المصريو ن
د. محمد عمارة | 07-06-2010 23:40
فارق جوهري وكبير بين اليهودية، التي هي شريعة موسى عليه السلام، والتي نزلت بها التوراة في القرن الثالث عشر ق. م، والتي طلب فيها الله من موسى وهارون أن يذهبا إلى فرعون فيقولا له قولا ليّنًا.. فارق جوهري وكبير بين هذه الشريعة اليهودية ـ التي نؤمن بها.. ويقول قرآننا عن توراتها إن فيها هدى ونورًا ـ وبين "التراث" العنصري الدموي الذي كتبه الحاخامات ـ على عهد عزرا ـ في القرن الخامس ق. م ـ أي بعد ثمانية قرون من وفاة موسى ـ عليه السلام ـ .
فبعد شريعة "القول اللين"، التي جاء بها موسى وهارون، نسب الحاخامات ـ الذين دونوا أسفار العهد القديم ـ إلى ربهم كلامًا دمويًا، يأمرهم فيه ـ إبان غزوهم لأرض كنعان ـ فلسطين ـ أن يمحوا حتى "ذكر" سكان تلك البلاد "من تحت السماء" ـ سفر الخروج 17 :14 ـ ويطلب منهم إبادة سكان المدن التي ابتليت باستعمارهم الاستيطاني.. "إن سمعت عن إحدى مدنك، التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها، قولا، فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرّمها ـ (تبيدها) ـ بكل ما فيها من بهائمها بحد السيف، وتجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنار.. فتكون تلاً إلى الأبد، لا تُبنى بعد" ـ سفر التثنية 13: 12 ،15 ـ 17 ـ .
وإذا كانت إسرائيل ـ منذ قيامها على أرض فلسطين سنة 1948م ـ قد مارست طرد السكان العرب، عندما هدمت 538 قرية ـ بمساجدها ومقابرها ـ وظلت تمارس التهجير للعرب حتى هذه اللحظات ـ فإنها تمارس كل ذلك انطلاقًا من العقيدة الدموية التي دونها الحاخامات في هذا "التراث" ـ الذي لا علاقة له بيهودية موسى عليه السلام ـ.. ففي هذا "التراث" نسبوا إلى الرب قوله لهم: "إنكم عابرون للأردن، إلى أرض كنعان، فتطردون كل سكان الأرض من أمامكم.. تملكون الأرض، وتسكنون فيها، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكًا في أعينكم ومناخس في جوانبكم ويضايقونكم في الأرض التي أنتم ساكنون فيها" ـ سفر العدد 33 : 50 ـ 53، 55، 56 ـ .
فهل نعيد قراءة هذا النص ـ الذي كتب في القرن الخامس ق. م ـ والذي يطبق الآن على عرب فلسطين سنة 1948م.. وفي الضفة والحرم القدسي الشريف؟!..
وإذا كانت أمريكا والغرب السياسي، قد جعلوا من إسرائيل دولة فوق القانون، وتجليًا إلهيًا يسكنها شعب الله المختار، المعصوم، الذي يفعل ما يريد، ولا يُسأل عما يفعل.. فإن لهذه "البلطجة ـ المعصومة" تأصيلاً في ذلك "التراث" العنصري والدموي، الذي نسبوا فيه إلى الرب ـ حاشاه جل شأنه ـ أمرهم بأكل كل الشعوب أكلاً!! دونما شفقة ولا رحمة: "سبع شعوب دفعهم الرب إلهك أمامك، وضربتهم، فإنك تحرّمهم ـ (تبيدهم)ـ لا تقطع لهم عهدًا، ولا تشفق عليهم.. لأنك أنت شعب مقدس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبًا أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض.مباركًا تكون فوق جميع الشعوب وتأكل كل الشعوب الذين يدفع الرب إليك، لا تشفق عيناك عليهم" ـ سفر التثنية7: 1 ـ 3 ، 6 ، 7، 14 ـ 16 ـ
نعم.. هذا هو الفكر، وهذه هي العقيدة الحاكمة "للجريمة ـ المعصومة" التي يمارسها الصهاينة اليوم على أرض فلسطين، يحميها الفيتو الأمريكي وسلاح الأطلنطي.. والتي يطلب منا الاستسلام لها.. فهل نستسلم؟.. أم نقاوم ـ كما قاوم الآباء والأجداد حتى تشمع هذه الصفحة العنصرية ـ كسابقاتها ـ إلى "مزبلة التاريخ"؟!