أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
الأهرام السبت 4 ديسمبر 2010 م هذا النص القرآني الكريم جاء في الربع الأخير من سورة' البقرة' ونركز فيها علي وجه الإعجاز التشريعي في تحريم زواج المسلمين من المشركات ـ وتحريم زواج المسلمات من المشركين كما حددته هذه الآية المباركة.
من أوجه الإعجاز التشريعي في النص الكريم يقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ في محكم كتابه ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلي النار والله يدعو إلي الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون).( البقرة:221). وهذه الآية القرآنية الكريمة يأمر فيها ربنا ـ تبارك وتعالي- جميع الذكور من المسلمين بألايتزوجوا من المشركات حتي يؤمن بالله ـ تعالي ـ ربا واحدا أحدا ـ فردا صمدا ـ بغير شريك ـ ولا شبيه ـ ولا منازع ـ ولاصاحبة ولا ولد ـ وأن ينزهن هذا الخالق العظيم عن جميع صفات خلقه ـ وعن كل وصف لايليق بجلاله ـ وأن يؤمن بملائكة الله ـ وكتبه ـ ورسله ـ واليوم الآخر ـ وبالقدر خيره وشره ـ وهذه هي أركان الإيمان. وتؤكد الآية الكريمة لكل رجل مسلم أن زواجه من أمة مؤمنة( أي الأنثي المملوكة بملك اليمين) أفضل من زواجة من حرة مشركة- مهما كان جمالها ـ وثراؤها ـ وسلطانها وغير ذلك من المغريات التي يمكن أن تدفعه إلي الاقتران بها ـ وفي ذلك يقول المصطفي]: (1)' لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسي حسنهن أن يرديهن ـ ولا تنكحوهن علي أموالهن فعسي أموالهن أن تطغيهن ـ وانكحوهن علي الدين ـ فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل'( ابن ماجه). (2)' تنكح المرأة لأربع: لمالها ـ ولحسبها ـ ولجمالها ـ ولدينها ـ فاظفر بذات الدين تربت يداك'( البخاري ومسلم). (3)' الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة'( مسلم). (4)' إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ـ إلاتفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض'( ابن ماجه). (5)' تخيروا لنطفكم ـ وأنكحوا الأكفاء ـ وأنكحوا إليهم'( ابن ماجه). وفي المقابل يأمر ربنا ـ تبارك وتعالي ـ جميع المسلمين بألا يزوجوا المشركين من نسائهم المؤمنات حتي يؤمن هؤلاء المشركون لله ـ تعالي ـ ربا واحدا أحدا فردا صمدا, بغير شريك ولا شبيه ولا منازع ولا صاحبة ولا ولد, وأن ينزهوا الله' تعالي' عن جميع صفات خلقه ـ وعن كل وصف لا يليق بجلاله ـ وأن يؤمنوا بملائكة الله ـ وكتبه ـ ورسله ـ واليوم الأخر ـ وبالقدر خيره وشره. وتؤكد الآية الكريمة أن زواج المسلمة من عبد مؤمن خير من زواجها من مشرك ـ مهما كان ثراؤه أو جاهه أو سلطانه. وليس هذا من قبيل التعصب الديني لأن الإسلام العظيم يؤكد الأخوة المطلقة بين بني الإنسان الذين ينتهي نسبهم إلي أب واحد وأم واحدة ولكن الحكمة من هذا التشريع أن رابطة الزوجية هي أعمق رابطة تربط بين ذكر وأنثي ـ ومن ثم فإنها تستلزم القيام علي أقوي الركائز وأدومها ـ وهي ركيزة الإيمان الصحيح بالله ـ سبحانه وتعالي ـ ـ والذي ينبني عليه فهم الإنسان لرسالته في هذه الحياة الدنيا: عبدا لله ـ مطالبا بعبادته وحده بما أمر ـ ومستخلفا في الأرض ـ مطالبا بحسن القيام بواجبات الاستخلاف فيها وذلك بعمارتها وبإقامة شرع الله وعدله في ربوعها ـ وأول ما يجب تحقيق ذلك يكون في نطاق الأسرة لأنها هي أساس المجتمع ـ فإذا صلحت صلح المجتمع كله, وإذا فسدت انهار المجتمع من أساسه. والنظام الاجتماعي في الإسلام قائم علي نظام الأسرة ـ ولذلك فإنه يعتبر أية علاقة بين الجنسين خارج هذا الإطار هي علاقة محرمة تحريما قاطعا. والأسرة تلبي كل احتياجات الفطرة الإنسانية وترسيخ مقوماتها حيث تتوحد