إعراب الاستعاذة والتسمية إعراب الاستعاذة
(أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو مثل أقتل، فاستثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين وبقيت ساكنة، ومصدره عوذ وعياذ ومعاذ، وهذا تعليم، والتقدير فيه: قل أعوذ.
(والشيطان) فيعال من شطن يشطن إذا بعد، ويقال فيه شاطن وتشطين، وسمى بذلك كل متمرد لبعد غوره في الشر، وقيل هو فعلان من شاط يشيط إذا هلك فالتمرد هالك بتمرده، ويجوز ان يكون سمى بفعلان لمبالغته في إهلاك غيره، و (الرجيم) فعيل بمعنى مفعول: أى مرجوم بالطرد واللعن، وقيل هو فعيل بمعنى فاعل: أى يرجم غيره بالاغواء.
إعراب التسمية
الباء في (بسم) متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير ابتدائى بسم الله، أى كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار، وقال الكوفيون: المحذوف فعل تقديره ابتدأت أو أبدأ فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف وحذفت الالف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك أثبت الالف في الخط، وقيل حذفوا الالف لانهم حملوه على سم وهى لغة في اسم، ولغاته خمس: سم بكسر السين وضمها، واسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى، والاصل في اسم سمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامى، وفى تصغيره سمى، وبنوا منه فعيلا فقالوا: فلان سميك أى اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، فقد رأيت كيف رجع المحذوف إلى آخره.
وقال الكوفيون: أصله وسم لانه من الوسم وهو العلامة، وهذا صحيح في المعنى فاسد اشتقاقا.
فإن قيل: كيف أضيف الاسم إلى الله، والله هو الاسم؟ قيل: في ذلك ثلاثة أوجه: أحدهما أن الاسم هنا بمعنى التسمية، والتسمية غير الاسم، لان الاسم هو اللازم للمسمى، والتسمية هو التلفظ بالاسم، والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره باسم مسمى الله، والثالث أن اسم زيادة، ومن ذلك قوله: * إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * وقول الآخر: * داع يناديه باسم الماء * أى السلام عليكما ونناديه بالماء
[5]
والاصل في الله الالاه، فألقيت حركة الهمزة على لام المعرفة، ثم سكنت وأدغمت في اللام الثانية ثم فخمت إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كانت قبلها كسرة، ومنهم من يرققها في كل حال، والتفخيم في هذا الاسم من خواصه.
وقال أبوعلي: همزة إلاه حذفت حذفا من غير إلقاء، وهمزة إلاه أصل وهو من أله يأله إذا عبد، فالاله مصدر في موضع المفعول أى المألوه وهو المعبود، وقيل أصل الهمزة واو لانه من الوله فالاله تتوله إليه القلوب: أى تتحير، وقيل أصله لاه على فعل، وأصل الالف ياء لانهم قالوا في مقلوبه لهى أبوك، ثم أدخلت عليه الالف واللام (الرحمن الرحيم) صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفى الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الاخفش: العامل فيها معنوى وهو كونها تبعا، ويجوز نصبهما على إضمار أعنى ورفعهما على تقدير هو.