إغماض العيون إلى حد العمى! ـ د. محمد عمارة
د. محمد عمارة (المصريون) : بتاريخ 12 - 10 - 2009
في التراث اليهودي ـ الذي كتبه الأحبار والحاخامات بأيديهم، ثم قالوا هو من عند الله ـ خطاب ديني ملئ بالوحشية والعنصرية.. لا يلتفت إليه الغرب المستنير، ولا المتغربون العلمانيون التنويريون.. الذين لا يكفون لحظة من اللحظات عن تقريع خطابنا الديني الإسلامي، وتسليط كل الأضواء على سلبيات هذا الخطاب ـ مع غض الطرف عن السماحة الشائعة فيه.. ومع إغماض العيون ـ إلى حد العمى ـ عن العنصرية الدموية والوحشية التي جعلها الخطاب الديني اليهودي واجبات إلهية وتكاليف ربانية على اليهود ممارستها إزاء جميع الأغيار من كل الشعوب!..
لقد نسبوا إلى الرب ـ تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا ـ في سفر العدد.. إصحاح 33: 50ـ 53، 55،56 ـ التشريع للغزو والإبادة ـ غزو أرض كنعان ـ فلسطين ـ وإبادة أجداد الفلسطينيين الكنعانيين ـ.. " وكلم الرب موسى في عربات موآب على اردن اريحا قائلا: كلم إسرائيل وقل لهم: إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان. فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم.. تملكون الأرض وتسكنون فيها، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم و يُضايقونكم على الأرض التي أنتم ساكنون فيها. فيكون أني أفعل بكم كما هَمَمْتُ أن أفعل بهم "..
أي أنهم قد جعلوا الغزو .. والاحتلال.. وتهجير السكان من أوطانهم فريضة إلهية، يهددهم الرب إذا لم يمارسوها على أرض فلسطين ومع الفلسطينيين!..
وفي سفر التثنية.. إصحاح 20: 10 ـ 16 ـ شرعوا للغزو والاحتلال.. ولاستعباد المسالمين وتسخيرهم!.. أما المحاربون المدافعون عن وطنهم ضد الغزاة العبرانيين فإن جزاءهم ـ في هذا الخطاب الديني الدموي ـ الإبادة الجماعية للذكور واستعباد النساء والأطفال.. بل وحتى البهائم والأشجار والأحجار!!..
"حين تقترب من مدينة لكي تجاربها استدعها للصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن.. فلا تستبق منها نسمة ما"!!..
بل إن هذه الإبادة الجماعية، التي شرّع لها والتي أوجبها هذا الخطاب الديني اليهودي، ليست خاصة بالذين قاوموا ويقاومون الغزو العبراني والاحتلال اليهودي، وإنما هي عامة حتى في الذين يوقولون "قولا" ـ مجرد قول ـ إزاء هذا الغزو والاحتلال!!
نعم!.. لقد نسبوا إلى الرب ـ تعالى عن ذلك ـ في سفر التثنية. إصحاح 13: 12، 15 ـ 7ـ كلاما موجهًا إلى بني إسرائيل جاء فيه: "إن سمعت عن إحدى مدنك، التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها، قولا فتضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرّمها ـ أي تهلكها ـ بكل ما فيها من بهائمها بحد السيف تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار.. فتكون تلا إلى الأبد لا تبني بعد، لكي يرجع الرب عن حُموّي غضبه ويعطيك رحمة!"..
أي أن رحمة الرب ـ في هذا الخطاب الديني اليهودي ـ مرهونة ومشروطة بإبادة الأغيار وكل مكونات الحياة عند هؤلاء الأغيار، لمجرد أنهم "قالو قولا" سمعه اليهود الغزاة المستعمرون!
وإذا كان هذا الخطاب الديني قد تفوق على الفاشية والنازية بما لا يقاس.. فإن الأغرب والأعجب هو صمت الغرب والمتغربين عن أية كلمة في نقد هذا الخطاب الذي يطبق الآن على أرض فلسطين!..