في ظلها القلوب والعقول وماينتج عن ذلك التوحد من المفاهيم والمشاعر والأحاسيس. وإذا لم تبدأ الأسرة علي أساس من العقيدة الدينية الصحيحة فإن مثل هذا اللقاء لايمكن له أن يتحقق ـ وذلك لأن الحياة بطبيعتها مليئة بالابتلاءات والشدائد والمصاعب ـ والتي إذا لم تصادف وحدة علي العقيدة الصحيحة فإن العلاقات الزوجية سرعان ماتنهار تحت ضغط تلك الشدائد ـ ويكون لانهيارها من التبعات ما لا يعلمه إلا الله. ومن هنا فإن الاستجابة السريعة لعاصفة عابرة تؤجحبها غمزات الشياطين لا يمكن أن تكون مبررا لإقامة علاقة زوجية مع اختلاف في العقيدة بين الزوجين مهما كانت مساحة الإغراءات لتحقيق ذلك ـ والتجارب السابقة كلها تؤكد علي حتمية انهيار تلك العلاقة مهما بدت دوافع تحقيقها مغرية وميسرة وممكنة في أول الأمر. فالزوجة إذا لم تكن علي دين زوجها فإنها تحاول أن تصبغ بيتها بصبغة معتقداتها ـ وأن تغرس تلك المعتقدات في عقول وقلوب أبنائها مما يؤدي إلي تمزق الأسرة عقديا وعباديا ـ وفكريا ـ وسلوكيا وما يمكن أن يحدثه ذلك في تنشئة الأبناء والبنات منذ بدايات الإدراك الأولي عندهم بشروخ حقيقية في المعتقدات والعبادات والسلوكيات. ولذلك ختمت الآية الكريمة بقول الحق ـ تبارك وتعالي: (....أولئك يدعون إلي النار والله يدعو إلي الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون).( البقرة:221). أي أن مصاهرة المشركين تؤدي بالمسلمين حتما إلي النار ـ وأن الثبات علي أوامر الله ـ تعالي ـ بتحريم ذلك يؤدي بالمسلمين إلي جنات الله ومغفرته ـ والله ـ سبحانه وتعالي ـ يوضح مبررات أوامره للناس حتي يفيقوا من ركام الادعاءات المادية الباطلة فيميزوا بين الخير والشر ـ والطيب والخبيث ـ وبين ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ـ وما يدمرهم في الدارين ـ والله يقول الحق ويهدي إلي سواء السبيل. وفي قوله- تعالي- ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم...). أي لاترتبطوا بزواج أي من المشركات إلي أن يؤمن إيمانا صادقا صحيحا لا لبس فيه ولامجاملة ـ والمراد بالنكاح هنا هو عقد عقدة الزواج وهو من الفعل الثلاثي( نكح) أي عقد عقدة الزواج ـ وهذا الفعل الثلاثي لايتعدي إلا إلي مفعول واحد هو هنا( المشركات). وفي قوله ـ تعالي-... ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم...).( البقرة:221). تأكيد حرمة تزويج المسلمة أو زواجها هي بالمشرك. والفعل( تنكحوا) بضم التاء مستمد من الفعل الرباعي( أنكح) بمعني عقد عقدة الزواج لذكر علي أنثي ـ وهذا الفعل الرباعي يتعدي إلي مفعولين أولها( المشركين) وثاينهما محذوف ويشير إلي( المؤمنات) أي: يا أيها الذين أمنوا لاتزوجوا المشركين بالمؤمنات من بناتكم أو نسائكم ـ ولاتسمحوا لهن بتزويج أنفسهن من المشركين إذا كن مؤهلات للقيام بذلك- مهما كانت الدوافع والمغريات للوقوع في تلك المعصية. والعلة في تحريم عقد زواج المشرك علي مؤمنة هو أن الولاية في الأسرة هي للرجل ـ وإذا كان الرجل مشركا فقد يستخدم سلطة الولاية في الاستخفاف بدين زوجته ـ أو إيذائها بسبب دينها أو منعها من ممارسة عبادتها, أو إجبارها علي ترك دينها بالكامل وحملها علي الكفر بالله أو الشرك به ـ فيدمرها تدميرا كاملا في الدنيا والآخرة. خاصة أن المسلمة تؤمن بجميع أنبياء الله ورسله وكتبه دون أدني تفريق ـ والمشرك لا يعظم ذلك أبدا. ثم إن الأولاد عادة يتبعون الأب- مهما كان معتقده فاسدا- فيدمر أبوهم حياتهم في الدنيا والآخرة ولذلك قال- تعالي-(....أولئك يدعون إلي النار والله يدعو إلي الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون).( البقرة:221). ومن المعلوم أن المغفرة تسبق دخول العبد إلي الجنة ـ ولكن في هذه الآية الكريمة قدمت( الجنة) علي( المغفرة) لرعاية المقابلة مع لفظ( النار) السابقة لتكمل المقابلة وتظهر بإذن الله. وتأكيد النص القرآني أن الشرك يقود إلي النار ينطلق من قول ربنا ـ تبارك وتعالي: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افتري إثما عظيما).( النساء:48). ونحن نري الحكمة من هذا التشريع الالهي العظيم اليوم في زمن الانفتاح الذي نعيشه ـ والذي يسهل فيه اتصال كل من المسلم بغير المسلمات من النساء ـ والمسلمة بغير المسلمين من الرجال عن طريق التليفون المحمول أو الإنترنت أو كتاب الوجه المعروف باسم( الفيس بوك) ـ أو عن طريق السفر إلي الخارج أو الإقامة في ديار غير المسلمين ـ وهنا قد يصور الشيطان لأي من الطرفين أو لهما معا إمكانية العيش برباط الزوجية مع اختلاف العقائد والعبادات ـ وقد يحاول الطرفان جبر أنفسهما علي التعايش مع هذا الاختلاف لفترة من الزمن ـ ثم بعد فترة تهدأ العواطف الملتهبة ـ ويبدأ الزوجان في مواجهة تكاليف الحياة الصعبةـ ويبدأ الصدام الحتمي الذي تتكسر علي أحجاره كل ما تصوره الطرفان من مشاعر الحب الأعمي الذي دفعهما إلي الارتباط برباط الزواج مع إدراكهما الاختلافات الهائلة التي تفصلها في مجال العقيدة والعبادات والأخلاق والسلوكيات, وفي مجال المطعومات والمشروبات, والعادات ـ والعلاقات الأسرية وغيرها وعندها سرعان ما تنهار الأحلام الوردية التي حلموا بها ـ والأماني المستقبلية التي خططوا لها ـ فتنفصم عري هذه العلاقة المحرمة بمأساوية قاتلة ـ تكون الضحية فيها غالبا هي المرأة التي تسبق العاطفة عندها حكم العقل ـ وتبدا المعاناه إلي آخر العمر في الدنيا ـ والله أعلم بالمصير في الآخرة إذا لم تتحقق التوبة والعودة إلي الله بعد هذا القرار الذي اتخذ بلا روية وتتضخم المأساة إذا نتج عن هذه العلاقة المحرمة أطفال لأتهم حتما سيضيعون بين أقدام الأبوين المنفصلين ـ وسيعانون من آثار التمزق النفسي والعقدي والفكري والسلوكي الذي عاشوا في ظله ما قد يكون سببا في دمارهم الكامل في الدنيا والآخرة. ولا أقرر ذلك من فراغ فقد اتصل بي عشرات من الشباب المسلمين الذين حدث وأن تعرفوا علي نصفهم الآخر من غير المسلمات ـ عبر الدردشة علي التليفون المحمول أو الإنترنيت ـ واستشاروني في إتمام الزواج, وكنت دائما أنصح بالانصراف عن ذلك الوهم الخاسر. ومنهم من كان يقتنع بنصيحتي, ومنهم من جرفته العاطفة العمياء فتمم الزواج الذي سرعان ما انهار وجاءني يبكي حظه الأغبر. وفي المقابل جاءني عدد من المسلمات اللائي تعرفن بشباب من غير المسلمين إما عبر شبكة المعلومات الدولية( الإنترنيت) أو الإرشاد السياحي ـ أو الإقامة بالخارج ـ وهؤلاء الشبان تظاهروا بقبول الإسلام دينا كي يتم الزواج الذي سرعان ما انهار وتحطم علي أول احتكاك فعلي ـ وكانت الضحية في كل مرة هي الأنثي المسكينة التي تسبق العاطفة عندها قرار العقل ـ والنسل البرئ الذي جاء عن طريق هذه العلاقة التي حذرنا القرآن الكريم من أخطار الوقوع فيها ـ ووضع الضوابط الأخلاقية والسلوكية التي تحفظ الشابات والشبان من الوقوع في شباكها ـ فقال ـ تعالي ولا تنكحوا المشركات حتي يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتي يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلي النار والله يدعو إلي الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون).( البقرة:221). وهنا يتضح وجه الإعجاز التشريعي في هذه الآية الكريمة ـ لعل شبابنا وشاباتنا من المسلمين يعيدون قراءتها ليتعظوا بها والله يقول الحق ويهدي إلي صراط مستقيم ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ـ وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين.