، ننتظر الخير الكثير، وهذه ثغور الإسلام نتنظركم يا شباب الإسلام فجدوا واجتهدوا، واعلموا أن الغايات والأهداف النبيلة لاتدرك بالمنام، ولا تطلب في الأحلام، ولكن تريد الجد والإجتهاد والكفاح والصبر والصلاح والإصلاح، فإذا أخذ الله بيد عبده وفقه وفتح له أبواب الخير ويسرها له.

أتقنوا يا معشر الطلاب والطالبات العلم ولا ترضوا بالقليل، واسموا إلى المعالي، وتخلقوا بالأخلاق الكريمة والفضائل، واجتنبوا سفاسف الأمور والرذائل.

إضاعة الحصص والمحاضرات في الضحك واللهو والفكاهات دمار لك أخي الشاب وإن كان يصنعه غيرك فاردعه، فإنه يؤذيك في مستقبلك، ويضيع عليك في تحصيلك، فتعاون رحمك الله للبلوغ إلى المصالح العظيمة، ودرء المفاسد الكثيرة.

ألا وصلوا وسلموا على خير خلق الله الرحمة المهداة والنعمة المسداة، فقد أمركم الله بذلك حيث يقول جل في علاه: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من صلى عليّ مرة صلى الله عليه بها عشراً)).

عباد الله إن الله يأمركم بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظم لعلكم تذكرون.

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه وآلائه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.






الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:52 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رسائل عند العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:52 am



خطب عن بدء العام الدراسي


أولا : ــــ رسالة إلى الطالب
فإني ـ أخي الكريم ـ لما لمحت في عقلك من علامات الذكاء والنجابة ، وما استشرفت بين جنبات نفسك من بوادر النبوغ والتألق ، ورأيت في شخصيتك صورة المسلم المتميز في صفاته ، المتفاني في طموحه ، الساعي في حياته لرضا ربه وخدمة دينه وأمته ؛ لذا كان لزاماً عليّ أن أقوم بأداء ما لك من حق عليّ من واجب النصح والتوجيه ، وأمانة الإرشاد والتشجيع ، وأن أخلص عنقي مما علق به من مسئولية تجاهك .

وما وجهت لك هذه الكلمات إلا حباً لأخلاقك السامية ، وإعجاباً بما تحمله من همة عالية ، فكتبت لك هذه الوصايا رجاء أن تجعلها مشعلاً ينير سبيلك ، ومركباً يعينك على مشاق طريقك ، فلتقرأها بإمعان ، ليعيها قلبك ، ويحفظها عقلك ، عسى أن يكون لها صدى في واقع حياتك .

أولاً : لتصحبك في طوال مسيرتك التعليمية النية الصادقة والإخلاص لله في طلبك للعلم ، ولا تسمح لنيتك أن يشوبها غبش أو يخالطها غشش ؛ من حب لمال أو شهرة أو منصب وما سوى ذلك من الأمور الدنيوية التي تذهب بأجر تعلمك وثواب الصبر عليه ، ولتستشعر دوماً أنما تريد من سعيك وراء العلم خدمة دين الإسلام ورفعة أمتك الإسلامية لا يثنيك عن هذا المقصد أي عقبة صغيرة كانت أم كبيرة ، ولا يعوقك عن هذه الغاية المنشودة أدنى عائق من العوائق المادية الرخيصة أو الدنيوية السافلة .

ثانياً : لتكن دائم النظر إلى الأمام فإنه دافع لك نحو الجد ومحفز للمثابرة ، ولا تلتفت إلى الوراء فلربما ثبط عزيمتك ، وقضى على همتك إلا إن كنت تريد منه استخلاص العبرة والعظة وتصحيح الخطأ .. فتدارك نفسك واغتنم مابقي من عمرك بالاجتهاد في طاعة ربك والعمل بأوامره والحذر من زواجره ، وبالجد فيما بقي لك من سنوات الدراسة لتحصل على مؤهلك العلمي متفوقاً متألقاً .

ثالثاً : لقد رأيت منك قدرة فائقة على قبول العلم واستيعابه وحفظه ، وكم أرجو منك أن تنمي هذه القدرة ـ عزيزي الطالب ـ وتغذيها بالعلم الشرعي الذي يرفع الله به منزلتك في الدنيا والآخرة ، فليكن اليوم هو نقطة البدء لتتجه بنفسك إلى القراءة وطلب العلم في كتب العقيدة والتفسير والحديث والفقه والسيرة النبوية وغيرها ، وذلك عن طريق حضور المحاضرات والدروس في المساجد ، وقراءة شروح أهل العلم أو الاستماع إليها من الأشرطة ، وإني على أتم الاستعداد لمساعدتك في هذا الجانب .

رابعاً : أنت ـ أخي المبارك ـ قدوة .. فكن محلاً صالحاً لهذه القدوة ، فإنك في هذه المرحلة الدراسية وما بعدها محل النظر من الكبار والصغار ، والأنظار تتجه إليك .. فمن ناقد لفعلك مستبغض ، ومن متشبه به معجب ، فاستكمل ما في نفسك من نقص ، واسع للكمال ، وانته عن كل ما تراه معيباً في الدين والأخلاق والعادات ، فمن اتقى الله في نفسه ، وراقب ربه في خلواته نال ـ بلا ريب ـ حب الناس واحترام الكبير قبل الصغير ، وقدروه أعظم تقدير .
أيُّها الطلاب رعاكم الله : أوصيكم بطلب العلم بإخلاص وتجرّد، والله يسدّدكم ويؤيدكم، فإن كنتم تريدون العلم النافع فهو عزيز المنال، يَلْزَمُ أَنْ تُحْسِنُوا فيه المقال، وأن تتزينوا بأخلاق العلم، وأن ترتدوا لبوس العلماء، كونوا صبورين ، أصحاب أخلاق رفيعة وهمم عالية، فلن ينال العلم مستكبر ولامستح ولا أحمق، ولتعلموا، بل ليعلم الجميع ، أن الأمة والأجيال الناشئة ، إذا لم تقدر معلميها ومربيها ، فعلى الأمة السلام. وتذكروا قول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم : « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ». واجعلوا في سويداء قلوبكم ، قول المولى جل وعلا: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ } . جِدُّوا واجتهدوا ، ولا يغرنكم كثرة البطالين ، فإن ابن عطاء الإسكندري يقول: "من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة". ولا تجعلوا نياتكم في طلب العلم لتنالوا به الرتب وتستلموا به الشهادات وترتقوا به في درجات الوظائف والمرتبات فقط . ولكن اجعلوا من العلم سلما تنالون به رضا ربكم ، وترفعون به من شأن أوطانكم، وترتقون به إلى الجنة ، جعلنا الله وإياكم من أهلها.

وفي الختام أسأل الله تعالى لك الفوز الدائم العامر ، والنجاح المستمر الباهر .





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:56 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 7:56 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ثانيا : ـــ رسالة إلى المعلم
إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ، ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وَعُدَّةُ المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: « إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ ». فجمِّلوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى. كم هَدَى الله بكم من ضال، وكم أَنْقَذَ بكم من عمى، وكم بَصَّرَ بكم من جهل. أنتم مشاعل الهدى ومصابيح الدجى، كلاَّ ليس هذا خيالاً أو تلاعبًا بالأقوال، بل هو الحق ـ وربي ـ أقوله. ابذلوا ما تستطيعون، وقدِّموا ما تطيقون، زاحموا الشر الذي ترون، واعلموا أن الله يؤيدكم ويسددكم، والحق أبلج، والزبد جفاء.
تخلقوا بالخُلُق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين ،من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه
قم للمعلم ووفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
يا وارث علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، يا مربي الأجيال ، يا فاتح العقول بذكر الله عز وجل ، جزاك الله عن أمة محمد خير الجزاء ، وأثابك الله على ما تحمله من رسالة إذا كنت تريد الخير ..
أيها الأستاذ : أجيالنا يجلسون أمامك ،
أيها الأستاذ : وضعنا قلوبنا وأكبادنا تستمع لما تقول من لسانك ،
أيها الأستاذ : أما ترى أساتذة البغي والعدوان والباطل كيف ينشرون مبادئهم ومخططاتهم الهدامة ، ألا تنشر فكرك الواضح البناء الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟..
أيها الأستاذ : لئن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ، فاتق الله عز وجل في هؤلاء الشبيبة ، وهؤلاء النشء فانهم يرونك قدوة وأسوة ومعلماً ..
أيها الأستاذ : إن الكلمة الصادقة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب ، والكلمة الكاذبة إذا خرجت من اللسان لا تتجاوز الآذان .
أيها الأستاذ : إن النفع عند العقلاء يكون بقدر ما ينتفع الشخص أولاً قبل الناس .
قال تعالى ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ).
فما مقدار عملك لعلمك ؟..
عليك أيها الأستاذ أن تتقي الله عز وجل فيما تعلمت لتكون صورة حية لهذا الدين ، الذي أتى به محمد صلى الله عليه وسلم .
أيها الأستاذ : كان علماء السلف إذا تعلموا أموراً أعطوها للناس بسلوكهم وبتعاملهم وأخلاقهم ومناهجهم في الحياة .
أيها الأستاذ : أساتذتنا من القرون المفضلة خرجوا إلى الشعوب الإسلامية في إندونيسيا وماليزيا فبلغوا دعوة الله بأعمالهم قبل أقوالهم ، فإنا ندعوك اليوم في أول هذا العام الدراسي إلى أن تقدم للشبيبة علماً نافعاً ، وعملاً صالحاً ورسالة خالدة ، وكلاماً مؤثراً ، وأن تتقي الله عز وجل في هذا النشء ، وهذا الجيل الذي ينتظر منك النصح 00 إنهم عطشى أمامك ، فاسكب على قلوبهم من فيض حنانك وودك ما تجعله ان شاء الله بلسماً شافياً .. إنهم جوعى وهم ينتظرون اللقمة الطيبة اللذيذة التي تكمن في تقديم المادة الطيبة من قول الله عز وجل ، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم .
سدد الله خطاك ، ونفع بك ، وجعلنا وإياك من المقبولين عنده ، الصادقين في ديوان الخلود ..

أخوكـــــــم
عائض بن عبدالله القرني





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:03 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رسالة إلى الطالبة الجديدة  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:03 am



خطب عن بدء العام الدراسي


لما يسود في ذهن الطالبة بأن هذا المشوار الذي ستقضيه في دراستها من أجل الله عز وجل ومن أجل نفع دينها وأمتها وأنها فتاة المستقبل ، وأنها اللبنة الأساسية التي ستعتمد عليها هذه الأمة ، فإنها تبدأ تضع لها أهدافاً سامية ثم بعد ذلك تترجمها إلى جد وعمل يواجه ألم فراق الأهل ، وشدة عناء التخصص ، وحب الراحة والكسل ...

ولهذا أحببت بأن أهمس في أذن كل طالبة مستجدة بعض الهمسات ، من أجل أن تكون على دراية بما قد يعتريها من خلال مشوارها الدراسي ...
فأقول مستعينا يالله

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي أن تجدد نيتها في طلب العلم سواء كان ذلك في العلوم الشرعية ، أو في العلوم الطبيعية والإدارية والتقنية ، فلا يكون اختيارا للتخصص من أجل حظٍ من حظوظ الدنيا ولا من أجل المباهاة والتفاخر ، وإنما يكون ذلك لله ومن أجل الله ، وعندما تجدد الطالبة هذه النية فهي في عبادة لله عز وجل تجد أجرها في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون " والإخلاص مع ما فيه من تصحيح العمل، وإقبال صاحبه عليه وتحقق الأجر والثواب له، فهو أمر قلبي لا يكلف صاحبه مزيداً من الجهد ، فلو عقدت مقارنة بين طالبتين : هذه مخلصه لله وهذه غير مخلصه ، فكلهم سوف يحصل على الشهادة والمزايا المالية التي تحصل عليها الأخرى.
والطالبة التي تستحضر النية الصالحة، منذ أن تخرج من منزلها إلى أن تعود إليه وهي في عمل صالح ، فهي داخلة تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم :"من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة" وكل ما يصيبها من تعب ومن جهد في الاستذكار والامتحانات فهي مأجورة عليه" (1) ...

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي أن لا تستقبل نصائح الكسالى التي تدعو للكسل والتسويف سواء كان ذلك في برنامجها الدراسي أو برنامجها الحياتي

فكم من فتاة سقطت بسبب فتاة لا تخاف الله ولا تعبر حياتها بثمن 00

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي أن تحرص على حضور كل المحاضرات في كليتها ...
فلا تغيب عنها إلا بعذر تقبله نفسها الجادة ـ ـ
ولا تستغل الغياب المسموح لها في الكلية ـ ـ
لأنها تحرص على العلم والفائدة ، وتحرص على الفهم والتدوين ، وضبط النفس والاهتمام بالوقت ...

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي أن تجتهد وتبذل وتسأل منذ أول أيام الدراسة ، فلا يكون أول أيامها غياب وسهر، ونوم وسفر ، بل تبدأ بطرق أبواب النجاح من أو ل يوم في دراستها ...

ياأيها الطالبة ...الله الله ... في المستويات الأولى في كليتكِ
ـ ـ لأنها هي أساس نجاحكِ بعد الله عز وجل ـ ـ
- - وسر تفوقكِ وسعادتك - -

أيها الطالبة الجديدة ... كان هناك طالبات متفوقات في مرحلة الثانوية حصلوا على نسب عالية ... وما إن انفردوا بقلة الإيمان - وصاحبوا أصحاب الهمم السافلة إلا وبدأ مؤشر الفشل من أول مستوياتهم ـ حتى وقعوا في فخ الإنذارات من كلياتهم ، وبعد ذلك طردوا، وخسروا ثمرة أيام شبابهم ...

ومن طلب العلوم بغير كدٍّ *** سيدركها إذا شاب الغراب

ـ ـ ـ واللبيبة بالإشارة تفهم ـ ـ ـ

*** الطالبة الجديدة ... لا تكون فريسة في بداية وأثناء دراستها للنوم لأنه أساس الفشل ، ومحور الرسوب ، وزادٌ للوم ...

وليس ذلك على الإطلاق ... لا ...

وإنما أولا/
عن صلاة الفجر وصلاة العصر خاصة ، لأنها تأتي غالباً بعد نوم ، والصلوات الباقية عامة ... فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول(من صلى البردين دخل الجنة ) رواه البخاري .
وقال عليه الصلاة والسلام بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه .
وثانيا/عن المحاضرات في الكلية فلا تتعود الطالبة على كثرة السهر ، وحب الراحة ، والتلذذ بطعم النوم ، من أجل أن لا تخسر دينها ودنياها وآخرتها ...

قال يحي بن أبي كثير: لا ينال العلم براحة الجسم.

*** الطالبة الجديدة ... لابد أن تستعين بأهل الخبرة في تخصصها بعد الله ، فلا تتأفف ولا تكسل عن السؤال والاستفسار ، وخصوصا من الطالبات المجتهدات الذين لهم قصب السبق في التخصص ، فتسأل عن الدكتورة أو المحاضرة وعن طريقة اختباراتها وعن مذكراتها وعن طريقة التعامل معها ، وتسأل عن المادة التي تدرسها ، وعن طريقة مذاكرتها وعن الملخصات التي تساعد في فهمها ، وتسأل عن طريقة حساب المعدل التراكمي وتسأل عن كل ما تحتاجه في دراستها ، حتى يسهل لها ذلك الوصول إلى ما تريد بكل يسر وسهولة .

*** الطالبة الجديدة ... لابد أن تطور مهاراتها وطاقاتها ، وذلك من خلال المشاركة في الأنشطة التي تساعدها على التطور الذاتي والمعرفي في أروقة الكلية أو خارجها ،
لأن الأمة لا تريد دكتورة أو مهندسه أو مدرسهً أو مهنيه أو مدربه فقط ، الأمة تريد أن تكون الطالبه كألف من الطالبات سواء كان ذلك في إيمانها و تقواها ، أو ثقافتها وبراعتها ، أو في دعوتها ونشاطها ، أو في اهتماماتها وتطلعاتها ...

والناس ألف منهم كواحد *** وواحدٌ كالألف إن أمرٌ عنى (2)

*** الطالبة الجديدة ... لا يجدُرُ بأن تتخذ قراراتها الفردية في دراستها بدون استشارة لأهل الخبرة والتخصص سواء كان ذلك في التحويل من قسم إلى قسم آخر ، أو من خلال حذف الترم أو السنة في حال حصول طارئ أو قصور في الدراسة ، أو من خلال لو قدر الله عدم الرغبة في إكمال الدراسة ، أوفي إنزال المقررات في الأترام الصيفية ، وما خاب من استشار ، ومن استبدَّ برأيه هلك .

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي إذا سكنت بعيده عن أهلها أن ترفض وجود الفضائيات في غرفتها أو شقتها وتضع البديل مكان ذلك من قنوات المجد المتهيئة الآن ، أو جهاز حاسوب أو ما يكون بديلاً نافعا لذلك عند وقت الفراغ . وكذلك أن يتوفر المحرم في حال خلوتها 00

*** الطالبة الجديدة ... تحاول أن تتصرف تصرفا سليما في مكافأتها ، فلا تسرف ولا تغرق في الكماليات التي تستطيع أن تستغني عنها ، لأن المكافأة إن وجدت من الكلية فهي لا تكفي الطالبة إلا إذا أحسنت التصرف معها ( وإلا ستغرق في الديون )

*** الطالبة الجديدة ... ينبغي أن لا تخضع للهتافات التي تدعوا إلى اليأس والقنوط ، ولا تنصت للهمسات التي توحي بترك الدراسة أو المذاكرة أو الحضور ، بل لديها همه تناطح السحاب ، ولديها وعي يقودها إلى التمييز بين النافع والضار ، ولديها عزيمة تدكدك شهوات النفس وآفاتها .

*** الطالبة الجديدة ... لا بد أن تعود نفسها على أن تحضر قبل المحاضرة وقبل الإختبار بعشر دقائق على الأقل ، من أجل أن تهيئ حالها وتحجز مقعدها ، وتراجع درسها ، وتقرب من لوحة الشرح ، لأنها إذا اعتادت على ذلك فسوف تتخلص من الآفات التي تتعرض لها بعض الطالبات في التعامل مع المحاضرات الدراسية .

*** الطالبة الجديدة ... عندما تمر بظروف صعبه في العيش أو إخفاق في مادة من المواد ، فعليها أن تصبر وأن تجد و تجتهد ولا تجعل العقبات التي تمر بها مفتاحاً لليأس وعدم الرغبة في إكمال الدراسة ، فإن الشدائد والمصاعب التي تمر على الطلاب عموما في دراستهم تزول ، ويذهب أثرها عندما تأخذ الطالبة شهادتها من كليتها " والحكيمة من تبتهج بالمصائب ، لتقطف منها الفوائد " (3) .

*** الطالبة الجديدة ... لابد أن تربي نفسها تربية جادة ، سواء كان ذلك في الجوانب الإيمانية ، أو الجوانب العلمية ، أو الجوانب العقلية ، أو الجوانب الاجتماعية ، أو الجوانب النفسية ، أو الجوانب الدعوية ، أو الجوانب الخلقية والسلوكية ، وهذه الأمور لا تأخذ وقتا محددا ، بل يأتي ذلك بالتعلم وترتيب الوقت .
فمثلا في الجانب الإيماني : لو أخذنا مثالا على ذلك في المراقبة لله عز وجل
فتنمي الفتاة في نفسها رقابة الله والخوف منه ، فعندما تهتم بذلك ، ستجد أن النتائج بعد شهر نتائج إيجابية وعندما تستمر الطالبة على تربية هذا الجانب في نفسها فترة بعد فترة ، فإنها تعزز هذا الجانب في نفسها ، وعند ذلك تشعر الطالبة بأن الله هو المطلع عليها ، وأن أي عمل تعمله لابد أن تستحضر رقابة الله عز وجل .

*** الطالبة الجديدة ... إذا كانت تذهب مع أبيها لكليتها فهذا حسن ، أما إذا كانت تذهب مع سائق ، فينبغي أن تملك نفسها من عدم الإتزان في السيارة ، سواء كان ذلك بتصرفاتها ، أو عند طلوعها ونزولها فالحكيمة أميرة نفسها ، وملامح وحركات الطالبه في كليتها وفي الباص أو مع السائق ( مع محرم ) هو المعيار الأساسي في تحديد سلوكها وأخلاقها ومستقبلها ...

*** الطالبة الجديدة ... لا تكون فوضوية في أوقاتها ، بل تكون مرتبة للأعمال حسب حاجة الزمن لكل عمل ، فهناك زمن للمذاكرة ، وزمن آخر لأنشطتها ، وزمن آخر لأهلها ، وزمن آخر لنفسها ، فلا تكون هذا الطالبة أداة سهلة لمن أفرطت في تضييع أوقاتها وكثرة طلعاتها .

*** الطالبة الجديدة ... إذا عودت نفسها على المذاكرة أول بأول ، وحرصت على السؤال والمراجعة ، فإنها تكون أهدأ الطالبات بالاً أثناء الاختبارات وتكون أيام الاختبارات مجرد مراجعة لا تستهلك منها وقتاً ولا طاقه كما تستهلك من الطالبات الأخريات اللاتي يجتهدن ليلة الإختبار .





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:07 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:07 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- فضل العلم والعلماء. 2- العلوم منها ما هو فرض عين ومنها ما هو فرض كفاية. 3- لا أجر في علم تعلمه المرء لغير الله. 4- العلم يستلزم العمل. 5- دور المعلم في تربية طلابه.

الخطبة الأولى

أما بعد, فيا أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى، وتعلموا أحكام دينكم، وتفقهوا فيه، لأن هذا هو طريق الخير، فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.

واعلموا أن الله تعالى رفع شأن العلماء العاملين.

فقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [الزمر:9].

وقال تعالى: يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ [المجادلة:11].

عباد الله, لقد أمر الله جل وعلا بتعلم العلم قبل القول والعمل، فقال تعالى: فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [محمد:19].

ولقد بين النبي صلى الله عليه وسلم فضل العلماء العاملين, حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء هم ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم, فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) أخرجه الترمذي.

وقال بعض العلماء: "تعلم العلم، فإنه يقومك ويسددك صغيراً, ويقدمك ويسودك كبيراً، ويصلح زيغك وفاسدك ويرغم عدوك وحاسدك، ويُقوِّم عوجك وميلك، ويصحح همتك وأملك".

أيها الإخوة, واعلموا أن العلم وتعلمه خير من المال وجمعه، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم حاكم والمال محكوم، مات خُزَّان الأموال, وبقي خزان العلم، أعيانهم متعددة، وأشخاصهم في القلوب موجودة).

أيها الإخوة, وتعلم العلم على نوعين:

1- النوع الأول: واجب على كل مسلم ومسلمة، وهو تعلم ما يستقيم به دينه، كأحكام العقيدة والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج على الوجه الذي يتمكن به من أداء هذه العبادة على وجهها الصحيح.

ولكن بعض الناس فرط في هذا، فتراه يؤدي العبادة بطريقة خاطئة، ومع ذلك لم يحاول تعلم أحكامها، في حين تجده حريصاً على دنياه، يطلبها من كل وجه، ومن هذا عمله فسيسأله الله على تفريطه فليعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً.

2- النوع الثاني من تعلم العلم: ما زاد عن ذلك، من تعلم بقية أحكام الشريعة كالمعاملات والتفقه في أمور العبادات، فهذا واجب على الكفاية، فإذا قام بتعلم هذا العلم من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

وهذا النوع ـ أيها الإخوة ـ هو الذي تنصب فيه الآيات والأحاديث التي جاءت في الثناء على العلم وأهله، إذ أن النوع الأول واجب على كل مسلم ومسلمة، فلا مزية لشخص دون شخص آخر.

في حين أن النوع الثاني فيه مزية لمن طلب العلم واحتسب بذلك الأجر عند الله ورفع الجهل عن نفسه ورفع الجهل عن الناس، فإن هذا يدعى ربانياً في الملكوت الأعلى.

عباد الله, وفي هذه الأيام يستعد الطلاب والطالبات لاستقبال عام دراسي جديد، يبتدئونه يوم غد، يقضون هذا العام بين أروقة المدارس والمعاهد وقاعات الكليات؛ لينهلوا من مناهل العلم والمعرفة على حسب مستوياتهم واتجاهاتهم.

معاشر طلاب العلم, لابد أن يكون طلب العلم خالصاً لوجه الله تعالى، لا يراد به عرض من الدنيا، وذلك ليعم نفعه، ويؤجر صاحبه.

وكذلك إذا أحاط طالب العلم علماً بالمسألة، فالواجب عليه أن يطبقها على نفسه ويعمل بها ليكون علمه نافعاً، فإن العلم النافع ما طبقه الإنسان عملياً، والعمل بالعلم هو ثمرة العلم، والجاهل خير من عالم لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به، فإن العلم سلاح، فإما أن يكون لك أو يكون عليك.

أيها الإخوة, قولوا لي بربكم، ما فائدة العلم بلا عمل؟ أرأيتم لو أن إنساناً درس الطب وأصبح ماهراً، ولم يعالج نفسه ولا غيره فما فائدة تعلمه وتعبه؟!

وإن القلب ليعتصر ألماً حينما نرى بعض من طرقوا أبواب العلم الشرعي، أو من أصبحوا معلمين، أخلاقهم على خلاف ما تعلموا، تعلموا من الأحكام الشيء الكثير، ولكن لا أثر لما تعلموه، تجد الواحد منهم يعلم الطلاب حكم صلاة الجماعة ووجوبها, وتجده في الواقع مفرطاً في صلاة الجماعة.

وتراه يعلمهم حكم إسبال الثياب ويسبل ثوبه، ويعلِّم حكم حلق اللحى ويحلق لحيته، ويعلم حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، ويعلم حكم الربا ويتعامل به أو يتحايل عليه.

ويعلم حكم خلوة الرجل الأجنبي بالمرأة الأجنبية ويستقدم سائقاً ويضعه مع محارمه يخلو بهن، أو هو يخلو بالخادمة أو غيرها من النساء الأجنبيات، ويعلم أن مصافحة الرجل الأجنبي أي غير المحرم للمرأة الأجنبية لا تجوز ومع ذلك يصافح النساء الأجنبيات، فمن هذه حاله فعلمه وبال وحجة عليه. نسأل الله السلامة والعافية.

إذاً معشر الطلاب لابد لكم من أمرين لا ثالث لهما:

الأول: إخلاص النية لله سبحانه وتعالى.

الثاني: العمل بما تُعُلِم من أحكام الشريعة الإسلامية.

ومن العمل بالعلم الدعوة إليه، وبذل الجهد في إصلاح الناس ونشر الخير بينهم.

وعلى الطالب: أن يتأدب مع معلمه ويوقره ويحترمه ويعرف فضله.

قال بعض العلماء: من لم يتحمل ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً.

وينبغي أن يبدأ الطالب دراسته بكل همة ونشاط ومتابعة ودراسة لكي يُحَصِّل أكثر وأكثر.

يقول أحد العلماء: من لم تكن له بداية مُحْرِقة لم تكن له نهاية مشْرِقة. يعني رحمه الله أن طالب العلم إذا لم يكن حريصاً في بداية طلبه ولا له همة عالية وعزيمة قوية, كانت نهاية طلبه للعلم نهاية ميتة ولا ثمرة فيها، في حين من كانت همته عالية وكان حريصاً في بداية طلبه, وعزيمته قوية, فإنه تكون له نهاية مشرقة.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...



الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله

أيها المسلمون, اتقوا الله تعالى وراقبوه، واعلموا أن كلاً منكم على ثغر من ثغور الإسلام، فحذارِ أن يؤتى الإسلام من قبله.

إخواني أولياء أمور الطلاب, إخواني أساتذة أبناء المسلمين, مما لا يخفى على الجميع أن أبناء اليوم هم رجال الغد، وهم الذين سيتولون في المستقبل توجيه سفينة المجتمع وإدارة شؤونه، فإذا قمنا اليوم بتوجيههم الوجهة الصالحة التي أمر بها ديننا الحنيف، تخلصت مجتمعاتنا تحت إدارة هذه الصفوة من الشباب الطيب من أمراض اجتماعية متفشية في المجتمعات.

وأولياء أمور الطلاب والطالبات والمدرسون والمدرسات يقع عليهم العبء الكبير، لأنهم يقضون معظم أوقاتهم مع الطلاب، الأب مع أبنائه في البيت، والمدرس مع طلابه في المدرسة.

ويبلغ التأثير أعلاه حينما يكون الأب والمدرس كل منهما ملتزم بأحكام الإسلام في العبادات والمعاملات والأخلاق.

فإذا كان الأب والمدرس كل منهما ملتزمٌ بأحكام الإسلام معتزٌّ بإسلامه، شاعرٌ بواجبه في الدعوة إلى الله، أفاض على من يقوم بتربيته من نور هذا الإيمان الذي يحمله بين جنبيه ويمشي به في الناس.

فليكن شعارك أخي المدرس: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمَّن دَعَا إِلَى ٱللَّهِ [فصلت:33] وليعلم كل من المدرس وولي أمر الطالب والطالبة: أنه راع فيهم، ومسؤول عن رعيته، ومطلوب منه النصح لهم، وليعلم أنه: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)). رواه مسلم.

وليعلم أنه إن ترك هذه البراعم الغضة، فإن رياح الشهوات ستعصف بها، وإن أعداء الإسلام سيجلبون عليها بقضهم وقضيضهم حتى يسلخوهم من الدين فيعودوا حرباً عليه.

وليعلم كل من اشتغل بالتدريس أن أقل ما ينتظر من المدرس المسلم أن يكون مظهره إسلامياً، وأن يتفق قوله وفعله وسلوكه مع روح الإسلام ومبادئه، فمثلاً إذا دخل على طلابه يقابلهم بوجه طلق، قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق)). رواه مسلم.

ويحييهم بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لا بتحية الجاهلية: صباح الخير، ومساء الخير.

وليبدأ حديثه بحمد الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, إلى غير ذلك من الأمور التي تغرس في نفوس الطلاب الأخلاق الحميدة والوجهة الإسلامية.

أيها الإخوة, وتختل الموازين حينما يتولى التدريس بعض من ليس لهم من الإسلام إلا الاسم، فهم يتهاونون بأوامر الله، ويرتكبون ما نهى الله عنه، وتجده يمارس هذه الظواهر أمام الطلاب، كالتدخين مثلاً أو استماع الغناء، وأدهى من ذلك حين يكون هذا المدرس متخصصاً بتدريس مادة شرعية.

فالطالب الذي يرى مدرسه في حالة من الميوعة والتسيب كيف يتعلم الفضيلة؟

والطالب الذي يسمع من مدرسه كلمات السب والشتم كيف يتعلم حلاوة المنطق؟

والطالب الذي يرى مدرسه يتعاطى الدخان سيسهل عليه هذا الأمر.

والطالبة التي مدرستها تسير خلف ما يصدره لها الأعداء من أزياء فاضحة وأخلاق سافلة كيف تتعلم الفضيلة؟

والطالبة التي ترى مدرستها متبرجة كيف تتعلم الالتزام بالحجاب؟

وبالعكس من ذلك.

فحينما ترى طالباً خلوقاً ملتزماً بآداب الإسلام تعلم أنه قد وفق بمن أحسن توجيهه، وتضافرت الجهود من المدرسة والبيت على ذلك.

وبالجملة فيجب على المدرس أن يكون معلماً مؤدباً لطلابه الأدب الإسلامي.

[b]





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:11 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: مع العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:11 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- وقفة مع انقضاء الإجازة. 2- أصناف الناس مع بداية العام الدراسي. 3- رسالة إلى الطلاب والطالبات. 4- رسالة إلى المعلمين والمعلمات. 5- رسالة إلى الآباء وأولياء الأمور. 6- رسالة عامة للجميع.

الخطبة الأولى

أما بعد: اتقوا الله ـ معاشر المسلمين ـ في سرَّكم وعلانيتكم، فغدًا تبلى السراء، وتكشف الخبايا، والناجون هم الصادقون المتقون، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119].

عباد الله، انقضت الإجازة، وطويت فيها صحائف، ورحل فيها عن الدنيا من رحل، وولد فيها من ولد، وأطلّ على الدنيا خلالها جيل جديد وعمّر من عمرّ، وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:11].

وإن المتأمل للمسافة التي بين امتحانات الفصل الماضي وبدء الدراسة في هذا الفصل الحالي وإن كانت قصيرة في عمر الزمن إلا أنها طويلة في حساب المكاسب والخسائر.

أجل، لقد غنم فيها قومٌ وخسر آخرون. وعملة الزمن تدور على الجميع، لكنهما لا يستويان، ذاك يطوي صفحات من الحسنات في الصالحات الباقيات، في خطوات تقربه إلى روضات الجنات، وذاك يعبَّ فيها من سجلات السيئات في الطالحات الموبقات، في استدراج يدنيه من دركات النار عياذًا بالله.

وليعُد كل منا بذاكرته إلى الوراء قليلاً، إلى بداية إجازته، وليحاسب نفسه: ماذا جنى؟ ماذا قدم؟ هل تقدم للخير أم تأخر؟ هل ازداد من الصالحات أم قصّر؟ تالله، لتسعدنَّ أقوام عندما تذكر أنها حفظت في إجازتها من القرآن جزءًا وقرأت شيئًا كثيرًا واستفادت علمًا عظيمًا ووصلت رحمًا وزارت بيته الحرام فأكثرت من طاعاته وصالحاته، وأقوام أخرى لا تذكر من صيفها إلا سهرًا وصخبًا، ليلها نهار، ونهارها ليل، غارقة في بحر شهوتها، منغمسة في نشوة سكرتها، ثم الحسرة والندامة في الدنيا قبل الآخرة، والآخرة أشد وأنكى.

إخواني في الله، ويوم غدٍ يوم بدء الدراسة، مشهَد حافل وملتقى هام، في هذا اليوم تستأنف رحلة العلم، وتبدأ مسيرة الفكر، وتفتح حصون العلم، وتهيأ قلاع المعرفة، يبرق فجر غد والناس أمامه أصناف، والمستقبلون له ألوان، بين محب وكاره، ومتقدم ومحجم، ومتفكر ومتحير، ومتفائل ومتشائم.

كم من محب لهذا اليوم يترقب قدومه بفارغ الشوق، وكم من كاره له يتمنّى لو أن بينه وبينه أمدًا بعيدًا. وإني بهذه المناسبة المهمة أوجه رسائل عدة، علها تكون نذر خير ورقاع إصلاح ومشاعل هداية تضيء لقائلها وسامعها الطريق، وتهدي جميعنا السبيل:

الرسالة الأولى إلى الطلاب والطالبات: أُخيّ يا رعاك الله، إنه ليتألم الفؤاد ويضيق العقلاء ذرعًا عندما نراك حزين القلب كسير النفس، لمه؟ لأن الدراسة غدًا. يا لله ألا ترى أمم الكفر شرقيها وغربيها تفاخر الأمم بصناعتها وتعلمها وأجيالها؟! وأنت تتبرم كثيرًا، وتعطي الدعة والكسل والراحة من وقتك شيئًا كبيرًا، قل لي بالله عليك: ماذا تتعلم في مدرستك؟ ألست تدرس كتاب الله وتتعلم توحيد خالقك وتتفقه في دينه وتقرأ شيئًا من تفسير خطابه وتسمع لطرف من سنة نبيه وغيرها من المواد والتجربة التي تبصرك في أمر دنياك؟! أأنت تكره هذا؟! لكنها الحقيقة يوم تغيرت النيات، وأصبح العلم لينال به الرتب وتستلم به الشهادات ويرتقى به في درجات الوظائف والمرتبات، أصبح العلم هنا ثقيلاً، وإلا أسلافنا طلبوه في حرّ الرمضاء وفي الليلة الظلماء، لحاف بعضهم من أديم السماء، وفراشه الغبراء، ومع ذلك لذته فيه لا توصف، ونهمهم منه لا ينتهي، لمه؟ لأنهم طلبوه لله، نعم لا لغيره، طلبوه ليكشفوا عن وجوههم أقنعة الجهل، ويخلعوا عن أكتافهم أردية الجهالات.

اسمع لأحدهم وهو يصفه، ولكأنه يصف لك ما أحسّه وهو ابن القيم رحمه الله إذ يقـول: "العلم هو حياة في القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين، به يعرف الله ويُعبد ويُذكر ويوحّد ويحمد ويمجّد، به اهتدى إليه السالكون، ومن طريقه وصل إليه الواصلون، ومنه دخل عليه القاصدون، به تعرف الشرائع والأحكام وتمييز الحلال والحرام، وبه توصل الأرحام، وبه تعرف مراضي الحبيب، وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب، هو الصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والأنيس في الوحشة والكاشف عن الشبهة، مذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وطلبه قربة، وبذله صدقة، ومدارسته تعدل الصيام والقيام، والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام" انتهى كلامه.

أخي يا رعاك الله، أبعد هذا تزهد في عظيم هذا شأنه وكبير هذا شيء من وزنه؟!

فالله الله، اطلب العلم بإخلاص وتجرّد، والله يسدّدك ويؤيدك، ومن ثم إن كنت تريد فهو عزيز المنال، يلزم أن تحسن فيه المقال، وأن تزين بأخلاق العلم، وأن ترتدي لبوس العلماء، كن صبورًا، ذا خلق رفيع، فلن ينال العلم مستكبر ولا أحمق، ولتعلم بل ليعلم الجميع أن الأمة والأجيال الناشئة إذا لم تقدر معلميها ومربيها فعلى الأمة السلام.

اجعل أمام ناظريك قول حبيبك : ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة))، واجعل في سويداء قلبك قول ربك وخالقك: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ [البقرة:282]، جدّ واجتهد، ولا يغرنك كثرة البطالين؛ فإن ابن عطاء الإسكندري يقول: "من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة".

الرسالة الثانية إلى المعلمين والمعلمات: إلى رعاة الجيل وأمنة التعليم ورواد العلم وسُلّم الرقي، أنتم بيت القصيد ومحط الركب، بين أيديكم عقول الناشئة وعدة المجتمع وأمله، عليكم تعقد الآمال، ولسنوات عدة تحط عندكم الرحال، نبيكم أكبر شأنكم وأعلى مقامكم، ألم يقل فيما صح من سنته: ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير حتى النملة في جحرها))؟!

فجملوا عملكم بالإخلاص، فأجر الدنيا آت، وإلا فأجر الآخرة أعلى وأبقى. كم هدى الله بكم من ضال، وكم أنقذ بكم من عمى، وكم بصر بكم من جهل. أنتم مشاعل الهدى ومصابيح الدجى، كلاَّ ليس هذا خيالاً أو تلاعبًا بالأقوال، بل هو الحق ـ وربي ـ أقوله.

يُكدر الخاطر ويكسر الناظر عندما نراكم تتبرمون من الأجيال وتتضجرون من الناشئة، نسمع هنا وهناك بعض صيحاتكم أن الأجيال تغيرت، الملهيات كثيرة، لكن قولوا لي بربكم: ماذا ينفع تضجركم؟! وماذا يجدي تبرمكم؟! اليأس والقنوط سمة الكفار، إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ [يوسف:87]، ابذلوا ما تستطيعون، وقدموا ما تطيقون، زاحموا الشر الذي ترون، واعلموا أن الله يؤيدكم ويسددكم، والحق أبلج، والزبد جفاء.

اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائمًا نصب أعينكم قبل رقابة البشر عليكم، ولا يكن شبح الامتحان همكم الوحيد. تخلقوا بالخلق الحسن، اصبروا وارحموا واعطفوا، فإن من المعلمين من تبقى ذكراه عاطرة في أذهان طلابه، ومنهم من لسان حال طلابه ومقالهم مستريح ومستراح منه. واعلموا أن الدارسين يسمعون بأعينهم أكثر من سماعهم بآذانهم، فالقدوة الحقة في الفعال قبل الأقوال.



الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وعظيم امتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: وثمة رسالة ثالثة إلى الآباء وأولياء الأمور أقول فيها: معاشر الأولياء، أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، وإننا نشكو مِن قِصر نظر بعض أولياء الأمور، تسأله عن ابنه فيبادرك أن قد أكمل الجوانبَ الفنية والوسائل الحاجية، فقد أمّن له الأدوات المدرسية، بل وبالغ فيها وأسرف وشكّل ولون، حتى إنك لتجد بين يدي الطلاب غرائب الأدوات مما لا حاجة لهم بها، بل وربما كسر قلوب الفقراء الذين لا يجدون ما يوفرون به هذه المتطلبات، وإني بهذه المناسبة لأدعوك عندما تذهب تشتري حاجيات أبنائك الدراسية أن تنظر إلى طفل أو ولد في عمر أبنائك، بل ولربما كان يدرس مع أبنائك في مدرسة واحدة، أبناؤك قد سعدوا بحقائبهم وأدواتهم، وهو حسير الطرف كسير النظر، فينظر إليهم وهو محروم مما في أيديهم، لمه؟ لفقره وقلة ما بيده، لذا فإن من تمام نعم الله أن قامت جمعية البر الخيرية في هذا البلد بمشروع جميل وعظيم ألا وهو الحقائب المدرسية، توزع على أبناء الفقراء، وفيها ما يحتاجونه من أدواتهم، فلا تحرمنّ نفسك المشاركة في الأجر، فقلَم يكتب به مِن صدقتك كفى به أجرًا كثيرًا.

ويأتي السؤال مرة أخرى للأولياء: هل تابعت أبناءك دراستهم؟ هل زرت مدارسهم وسألت عن حالهم؟ إن من الآباء من آخر عهده بالمدرسة تسجيل أبنائه فيها! هل اخترت جلساء ابنك؟ هل عرفت ذهابه وإيابه؟ اصحبه للمسجد ومجامع الخير، علمه مكارم الأخلاق، صوِّب خطأه واشكر صوابه، واعلم أن تربيتهم جهاد، وأعظم به من جهاد تؤجر عليه، علَّك إذا كنت في قبرك وحيدًا فريدًا تأتيك أنوار دعواتهم في ظلَم الليالي تنير لك قبرك، وتسعدك عند ربك.

وأما الرسالة الرابعة والأخيرة فأفردتها لعظمها وهي موجهة للجميع طلابًا كانوا أم معلمين أم آباء، أقول فيها: إن الأمة مقبلة على مستقبل مخيف، تتناوشه أطروحات غريبة ومطالب عجيبة، أهل الشرّ فيه أجلبوا بخيلهم ورجلهم على إفساد شباب الأمة بما أوتوا من قوة، ولست أقول هذا تشاؤمًا، بل والله إني متفائل، ولكن هذا الطوفان لا بد له من رجال، لذا فعلينا جميعًا أن نتكاتف لنحقّق الهدف الأسمى والمطلَب الأعلى من التعليم، ألا وهو العمل. فما قيمة العلم بلا عمل؟!

إن رسالة التعليم لا تعني في أهدافها أن يحمل الطلاب على عواتقهم كمًّا من المقررات طيلة فصل أو عام ثم يتخففون منها بأداء الامتحان، إن رسالة التعليم لم تبلغ غايتها إذا حفظ الطالب أو الطالبة نصوصًا في أهمية الصلاة وكيفيتها وشروطها وواجباتها وهو لا يصلي إلا قليلاً أو يصليها على غير ما تعلمها، إن رسالة التعليم لن تحقق هدفها إذا كان الطالب يقرأ في المدرسة موضوعًا في مادة المطالعة وغيرها عن الصدق وبعده بهنيهة يكذب على معلمه وزملائه، إن رسالة التعليم لن تحقق غايتها إذا كان الطالب في المدرسة يكتب موضوعًا في التعبير مثلاً عن الوالدين ويحليه ويجمله ثم هو يخرج من المدرسة ليرعد ويزبد على أمه ويعرض عن أمر أبيه. وهذا ـ والله ـ فِصام نكِد نعانيه في حياتنا، لكن التقصير من الأطراف كلها حاصل، فلا بد من تلافيه، المدرسة والمعلمون يسعون بالتوجيه والتربية بالأسلوب الأمثل، ويكونون قدوة في فعالهم قبل مقالهم، والآباء والأمهات يسعون لأن يكون البيت خالٍ من وسائل الانحراف وفساد الأخلاق، ويسعى للصحبة الصالحة لهم ما استطعنا لذلك سبيلاً، وقبل هذا وبعده دعاء ربّ العالمين والله يقول: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:44 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:44 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- أصناف الناس في الإجازة. 2- دعوة للمحاسبة. 3- الشهود يوم القيامة. 4- مسؤولية الآباء وأولياء الأمور. 5- تربية الأبناء على احترام المدرس والمدرسة. 6- مراقبة صحبة الأبناء. 7- فضل تربية الأولاد على الصلاح. 8- رسالة لحاملي رسالة التربية والتعليم. 9- كلمات للطلاب والطالبات. 10- مسؤولية المجتمع.

الخطبة الأولى

أما بعد: فها نحن نعيش الساعات الأخيرة من الإجازة الصيفية، والشوق واللهفة لغد مشرق بإذن الله تعالى، حينما يتوجه في الغد إخواننا وأبناؤنا وآباؤنا للمدارس وقلاع العلم والمعرفة.

وبهذه المناسبة نتوقف ونستريح من موضوع اللباس والزينة في هذا الأسبوع لنقف وقفات حول موضوع الساعات والعودة إلى المدارس.

أيها المسلمون، أيها الأبناء، مضت أيام الإجازة وانقضت، والأيام إذا انصرفت لا تعود، تمتع في هذه الإجازة من تمتع، وجدّد الناس نشاطهم استعدادًا لعام حافل بالجد بإذن الله.

انقضت الإجازة، استفاد منكم من استفاد، وخسر منكم من خسر، كم من شابّ رأيناه في الإجازة نهل من علوم العلم المختلفة، فذلك يتلو كتاب الله ويحفظه، وآخر قدم على أحاديث السنة يحفظها ويسمع شرحها، وثالث ثنى ركبتيه عند العلماء ينهل من علومهم وفيض أنوارهم، وآخرون التحقوا بدورات تدريبية في العلوم المختلفة، فهنيئًا لمن استفاد من الإجازة راحة وعملا. وهناك من كان في إجازته مبارزًا للواحد الديان بالمعاصي والآثام، فسهرٌ وفسوق وزنا وانحلال ووقت في ما يغضب الواحد الديان.

فاليوم أدعوكم لمحاسبة النفس حتى يخف عليكم الحساب غدًا حين ينادى المؤمن يوم القيامة فيضع الله عليه كنفه وستره عن أعين الخلق فيقرره بذنوبه: أتعرف ذنب كذا في يوم كذا؟ فيقول: نعم، فيقول الله عز وجل: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، وأما الكافر المنافق فينادى عليه على رؤوس الخلائق والأشهاد: هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.

نقف اليوم ـ أيها المسلمون، ويا أيها الشباب ـ لا لنحاسب أنفسنا لأن غدًا الشهود كثير، فإن كنت في الدنيا قد تهرب من عقاب المسؤول بالحيلة والرشوة وشهود الزور والواسطة والنفوذ فغدًا من سيدافع عنك إذا تجمع عليك الشهود؟! وأعظم شهادة شهادة رب العالمين: مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا، يوم تشهد الملائكة: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ. وأين أنت من شهادة الجوارح؟! الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. وكيف بك بشهادة جلدك الذي يكسوك؟! وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. وأين أنت من شهادة الأرض التي تحدث أخبارها؟! قالوا: يا رسول الله، ما أخبارها؟ قال: ((أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول: عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا)).

هذه الإجازة قد ولت، وها هي الدراسة قد أقبلت، فافتحوا صفحة جديدة بيضاء، واستغفروا ربكم على ما فات.

الوقفة الثانية: الدراسة هي معكم يا أولياء الأمور، يا أيها الآباء والأمهات، أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، فليست مسؤولية الآباء توفير الدفاتر والأقلام، ولكن دورهم أعظم وأكبر.

الله الله ـ أيها الآباء ـ في أدب أبنائكم، احرصوا على إرضاعهم الأدب قبل العلم، فلا قيمة للعلم بدون أدب، فهذه أم الإمام مالك رحمه الله ورحمها لما كان صغيرًا ألبسته أحسن الثياب ثم قالت له: يا بني، اذهب إلى مجالس ربيعة واجلس في مجلسه، وخذ من أدبه قبل أن تأخذ من علمه. فنشأ على الأدب الرفيع أجيال يخلف بعضها بعضًا، تعرف للعلماء والمؤدبين قدرهم، حتى يقول الإمام الشافعي رحمه الله وهو تلميذ للإمام مالك: يقول: "كنت أصفح ـ يعني أقلب ـ الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحًا دقيقًا هيبة له لئلا يسمع وقعها"، وهذا الربيع بن سليمان رحمه الله وهو من تلاميذ الشافعي يقول: "والله، ما تجرأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلى هيبة له"، وكان الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج رحمه الله يقول: "كنت إذا سمعت من الرجل الحديث كنت له عبدًا ما دام حيًا"، وكان الإمام أحمد رحمه الله وهو تلميذ للشافعي يقول لابن الشافعي: "أبوك من الخمسة الذين أدعو لهم كل سحر".

معاشر الآباء، الله الله في حقوق المعلمين والمعلمات، واغرسوا في نفوس أبنائكم حبّ معلميهم واحترامهم وتقديرهم. إن من الآباء من يتكلم بكلام فيه إنقاص من قدر المعلم أو المعلمة أمام مسامع الأبناء، فوالله إن فعل أحدكم هذا ماذا يبقى للقدوة؟! وماذا يبقى للتعليم؟! وماذا يبقى لهيبة العلم والمعلم والتعليم؟! لما أساء بعض الآباء في قلة تقديرهم للمعلمين نتج لنا جيل يلعن المعلم ويضرب المعلم ويتلف ممتلكات المعلم. أترجون أن نعلو على الأمم وهذه أخلاقنا مع من يعلمون أبناءنا؟! حتى وإن أخطأ المعلم، أو كان هناك معلم سيئ ونموذج سيئ، فلا ينبغي هتك ستار الهيبة والاحترام الذي له؛ لأن في إهانة المعلم إهانة للعلم والتعليم. إذا كان الطالب يأتي للمدرسة وهو ينظر للمعلم أنه ليس بشيء لما استقرّ في ذهنه تجاه هذا المعلم، وإذا كان المعلم يرى من سوء أدب طالبه وسوء أدب والده فأي خير نرجوه من التعليم؟!

إن على الأولياء وعلى من يكتب في الصحف أن يدركوا هذه الحقيقة، وأن الأب الناصح الشفيق إذا رأى ما يزعجه أو ما يلاحظه من خلل فليس له إلا التوجه للمعلم ومصارحته بما في نفسه من ملاحظات ومكاشفات، أما أن يجلس الأب يلعن المعلم والأم تلعن المعلمة أمام الأبناء فإني أقولها لكم صريحة: لا ترجوا من التعليم ومن أبنائكم شيئًا.

يا أيها الآباء، أعينوا أبناءكم على مشاقّ العلم ومتاعبه، فهذا سفيان الثوري العالم المشهور لما كان صغيرًا وقد توفي والده وله إخوة رأى أن يترك العلم والدراسة ليطلب العيش والرزق، قالت له أمه جزاها الله خيرًا: أي بني، اطلب العلم أكفك بمغزلي، فانطلقت الأم تغزل وتكافح، وانطلق سفيان يتعلم العلم حتى أصبح سفيان من أعلام المسلمين الكبار، وكل ذلك في ميزان تلك المرأة الصالحة.

ألا وإن بعض الآباء قد يشغل ابنه عن علمه وتحصيله لما فسدت النية في العلم حتى ينصرف الابن عن العلم بالكلية.

معاشر الآباء، أيها الآباء، لا تتركوا الحبل على الغارب لأبنائكم؛ يمكثون في الشارع ما شاؤوا ومع من شاؤوا وفي أي مكان شاؤوا، يتعلمون من الشارع ما يفسد عليكم وعلى المدرسة في التربية. فاحفظوا أوقات أبنائكم واضبطوها، وكونوا أعينًا تربيهم عن قرب وعن بعد.

إن بعضًا منكم كان آخر عهده بالمدرسة يوم سجّل ابنه فيها، وبعضهم لا يأتي إلاّ حين الاستدعاء. فيا أيها الوالد، يا ولي الأمر، مدارسنا يدرس فيها مئات الطلاب، فلا تنتظر أن تقوم المدرسة بكل شيء، فإذا لم تضع يدك بيد مدير المدرسة ومعلمها فالخاسر أنت وابنك.

إن على أولياء الأمور زيارة المدارس مرات ومرات للسؤال والمتابعة والمناقشة، السؤال عن الأدب، فكثير من الأبناء تختلف أخلاقهم في البيت عن المدرسة، وإن الخلل إذا عرف في أول الوقت سهل القضاء عليه. عليك أن تعرف جلساء ابنك وذهابه وإيابه، عليك صحبة ابنك للمسجد ومجامع الخير، علّمه مكارم الأخلاق مرة بعد مرة ويومًا بعد يوم، صوّب خطأه واشكر صوابه واعلم أن تربيتَهم جهاد أيّ جهاد؟! ولكن أعظِم به من جهاد.

يا أيها الآباء، أقولها لكم فاحفظوها: أنتم محتاجون أبناءكم إذا دخلتم قبوركم، فإحسانك لتربية ابنك هو عمل صالح مستمر لك بعد موتك، إن الصلاة والصيام والذكر والقرآن وكل خير زرعته في أبنائك لهو أُجور لك بعد موتك، والعكس بالعكس، فكل شر كنت سببًا في تعليمه لأبنائك من خلالك أو من خلال مجلة ساقطة سمحت بها أو فضائيات سمحت بها أو أحضرتها لهي سيئات تصبّ في ميزانك بعد موتك، فاختاروا ـ أيها الآباء ـ ما شئتم، يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لها إلا حرم الله عليه الجنة)).

وأما الوقفة الثالثة فهي إلى من حملوا وظيفة الأنبياء في تعليم الناس، قال : ((إن الله وملائكته ليصلون على معلم الناس الخير)). إن المعلم والمعلمة إذا أخلصوا للأمّة ولم يغشوها فهم يمشون في رحمة الله ورضا من الله بما يصنعون.

أيها المعلمون، أبناؤنا غدًا يأتون بين أيديكم، فالله الله في أبناء المسلمين، إنهم أمانة كبيرة وحمل عظيم أعانكم الله عليها. ألا وإن أحسن ما يعينكم هو الإخلاص لله في أعمالكم، فعمل بلا إخلاص لا بركة فيه، والإخلاص ما كان في قليل إلا كثره، ولا في يسير إلا باركه.

يا مشاعل النور والرحمة، قدوتكم في التربية والتعلم هو المعلم الأول والنبي الآخر، قال معاوية رضي الله عنه: فبأبي وأمي ما رأيت معلمًا كرسول الله ، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، وقال أنس : ما لمست حريرًا ولا ديباجًا ألين من كف رسول الله ، ولقد صحبته عشر سنين وأنا غلام ما قال لي يومًا: أف، وما قال لي: لم فعلت هذا؟ أو ألا فعلت كذا؟ وقال جرير : ما لقيت النبي إلا تبسم في وجهي.

إن المعلم الذي يشتكي من سوء أدب طلابه هو في الواقع فشل في استمالة قلوب طلابه إليه برفيع أخلاقه. على المعلم اليوم أن لا يشتكي من أن جيل اليوم تغيّر والملهيات كثرت، فقولوا لي بربكم أيها المعلمون: فماذا ينفع تضرجكم وتبركم وشكواكم من سوء الأوضاع؟! إن اليأس هي صفة وسمة الكفار، إنما هذا السوء في الأمة يدعوكم لبذل المزيد من الجهد والعمل وابتكار الوسائل المفيدة النافعة، عليكم أن تزاحموا الشر الذي يحيط بأبنائنا، واعلموا أن من أخلص نيته لله وعلم الله منه الإخلاص والرغبة الصادقة في الخير فإن الله يؤيده ويسدده.

أيها المعلم، إذا دخلت فصلك وأغلقت بابك وغابت عين المدير والمسؤول وأولياء الأمور عنك، ولم يعد إلا أنت وهم بين يديك، فتذكر ملائكة الرحمن بين يديك وأن الله في عليائه مطلع عليك. لا يكن هم أحدكم متى تنتهي الحصة، فالحصص ليست فقط دروسا لما هو مسطر في الكتب، بل إن الجانب التربوي هو شغلك الشاغل. لا تستخفن بنفسك، فكلمة تقولها بإخلاص يبارك الله فيها وينفع فيها عشرات السنين.

على المعلمين أن يكونوا قدوة لطلابهم، فليس من المقبول أن تعلّم طلابك ما أنت تنسفه بأفعالك. إنها ضربة موجعة للتربية، كيف بالمعلم أن يضيع صلاة الجماعة ويتهرب منها في المدرسة وغيرها؟! كيف تعلم أبناءنا التمسك بسنة المصطفى في لحيته وثوبه وأخلاقه وظاهره وباطنه ثم يأتي المعلم وينسف كل هذا بحلق لحيته وإسبال ثوبه وسوء أخلاقه وغيبته ونميمته للمدير والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب؟! على المعلم أن يتمثل الإسلام في هيئته وتصرفاته، فحوله عشرات الطلاب الذين يرقبون فعله وتصرفاته، ويتخذونه قدوة لهم.

أيها المعلم، من دعا إلى هدى كان له أجر من عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه وزر من عمل به إلى يوم القيامة. فاحرصوا ـ معاشر المعلمين ـ على تعليم أبنائنا كل خير وهدى وفضيلة وأخلاق كريمة، فهي أبواب عظيمة من الأجور مفتوحة لكم، لم تفتح لغيركم فاغتنموها.

أيها المعلم، وأيتها المعلمة، مصادر الشر تعزو اليوم أبناءنا من كل مكان، ما بين قنوات مدمرة للأخلاق، إلى إنترنت لنشر الإباحية، إلى تقليد وذوبان الشخصية في شخصية غربي كافر نجس، إلى أفكار تتسلل إليهم من هنا وهناك يحتاجون من يجليها بصدق ووضوح.

على المعلمين والمعلمات اليوم أن يسابقوا الزمن في رفع مستوياتهم العلمية والثقافية، عليكم أن تكونوا قارئين مثقفين واسعي الاطلاع، فنحن اليوم في زمن الشبكة العنكبوتية، سيكون ربما طلابك أفضل منك، فلتسبقهم إلى المعرفة، ولتستلم قيادة الدفة بدل أن تجد نفسك منقادًا مكسورًا مهزومًا.

معاشر المعلمين، الرفق الرفق بالأبناء، ستجدون في أبنائنا تصرفات تنكرونها وسلوكيات ترفضونها وأفكارا تتبرؤون منها، فعليكم بمنهج النبي في التعليم، البسمة تأسر بها طالبك، والحنان تملك به قلبه، والمناقشة الهادئة البعيدة عن التشنج والتعصب ترفع الغبش عن العقول، أطلقوا ألسنة أبنائكم للكلام، فإن أحسنوا فكافئوهم، وإن أخطؤوا فقوّموهم بالتي هي أحسن.

وفق الله الجميع للخير والفلاح، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين، إنه غفور رحيم.



الخطبة الثانية

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنها خير الزاد، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى.

أما الوقفة الرابعة ـ عباد الله ـ فهي مع أحبائنا وقرة عيوننا ومهج أفئدتنا وأكبادنا التي تمشي على الأرض: الأبناء والبنات الطلاب والطالبات.

يا أبنائي، إني لأتلم من أحدكم أجده حزين القلب كسير النفس، لماذا؟ لأن الدراسة غدًا.

يا بني، ألم تر إلى دول الكفر قد سبقتنا في علوم الدنيا التي بها قوام الناس؟! انظر إلى مسجدنا؛ فهذا مصنوع في اليابان، وهذا في أمريكا، وذاك في أوروبا، وغيره في الصين، ولم أجد شيئا مصنوعا يرفع له الرأس، مصنوع من أوله لآخره في بلادنا، من أسباب ذلك أنك تذهب غدًا إلى المدرسة حزينًا.

هل علمت أنه في كل ثانية ـ وليس كل دقيقة ـ اكتشاف وإنجاز علمي، هؤلاء ما وصلوا لهذا عبثًا، ولكنها سنة الحياة؛ من جد وجد، ومن زرع حصد. دهشت حينما علمت عن تجربة اليابان في التعليم، بلدة بدأت من الصفر بعد أن دكّت بالقنابل الذرية في يوم من الأيام، وها هي اليوم تتفوق على العالم، وإذا أردت أن تطمئن إلى صناعة جيدة قبل لك إنها يابانية، يدهشك ذلك إذا علمت أن الحكومة هناك لا تدفع ريالاً واحدًا على التعليم، فنفقات التعليم يدفعها أولياء الأمور، وما يدهشك حقًا وتتعجّب له أنه لا يجبر أيّ مواطن على دفع شيء، إنما كله عن حبٍ ورضا نفس.

هناك ـ يا بني ـ في الغرب انتشر عندهم كتاب الجيب، وهو كتاب صغير تجد الكل يحمله في جيبه ليقرأ به في وقت الانتظار والفراغ خارج البيت والعمل، أتظن أن الغرب هو تلك الموسيقى والأزياء والرقص واللهو؟! لو كانت هذه حياتهم كلهم ما رأيت كل هذا، بل هذا ما صدّروه لك لكي تبقى نائمًا غارقًا في شهواتك.

يا بني، إن أول ما نزل القرآن: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، وثناها: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. أرأيت ديننا كيف يدعوك للقراءة والبحث والعلم؟! بل يا بني، إن رسول الله يقول لك: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة)).

فأخلص نيتك ـ يا بني ـ في العلم، واطلب العلم لترفع عن نفسك الجهل، واطلب العلم لتنفع غيرك وأمتك، واطلب العلم لأجل العلم لأن العلم زينة. إنك ما ترى عالمًا في أي مجال إلا والناس يكنّون له الاحترام والتبجيل، لا تطلبوا العلم لأجل الوظيفة، فالوظيفة رزق والرزق بيد الله وحده، واعملوا وجدّوا فكلٌ ميسر لما خلق له.

يا بني، إنك تتوجه غدًا لقلعة من قلاع العلم، فابدأ فيها باسم الله وعلى بركة الله، ولتكن بدايتك جادة، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فهذا طبع الكسول، ومن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة، ومن كانت بدايته رمادا فالرماد لا يخلف إلا الرماد في الوجوه.

يا بني، كن صبورًا على العلم، ولا ترض بما يقدّم لك في المقررات، بل زد عليها من عندك قراءة وثقافة، فلا خير في من لا يقرأ.

معاشر الطلاب، عليكم بتقوى الله والصلاة، فلا خير فيكم إذا ضيعتم الصلاة. تجملوا بالدين والأخلاق واحترام المعلمين، وحققوا لآبائكم ما يرجونه منكم، فإنه من البرّ والعقوق أن تجعل قلب والديك يتحسران وقلقين كل يوم.

عباد الله، إنّ على المجتمع عمومًا أن يكون متعاونًا في سبيل التربية والتعليم، كل فيما يخصه، فليمتنع الحلاق عن قصات غريبة علينا، وليمتنع صاحب البقالة عن بيع الدخان لأبنائنا ولكبارنا أيضًا، وليمتنع عن بيع المجلات الهابطة وليستبدلها بمجلات نافعة، فليقدم المسؤولون عن المقاصف ما يفيد أبناءنا ولا يضرهم، وأن لا يكون الهدف الربح فقط من غير أخلاق، على المجتمع أن يتحسس الفقراء والمساكين والأيتام ليقدموا لهم المساعدة، على الميسورين أن يدعموا المدارس بكل ما يستطيعون، فهي أوقاف تجري عليهم حسناتهم.

ثم صلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير سيد الخلق أجمعين...





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:46 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: خطبة في أرض القدس عن العام الدرسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:46 am



خطب عن بدء العام الدراسي


هذه الخطبة للشيخ عكرمة صبري مفتي القدس بعنوان بداية العام الدراسي الجديد
نسأل الله تعالى أن يحرر أرض القدس وأن يكتب لنا صلاة في المسجد الأقصى اللهم آمين
ملخص الخطبة

1- قرب العودة إلى المدارس. 2- توجيهات للمعلمين والمعلمات. 3- مسؤولية الآباء والأمهات. 4- عناية الإسلام بالعلم. 5- قضية المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل. 6- قضية إضراب الأسرى عن الطعام. 7- المؤامرة على المسجد الأقصى.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في سورة الزمر: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9]، ويقول عز وجل في سورة المجادلة: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11].

أيّها المسلمون، يا أمة القرآن، يا أمة العلم والفرقان، بعد أيام قلائل يتوافد بعون الله ورعايته وحفظه مئات الآلاف من الطلاب والطالبات من أبنائنا وبناتنا فلذات أكبادنا إلى رياض الأطفال والمدارس والمعاهد بمختلف مستوياتها ودرجاتها وتخصصاتها، إنهم يتوجهون لينالوا العلم وفي أيديهم وعلى ظهورهم حقائب الغد المختبي، هذا الغد المجهول الذي لا يعلمه إلا الله ربّ العالمين، إنهم يتوجهون إيذانا ببدء عام دراسي جديد، ونسأله عز وجل رب الخلائق والأكوان أن يكون هذا العام الدراسي عام يمن وخير على طلابنا وطالباتنا وعلى المجتمع كله، وأن يتسم هذا العام بالهدوء والاستقرار، ليتمكن أبناؤنا وبناتنا من تعويض ما فاتهم من أيام وسنوات عجاف، نتيجةَ ممارسات الاحتلال العدوانية ضد شعبنا الأبي، وضد مدارسنا ومدرسينا وطلابنا.

أما أنتم ـ أيها المعلمون ـ فإن ثقتنا بكم قوية وكبيرة إن شاء الله، فشمروا عن سواعدكم للعمل الجاد والمثمر والمفيد، وهيئوا أذهانكم للتحضير والشرح، فعليكم يعوّل أمر التعليم.

ومما لا شك فيه أن التحصيل الدراسي للطلاب يرتبط ارتباطا وثيقا بالمدرسة والمدرس؛ فالجو المدرسي له أثر كبير في تحصيل الطلاب للعلوم، كما أن المدرس له دوره الفعال في ترغيب الطلاب في الدراسة، فالمدرس الناجح هو الذي يكون محبا لمهنته محترما إياها وأن يكون لديه تقدير للرسالة السامية الملقاة على عاتقه، بالإضافة إلى هضمه للموضوع الذي يدرسه ويشرحه للطلاب، حينئذ يحترم الطلاب معلمهم ويصغون إليه ويستفيدون منه، هؤلاء الطلاب الذين يمثلون جيش الليل كما وصفهم أحد العلماء من سلفنا الصالح.

أيها المعلم، أنت قبس من نور، قبس من رسالة الأنبياء والمرسلين، فيك ثورة العظماء وتضحية المجاهدين وحنكة القياديين، فكن عند حسن ظن الناس بك، فلا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيدها لطلابك ولا تبالغ ـ أيها المعلم ـ في مسامحتهم حتى لا يميلوا إلى الفراغ والمفسدة ومضيعة الوقت.

هذا ما كتبه هارون الرشيد الخليفة العباسي للعالم الكسائي مؤدب ولديه الأمين والمأمون، وكما هو معلوم أن طبيعة الطلاب تميل إلى الانفلات ومضيعة الوقت وحب الإضرابات.

أيها المعلم، لقد أودعناك فلذات أكبادنا، فكن لهم قدوة صالحة ومربيا ناجحا، فعليك أن تعاملهم معاملة حسنة، وأن تظهر لهم المحبة والعطف ليقابلوك بالاحترام والطاعة وبالجد والاجتهاد، وأن تكف ـ أيها المعلم ـ أمام الطلاب عن الشكوى؛ فإن الشكوى تحطم روح العمل والإبداع، وتفقد احترام الطالب لك، ولا تظهر انزعاجك أمامهم لأن الطالب إذا شعر بأن أستاذه منزعج أو متضايق لأي سبب من الأسباب فإنه يتأثر نفسيا وينزعج لانزعاج أستاذه ويتضايق لتضايقه، ولا تيأس ـ أيها المعلم ـ في إصلاح الطلاب وتقويمهم مهما عظم الفساد وانفلتت الأمور، والله سبحانه وتعالى يقول: قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ [المائدة:100].

أيها الآباء والأمهات، أما أنتم ـ أيها الآباء والأمهات ـ لا تظنوا أنكم مُعفَون من المسؤولية تجاه أولادكم وبناتكم، فلا تلقوا بالمسؤولية على المدرسين وحدهم، فالمسؤولية مشتركة، ويجب الربط بين المدرسة والبيت، وبخاصة في هذه الظروف القاسية العصيبة الخطيرة التي لا حماية فيها للأخلاق ولا للأعراض.

وتذكروا ـ أيها الآباء وأيتها الأمهات ـ قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6]. وتذكروا قول رسولنا الأكرم: ((ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم)).

أيها الآباء، أيتها الأمهات، احذروا رفقاء السوء من أن يؤثّروا على أولادكم، احذروا الذين يتعاطون المخدرات والذين يحاولون نشرها في المدارس، وبخاصة بين الطلاب والطالبات في سنّ المراهقة. اسألوا عن أولادكم في الذهاب والإياب مِن وإلى المدرسة، متى يخرجون من البيت؟ ومتى يعودون إليه؟

لقد سمعنا أشياء سلبية كثيرة في العام الدراسي الماضي، لا يجوز السكوت عنها، عليكم من بدء العام الدراسي الجديد أن تتعاونوا مع المدرسة تعاونا وثيقا حرصا على أبنائكم وبناتكم سلوكيا وعلميا.

أيها المسلمون، لقد أعطى ديننا الإسلامي العظيم العناية الكافية للتعليم وأكرمَ العلماء والدعاة والمعلمين تكريما ماديا ومعنويا، ونطالب أولي الأمر والشأن إنصاف المعلمين ليتمكنوا من التفرغ لمهنة التعليم.

وكما هو معلوم أن أول آية نزلت على قلب رسولنا الأكرم محمد لم تتناول موضوع التوحيد والعقيدة، رغم أن التوحيد يمثل القاعدة الأساسية في الدين الإسلامي، وإنما كانت الآيات الأولى تأمر بالقراءة والكتابة بقوله سبحانه وتعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5].

فلا نتصور ـ يا مسلمون ـ فهما ووعيا وإدراكا لهذا الدين العظيم دون أن نتعلم القراءة والكتابة، ففيها بيان لأهمية العلم وبيان أن الإسلام قائم على العقل والإقناع وأنه يحافظ على كرامة الإنسان، وليس دينا قائما على الخرافات والدجل والأوهام والخزعبلات.

من هذا كانت أمتنا الإسلامية مؤهله لأن تكون خير أمة أخرجت للناس، بهذا الدين العظيم، الأمة الكريمة التي تشيد المساجد ودور العلم والمكتبات ولا تشيد السجون والمعتقلات. الأمة التي تحافظ على التراث والآثار والحضارات، ولا تجرف الأراضي وتهدم البيوت.

إن ما تقوم به سلطات الاحتلال من تجهيل وتخريب وتدمير يذكرنا بالمغول والتتار والصليبيين، وكل إناء بما فيه ينضح.

جاء في الحديث النبوي الشريف: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا)) صدق رسول الله .

حمانا الله وإياكم من الضلالة والإضلال.




الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، حمدَ عباده الشاكرين الذاكرين، ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

هناك ثلاث موضوعات ساخنة نتعرض لها بإيجاز:

الموضوع الأول: بشأن المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل، هذا الثالوث السرطاني التهم الأراضي ومزق البلاد وشتّت العباد، إن المحصلة النهائية لهذا الثالوث السرطاني أن جعل الأراضي الفلسطينية مجزأة دون اتصال فيما بينها، أي أصبحت عبارة عن كانتونات وتجمعات سكنية مقطعة الأوصال تحكم حكما ذاتيا أو تحكم من خلال البلديات والمخافير، وأن ما تقوم به السلطات الاحتلال المحتلة هو تنفيذ لمخطط عدواني رهيب وضع منذ عام 1969م. فالمطروح الآن هو تصفية القضية وليس حلّ القضية، فماذا ينتظر المسلمون؟! وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].

أيها المسلمون، يا إخوة الإيمان في كل مكان، الموضوع الثاني: بشأن إضراب الأسرى الأبطال في السجون الإسرائيلية، وإن الأسرى البواسل لم يقدموا على الإضراب بدون أسباب. لقد تراكمت الممارسات المهينة والمعاناة المستمرة للأسرى الأبطال من قبل السجانين وإدارة السجون الإسرائيلية، مما اضطر الأسرى العظام إلى الإعلان عن الإضراب للتعبير عن احتجاجاتهم وللمطالبة بتحسين أوضاعهم.

وإن الحركة الأسيرة أعلنت بأن الإضراب ليس سياسيا، وإنما لدوافع إنسانية، وهناك تجاوب شعبي وجماهيري في الداخل والخارج مع مطالب الأسرى الإنسانية، وبالمقابل هناك تعنّت من قبل السلطات الإسرائيلية المحتلة، فإن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي يصرح تصريحا عنصريا بأن الأسرى إذا أضربوا فليجوعوا حتى يموتوا. وإن وزير الصحة الإسرائيلي يعلن تصريحا عنصريا آخر بأن المستشفيات الإسرائيلية سوف لا تستقبل أي أسير مريض، ونحن نعلن من على منبر المسجد الأقصى المبارك بـأن السلطات الإسرائيلية المحتلة مسؤولة عن حياة هؤلاء الأسرى، ونحمل المسؤولية عن أي أسير يستشهد، لأن إدارة السجون قد صادرت من الأسرى كميات الملح وحرمتهم من الحليب والبيض، وهذا يؤثر على صحتهم وحياتهم تأثيرا سلبيا، ويتوجب الإفراج عن الأسرى الأبطال، فمن حقهم أن يعيشوا أحرارا بين أهلهم وذويهم. وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8].

ومن على منبر المسجد الأقصى نحيّي إخوتنا الأسرى على صمودهم وعلى شجاعتهم وعلى ثباتهم، والله يحفظكم الله يرعاكم.

ويتوجب على الأنظمة والحكومات في العالم العربي والإسلامي دعم موضوع الأسرى، فالأسرى هم جزء من القضية الفلسطينية.

أيها المسلمون، يا أبناء أرض الإسراء والمعراج، الموضوع الثالث: بشأن المسجد الأقصى المبارك درة فلسطين وتاج المسلمين، لنوضح بأن الأخطار المحدقة به هذه الأيام هي أشد من أخطار الحريق المشؤوم الذي لحق بالمسجد الأقصى في 21/8/1969م. وإن ذكرى الحريق ستبقى ماثلة في عقول وأذهان المسلمين عبر الأجيال، فقد مس هذا الحريق مسجدنا المبارك الذي يمثل جزءًا من إيماننا وعقيدتنا. لكن أهل بيت المقدس وأكناف بيت المقدس أطفؤوا الحريق، وأحبطوا مؤامرة التدويل، وسيحبطون أيّ مس لهذا المسجد المبارك، فالأقصى للمسلمين وحدهم، ونحن السدنة ونحن الحراس له.






الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:49 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: وصايا تربوية في العام الدراسي الجديد  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:49 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- نصائح وتوجيهات للطلاب. 2- كلمة للمعلمين وبيان مهمة التعليم الأساسية.

الخطبة الأولى

بمناسبة ابتداء العام الدراسي وافتتاح المدارس والمعاهد والكليات نتوجه إلى المدرسين والطلبة وأولياء الأمور بهذه الوصايا، ونبدأ بالطلبة.

أيها الطالب في أي مرحلةٍ كنت، أولاً: أرجو الله عز وجل أن يكلل مسعاك بالتوفيق، وأن يحفظك وأن يجعلك عنصر خير في هذا المجتمع، وأن يقيك من السوء والضر والشر والكيد والحقد والغل وكل ما يؤذيك في دينك ودنياك وجسمك وروحك وقلبك.

ثانيًا: أيها الطالب على اختلاف مستويات دراستك، أناشدك الله أن تنوي العبادة في دراستك، فإن طلب العلم أشرف العبادات. إذا دخلت مدرستك أو معهدك أو كليتك فانوِ بدراستك أن تكون لله عبدًا، وليكن شعارك: (اللهم اجعل علمي خالصًا لوجهك الكريم، اللهم أشهدك أني في عبادة)، فطلب العلم كما أسلفنا أشرف العبادات، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ((من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) صحيح الترغيب والترهيب (1/ 70)، وقال أيضا في حديثٍ لأنس بن مالك: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) صحيح الترغيب والترهيب (1/ 72).

لذا انوِ العبادة، وإذا ما نويت العبادة فطوبى لك أيها الطالب، تبتدئ من السابعة صباحا وأنت في أشرف عبادة إن نويت ذلك، وتستمر عبادتك وأنت على مقعد الدراسة، وأنت في باحة المدرسة تستريح من عناء الدرس، وأنت تأكل ما بين الحصص فأنت في عبادة، وأنت تؤدي واجباتك المدرسية في المنزل فأنت في عبادة إن نويت ذلك، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162، 163]، وقال رسول الله : ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) صحيح الترغيب والترهيب (1/ 10).

ثالثًا: أيها الطالب، القرآن القرآن، كيف ذلك؟ نريدك أن تجعل القرآن منطلقك ومحور تحركاتك، من القرآن انطلق، ابحث في القرآن عن منطلقاتك لحياتك السلوكية، ابحث في القرآن عن منطلقات لغاياتك العملية، القرآن القرآن، لِتكن دائمًا في رحابه، قال رسول الله: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)) رواه مالك والحاكم وهو حديث حسن، ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا))، وما ضل بعض من طلابنا إلا بسبب ابتعادهم عن القرآن. فالقرآن القرآن، التزموه تلاوةً وقراءةً وتدبرًا، ابتدئ يومك به واختم يومك به ولو ببضع آيات، فذلك والله حفظٌ لك ولعقلك وقلبك وسلوكك، نريد لك نسخة خاصة بك من القرآن الكريم تحملها في حقيبتك، وإن لم تحمل كُل القرآن فلا أقل من أن تحمل منه جزءًا يُقرأ كلما وجدت فرصة، فوالله إنه حفظ وصيانة ودفاع بالنسبة لك وبالنسبة لنا وبالنسبة لمجتمعنا، وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام: 155].

رابعًا: يا طلابنا التزموا آداب الإسلام في مدارسنا، أيها الإخوة ادخلوا بعض مدارسنا لتروا الجدران موسخة، ولتروا المقاعد مكسرة، ولتجدوا النظافة معدومة، من الذي فعل هذا؟! هل هم أعداء الإسلام والمسلمين؟! لا، إنهم بعض أبنائنا والذين لهم ولعٌ غريب في التخريب والإفساد، ألا يعلمون أن الله عز وجل يقول: وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ [البقرة: 205]، وأن الذين يفسدون في الأرض سيجعلهم الله في الدنيا خاسرين وفي الآخرة أذلاء؟! فما بالنا نُفْسِد؟! وما بالنا نخرب؟! لذلك نحن نطلب من كل الناس ومن كل الآباء أن يوجهوا أبناءهم إلى أن العناية بالمدرسة عبادة، ولأنه من يخرب في طرق المسلمين ومرافقهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، هكذا بيّن لنا النبي .

خامسًا: نريدك ـ أيها الطالب ـ أن تكون متفوقًا، نريدك مجتهدًا، أن تنهي ما عليك من واجبات، أن تدرس وتبرمج وقتك، قال رسول الله : ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) صحيح الجامع الصغير (1880).

أتقن دراستك، ونحن نعلم أن ما يحيطك من عوامل مفسدة لا تساعدك على التفوق والإتقان، فتمرد عليها لأننا نريدك متفوقًا عالمًا، نريدك عنصرًا فعّالاً في هذا المجتمع، تقدم ما ينفعه وتبتعد عما يضره، نناشدك أن تحاسب نفسك في كل يوم: أين قضيت وقتك؟ وما الذي فعلته في يومك؟ فإن كنت مخطئًا فاستغفر الله وعاهده على أن لا تعود إلى ذلك، وإن كنت مصيبًا فازدد في اليوم التالي واحرص على أن تكون في كل يوم أفضل مما كنت عليه بالأمس، فمن استوى يوماه فهو مغبون.

سادسًا: اجتهدوا في معرفة نفوسكم، وهناك مقياس سهل الاستخدام لاكتشاف النفس، هذا المقياس هو نوعية ما تلومك نفسُك عليه. قد أقسم الله تعالى بالنفس اللوامة فقال: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ [القيامة: 1، 2]، المؤمن تعاقبه نفسه وتلومه، والفاجر عتابُ نفسه له قليل، وهو ماضٍ في انحرافاته غير مكترث بشيء، وكلما ارتقى العبد في مدارج الفلاح والصلاح ارتقت نوعية لوم نفسه ونوعية عتابها عليه، هناك من لا تلومه نفسه ولو مضى عليه شهر دون أن يركع لله تعالى ركعة، وهناك من تلومه نفسه إن فاتته صلاة فريضة من الفرائض، هناك من لا تلومه نفسه على التفريط في المذاكرة والقراءة ولو مضى عليه أسابيع وشهور دون أن يفتح كتابًا، وهناك من تلومه نفسه إذا لم يقرأ كل يوم عدة ساعات، وهناك من تلومه نفسه إذا تأخر عشر دقائق عن دوام المدرسة، وهناك من لا تلومه نفسه وهو يغيب بالأيام ويهرب من الحصص ويتسكع في الشوارع والمقاهي والأسواق. وهكذا على مقدار حيوية ضمير كل إنسان يتشكل سلوكه وطموحه أيضًا؛ لذا نقول للجميع: أصغوا جميعًا إلى الصوت النوراني المنبعث في أعماقكم والذي يؤنبكم على التقصير والتفريط، واسألوا أنفسكم: هل نوعية العتاب الموجه إليكم في داخلكم آخذة في الارتقاء والتسامي، أو أنها آخذة في الانحطاط والتدهور؟ واتخذوا من الجواب معيارًا تتحاكمون إليه.

سابعًا: أبنائي الطلبة، لا بد من الاحترام، احرصوا على احترام الغير، على احترام كل الناس. ولا شكّ أن في المجتمع من يستحق احترامًا خاصًا، وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، وقد قال رسول الله : ((ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه)) صحيح الجامع الصغير (5443)؛ لذا لا بد من احترامكم لمعلميكم احترامًا غير منقوص، وعليك أن تضع لنفسك حقيقة واحده وهي أن هذا المدرس الذي يقف أمامك ما هو إلا الوسيلة التي تزيدك معرفة وإدراكًا يومًا بعد يوم، وهو الذي يعطيك الجرعة المناسبة من الفهم والإدراك التي تتناسب مع عمرك لمواجهة الحياة ومتطلباتها بطريقة علمية مدروسة، غير تلك التي تأخذها أنت من البيت أو الشارع.

ثم إن احترامك لمدرسك يدل على أنك تربيت على الاحترام، وأنك تعيش في بيت محترم يُعَلّم أبناءه احترام الآخرين وعدم احتقارهم، مما ينعكس على سمعتك وسمعة عائلتك بكثيرٍ من الإعجاب والتقدير، فلا تسئ إلى نفسك وإلى أبويك بعدم احترامك لمعلمك، واعلم أن احترام الناس لك يكون بقدر احترامك لهم، وصدق رسول الله : ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) صحيح الجامع الصغير (97). معناه: عامل الناس يما تحبّ أن يعاملوك به، وبلا شك أن الاحترام والتقدير المتبادل بين الناس هو في طليعة ما يحبّ الناس التعامل به مع بعضهم البعض في كل زمان ومكان، فهل يفهم البعض ذلك؟ نرجو ذلك ونتمناه.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية

وقفتنا الأخرى اليوم مع المعلمين ونقول لهم: أيها الأفاضل، إن المهنة التي تؤدونها مهنة عظيمة وباب واسع من أبواب نيل الحسنات والرفعة في الدرجات، وهنيئًا لكم هذا الشرف العظيم ألا وهو تعليم الناس الخير، قال رسول الله : ((إن الله وملائكته حتى النملة في جحرها وحتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير)) صحيح الجامع الصغير (1838)، فهنيئًا لكم ذلك الأجر العظيم.

لكن لا بد لكم من إخلاص مصاحب لهذا العمل حتى يتحقّق المطلوب، لأنّه لا يقوم عمل إلا بإخلاص. ونحن ننبه على هذا لأننا نرى بعض من شرفهم الله بهذه المهنة يضيعون كل ما يتاح لهم من أجر وخير بسبب تركهم الإخلاص، فترى الواحد منهم لا يؤدي عمله إلا لأجل المال ـ ولا شك إن المال مطلوب ومهم ـ، ولا يهتم بوقت درسه ولا إفادة طلابه ولا تربية تلاميذه، ولا يبالي بسلوك منحرف عند الطلاب وأخلاق رذيلة وعلاقات محرمة وفواحش مقيتة وتبادل ما حرم الله من دخان وأشرطة وصور وبلوتوثات وألعاب إلكترونية فاحشة ومواقع إباحية على الإنترنت وغيرها من انحرافات الطلاب، فلا يأبه لها أبدًا، ولا يبالي إلا بانتهاء وقت الدوام كيفما انتهى، ولا يخطر بباله أنه يؤدي رسالة خطيرة لمجتمعه، وأنه يخرج من تحت يده شخص يعلم المسلمين وآخر يعالجهم وآخر يدافع عنهم بنفسه وبقلمه وعلمه؛ لينال بعد بذلك ويحصل على نصيبه من حسناتهم؛ لأنهم في ميزان عمله الصالح من غير أن ينقص من أجرهم شيء.

لذا فإن المدرس الذي يهتم بالتعليم فقط ويهمل التربية لا يستحق أن يكون معلمًا، ولا يستحق الخيرية؛ لأنه لا يعرف قيمة التربية والهدف من التعليم، تقول أم سفيان الثوري العلَم العملاق في تاريخنا تقول له: "يا بُني، خذ هذه عشرة دراهم وتعلم عشرة أحاديث، فإن وجدت لها تغييرًا في جلستك ومشيتك وكلامك فأقبل على العلم وأنا أكفيك بمغزلي، وإلا فاتركه فإني أخشى أن يكون عِلمُك وبالاً عليك يوم القيامة". إن هذه المرأة العظيمة تؤسس في التربية والتعليم قاعدةً كبرى: (لا نفع للعلم بدون عمل، ولا قيمة له بدون أثر في السلوك). نعم، إن الأمة العظيمة وراءها تربية عظيمة.

هذه هي وظيفة العلم الأساسية: التربية. إنه يربي النشء ويحترق على واقعهم ويعتبرهم أبناءً له، ويعتبر إصلاحهم من أولويات وظيفته وتربيتهم من مسؤولياته، وهو مع ذلك سيحْصُل ما يحصله غيره من مزايا مادية ويعيش عيشته مستقرة هنيئة.

أيها الإخوة، إن النقص الحقيقي في التعليم اليوم هو في غياب التربية المصاحبة للتعليم، فمثلاً مدرس الرياضيات يظن أن عمله المطلوب منه هو تقديم هذه المادة الجافة وشرحها وأن يفهمها الطلاب ثم يخرج، وقُلْ مثل هذا الكلام على مدرس الفيزياء والتاريخ والجغرافيا والنحو وغير ذلك كثير. حسنًا، طيبُ الخلق والأدبِ والتوجيه والإرشاد وصياغة عقل الطلاب وخُلق الطالب كُل هذا من أين يتلقاه الطالب؟! ومن أين يأخذه؟! من البيت؟! الأب أدخل ولده المدرسة وهو يتصور أن المدرسة تقوم بهذا الدور، وفي المدرسة يوجد هذا التصور عند طاقم المدرسين إلا من رحم الله.

أيضًا هذا الانشطار في الفهم موجود؛ لأن مدرسي المواد غير الدينية يظنون أن ذلك مهمة مدرسي الدين، وإذا أتيت إلى مدرس الدين وجدت أنه ملتزم بمنهج محدد ولا بد أن ينهيه ولا يجد فرصه لتوجيه الطلاب؛ لأنه لا يلتقي بهم إلا في الحصص المحدودة الأثر والوقت؛ لذا لا بد من أن يشارك الجميع في قضية التوجيه والإرشاد وصيانة خُلق الطالب وأدبه وعقله ودينه. وهذه هي مهمة المدرسين الحقيقية بكافة أنواعهم؛ حتى يخرج الإنسان مسلمًا صالحًا نافعًا لأمته.

أما إذا أهملنا هذا الجانب فإن الخسارة نتحملها نحن، نصرف الملايين على التعليم ثم لا يؤدي هذا التعليم ما هو مطلوبٌ منه، يتخرج المهندس ويتخرج الطبيب ويتخرج الفني، لكن ما الفائدة عندما يكون مهندسًا فاجرًا أو طبيبًا فاسقًا أو موظفًا خائنًا؟! كم تخسر الأمة من تخرج أمثال هؤلاء؟! السبب هو أن المؤسسة التعليمية لم تقم بعملها المفترض الصحيح حتى يتخرج مثل ذلك الإنسان المؤمن العاقل الناضج الذي يخاف الله والذي يراقب الله قبل أن يراقب مديره ومسؤوله في العمل.

فهل هذه المعاني واضحة في أذهاننا ونحن نستقبل عامًا دراسيًا جديدًا؟! نرجو ذلك ونتمناه.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه...





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:50 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:50 am



خطب عن بدء العام الدراسي


الحمد لله رب العالمين له الحمد في الأولى والأخرة يقلب الليل والنهار وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كل يوم هو في شأن وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله في جميع أحوالكم وأوقاتكم فالتقوى خير زاد لكم وصدق الله العظيم [يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُوْلَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيْمًا].

أيها المؤمنون يتوجه أبناؤنا وبناتنا يوم غد لقاعات الدرس والتحصيل يحدوهم الأمل ويدفعهم الجد والإخلاص لهم همم عالية تعانق الثريا جداً وتحصيلا.
وهنا نوجه بعض النصائح والإرشادات لأطراف العملية التربوية والتعليمية من خلال بعض الوقفات فنقول:

الوقفة الأولى: للمعلمين والمعلمات أقول لهم أحمدوا الله جل وعلا على أن كنتم ممن انتظم في سلك التعليم وتهيأت لكم فرص تعليم الناشئة واعلموا أنكم مؤتمنون على رعاية المتعلمين هيئوا الفرص لهم وانطلقوا من الثوابت والأصول التي لا تقبل التبديل ولا التغيير ولا التحريف وجددوا في الوسائل التعليمية والأساليب التربوية واحرصوا على كل جديد نافع مما تأتي به العقول النيرة التي تريد الخير للإنسان في كل زمان ومكان.

واعلموا أيها المربون أن المهمة صعبة و الأمانة ثقيلة لكنكم بحول الله أهل للمسئولية وستتعاملون مع كل طالب وطالبة على أنهم أبناؤكم دون تفريق أو تقصير.

إن المستقبل يعج بالكثير من المستجدات ومنها ما فيه صلاح الناس وأكثرها فيه الفساد والدمار للعقول والأبدان وأنتم عليكم الفحص والتدقيق واختيار المفيد وطرح الضار ليحقق الله للجيل الحاضر مستقبلاً مشرقاً واعداً أنتم من أكثر من يساهم في بنائه وتحقيقه.

الوقفة الثانية: لأبنائنا الطلاب والطالبات أقول لهم ليكن نصب أعينكم وأنتم تجلسون على مقاعد الدرس والتحصيل الغاية من التعليم والثمرة المرجوة منه ألا وهي العمل بما تتعلمون وأن يكون ذلك سلوكاً واقعياً في حياتكم فالعلم سلاح من أمضى الأسلحة التي نواجه بها أعداءنا وهو الذي يرفع الجهل وهو الذي يبني البيوت بل إن الجهل يهدم كل بيت يدخله مهما كان مليئاً بالمال والجاه والشرف، لا قيمة أيها الإخوة للعلم بلا عمل فلو لم يتعلم الطلاب والطالبات إلا القليل ويعملوا به لكان خيراً من أن يتعلموا الكثير دون عمل وإنك لتعجب من كثير من الشباب والفتيات الذين يواظبون على الدراسة طيلة عام كامل يحملون كتبهم ويترددون على مدارسهم لكن ذلك لا يؤثر في سلوكهم وأخلاقهم وتعاملهم مع الآخرين حتى مع والديهم ومعلميهم وهذا خلل ظاهر ينبغي معالجته بكل أمانة من قبل أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات مهما كانت تكاليفه وتبعاته.


ليس التعليم أيها الطلاب والطالبات حفظاً لمتن من المتون فقط بل لا بد أن يكون مع الحفظ عمل فإذا قرأنا أو تعلمنا شيئاً عن الصلاة وحفظناه فلا بد أن نطبقه في حياتنا اليومية وهكذا يثمر التعليم وإذا قرأنا شيئاً عن بر الوالدين وحسن التعامل معهما فينبغي أن يظهر ذلك في تعاملنا معهم في حياتنا وهكذا إذا تعلمنا عن تقدير الكبير والعطف على الصغير والأخذ بيد المحتاج كل ذلك لا بد فيه من ممارسةٍ عمليةٍ لما نتعلمه في مدارسنا والواقع عند كثير من الطلاب والطالبات خلاف ذلك.
ووصيتي لأحبابي الطلاب بالجد والإخلاص والمثابرة في التحصيل والمنافسة فالفرص مهيأة لهم أكثر من السابق.

وبلادنا تبذل بذلاً سخياً على التعليم لا يدانيه أي بذل على وجه الأرض.
كما أوصيهم باختيار نوعية الأصدقاء وألا يكون اختلاطهم مع الآخرين سبباً في انحرافهم فكم من شاب مستقيم انحرف بسبب علاقة مع صديق سيء فلنحسن اختيار الصديق فهو من أكثر الناس تأثيراً والقرين بالمقارن يقتدي.

الوقفة الثالثة: نداء والتماس للمسئولين عن العملية التعليمية من مدراء ووكلاء ومشرفين أقول لهم احرصوا على مسيرة التعليم واحفظوها من كل ما يكدر الصفو أو يعكر على حياة النشيء واعلموا أنها أيام وسنوات وستتركون المكان لغيركم ولن يبقى إلا أثركم وما قدمتموه لهذا الجيل وما وضعتموه من أنظمة وقرارات فكل كاتب سيبلى ويبقى ما كتبت يداه.

واعلموا أنه لا بأس بالحزم والجد لكن مع العدل والحلم والرفق فللحزم مناسبته وللرفق موضعه والأخطاء لا بد من علاجها مهما صغرت أو كبرت لأنه بعدم العلاج لها يترتب عليها إشكالات أخرى قد تؤثر على مسيرة التعليم كلها.

فالمدارس أمانة عندكم بكل من فيها من معلمين وطلاب ووسائل بل وأنظمة وقرارات فارعوا حق هذه الأمانة وأدوها على الوجه الأكمل وصدق الله العظيم: [إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً * لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والعظات والذكر الحكيم أقول ما سمعتم فاستغفروا الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية:


الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم وأشهد أن لا إله إلا الله الذي أمر بالاستزادة من العلم فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم [وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً] وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خير معلم للبشرية صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فالوقفة الرابعة: أوجهها إلى كل ولي أمر استرعاه الله رعية عنده إلى كل أب غيور وأم حنون أقول لهم اتقوا الله في أولادكم وأحسنوا أدبهم وشجعوهم على الدراسة والتعليم وأكدوا عليهم الجد والمثابرة والمنافسة مع توجيه أخلاقهم وسلوكهم وكونوا قدوة صالحة لهم واعلموا أنهم زينة الحاضر وأمل المستقبل بعد الله وصدق الحبيب صلى الله عليه وسلم: (مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدَهُ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ) رواه أحمد.

وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته) رواه البخاري.
وأنتم موقوفون بين يدي الله ومسئولون عن هذه الأمانة العظيمة فاحرصوا أن تكونوا عوناً للمدرسة على إصلاح أولادكم وبناتكم واعلموا أنه بصلاحهم يتحقق لكم ولهم الخير وينفعوا أنفسهم وبلادهم وعلى العكس إذا ساءت أخلاقهم وابتعدوا عن ربهم عظم شرهم وتجاوز أنفسهم إلى من حولهم ووقعوا في عظائم الأمور .

وصدق الله العظيم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ].

أيها الآباء والأمهات كم شكت المدارس من قلة المتابعة وضعف التعاون وهذا تقصير واضح فلنتابع بكل وسيلة ولو عن طريق الاتصال فالوسائل مهيئة والمدارس تستقبل أولياء الأمور وتحمد للمتابع وتشكره وتعتبره شريكاً في العملية التعليمية.

ولا يكن هم الواحد منا ومتابعته مقصوراً على أنه إذا رسب ولده أو بنته أعلن حالة الطوارئ وهو لم يٍسأل خلال الفصل الدراسي عن أولاده نهائياً بل إن بعض الأولياء لا يدري في أي صف يدرس ولده فإلى الله المشتكى من هذا التقصير.
الوقفة الخامسة: هناك وسائل كثيرة في العملية التعليمية ولعل أهمها المناهج التي تتميز بها بلادنا ولله الحمد والمنة فما تزال سليمة رغم ما ينادي به البعض وما يتهمها به آخرون من قصور وضعف لكن الواقع يشهد بخلاف ذلك.

وأما المباني المدرسية ووسائل التقنية الحديثة فالواقع يشهد لهذه البلاد ونحن نقيس على هذه المحافظة التي يندر أن نجد فيها مدرسة مستأجرة بل كل المدارس بنين وبنات مهيأة تهيئة تربوية وهذا من فضل الله جل وعلا ثم بجهود المسئولين عن التعليم زادهم الله توفيقاً وصلاحاً.

أيها المؤمنون لنتعاون جميعاً فيما يحقق المصلحة لأبنائنا وبناتنا ولنجتهد في تهيئة الجو الدراسي السليم لهم ولنتعاهد الزرع بالسقي والمتابعة واللجوء إلى الله بأن يحفظهم من شر شياطين الجن والإنس [فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ].
هذا وصلوا وسلموا على رسولكم نبي الرحمة سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام. اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.
اللهم وفق ولاة أمرنا لكل خير اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه.

[رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ].
عباد الله [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. ــــ وأقم الصلاة ـــ.





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:54 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: بين يدي العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:54 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- دور العلم في نهوض الأمم. 2- الهدف من التعلم في الإسلام. 3- نصيحة للمعلمين. 4- خيرية تعلم القرآن الكريم.

الخطبة الأولى

معاشر المسلمين:

يتبوء العلم والتعليم في الإسلام بدرجة عظيمة، ومرتبة كبيرة، به ترتفع الأقدار، وتحاز المغانم الكبار، يقول الله جلّ وعلا: يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11].

والنبيّ يقول: ((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنّة)) [أخرجه مسلم].

والدعوة إلى العلم والمعرفة عامة لكل أحد، شاملة لميادين الحياة ومجالاتها التي تصلح بها الأفراد والمجتمعات، في الحديث: ((طلب العلم فريضة على كل مسلم)) [رواه ابن ماجه]

إخوة الإسلام:

كل أمّة تهدف من التعليم أغراضًا ومنافع، وتقصد من ورائه غايات ومقاصد، لذا تسعى الأمم من خلال منطلقات علمية وأهداف تربوية إلى تحقيق أغراض ومقاصد من التعليم، وغايات وأهداف من التربية.

أبرزها: صهر الجيل بروح التربية ومفاهيمها، ونوعها وشكلها.

سئل أحد المربين عن مستقبل أمته، فقال: أعطوني مناهج تعليمها لأقول في مستقبلها.

فالتعليم بشتى أنواعه، والتربية بمختلف صورها هما الوسيلة الكبرى لإنشاء الأجيال التي تؤمن بمبدأ الأمة وقيمها، وهما السبيل لتسديد المجتمع بكامله بروحهما ومضامينهما.

أيها المسلمون:

العلم في نظرة الإسلام صمام الأمان بإذن الله للنهوض بالأمة، وجعلها في مكان عالٍ من المكارم والفضائل، والرقي والتمدن، والصلاح والسعادة، والاجتهاد والفلاح.

العلم في الإسلام له غايات عظمى، وأهداف نبلى، تضمن سعادة الأفراد وسلامة المجتمعات وفلاحها دنيًا وأخرى.

والأمة المحمدية أمة عقيدة تقوم على مبدأ رسالة سامية، ومنهج ربانيٍّ يراد منه تحكيم شريعة الله جلّ وعلا في هذه الحياة في جميع المجالات ومختلف الصور، فلا غرو حينئذٍ أن يكون التعليم بشتى أنواعه أداة لإنشاء الأجيال التي تؤمن بذلكم المبدأ الراسخ، وتدين بالعقيدة الصحيحة التي حملتها الرسالة المحمدية، والمشكاة النبويّة.

إنّ الإسلام وهو يحث على التعليم ويركز على التربية لينظر إلى ذلك على أنّه أساس وقاعدة لضمان ترسيخ المفاهيم الصحيحة في نفوس الخلق نحو خالقها، وما تتضمنه تلك المفاهيم من أثر بالغ في ضبط السلوك والتوجهات التي تحقق الفوز والسعادة لبني البشر إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء [فاطر:28].

ينظر الإسلام للتعليم على أنّه أداة تحقق بناء مجتمع صالح في جوانب حياته كلها، في محيط التزام كامل بمنهج الله جلّ وعلا وفق معايير الرفض والقبول التي حددها الشرع لتصبح الحياة صورة تطبيقية لقوله جل علا في خطابه لنبيّنا محمد قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ [الأنعام:162-163].

التربية والتعليم في الإسلام ينطلقان من أهداف تضمن بإذن الله جلّ وعلا تخريج أجيال مملوكة الفكر والمشاعر لخالقها، تابعة بالثقافة والتصور والواقع لدينها قلبًا وقالبًا، وفق فهم صحيح لحقائق الإيمان ومناهج الإسلام، فتبذر حينئذٍ من خلالهما في نفوس الناشئة روح العزة بهذا الدين فترتسم به مبادئهم ونظراتهم، وتصاغ به عقلياتهم وتوجهاتهم نحو كل نافع ومفيد في دينهم ودنياهم.

التربية والتعليم في نظرة محمد سبيل لتعميق المبادئ العليا والمثل الفضلى في عقول الناشئة ليتمثلوها منهج سلوك وأسلوب عمل في حياتهم كلها، قال : ((إنّما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)).

إخوة الإسلام:

ديننا يشجع على كسب العلوم والمعارف التي تزود الأفراد والمجتمع بكل صالح ونافع يحقق عمار الأرض وفق ما أراد الله جلّ وعلا: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِى ٱلأرْضِ جَمِيعاً مّنْهُ [الجاثية:13].

فسائر العلوم التي تحقق مبدأ احترام العمل، وترسخ المفاهيم والاتجاهات السليمة نحو كل عمل بناءً هي مطلب من مطالب هذا الدين، كل ذلك بغية إنشاء جيل مؤمن يعمل لدينه ودنياه، ويسهم في تفضيل أمته ومجتمعه، ويسير به قُدمًا في معارج التطور الميداني، والرقي الحضاري وفق إطار حياة كريمة تضمن بإذن الله للأمة الإسلامية حياة كريمة، تضمن بإذن الله جل وعلا للأمة الإسلامية العزّة والكرامة، والرفعة والسيادة، ((المؤمن القوي خير وأفضل من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير)).

أيّها المعلمون .. أيّها المربّون:

لتكن تلكم الأهداف نصب أعينكم، وليكن تحقيقها في ناشئة المسلمين هو مطلبكم ومسعاكم، حققوا غرسًا يدين للإسلام أولاً، وللأمة ثانيًا.

ابذلوا قصارى جهدكم لتربية تغرس في القلوب الولاء الصادق والمحبة الحقيقية لدين الإسلام ولنبيِّ الإسلام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

احرصوا على كشف الحقائق الصحيحة لهذا الدين، ولدعوة سيد الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم، وجهوا الناشئة إلى الالتزام بالأخلاق الإسلامية والآداب المرعية، والتمثل بالمكارم والفضائل في المدرسة والبيت، في الشارع والسوق، وفي ميادين الحياة كلها.

في تلك المعالم مسؤولية تقع على عواتقكم، وواجب محتم نحو أمتكم، ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤولٌ عن رعيته)).

معاشر المسلمين .. أمة الإسلام:

أعداء الإسلام يجعلون في أولويات اهتمامهم سياسية تعليمية تضمن تربية تخدم مصالحهم وتنشئ جيلاً يتقمص مفاهيمهم ويقتبس عاداتهم وأنواع سلوكياتهم، ويدين بالولاء والطاعة لهم، قال جلّ وعلا: وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء [النساء:89].

أعداء المسلمين يخططون للنيل منهم، ومن دينهم بكل طريقة ممكنة، ووسيلة متاحة، ومن أعظم وسائلهم محاولة اختراق بلدان المسلمين بمناهج أو برامج تعليمية تهدف لسلخ الولاء لهذا الدين، ولنشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة والتقاليد الأصيلة في إطار تغذية بأفكار علمانية، وتربية قائمة على التحلل من الضوابط الدينية، والاستهانة بالأخلاق الاجتماعية الفاضلة، فهي في الجملة تفرز في مجتمعات المسلمين أضرارًا متناهية ومخاطر بالغة تكمن في إضاعة الدين وإماتة آدابه وإخفاء مميزاته.

فاتقوا الله عباد الله والتزموا بمنهج دينكم، واحرصوا على تحقيق أهدافه ومقاصده تصلح الأحوال، وتزكو النفوس، وتسعد الحياة.

بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.




الخطبة الثانية

أمّا بعد؛ فيا أيّها المسلمون:

أوصيكم ونفسي بتقوى الله جلّ وعلا، فهي وصية الله للأولين والآخرين.

أيها المسلمون:

خير ما تبذل فيه الجهود وتصرف فيه الأوقات التوجه إلى كتاب الله جلّ وعلا تعلمًا وتعليمًا، تدبرًا وتفهمًا، قال : ((خيركم من تعلم القرآن وعلّمه))، فوجهوا رحمكم الله أولادكم لتعلم هذا الكتاب الكريم، وحفظه والعناية به، لا سيما والفرص متاحة ومتيسرة بفضل الله ومنته، فذلك الذي يعود عليكم بعاقبة حميدة، وعائدة سعيدة، قال : ((إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويخفض به آخرين)).

وليكن الحرص موصولاً على تعليم الناشئة أحاديث رسول الله وسيرته العطرة وأخلاقه الحميدة وشمائله الرفيعة، فلا خير في تربية بدون تلك المعاني العظيمة والمكارم الرفيعة، قال : ((من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين)).

ثم اعلموا أنّ الله أمركم بأمرٍ عظيم ألا وهو الصلاة والسلام على النبيِّ الكريم.





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:57 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: وبدأ العام الدراسي الجديد  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 8:57 am



خطب عن بدء العام الدراسي


ملخص الخطبة

1- الاعتبار بتعاقب الليالي والأيام. 2- استقبال عام دراسي جديد. 3- الاستعداد للآخرة. 4- كلمة للمعلمين والمربين والآباء. 5- مسؤولية بناء الأجيال.

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا أيها المسلمون، في دورة اللحظات والأيام وفي توالي الشهور والأعوام تتجدّد أمام نواظرنا معالم العبر، وتهز أعماقنا أيادي العظات، فأين منا الناظرون المتبصرون؟! وأين منا المتأثرون المتذكرون؟! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37].

إذا كان لنا بالأمس موعد وداع لعام دراسي راحل، فلنا غدًا موعد آخر لاستقبال عام دراسي حالّ، وإن غربت بالأمس شمس نهاية المودَّع، ففي الغد تشرق شمس بداية الآتي، وهكذا تمضي بنا الحياة، ونبقى بين موقفَي وداع الزمان واستقباله، وشروقه وغروبه، وبدايته ونهايته، نبقى أغراضًا لسهام المنايا، وما كثرة صرعى المنايا عن اليمين منا والشمال ومن الأمام والخلف إلا دليل صدق على قرب إصابتها المقتل منا.

ألا أيها الغرَض المصاب، أيها المرمَى الذي أصبح سؤالَ سهامِ المنية، أدرك نفسك قبل أن يكون موتك الجواب، وقبل مفارقة الأحباب ومعاينة الحساب وسكنى التراب، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الجمعة:8].

أيها المسلمون، إن الاستعدادَ الكبير من أغلب الناس لاستقبال أول أيام الدراسة وما يصحبه من تغيير في جداول وأنماط حياة كثير من الأسر ليدعونا بلسان الصدق إلى أن نتعلم كيف نستعدّ صادقين للآخرة، وكيف نجتهد لتذليل كافة العقبات والصعاب في سبيل بلوغ الغاية السعيدة التي يريدها لنا الله، يعلّمنا كيف يجب أن يكون استعدادنا جازمًا للتغلّب على كل نوازع الشرّ، ويعلمنا كيف يجب أن ننظر إلى أحوالنا بإنصاف، وكيف نصحّح أخطاءنا، وكيف نضع حدًا لكل تافه ومحتقر في حياتنا.

أيها الإخوة المؤمنون، إذا كان أول أيام الدراسة هو الصفحة النقية الأولى من كتاب العام يهتمّ النجباء لأن يسجّلوا فيها ما ينفعهم ويفيدهم، وما يُعلي منازلَهم ودرجاتِهم في النهاية، ألا يليق بنا أن نمحو بالتوبة إلى الله ما سوّدت المعاصي من صفحات أعمارنا؟! ألا يليق بنا أن نبدأ حياتَنا صفحاتٍ بيضاءَ نقيةً في سجلات أعمارنا؟! ألا يليق بنا أن نكون ذلك النجيب الذي لا يسجّل إلا ما ينفعه، ويعلي مكانته، ويرفع درجاته، لنلقى الله بيض الوجوه؟! يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [آل عمران:106، 107].

أيها الناس، وغدًا تستأنف الطرقات سيرها بأكبادنا إلى المدارس، وغدًا تسيل الطرقات بأحفاد نبينا العظيم محمد إلى دور العلم، وغدًا تسيل الطرقات بأمل أمة الإسلام ومستقبلها المشرق ـ إن شاء الله ـ إلى دور التربية، وغدًا تسيل الطرقات بأبطال الغد، بكبار الغد، بحلم الغد، إلى دور المعرفة.

أيها المعلمون والمربون، تيقنوا وأنتم تستقبلون الطلاب كلّ يوم أنكم تُحَيُّونَ أملَ أمتنا وفجرَها الوضاء، ووجه صباحها المنير، ومستقبلها الحافل بالبناء والعطاء. وإنه ليكفيكم شرفًا أن تدرك طبقات المجتمع، وأن تدركوا أنّ على أيديكم تنال الأمة مناها، وتبلغ من العزّ ذروته، وفي كلّ خير قمته، إذا صدقتم أمانةً في الأمانة ورعايةً في الرعاية. من يصنع الجيل إلا أنتم؟! ومن يبني الحضارةَ إلا أنتم؟! فهنيئًا لكم. بصدقكم ينال الجيل منكم مبتغاه، ويبلغ بنيان الحضارة أعلاه، وَلِمَ لا والطالب في الحصة الثانية أكثر غنى منه في الأولى، وفي الثالثة أكثر غنى منه في الثانية، وهو في الغد أكثر غنى منه اليوم.

أيها الآباء، تذكروا وأنتم تزوّدون أولادكم إلى المدارس زادًا حسِّيا طعامًا وشرابًا وكسوة ووسيلة أن عليكم أيضًا أن تزوّدوهم زادًا معنويا، توجيهًا إلى الخير، ودعوة إليه، وحثًا لهم على كل أسباب البر، ليشبوا على مكارم الأخلاق وجميل الصفات، مطيعين لله ولرسوله، متقربين إلى الله.

أيها الآباء، أيها المعلّمون، إن العناية برياحين القلوب والأكباد مسئولية جسيمة، وإن الرعاية لأحفاد الحبيب محمد أمانة عظيمة، وأنتم جميعًا مشتركون في المسئولية، أنتم جميعًا على قمة هرم الرعاية للجيل، وأنتم جميعًا على قمة هرم المسئولية عنه، يقول : ((ألا كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته))، وفيه: ((والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته)) رواه البخاري ومسلم.

أحسنوا البذر في حقول قلوب وعقولِ الناشئة لتحسن الثمرة وتطيب، ليكن أولادكم وطلابكم الصورة الحسنة لاهتمامكم، اجعلوا استثمار الجيل في الخير همكم الأول، تذكروا أن صدق رعايتكم للجيل تنجب النصر والظفر للأمة، احرصوا على صلاحهم، فإن العضوَ الصالح في ذاته صالح في مجتمعه وفي صفوف أمته، وسبب حيّ في إصلاح سواه، واعلموا أنه ما قام بنيان نفس إلا على عمود نصح وتوجيه ووصية، فأين منكم ذلك؟! وعندما يصبح الولد أو الطالب ضحية سوء التربية والإهمال تعظم جريمةُ الأب والمعلم.

أيها الآباء، أيها المعلمون، أثروا بالأجيال الأمة، إنها بهم الغِنى فأغنوها بهم، وإنها بهم القوة فزيدوها بهم، وإنها بهم الجمال فزيّنوها بهم، ألبسوها بهم تاج الظفر، أعيدوا بهم أفراحها من جديد، اخلعوا بهم عن وجهها حجاب الحزن، أزيلوا بهم عن أعماقها أسباب الضعة والضعف والهوان، انتزعوا الأجيال من بين ثنايا التجهيل والتضييع والتمييع انتزاعا، أضيئوا بهم الشمس، اتقوا الله فيهم، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27].

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.



الخطبة الثانية

الحمد لله حمد معترف بفضله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وسلم.

أما بعد: فيا إخوة الإسلام، ما تزال أمتنا الإسلامية في انتظار أجيالها البانية المؤمنة الصادقة عامًا إثر عام، ولقد طالت بها سنوات الانتظار حتى ملّها الانتظار وملّته، وحتى أصبحت حديث السخرية من أعدائها، أفما آن للآباء والمعلمين وكافة المربين أن يضعوا حدًّا لطول انتظار الأمة وسخرية أعدائها بها؟! هل يعلم هؤلاء جميعًا أنَّ عليهم أولاً أن يشعِلوا فتيل الحِرص في قلوبهم استثمارًا لطاقات الناشئة، وتنميةً لمواهبهم، وشحذًا لهممهم، وغيرةً على أجيال المسلمين وتاريخهم، ألا يدركُ المربّون جميعًا أن حضارتنا كمسلمين قائمة على العلم، وأن كلمة الوحي الأولى نزولاً على النبي محمد هي اقْرَأْ؟! قال الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق1-5]، هل ندرك ـ أيها المسلمون ـ سر هذا الافتتاح القرآني والتوجيه الرباني؟!

ما أروع المعلّمين وهم يستقبلون في معاقل التربية طلاب العلم بصدور الانشراح وقلوب البهجة والارتياح، للمرح الباني من ألسنتهم نصيب، وللفرح الهاني في أعماقهم وجيب، الجدّ لهم عنوان، والإخلاص لهم ميدان، يقوّمون سلوك طلابهم، ويهذّبون أخلاقهم، ويعطرون سيرهم.

وما أجلّ المربين جميعًا وهم يخرِجون للدنيا العقول الواعية والأفكار النيرة والقلوب الصافية، ما أسعد الأمة بشبابها المتعلمين وبرجالاتها الصادقين.

ألا فاتقوا الله أيها المسلمون، فنحن جميعًا في دائرة التربية والتعليم نسير.

وصلوا وسلموا على المعلم الأول مخرج الأمة من الظلمات إلى النور محمد بن عبد الله بن عبد المطلب...






الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي





 خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 9:03 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: خطب عن بدء العام الدراسي  خطب عن بدء العام الدراسي  Emptyالجمعة سبتمبر 17, 2010 9:03 am



خطب عن بدء العام الدراسي


برقيات بمناسبة العام الدراسي الجديد

ناصر بن محمد الأحمد


فهذه ست برقيات سرية عاجلة أرسلها لمن يهمه الأمر بمناسبة العام الدراسي الجديد. أما إنها سرية فلأنها بيني وبينكم، وكونها عاجلة فلأنه لم يبق على فتح المدارس إلا ساعات قليلة.
البرقية الأولى: انتهاء إجازة الصيف.
بالأمس بدأنا عطلة الصيف، واليوم نحن نودعها، وسبحان الله كأنها ثلاث أو أربع ساعات. هكذا يا عبد الله سرعة انقضاء الأيام بل الشهور والسنين، سرعة في الزمن بشكل عجيب. بالأمس ولد لك مولود، واليوم قد انتهى من المرحلة الابتدائية بالأمس أدخلته المدرسة، واليوم تخرج من الجامعة سرعة وحركة في الزمن، وهو سرعة وحركة في عمرك ودنو أجلك يا عبد الله، قف يا أخي الحبيب هذه الوقفة، واستقبل مني هذه البرقية السرية العاجلة، استرجع العام الدراسي المنصرم، بحلوه ومره، بأفراحه وأتراحه. بنجاحه ورسوبه، استرجع ذلك كله، وراجع سجلاتك ودفاترك وأنت تستقبل عاما دراسيا جديدا، ماذا قدمت؟ وماذا أخرت؟ ماذا لك؟ وماذا عليك؟ فإن كنت من الراسبين فتصحح ذلك الرسوب بتوبة نصوح وتعود إلى ربك، وإن كنت من الناجحين وظني بك كذلك فازدد من العمل وواصل المسير.
البرقية الثانية: حركة الشوارع
ستشهد الشوارع غدا حركة مرورية غير طبيعية قياسا على الأيام القريبة الماضية، زحمة في حركة السيارات في إيصال الأولاد والبنات إلى مدارسهم وحافلات المدارس تسير هنا وهناك. ومن هذه البرقية يا أخي ولي أمر الطلاب والطالبات أقرأ عليك بعض ما ورد فيها:
أولا: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فإياك ثم إياك والعجلة، والتهور في إيصال الأولاد في وسط هذا الزحام. كثير من حوادث المرور يقع في صبيحة المدارس بسبب عجلة الناس في إيصال أولادهم ثم إدراكه لعمله دون تأخير، فقليل من التبكير توصل وتصلوأنت مطمئن. ثم لماذا لا يراعى من قبل من يضعون أوقات الدوام الرسمية هذه القضية حفاظا على سلامة الناس.
ثانياً: أقرأ عليك يا ولي الأمر من هذه البرقية كلمات التحذير بعد التحذير من التساهل في مسألة السائقين وخلوتهم ببناتك. السائق لا يترك لوحده في إيصال الطالبات إلى المدارس خصوصا طالبات المتوسط والثانوية، فإن في هذا خطراً كبيراً على العرض، والتساهل في هذه المسألة والثقة المفرطة في السائق تأتي علينا بمشاكل قد لا نحسب حسابها، والغرائز لا ينكرها عاقل، فإذا تحركت فإنها لا تعرف التوسط والاعتدال، ولا تفرق بين هندي أو فلبيني، ولا بين سعودية ولا غيرها، وأيضا مسألة الحجاب له تأثير كبير في مشاكل السائقين تجد بأن البنت بل الأسرة كلها يتساهلون في مسألة الحجاب مع السائقين، ومنها تبدأ المشكلة ثم الطامة، فعلى كل ولي أمر أن يأمر بناته الطالبات بل ويلزمهن بالحجاب من خروجها من المنزل حتى العودة من المدرسة.
البرقية الثالثة: أوجهها لكل مدرس،
أي خطأ يرتكبه ذلك المدرس الذي يظن أن وظيفته رسمية فحسب، وأي ظلم وإهانة للجيل الناشئ سيحصل لو ظنه المدرس ذلك، فيا أخي المدرس: أنت على ثغرة عظيمة، أنت الذي وثق آلاف وآلاف أولياء الأمور عندما سلموا لك أولادهم، وعلقوا برقبتك هذه الأمانة، فذاك الرجل الطاعن في السن وتلك المرأة الضعيفة قد علقوا آمالهم بعد الله عليك أيها المدرس.
إن وظيفة التعليم أسمى وأعلى من أن تكون وظيفة رسمية أو مصدراً لكسب الرزق إنها إعداد للأجيال وبناء للأمة هل تعلم أخي المدرس أن العالم الداعية الذي يحمل هم دينه أو ذلك القاضي الذي يحكم في دماء الناس وأعراضهم وأموالهم أو ذلك الجندي الذي يقف في الميدان حاميا لعرين الأمة وحارسا لثغورها هل تعلم بأن كل هؤلاء وغيرهم وغيرهم إنما كانت بداياتهم هو أنت وكل هؤلاء قد عبروا بوابة المدارس.
إن عظماء العالم وكبار الساسة وصناع القرارات الخطيرة كل هؤلاء بالتأكيد قد مروا عليك أنت أيها المدرس أولاً. وإن بصماتك بالتأكيد قد أثرت في ناحية من نواحي تفكيرهم أو على جانب من جوانب شخصياتهم.
إنه ليس بلازم أن يكون قواد الأمة ومصلحيها قد مروا على عيادات الأطباء أو على مكاتب المهندسين أو المحامين، بل إن العكس هو الصحيح، إذ لا بد أن يكون كل هؤلاء الأطباء والمهندسين والصيادلة والمحامين والمحاسبين وغيرهم، لا بد وأن يكونوا قد مروا من تحت يد مدرس، لأنهم من ناتج عمله وجهده وتدريبه.
إن المعلمين يخدمون البشرية جمعاء ويتركون بصماتهم واضحة على حياة الأفراد ومستقبلهم يستمر مع هؤلاء الأفراد السنوات وقد تمتد معهم ما امتد بهم العمر. إنهم يتدخلون في تشكيل حياة كل فرد حر من باب المدرسة ويشكلون شخصيات رجال المجتمع من سياسيين وعسكريين ومفكرين وعاملين في مجالات الحياة المختلفة، فهو أنت أيها المدرس، الذي تدرس الصغير والكبير وتعد الجميع وتهيئهم ليصل بعضه إلى ما لم تصل إليه أنت. لكنك صاحب اللبنة الأولى وحجر الأساس. فهل أدركت موقعك من المجتمع وعلمت مكانك بين الناس، وهل أدركنا نحن الآباء الآن دور المدرس؟ فهذه بعض لفتات أقرأها عليك أخي المدرس من هذه البرقية:
أولاها: لا تهمل النصيحة ولو لبضع دقائق، وإن لم تكن مدرس دين، فليس شأنك أن تدرس الفاعل والمفعول أو توضح المركبات الكيميائية أو تحل المعادلات الرياضية لكن مهمتك مع كل هذا التربية، فخصص وقتا ولو يسيرا لذلك.
ثانيها: مساهمتك أيها المدرس في إصلاح نظام التعليم، إن دورك لا يقف على ما تقدمه في الفصل الدراسي. فأنت أدرى من غيرك بالإيجابيات والسلبيات فساهم في اقتراح بناء على إدارة المدرسة أو تنبيه على ملحظ أو مناقشة هادئة لقرار، ولا بأس أن تطرح فكرة بناءة فتكتب عنها إلى من يهمه الأمر أو تسعى لدارسة ظاهرة من الظواهر السلبية في نظام أو مادة فتكتب عنها، والمهم أن لا تكون سلبيا.
البرقية الرابعة: لك أنت أيها الأب
إنها برقية سرية وعاجلة أيضا لكنها لك أنت أيها الأب ولي أمر الطالب والطالبة، اعلم رعاك الله بأن البيت هو الدائرة الأولى من دوائر تنشئة الولد وصيانة عقله وخلقه ودينه. فماذا يصنع المدرس؟ أو ماذا تستطيع أن تعمل إدارة المدرسة؟ بل حتى وزارة المعارف لطالب نشأ في بيت بعيد عن الأجواء الشريعة المنضبطة، وآخر تربى على استنكاف العبادات الشرعية، وثالث نشأ في جو موبوء بالمنكرات، ورابع ركب أبوه الدش فوق رأسه، فقد يستطيع الأستاذ أن يقطع خطوات في تربية الطالب وتوجيهه، لكنه جهد غير مضمون الثمرة، لأن تأثير البيت المعاكس يظل دائما عرضة لإفساد ما تحاوله المدرسة. وإن من أكبر التناقضات التي يعيشها الطالب والتي تكون سببا في انحرافه سلوكياً وسقوطه دراسيا هو التناقض الذي يعيشه بين توجيهات مدرس صالح ومتابعة إدارة جيدة وبين بيت موبوء بوسائل الإعلام المخالفة والمصادمة لتوجيهات المدرسة.
كيف سيتفوق طالب يقضي كل يوم أربع أو حتى خمس ساعات بين أفلام ساقطة وبرامج هدامة تهدم كل يوم لبنة من لبنات الفطرة السليمة في شخصية هذا الطفل؟ ماذا تتوقع من طالب في سن المراهقة يعكف على مسلسلات قاعدتها الأساسية مظاهر الحب والغرام والعشق بين الجنسين ومسرحيات وتمثيليات تظهر مفاتن المرأة ومحاسنها؟ ثم يتمنى الأب أن يكون ولده في المرتبة السامية العليا من الأخلاق والأدب ومن السلوك الطيب، ويكون متفوقا في دراسته هذا لا يمكن أبدا.
فاتقوا الله أيها الآباء واتقوا الله يا أولياء أمور الطلبة والطالبات، كونوا عونا وسندا لتوجيهات المدرس، ولا تكونوا سببا في انحراف أولادكم بسبب محرمات أدخلتموها في بيوتكم ثم بعده فشل هذا الطالب في دراسته وحياته كلها.
البرقية الخامسة: أرسلها للأغنياء..
نعم الأغنياء، فتسألني ما علاقة الأغنياء بدخول عام دراسي جديد؟! العلاقة أخي الحبيب: الأسعار المرتفعة للأدوات المدرسية ماذا يفعل موظف راتبه ثلاثة أو أربعة آلاف ريال وله اثنان أو ثلاثة من الأولاد في المدارس؟! ماذا يعمل وكيف يواجه أسعار أدوات المدارس المرتفعة إذا كانت الشنطة العادية يتراوح سعرها بين ال 50 و75 ريالا؟ فكيف بباقي الطلبات؟ ثم كيف وكيف بطلبات البنات فذاك أمر عجيب.؟
فيا أصحاب القرطاسيات المدرسية رحمة وشفقة بفقراء المسلمين هل فكرتم أن تجعلوا شيئا من صدقاتكم بعض أدوات يحتاجها فقير في حي، أو أرملة مات زوجها وأولادها في المدارس؟ تصدقوا في هذه الأوقات يبارك الله لكم في تجارتكم.
ثم يا أيها المدرسون والمدرسات: رحمة وشفقة بفقراء المسلمين، لا تطلبوا ولا تلزموا الطلاب مالا حاجة ملحة له، وما يمكن الاستغناء عنه فليلغى، ولا يكن مقاييسكم طلبات متوسطة الدخول الشهرية. بل ما دون المتوسط مراعاة لنفسيات فقراء الطلبة والطالبات.
وأخيرا يا أيها الأغنياء، يا من وسع الله عليكم هذا وقت مناسب للصدقات والتبرعات، تلمسوا البيوت الفقيرة حولكم، واعرفوا ما ينقص أولادهم من طلبات المدارس، فسددوا هذا النقص يؤتكم الله أجرا عظيما. ويا حبذا لو تعرف المدرسون والمدرسات على محاويج الطلبة عندهم ثم قاموا هم بتشكيل لجنة، وجمعوا من بعض التجار، وتولوا هم هذا الأمر لأنهم أعرف بطلابهم وحاجياتهم.
البرقية السادسة: الهدف من التعليم
لو سألنا سؤالا وقلنا، ما هو الهدف من العملية التعليمية كلها؟ ما هو الهدف من فتح المدارس ووضع المناهج وطبع الكتب وتوظيف هذا الكم الهائل من المدرسين وصرف هذه المرتبات لهم وبناء المدارس والأبنية والأثاث إلى ما لا عد له ولا حصر؟ ما هو الهدف منذلك؟
لا شك عندنا والجواب واحد من الجميع بأن الهدف هو هذا الطالب. الهدف من المؤسسة التعليمية بقضها وقضيضها هو الطالب، لكن هل أن يخرج عجلا آدميا؟ بالتأكيد لا.
الهدف هو أن نعد هذا الطالب إعدادا صحيحا يتخرج هذا الطالب وهو يملك عقلا واعيا وخلقا رفيعا وعقيدة صحيحة، وكل هذا لا بد أن يثمر العمل. يثمر محبة الله وخوفه ورجاءه ثم يثمر الاعتدال في الحكم على الأمور، يثمر الاستعداد لله وللدار الآخرة.
الهدف من المؤسسة التعليمية في شريعة الإسلام هو إعداد ذلك الإنسان الصالح النافع لنفسه وأبويه ومجتمعه وأمته.
الهدف من التعليم هو تخريج أجيال مؤمنة تربت على الاحتساب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعلم والتعلم والصبر، وإذا لم نخرج في النهاية بهذا فعملنا ضائع لا جدوى له، ضائع في الدنيا قبل الآخرة.
عليك أيها الأب وأنت أيها المدرس وقبلهم أنت أيها الطالب وبعدهم نحن جميعا ونحن نستقبل عاما دراسيا جديدا أن نستحضر هذه المعاني، وأن ندرك بأن هدف التعلم هو هذا، وما جُعل العلم والتعليم في الإسلام إلا لهذا، وإذا ما رأيت أيها الأب غير هذا سواء في ولدك بعد التخرج أو حتى وهو يتنقل في مراحله التعليمية أو حتى في أولاد غيرك فاعلم بأن خطة التعليم التي يسير عليها ولدك غير صحيحة وأنه هناك نقصاً. فإما أن يكون النقص والقصور فيما يأخذ فهي ليست كاملة ومستوفاة، فاحرص أن تكمله أنت في البيت أو إدخاله في حلقات التحفيظ في العصر أوإلحاقه بإحدى المكتبات الخيرية، أو أن الخلل يكون في المعلمين والمدرسين الذين يتلقى عنهم ولدك، فهم إما أنهم ليسوا على مستوى التدريس والتعليم أو أن هذه المعاني غائبة عن أذهانهم أصلا، وهذه مشكلة كبيرة في حد ذاتها.
وهذا هو النقص الحقيقي الموجود في طاقم التدريس، فمثلا مدرس الرياضيات يظن أن عمله والمطلوب منه هو تقديم هذه المادة الجافة وشرحها، وأن يفهمها الطلاب ثم يخرج، وقل مثل هذا الكلام على مدرس الفيزياء والتاريخ والجغرافيا والنحو وغيرها كثير.
طيب الخلق والأدب والتوجيه والإرشاد وصياغة عقل الطالب وخلق الطالب، كل هذا من أين يتلقاه الطالب؟ ومن أين يأخذه؟ من البيت؟ الأب أدخل ولده المدرسة وهو يتصور أن المدرسة تقوم بشيء من الدور، وفي المدرسة يوجد هذا التصور الكبير في طاقم المدرسين وهذا الانشطار في الفهم؛ لأن مدرس الرياضيات يظن بأن هذا مهمة مدرس الدين وإذا ما أتيت إلى مدرس الدين وجدته أنه ملتزم بمنهج محدد لا بد أن ينهيه وهو أصلا لا يلتقي بالطلاب إلا سويعات في الأسبوع، فلا يجد فرصته أصلا للتوجيه.
لا بد أن يشارك الجميع في قضية التوجيه والإرشاد وصيانة خلق الطالب وأدبه، وعقله ودينه، وهذه ليست مهمة مدرس الدين فقط.. بل كل مدرس هو مسؤول عن هذا الجانب ثم ما لا يكتمل فإنه يُكمّل في البيت، حتى يخرج في النهاية ذلك الإنسان المسلم الصالح النافع لأمته.
وإذا أهملنا هذا الجانب فإن الخسارة نتحملها نحن، تصرف أموال بالملايين على التعليم ثم لا يؤدي هذا التعليم ما هو مطلوب منه، فيتخرج المهندس، ويتخرج الطبيب، ويتخرج الفني، لكن ما الفائدة عندما يكون مهندسا فاجرا أو طبيبا فاسقا أو موظفا خائنا؟ كم تخسر الأمة من تخريج أمثال هؤلاء؟ السبب: هو أن المؤسسة التعليمية لم تكمل من كل جوانبها، حتى يتخرج ذلك الإنسان المؤمن العاقل الناضج الذي يخاف الله والذي يراقب الله قبل أن يراقب مديره ومسؤوله في العمل.
فهل هذه المعاني واضحة في أذهاننا؟ ونحن نستقبل عاما دراسيا جديدا؟ آمل ذلك.

اللهم رحمة تهدي بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا، وتلم بها شعثنا، وترد بها الفتن عنا، يا حي يا قيوم.





الموضوع الأصلي : خطب عن بدء العام الدراسي // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي






الــرد الســـريـع
..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)



 خطب عن بدء العام الدراسي  Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة