الداعية جامع وجامعة

سلوك المسلم الملتزم عند الموت..
أو
في الجنازة عموما..

لفضية الشيخ: وجدي غنيم..
حفظه الله تعالى..

وقد تحدثنا من قبل عن سلوك المسلم الملتزم في الفرح، وقبلها في الزيارة..
وعلى اعتبار أن المرة القادمة- إن شاء الله- سنعجل بشريط مهم جدا، وهو شريط المسلم الملتزم مع الزوجة..

إنما اليوم نتحدث بمشيئة الله وتوفيقه، عن سلوك المسلم الملتزم عند الموت، وما يستتبع الموت طبعا، من غسل وكفن وصلاة وعزاء.. إلى آخر ما سنتحدث عنه..

* المفروض طبعا أن الإنسان يكون كاتب وصيته، ومحضر وصيته، لأن الموت يأتي في أي لحظة، فأنت لا تعرف متى؟
والله عز وجل يقول في سورة لقمان: "{إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير(34)}
فلابد أن تكون محضر وصيتك وقد كتبت بها، ما تريده أن يحدث بعدما تذهب أنت بالسلامة إلى آخرتك..
لكن الكافر والعياذ بالله لا يفعل ذلك، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال في سورة يس، ما يحدث ساعتها..
ساعتها ماذا يحدث مع الكافر: {فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون} يس: 50
لكن المؤمن إذا كان قد كتب وصيته وحضرها، وطبعا لابد أن تكون وصية شرعية، أوصى فيها على ما سيحدث كله..
طيب، كتبنا الوصية، ثم جاء الموت..
لواحد قريبك، لواحد من عائلتك، صديقك..
* كيف يكون سلوك المسلم الملتزم عند الموت..
1. وهي أهم شيء: الصبر:
الصبر وتقبل الصدمة الأولى..
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى".
ما هي الصدمة الأولى؟
وقت ما تعرف الخبر..
يقول لك: فلان مات.. أو البقاء لله يا فلان.. أو شد حيلك يا فلان..
ماذا حصل؟
فلان..
هذه هي الصدمة الأولى..
ماذا ستفعل؟ وكيف ستتصرف؟
المسلم المتلزم تلقائيا على طول، يجد الحديث على لسانه، يدعو الله تبارك وتعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خير منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خير منها".
فعلى لسانك على طول عند الموت، بمجرد أن تسمع النبأ على طول: "اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خير منها".
فلا تأتي وتقول: "كيف خير منها؟.. الموضوع كبير.. ومن سيكون مثله؟.. ومن سيكون مثلها؟.."..
هو الله..
هو الله..
هو الله.. فوض أمرك لله عز وجل..
السيدة أم سلمة عندما مات زوجها علمها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث، فقالت الحديث، أتدري ما قالت بعد ذلك؟ قالت: "فأبدلني الله عز وجل بخير من أبي سلمة، النبي عليه الصلاة والسلام"..
فهو الله، فوض أمرك لله عز وجل، فهو ربنا الذي سيعوضك..
وطبعا لدينا الآية القرآنية في سورة البقرة، وقت أن تتقبل الموت مباشرة، والصدمة: {.. وبشر الصابرين(155)}{الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون(156)}{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون(157)}.
فوقت الصدمة على طول على لسانك الأحاديث: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خير منها". الحمد لله على كل حال..
وانتبه أن الشيطان في هذه اللحظات يأتي ليشغلك: "كيف مات؟.. ومتى؟.. لقد كان معي لتوه؟.. لقد رأيته لتوي؟.. أين؟.. كيف؟..".
وتجد نفسك تظل تسأل أسئلة لا معنى لها ولا لازمة، وتنسى أن تقول الأحاديث التي يصبرك الله سبحانه وتعالى بها..
طيب تقبلنا الصدمة، وقلنا الحمد لله رب العالمين، والحمد لله على كل حال، واللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خير منها، اللهم ثبتني اللهم صبرني اللهم عوضني خيرا..
* فورا.. نبدأ نستعد لاجراءات الجنازة..
كيف؟
* لو أنك حضرت مثلا ميت، وأدركته وهو يحتضر تقعد بجواره، ولا تقل له: قل: "لا إله إلا الله" لا.. لا تقل هذا له..
أنت تقول بجواره: "لا إله إلا الله" بصوت يسمعه، فكأنك تريده أن يقولها، لكنك لا تقل له: قلها..
فانتبه كيف؟ أنت تقول بجواره: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله""لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وهو سيسمع منك، ويبدأ يرددها..
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة". رواه أبو داود
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله". صحيح مسلم
فيا ليت تلقنها له، كيف؟ قل بجواره"لا إله إلا الله" وهو سيأخذها منك ويبدأ يقولها.
وسبحان الله، كن دائما مع"لا إله إلا الله" حتى تموت على"لا إله إلا الله".
لأن ربنا يكفيك الشر، هناك أناس تكون عائشة وليس لديها فكرة عن الله ولا عن دينها، فتكون نهايتهم صعبة، كالذي كان يموت وهو يخرج في الروح يقول: "يا للهول.. يا للهو" لأنه عائش في المصيبة والخيبة..
والذي كان يموت وهو يسأل: "خذوا بالكم من كذا، والسيارة والعيال والفلوس" وكالذي كان راكبا للطيارة، وجاءته حالة الوفاة وهو فوق في السماء، وروحه تخرج، ومن بجواره عرف أنها حالة وفاة، فقال له بهدوء: " لا إله إلا الله" والآخر ليس في دماغه، حتى اضطر أن يقول له: "قل لا إله إلا الله" أنت تخلص، أنت مروح.. قل"لا إله إلا الله"..
ولا فائدة..
يقول: "الحقائب.. الحقائب.. هم خمس حقائب.. انتبه هم خمس حقائب"..
خمس حقائب، ومات على خمس حقائب..
ماذا أخذ بهم؟
وماذا عمل بهم؟
سبحانك يا رب..
نسأل الله عز وجل أن يكون آخر كلامنا"لا إله إلا الله".
اللهم أحيينا على"لا إله إلا الله" وأمتنا على"لا إله إلا الله"..
فأنت لو حضرت أحدهم وهو يحتضر، فحاول أن تقول: "لا إله إلا الله" واجعله يستقبل القبلة..
فاستقبال القبلة من السنة عند الاحتضار..
هذا لو حضرت، يستقبل القبلة، كمن؟
هل تذكر"البراء بن معرور" وهذا من السابقين، من الستة الأولين جدا، في بيعة العقبة الأولى، وابنه بشر بن البراء بن معرور، وهو الذي مات مسموما بجوار النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر، في شهر محرم سنة 7ـ هـ
هذا أبوه البراء بن معرور..
كان قبل النبي صلى الله عليه وسلم ما يجيء إلى المدينة قد توفي، وكان أوصى بثلث ماله لسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وأوصى بأنه ساعة الاحتضار ينظر إلى القبلة، وقد كان ودفن..
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقالوا له أن البراء بن معرور أوصى لك بثلث ماله، وأمر أن يستقبل القبلة، عند الاحتضار قال: "أصاب الفطرة، رددت ثلث ماله على ولده".
فرد النبي صلى الله عليه وسلم ثلث ماله الذي أوصى به للنبي صلى الله عليه وسلم على ولده" لكنه أصاب ماذا؟ الفطرة..
طيب أنت بجور محتضر، وقلت له: لا إله إلا الله، ووجهته تجاه القبلة، فلو قدرت تقرأ قرآن يكون خير، حاول أن تقرأ قرآن بجواره ولا حرج: "اقرأوا يس على موتاكم" وفي حديث ضعيف، وقيل عند الاحتضار..
نعمل به في فضائل الأعمال، فماذا سنعمل بجوار الميت، سنمصص.. أو سنجلس لنتحدث أي كلام..
لماذا؟
نقرأ قرآن وهو يسمع له..
طيب مات..
* وشعرت أن روحه طلعت، فروحه طلعت..
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الروح إذا خرجت تبعها البصر".
ولذلك ألا تلاحظ أن الميت يبحلق بعينه ينظر لأعلى، لأنه ينظر على روحه التي هي آخر ما خرج من جسمه..
لأنها تطلع من الرجلين، ثم تصل الحلقوم ثم تطلع فينظر لها بعينه..
تسبل عينه، يعني تغمضها، وهذه آخر تغميضة لن يفتحها إلا في الآخرة، سبحانك يا رب..
وبعد ذلك تلثمه، فتحضر رباط وتربط به تحت الفك، لأنك لو تركت فكه مفتوحا سيظل مفتوحا، ولكن تربطه وهو لا زال طريا وسخن، تغلقه، فتقفله من تحت، وخلاص..
وليتك تطري جسمه، وأنت جالس، فتدلك يده وأصابعه، لماذا؟
لتساعد المغسل بعذ ذلك، لأن الجسم يخشب، ولو أنه خشب على وضعه، فسيكون من الصعب جدا جدا، أن تزيح شيئا فيه لتضع ماء هنا أو تشطف أو تليف، فيفضل أن يلين جسمه..
* فهل يجوز تقبيل الميت؟
نعم يجوز، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم، عثمان بن مظعون، وكما قبل أبو بكر الصديق النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاته، وقد مات النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في نفس يوم مولده، اثنى عشر من ربيع الأول عام 11 هـ، وغسلوه يوم الثلاثاء، في قميصه لم يخلعوه، ودفن ليلة الأربعاء صلوات الله وسلامه عليه..
طيب..
* أهم حاجة الآن في دماغك أن تسارع بالتجهيز، أن تجهزه فطبعا لو مات ليلا فيبات، وتصحو تجهزه براحتك، لكن لو مات الصبح، ليس هناك شيء اسمه، يبيت لأن ابن عمه يريد أن يراه، وسنبعث لفلان ليأتي من البلد، كل هذا تهريج.. لا..
لابد أن تعجل ف" لا ينبغي لجيفة مسلم أن يحبس بين ظهراني أهله".
لا تحبس هذه الجيفة،"إكرام الميت التعجيل بدفنه".
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم-رواه الإمام أحمد والترمذي- يقول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: "يا علي، ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفأ..".
فهكذا بدأنا نحضر لسلوك المسلم الملتزم عند الموت، وليس أنت وإنما إذا حضرت ميتا..
* تسأل عن دينه: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه".
وكان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، قبل أن يصلي على الميت يسأل أولا، هل سدد دينه أم لا؟.
* ثم تبدأ تبلغ الأقارب وتدعو الناس لحضور الجنازة..
سؤال: أليس هناك نهي عن النعي؟
المقصود هنا ماذا؟ لقد نعى النبي صلى الله عليه وسلم النجاشي، وجعفر وزيد..
لكن المقصود: هو ما كان في الجاهلية، كانوا يركبون دابة ويلطمون الخدود ويصرخون، ويبهدلوا الدنيا..
وهذا هو النعي الجاهلي المنهي عنه..
سؤال: هل أبكي على الميت؟
طبعا تبكي، أليس بقلبك رحمة يا رجل؟ ابك ولا يهمك، والنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم يقول: "إن الله تعالى لا يؤاخذ بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يؤاخذ بما يقول هذا، أو يرحم".
ومسك لسانه، أي أنك ستحاسب على ما يخرج من لسانك.. أما أن تبكي.. فقد بكى النبي صلى الله عليه وسلم لموت سيدنا إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام الذي أنجبه من ماريا القبطية، وللعلم فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينجب من أحد إلا من السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، هي التي أنجبت له كل أولاده، ما عدا إبراهيم أنجبته له ماريا القبطية، ومات وهو صغير، ولم يعش أحد من عيال النبي صلى الله عليه وسلم إلا سيدتنا فاطمة زوجة سيدنا علي الذي أنجب منها الحسن والحسين وماتت بعد سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، بحوالي ستة أشهر تقريبا..
طيب..
فممكن نبكي على الميت..
لكن النياحة عليه لا..
* وهنا سلوكك يظهر كمسلم ملتزم، لله.. قف.. قف للنساء، وقل لهن: "من كانت تعز ميتنا فلا تصرخ".. وإلا..
-واحد يقول: وهل نحن فاضيين؟
- لا، فضي نفسك.. وإلا احضر واحد فرغه لهذا الأمر... لأن النساء يفسدوا الأمور في مثل هذه الأشياء، وليته من قلوبهن أو شيء.. أبدا..
لأن الكلام طبعا ليس منضبطا وحتى لو كان من قلوبهن.. لأنهن يجاملن بعضهن البعض، وهذه صرخت أربعة أصوات عندما مات ولد هذه، فتذهب الأخرى بدورها لترد لها الجميل فتصرخ لها..
وهذه فعلت لهذه كذا، فترده لها..
كل هذه الأشياء خطأ، وأنت تحاسب عليها كرجل، ولذلك أقول لك: انتبه.. لماذا؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة".
فمن تذهب لتنيح على ميت، إنما تريد له الشر، فليتها لا تذهب، لا أحد يريدها..
هكذا مباشرة، وتقف لهن..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في البخاري ومسلم: "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه".
والحديث مستدرك، وذلك إذا كان الميت قال هذا قبل أن يموت، أو كان موافقا على ذلك، ولذلك أقول لك من كان يعز الميت فلا يصرخ عليه ولا ينوح عليه، ولا يحضروا واحدة تعدد-المعددة- ولا شق الجيوب ولا لطم..
فقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة والشاقة..
والصالقة: هي التي تنوح على الميت
والحالقة: التي تحلق رأسها من الحزن..
والشاقة:التي تشق ملابسها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية".
فإذا قال أحدهم: أنت بهذا تتلكم عن النساء؟
لا.. فهناك رجال يفعلون هذا.. رجال والعياذ بالله يشقون ملابسهم.. ويقعدون يلطمون على وجوههم كالنساء، فينطبق عليهم أيضا الحديث..
والنبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم يقول: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب".
والعياذ بالله..
وسيدتنا أم عطية في صحيح مسلم تقول: "أخذ النبي صلى الله عليه وسلم علينا عند البيعة ألا ننوح".
ففي الجنازة-كأخ- الله يكرمك، إما أن توصي أحدهم ليجعل أخت تقف في استقبال النساء القادمين، وإياك أن تصرخ إحداهن: "عزي بهدوء يا أختي، واجلسي بهدوء.." وافتح لهن القرآن الكريم يسمعونه، أو أخت تجلس توعظهم قليلا، وليتك تكتب لأخت.. أختك أو والدتك أو زوجتك أو أي أحد من النساء تكون، قد كتبت لها حديث الدعوات، وتقوم الأخت تقوله، وهم يرددونه خلفها، وما المانع؟ طالما أنهن جالسات بمفردهن..
"اللهم اغفر له وارحمه.. آمين.
وعافه واعف عنه..آمين" تعرف كلامها مع كلمة آمين التي سيقولونها، سيلهون فيها ويسكتون، فلن تجد إحداهن سخنتهم في منطقة، ولا واحدة تصرخ ولا كذا ولا كذا..
* ثم سريعا، ترسل لتحضر الكفن، وحتى يأتي الكفن، تكون أنت قد غسلت، فكيف سلوك المسلم الملتزم في الغسل؟
* ما هو الغسل أولا:
الميت أولا يكون قد خلعت عنه ملابسه..
يا سبحانك يا رب، آمنت بالله.. انظر..
ملابسنا في الدنيا، التي نجلس لنعدها، ولدي كم بدلة وكم قميص؟ لا شيء..
لا تلبس هذا في تربتك، لا تنزل به في تربتك لا..
لابد أن تخلع ملابسك وتلبس الكفن، ونحن كرجال لنا ثلاثة أثواب بيض، والمرأة لها خمسة أو سبعة أثواب بيض، طيب..
ما الغسل؟ كيف يعني؟
وليتنا نتعلم الغسل يا إخواني، لأننا نذهب لنحضر أناسا الله أعلم بحالهم كيف يغسلون، ويأخذوا مبالغ مالية كبيرة..
كالمثل الذي يقول: "موت وخراب بيوت".
ولكن نحن السبب..
لماذا لا نتعلم هذا؟
صحيح الموقف يكون صعب..
أول مرة ادخل وشاهد فقط..
ثاني مرة ساعد.. اذهب واحضر ماء، وجفف، وضع يدك على الميت.. ستجد نفسك أكثر جرأة..
وبعد ذلك ممكن أن تساعد في الغسل، ثم بعد ذلك ممكن أنت الذي تغسل..
ماذا ستفعل؟
** الموضوع بسيط جدا جدا..
أولا قبل أن تغسل الميت تنحنحه..
ما يعني تنحنحه؟
يعني تضع يدك على بطنه وهو نائم طبعا، وتجلسه على وسطه الأعلى، لماذا؟
هذه عملية ضغط، اسمها عصر البطن، حتى إذا كان هناك نجاسة أو شيء من بول أو براز ينزل، وذلك قبل أن تغسل تماما..
طيب من الذي يغسل؟
يجب أن يكون مأمونا..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: "ليغسل موتاكم المأمونون".
من لديهم أمانة..
فهذا الأمر يحتاج لأمانة، لأن أهل الميت لا يعرفون ماذا يفعل المغسل..
لذلك أحيانا أهل الميت يتركون المغسل مع الميت بمفرده، ويقول: لا أستطيع أن أدخل..
وهل تتركه يفسد بالداخل؟ لا..
لذلك يجب أن يكون أمينا..
تعصر بطنه، وتوضأه وضوء الصلاة..
سؤال: افرض أن أهل الميت دخلوا وسألوا:
- أين المغسل؟
- أنا..
- انتبه لأنه مات جنب..
جامع زوجته مثلا أو شيء من هذا القبيل..
* هنا من الجائز أن يقوم غسل الميت مقام غسل الجنابة، يعني الغسلين في غسل واحد جائز..
تريد أن تغسله مرتين، لابأس، لكن الأول جائز: أن يقوم بغسل واحد مكان اثنين..
ثم توضأه وضوء الصلاة، ومعك ليفة، لأنهم يحضرون لك الكفن معه ليفة وصابونة تصبن وتليف جسمه، كما لو كان يستحم تماما، لكن طبعا تبدأ بالجانب اليمين..
طبعا الميت يكون نائما على ظهره، فمن يساعدك هنا يأخذ بيد الميت ويزيحها هكذا.. لماذا؟ حتى ينكشف ظهره من ناحيتك الناحية اليمين.
ثم يذهب إلى الناحية الأخرى، ويكشف ظهره الشمال حتى تليف أنت تحت الظهر..
والمرأة طبعا:
نفس الطريقة، ولكن يغسلها امرأة..
والرجل يغسله رجل..
هل ممكن للرجل أن يغسل زوجته؟
نعم، جائز
طيب، وهل ممكن الزوجة تغسل زوجها؟
لو تقدر فما شاء الله عليها..
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لسيدتنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها: "لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك".
لكن طبعا هو الذي مات قبلها صلى الله عليه وسلم..
فجائز..
وممكن المرأة أن تغسل صبيا صغيرا..
وانتبه لو كنت تغسل رجل لابد أن تحضر فوطة، وتضعها من أول الصرة وحتى الركبة، وهذه الفوطة موضوعة من أول صرة الميت وحتى ركبته.. لتغطي بها العورة، وليتك تأخذ بالك، كل قليل تجذبها لأعلى..
لماذا؟
لأنه مع الماء ممكن تلصق بجسمه فتجسد عورته، إنما إذا سحبتها لأعلها تدخل هواء، فتكون عورته غير مجسمة..
طيب كيف تغسل عورته وتحت عورته؟
تلف على يدك قماش، وتدخلها تحت الفوطة وتليف وتدلك جيدا، ثم تصب الماء، فتغسل مكان العورة..
طيب..
غسلت وتوي سوف أكفن، فنزل منه نجاسة..
لديك أحد الخيارين:
أول شيء أن تزيل النجاسة..
ثم..
إما أن:
- توضأه وحسب..
- أو تغسله مرة أخرى..
أنت مخير..
يعني ممكن توضأه وحسب، فيكون خيرا..
طيب ماذا لو لم يكن هناك ماء؟
نيممه..
فالتيمم يقوم مقام الغسل، فنخبط خبطة ونمسح على وجهه، وخبطة أخرى ونمسح على يده..
طيب افرض واحدة مع رجال، طيارة وقعت في الصحراء، وكل الموجودين ماتوا، ولم يتبق إلا واحدة كانت تحتضر، ثم ماتت..
ومعها رجال..
سبحان الله..
انظر إلى الإسلام كيف يحافظ على المرأة وهي حية وهي ميتة أيضا..
يقول لك: لا يكشفها رجل..
والحل ماذا؟
هل أحد محارمها موجود.؟
لو كان أحد محارمها موجود يممها..
لو لم يكن أحد محارمها موجودا؟
يحضر ماء ويصبه من فوق ملابسها، ولكن لا أحد يضع يده عليها..
انظر كيف..
وهكذا..
فهذا غسلها..
لا إله إلا الله..
فأنت بهذا غسلت..
فتجفف..
وخلاص..
* تبدأ تضع الكفن..
تحضر الثلاثة أثواب بيض..
ويفضل أن يكون اللون أبيض.. وانتبه عندما تذهب لشراء الكفن، فلا تحضر معه الشهية.
ما الشهية؟
لا لزوم لها خسارة..
يا أخي سيدنا أبو بكر الصديق-لا إله إلا الله- ماذا يقول: "اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيهم".
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "يا أبي.. هذا خلق". يعني قديم.
قميصك قديم، ونريد أن نحضر لك شيئا جديدا، فتدري ماذا قال لها؟
قال رضي الله عنه: "الحي أولى بالجديد من الميت".
الحي أولى..
هناك أناس لا يجدون ما يلبسونه..
وأنا ميت ونازل تربتي..
وهناك ناس والعياذ بالله من حبهم في الميت يحضرون له حرير..
إياك.. احذر.. محرم لبسه..
محرم لبسه وهو هي، ومحرم أيضا أن يكفن فيه..
عادي يكون الكفن..
تلفه في الكفن:
من هذه الناحية، ومن هذه الناحية، والثاني فوقه، والثالث فوقه..
ثم تربط رباط، وهذا الرباط يقطع عندما ينزل تربته تحت، عندما يستقبله الدافن، ويريح الجثة، يقطع الرباط حتى يريح كفنه..
طيب بسرعة أيضا..
غسلنا وكفنا..
انتبه..
لا تلف بشدة ناحية الوجه، لأنه ستضطر تكشف خده اليمين عند نزوله تربته، لأن من السنة أن ينكشف الخد اليمين، ويوضع الخد على التراب، يعني ليتك تحضر طوبة أو شيء تضعها تحت خده، لأنك ستنيمه على جنبه وهو يدفن تحت، وطبعا لا أحد ينزل مننا ولا يرى، فمنا من تكون أعصابه متعبة، ومن يقول: لا تدخلني في هذه المسائل..
نريد أن نتعلم حتى تكون الجنازة من أول ما يموت المسلم على الإسلام، وحتى يوضع في تربته على الإسلام..
* طيب، غسلنا وكفنا، نبدأ في الصلاة على الميت..
الصلاة على الميت..
- نتأكد أولا من سداد دينه، ونقول: إذا كان عليه شيء أخرجوه وسددوه حتى نبدأ بالصلاة عليه..
والصلاة عادية جدا..
عبارة عن أربع تكبيرات، في التكبيرة الأولى، تقرأ الفاتحة، وفي التكبيرة الثانية، نصف التحيات الأخير، والتكبيرة الثالثة، تدعو للميت، والتكبرة الرابعة: تدعو لنفسك والمسلمين..
هل يجوز أرفع يدي في كل تكبيرة؟
جائز، لكن جمهور العلماء، لا يجيزونها..
التكبيرة الأولى فقط التي أرفع يدي فيها، والثلاث تكبيرات الأخرى أقولهم وأنا واقف دون رفع يدي..
وتصلي في حذائك، بعد دعكه في الأرض، حتى إذا ما كان به نجاسة يطهر..
هل للنساء صلاة جنازة؟
نعم، لهن صلاة جنازة..
ويستحب في صلاة الجنازة تكثير الصفوف..
طيب افرض أن من سيصلون خلفك أربعة فقط، أكثر الصفوف أيضا، اثنين ومن خلفهم اثنين..
كما لو كانوا صفين..
والنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود يقول: "إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء".
فتدعو له بإخلاص لأنك أنت الكسبان..
لأن الملك سيقول لك: "ولك بمثل".
افرض أحدهم مات ابنه، ولم يبلغ بعد كان لازال صغيرا، ونحن نقول أنه في التكبيرة الثالثة تدعو للميت، وهذا لا زال طفلا لم يرتكب إثما.. لازال طاهرا بلا سيئة، لأنه مرفوع عنه القلم حتى يعقل..
لما يبلغ ويكبر، وهو مات قبل أن يكبر.
فالدعاء يكون لأبيه وأمه، فنقول: اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا لهما وشفيعا لهما، اللهم ثقل به موازينهما،.. وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خير من أهله وزوجا خير من زوجه، لأنه ممكن يجمع أكثر من واحدة في الحور العين في الجنة..
لكن لو واحدة ميتة، فقل: "اللهم أبدلها دارا خيرا من دارها وأهلا خيرا من أهلها" وفقط، ولا تقل وزوجا خير من زوجها، لأن ممكن تلحق به في الجنة..
وهكذا..
أين نقف في صلاة الجنازة من الميت؟
- لو رجل: نقف عند دماغه.. تكون دماغه عند القبلة، ويصلى عندها..
- لو امرأة: يقف في نصفها..
طيب لو كان هناك عدد من الرجال وعدد من النساء: نصف النعوش خلف بعضها البعض، الجال من وراء بعض، وفي نصف الرجال تضع النساء من الخلف بحيث أنه عندما أقف عند دماغ الرجل، أكون عند منتصف المرأة في نفس الوقت..
يعني:
إما أن أصلي على الرجال أولا، ثم ترفع نعوشهم، وتأتي بنعوش النساء لتصلي عليهن بعد الرجال..
وإما أن تصلي عليهم جميعا مرة واحدة، فتضع الرجال وتوضع النساء بعدهم من المنتصف، حتى يكون الإمام عند دماغ الرجال ومنتصف النساء..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه".
طيب افرض أنا أدركت صلاة الجنازة وفاتني تكبيرتين، ماذا أفعل؟
استمر مع الإمام بشكل طبيعي، ثم إما أن:
- أسلم مع الإمام.. وبهذا أكون قد أدركت الصلاة.
- وإما أن أعيد التكبيرتين، بمعنى أن أكمل التكبيرات الأربعة، كما لو كنت مسبوقا في الصلاة..
لكن افرض أنهم سيقومون فورا بالجنازة ويمشون، فأكتفي بما حضرته مع الإمام وأسلم مع الإمام..

* طيب من الذي نصلي عليه؟
- لو نزل الطفل يصرخ، يصلى عليه وقد استهل طريقه.. لكن لو طفل لديه شهر أوشهرين، يلف في قطعة قماش، ويوضع في التراب مباشرة..
ويلاحظ أن هناك أمور لم ترد هنا، لكوننا نتحدث عن سلوك المسلم في الجنازة، وليس كل النواحي الفقهية المتعلقة بالجنازة..
فإذا غسلنا وكفنا وصلينا على الميت..
ثم..
* نحمل النعش ونمشي به..
إذا حملنا النعش فمن الأفضل أن يكشف النعش، وليس أن نضعه بداخل الصندوق ونغطيه، فأين العظة هنا؟
أين الاعتبار؟ هل نعرف ما بالداخل؟ أما إذا كان الميت ملفوف في الكفن، وموضوع في صندوق مكشوف، فهنا العظة، كل الناس تنظر، وتقول: نعم، سيأتي علي اليوم الذي أكون مثله..
ثم ونحن ماشيين بالنعش..
وسيدنا النبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الذي رواه أحمد بن حنبل: "عودوا المريض، وامشوا مع الجنازة تذكركم الآخرة".
كيف نمشي؟
كان سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر، يمشون أمام الجنازة.
كان سيدنا علي ابن أبي طالب، ومثله الأحناف يمشون خلف الجنازة..
وهذه لا تعمل لك مشكلة، أمام الجنازة أو خلفها جائز..
تريد أن تطبق السنة، لف حول النعش.
ماذا تعني؟
مرة تحمل النعش من اليمين الأمامي، ثم ترجع تحمله من الشمال الأمامين ثم تحمل من اليمين الخلفي، ثم الشمال الخلفي..
وهكذا، تأخذ عملية دوران حول النعش، وأنت ماشي..
فجمهور العلماء كما قلنا أن يمشي أمامها..
لكن لا نريد مشاكل، وجدنا الناس يمشون خلفها نمشي معهم عادي..
من سلوك المسلم الملتزم في الجنازة:
- ألا نظل نتحدث في أمور الدنيا، وما يغيظك أن تجد الناس في وسط الجنازة، يتكلمون عن الأسعار وخلافه..والجرائد ذكرت اليوم خبر..
أي خبر يا رجل.. هذا الرجل الميت خبره يمشي أمامك وأنت تمشي خلفه، فهل لا زالت ستقول خبر، وغيره..
يستحب في الجنازة الصمت..
وهناك ثلاثة أشياء يستحب فيهم الصمت، وألا ترفع صوتك وهي: الجنازة، وعند ذكر الله عز وجل، وفي القتال في سبيل الله عز وجل..
فلا تعلي صوتك، بل تمشي في هدوء متدبر الموقف الذي أنت فيه..
هناك أناس يحبون عمل بعض الحركات خطأ..
واحد يمشي بجوار الجنازة ويقول: "وحدووووه". والناس ترد: "لا إله إلا الله".
خطأ.. خطأ.. هذا رفع صوت..
رفع صوت..
مرة كان سيدنا ابن عمر يمشي في جنازة فواحد قال: "استغفروا له غفر الله له". فرد عليه سيدنا ابن عمر قال: "لا غفر الله لك".
"أسأل الله أن لا يغفر لك".
لماذا تعلي صوتك؟ أنت صاحب بدعة؟
لا تعلي صوتك وأنت تسير ف يالجنازة..
ونحن نسير في الجنازة لا نقول"وحدوه"، ولا"لا إله إلا الله". لأن فيه ناس تحب طوال سيرها تقول: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" تنشدها..
ما هذا؟!
هذا فرح أم ماذا؟
هذا ميت يا رجل..
ميت وجنازة.. لا تعلي صوتك، ولا تقول: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". صلى الله عليه وسلم.
تمشي صامت تماما..
وقلنا يستحب عند الجنازة خفض الصوت والسكون والهدوء..
الهدوء في الجنازة..

* طبعا كذلك، عند الجنازة في سلوك المسلم الملتزم، ليس هناك شيء اسمه أن يوضع نار أمامه..
هناك أناس توقد شعلة..
نعم، لو أنهم كانوا سيدفنونه ليلا، فلا بأس من الشعلة، ومع ذلك فقد بطلت الشعل الآن، وهناك بطاريات وكلوبات وغيره..
لكن يعني حتى لو لم يجدوا وأوقدوا بشعلة جائز..
لكن في عز النهار ونمسك شعلات نار بأيدينا..لا..
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وسيدنا عمرو بن العاص في الحديث الذي في صحيح مسلم- يقول: "فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار".
ولا نار..
لا نار تمشي خلفي أو أمامي.
وطبعا ليس هناك شيء اسمه جنازة عسكرية..
هل هناك شيء اسمه جنازة عسكين ومدنية، فهل حت الموت فيه مدني وعسكري؟!
لا إله إلا الله..
يا أخي..
هذا موت.. الرجل مات..
يقول لك: لا هو كان رجل ميري. أنت ملكي..
لكن هو ميري..
فالمييري لابد له من جنازة عكسرية، فيحضرون له عساكر تجلس تخبط كعب رجلها في بعضها وهم مشاشون..
لا والخيبة أحيانا يأتي بمعازف، ويقول موسيقى حزينة..
وهذه خيبة، وكأنه هناك موسيقى حزينة وأخرى...
المهم..
يظلوا يحضرون الموسيقى..
والعساكر بالأمام والعساكر بالأمام فتنظر فإذا برهبة الجنازة قد ذهبت..
من ينظر يجد الأخضر والأحمر والأصفر والموسيقى.. وهذا الكلام، فخلاص.. رهبة الجنازة ذهبت..
والرجل أحيانا يكون لازال يدفن
هل هذا اتعاظ بالموت؟ هل هذا اتعاظ بالموت؟..
ويكون الرجل لا زال يدفن، وبدلا من أن ينشغل الناس، ويريدون أن يعرفوا ما سيفعلونه في الدفن، فتجدهم عند الدفن واحد وعشرين طلقة، ماذا. لماذا واحد وعشرين؟.. وأين ولماذا؟
يشغلون الناس، بدلا من أن يدعو إلى الميت، كل قليل ضرب طلقات..
بعد الواحد وعشرين طلقة ما ينتهوا، ينصرف الناس، وكأن..
والميت لم يستفد بشيء أبدا، لم يستفد بشيء..
ولذلك لا تطلع نار أمام الجنازة..
طيب افرض أنك رأيت جنازة، يعني أنت لست فيها ولا تشيعها، وإنما رأيتها، تقوم تقف..
طيب افرض أنها جنازة واحد مسيحي.. تقف أيضا..
طيب واحد يهودي؟.. تقوم أيضا..
لماذا؟
لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما في البخاري ومسلم، مرت أمامه جنازة فقام عليه الصلاة والسلام، فقيل له: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي. فقال: أوليست نفسا؟..
ثم لماذا تقومون؟
إعظاما للذي يقبض الأرواح..
فأنت تقوم إعظاما لله عز وجل، لأن نفس الميت فيها روح، ولو كان كافرا، لكن الذي خلقه هو الله عز وجل..
فأقوم إعظاما لله عز وجل..
ولو كنت تركب سيارة فليتك تنزل من السيارة..
يعني لو أنك رأيت جنازة، فاركن مباشرة، ولن تركن ولا شيء.. بل وأنت واقف، لأن الشارع يكون واقف فتفتح باب السيارة وتنزل تقف بجوار سيارتك لحين أن يمر النعش، فتركب وتتوكل على الله..
هنا في عادة أن ينيروا أنوار السيارات في عز النهار..
وهذا من باب العرف، فمتعارف على أنه إذا مرت جنازة، فأنا أنير النور.. ربما مشاركة لك، أو وكأنك تدعو الله عز وجل أن يجعل طريقه نور، فهذه مشاركة لا شيء فيها..
لكن طبعا سلوك المسلم الملتزم في الجنازة..
كما وقفت للنساء في عدم الصريخ واللطم وهذه الأشياء، سترك الله وأكرمك تقف لهن حتى لا يخرجن خلف الجنازة..
ولا امرأة تخرج في جنازة..لا..
سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم سأل نساء كن خارجات خلف جنازة، هل غسلتم؟
قلن: لا
- قال عليه الصلاة والسلام: كفنتم؟
- قلن: لا
- قال عليه الصلاة والسلام: هل ستدفنوه؟
- قلن: لا
- قال: ففيم خروجكن؟"ارجعن مأزورات غير مأجورات".
مأزورات: تحملن الوزر..
فالمرأة لا تخرج خلف الجنازة، المرأة لا تخرج..
صحيح هناك رأي لبعض العلماء بخروجها فهل يجب أن نقوله؟
لا، لا تقله اسكت..
لأنهن سيخرجن، غير مباليات بزيهن الشرعي، والحزن يأخذ المرأة، وقد تظهر شيء من عورتها وهي غير منتبهة ثم تذهب هناك فلا تملك نفسها، وتلطم وتصرخ، وتعمل لنا مشاكل..
لا..
أكرمك الله، قل لها بهدوء..
مات في هدوء، وغسل في هدوء، وكفن في هدوء، وسينزل في هدوء، فلا نريد أحد من النساء..
بعد ذلك سنعرف أين القبر وسنقول لكن عليه، ونقول لكن: حكم زيارة النساء للمقابر، فهذا موضوع ثاني..
لكن الآن لا..
الآن لا.. لا امرأة تتبع الجنازة..
* طيب الآن أخذنا الجنازة وذهبنا لندفن..
سندخل المقابر..
سلوك المسلم الملتزم عند دخول المقابر..
أولا: تلقي السلام: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أتاكم ما توعدون، ونحن غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".
يعني خلاص حصل الموت، ونحن غدا مؤجلون، والله أعلم كم تبقى لنا؟ كم يوم؟ أو كم شهر؟ أو كم سنة بالكثير..
نسأل الله لنا ولكم العافية، من ماذا؟ من عذاب القبر..
ثم ندخل"السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية".
طيب هل أخلع حذائي، عند دخولي للمقابر، والترب؟
لا..
لماذا؟
لماذا لا؟
وبعض الأخوة عند المقابر يخلع حذائه ويمشي على طوب وزلط وشوك وزجاج ويؤذي نفسه، ويجرح..
لماذا؟
لماذا؟
يقول لك: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن دخول المقابر بالنعال السبتية.
- صح، والحديث صحيح، لكن ما هي النعال السبتية؟
ما هي النعال السبيتة؟
النعال السبتية هي المصبوغة بالقرظ..
يعني بالبلدي حتى لا تتعب نفسك، المدبوغة بالدباغة..
النعال المدبوغة، كانت بالماضي لباس شرف، فكان من يلبس نعال مدبوغة، يقول لك: ما شاء الله ربنا يزيده، إنه يلبس نعال مدبوغ.
اليوم: كل النعال مدبوغة، حتى أحذية"باتا"، مدبوغة، يدبغونها أيضا..
فليس هنا كبر..
فهل هنا كبر؟ أو لباس شرف؟
لأنه يكره أن تدخل المقابر بلباس الشرف، فلا تلبس ملابس مترفة وتدخل بها المقابر، حتى تتعظ..
طيب اليوم هذه النعال، لم تعد نعال شرف، وكانت أيامهم نعال شرف، لكن أيامنا ليست نعال طرف، فأنا ألبسها..
فليس هناك جمود على النص..
طيب كيف تدفن؟
تريد أن تدفن ليلا، جائز..
ولكن لا تفوت عليه مصلحة..
يعني لو أمكنك أن تنتظر للصباح، لو أمكن..فلا يكون قد مات منذ الصباح وأنت تحجزه، لا..
بحيث أنه بالصباح يكثر عدد المصلين عليه، فهذا جائز..
طيب تدخل المقابر، وأنت داخل..
سلوك المسلم الملتزم وأنت داخل المقابر: إياك، واحذر أن تدوس على قبر..
لأن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن ذلك..
نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: "أن يجلس أحدكم على جمرة من نار، فتخلص إلى جلده فتحرقه، خيرا له من أن يجلس على قبر"..
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يجلس مستندا بيده على قبر فقال له صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذي صاحب هذا القبر".
لا تؤذيه، ولا تضع يدك على قبره، ابعد وارفع يدك..
افرض لن يمكنني الدخول إلا بالدوس على القبر، فهذا وضع ضرورة، ووضع اضطرار فأدوس عادي ولا شيء به..
فالدفن هناك طريقتين: وممكن تدفن هكذا أو هكذا..
الشق: تأتي على وجه الأرض وتحفر لأسفل وتضع الميت ثم تبني عليه..
اللحد: سنة،"فاللحد لنا والشق لغيرنا".
تحفر وأنت نازل من الأرض أقل شيء نصف القامة، يعني لا يقل عن متر، لو أردت التعمق فخيرا، فمتر تحت الأرض تقريبا، ثم تمشي بالعرض، وتضع الميت.. فهذا اسمه اللحد..
طيب كيف نستقبل الميت برجله أم برأسه؟
كلاهما جائز..
حسبما تيسر، فيستقبل الدافن الميت، بمجرد رفعه من النعش، يستقبل الميت أحدهم يساعد الدافن، فيدخل به برأسه أو برجله..
انتبه هنا..
يستقبل الميت القبلة، طبعا نحن لا ندري بأي شيء، ولا أحد يعرف شيء عن هذه الموضوعات، ولا نشرع بشيء..
لا..
الميت لابد أن يستقبل القبلة، ويعطي وجهه تجاه القبلة..
يسألني أحدهم: لماذا ألا ينام على ظهره؟
لا..
لا تجعله يدفن على ظهره، بل على جنبه..
فبمجرد نزول الميت إلى القبر يرفع الكفن من على وجهه وتكشفه، ولو امرأة لا تكشف منها شيء..
اكشف خد الميت وضعه على التراب..
- يسأل أحدهم أنه بهكذا سيقع، لن يستطيع أن يصلب نفسه، لأنه ميت..
-لذلك تحضر طوبة من الخلف عند ظهره، وطوبة من الأمام عند بطنه، بحيث أن تسنده، ويكون على جنبه، وتضع شيء تحت خده، وتحضر ثلاث حثوات تراب بيدك وترميها عليه وتقول: "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى".
وتضعه تحت، ويبدأ دفنه بالتراب وقال هذا سيدنا عمرو بن العاص قال: "فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا" يعني ارموا علي تراب كثير.
ثم ماذا؟
هل نقف كمن يقول: "العزاء يا معزيين والليلة قرآن كريم.. هيا يا إخواننا قفوا وخذوا العزاء، وشكر الله سعيكم وجزاكم الله خيرا.."؟!
انتظر..
انتظر..
* سلوك المسلم الملتزم عند الدفن؟
كيف؟ الميت..
من كان يحب الميت فليقف..
يقف..
أنا لا أدري يا أخي يذهبون لدفن الميت وستين عفريت في أقدامهم يريدون الذهاب..
فلتقف..
ماذا وراءك يا أخي؟!
قف..
من كان يحب الميت فليقف..
واحد يقول لك: وما نفعل بالوقوف؟
- ادع للميت..
حديث رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه "كان إذا فرغ من دفن الميت يقول: ادعوا لأخيكم واسألوا الله له التثبيت فإنه الآن يسأل".
الميت يسأل في تربته: من ربك؟ من الرجل الذي بعث فيكم؟ وما دينك؟
فيحتاج لمن يؤانسه فوق الأرض..
انتبه أن الميت يشعر بنا ولا يستطيع إجابتنا.. خلاص انقطعت علاقته بالدنيا..
لكنه يشعر بنا، ويشعر بالمعزيين فوق..
لذلك سيدنا عمر بن العاص قال: "فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جذور ويقسم لحمها، حتى استأنس بكم وانظر ماذا أراجع به رسل ربي عز وجل".
يعني الوقت الذي تأخذونه في ذبح جمل وتقسيم لحمه، قفوه على قبري..
يقول: أريد أن استأنس بكم وأرى ما أفعل مع رسل ربي: ناكر ونكير.. الذين يأتون ليقولون: من ربك، ومن الرجل الذي بعث فيكم، وما دينك؟.
ولذلك الإمام الشافعي وجماعة من العلماء استحبوا بعد موت الرجل ودفنه أن يوقف على قبره، وتقول له: يا فلان يا ابن فلانة..
اذا كنت تستطيع معرفة اسم أمه، وإلا فناده باسم أمنا الكبيرة فقل له: " يا فلان يا ابن حواء، إذا جاءك الملكان يسألانك من ربك؟ فقل: ربي الله..
وعندما يسألونك من رسولك؟ قل: رسولي محمد صلى الله عليه وسلم.
وما دينك؟ قل: ديني الإسلام"..
وهذا من التثبيت أيضا..
كأنك تلقنه، أو تذكره..
والآية هنا في سورة إبراهيم: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء".
بعد الدفن والوقوف حول القبر..
يا ليت لو كان فيه أخ يحفظ أدعية، ونسأل الله أن يكرمه ويدعو..
فيقول: يا إخواننا سأدعو وأنتم تقولون خلفي..
فإما أن يرددوا الدعاء حتى يحفظوه، وإما أن يقولوا: آمين..
وتكثر..
"اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله، وأبدله دارا خيرا من داره، وزوجا خيرا من زوجه-لو كان رجلا- وأهلا خير من أهله، اللهم نقه من خطاياه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسله من خطاياه بالماء والثلج والبرد، اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ولا تجعله حفرة من حفر النار، اللهم ثبته في قبره، اللهم نور له قبره، اللهم تجاوز عن سيئاته اللهم أدخله الجنة، اللهم ألحقه بنبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اللهم اللهم..".
ولذلك فيا ليت من يدعو أن يكون قريب الميت، وكذلك من يصلي عليه، يكون قريبه، ليخلص له الدعاء..
وليس هناك شيء اسمه يصطف أهل الميت لأخذ العزاء..
لا، لأنه ممكن يكون مدخل للشيطان..
الشيطان يقول لك: انظر من جاءك، ومن لم يجيء وسلم وانظر في الوجوه، وهذا فلان لم أره هناك، فإذا هو لم يذهب الجنازة..
بل، دع هذا، فمن جاء جاء لله عز وجل..
ومن لم يجيء لم يجيء..
لأن من جاء أخذ قيراط من الثواب، كجبل أحد..
ومن صلى على الجنازة وذهب حتى الدفن، يأخذ قيراطين..
ولذلك سيدنا ابن عمر، قال: "لقد فرطنا في قراريط كثيرة"..
فلا شيء اسمه نقف نأخذ العزاء، ماذا تفعل بالعزاء؟..
من يحب الميت ويحبنا لأننا أهل الميت مثلا، يقعد معنا على القبر، لكنك تنظر فإذا بالناس الكل يريد أن يسرع بالذهاب، فليتنا نتبع هذه السنة..
وطبعا ستجد من يقول لك: أنا لا أحفظ..
وماذا سنفعل بالوقوف؟
قل لهم: أنا سأدعو وأنتم رددوا خلفي..
وإما أن أدعو أنتم تقولوا: آمين..
وتدعو بإخلاص للميت..
طيب سنعزي..
افرض أنني لم أكن أعلم أن هناك ميت، وذاهب لأعزي..
أو لحقتكم عند المقابر، سأذهب لأعزي..
فماذا أقول في العزاء؟
أقول لأهل الميت:
لا أقول: "البقية في حياتك".
ما"البقية في حياتك يعني"؟
هل تضحك عليه؟
تعشمه؟
أصل ما معنى"البقية في حياتك"؟
ولذلك انظر كيف أن الخطأ يجر خطأ..
فتجد الرجل يقول: "البقية في حياتك" والثاني يرد عليه يقول: "حياتك الباقية"..
لا هو البقية في حياته.. ولا هو حياته الباقية..
كلاهما ذاهبان..
فماذا أقول؟.
"البقاء لله".."عظم الله أجرك" وهو يقول: "أحسن الله عزاءك"..
ليتك لو كان لديك وقت تقول له: "إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب".
كلمتين طيبتين يثبتوه..
* وطبعا من سلوك المسلم الملتزم لو مات لأحد أقربائك أو جيرانك أحد، فتعد أنت طعام لهم..
وذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعام فقد جاءهم ما يشغلهم".
لأن أهل الميت لا فراغ لديهم ليصنعوا الطعام..
واحد يقول: وهل أهل الميت لديهم فراغ ليأكلوا؟".
- عجيب.. ما الذي لآأدخل الأكل والشراب في الحزن؟
وأهل الميت لأنهم حزانى لا يدخلون دورة المياه؟..
لا يتنفسون؟..
ما الذي أدخل هذه في هذه؟
إنما أنت لما تصنع الطعام لديك، وتدعو إليه أهل الميت، وتحاول أن تضغط عليهم بالقوة ليأكلون..
لأنه طبعا من الحزن تكون نفسيتهم متبعة ولا شهية لهم للطعام..
وأعصابهم طبعا تكون متعبة وهكذا..
لكن ليتك تفعل هذا الأمر..
* من سلوك المسلم الملتزم في المقابر:
ليتنا نفعل هذا..
* ليتنا نفكر كلنا في هذا الأمر أن يكون لنا مقابر أو على الأٌقل جزء منها مقام على السنة..
فلا تكون المقابر مجصصة، أي مغلقة بالجص، وهو الجير..
لأن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم-في حديث مسلم: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه"..
فلا يبنى على القبر، ويكون مرتفع عن الأرض بمقدار شبر، فقط شبر ليبين أن هناك ميت..
أو مدفون هنا..
وسبحان الله..
منكم من ذهب إلى البقيع في السعودية..
ورأى الصحابة مدفونين هناك من أعز من الصحابة؟
لا أحد..
فقط يضعون أول شاهد..
ويجوز تسنيم القبر أو وضع حجر عليه..
ما معنى تسنيم؟
أن تضع شيء كالمثلث عليه، ليظهر أن هذا قبر..
أو تضع حجر..
أو طوبة كبيرة..
وتعليه بمقدار شبر، حتى لا يدوس أحد عليه..
ويعرف أن هنا قبر..
لكن أن يعلى القبر بالطريقة التي نفعلها؟
لا..
سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث عن أبي الهياج..، والحديث في صحيح مسلم، قال: "قال لي علي ابن أبي طالب، ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا تدع قبرا عاليا أو مشرفا- أي عاليا عن الأرض- إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها".
فندعو للميت على القبر، ونخلص له الدعاء..
وكم من الوقت نقف؟
لا يقل عن ربع الساعة، يعني تقريبا الجمل يذبح ويقسم لحمه في حوالي ثلث ساعة، تقريبا إليس كذلك..
فليتنا نقف ثلث ساعة على القبر، وليتنا نتبادل الدعاء..
لأن ساعتها يكون الفرد أعصابه متعبة ولا يتذكر أدعية كثيرة، فيدعو بما فتح الله عليه..
فيجيء آخر ويدعو أيضا، ونكرر الدعاء مرة واثنين وثلاثة..
فبهذه الطريقة..
أكرمنا الميت ودعونا له دعوات صالحة..
* يرجع أهل الميت إلى البيت..
أيضا بنفس الصبر..
فلا يأتي أحدهم ويقول: "تذكر رائحة منه، رائحته.. هذه ملابسه.. كان يجلس على هذا المقعد.. ترك لتوه هذه الملعقة..
لا داعي لهذا الكلام لأنه يتعب، ويقلب المواجع..
ولذلك سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول في تعليمنا الصبر، عندما وجد امرأة عند قبر تبكي على صبي لها، وهو في الحديث الصحيح، فقال لها: "اتق الله واصبري. فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي. ولم تعرف أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل لها إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتت بابه فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك. قال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى".
فإذا صبرت عند الصدمة الأولى.. أكمل..
فإذا جاءك المعزيين أنت صابر..
* وطبعا تخرج ملابس الميت وأشياءه..
فيا ليت نخرجها للفقراء لينتفعوا بها..
ولذلك أقول لك لله، صفي حسابك أول بأول..
يعني نحن الآن داخلين على شتاء..
أخرج ملابسك الشتوية، وتفقدها، ما قصر عليك وما ضاق عليه، وما لا يعجبك موضته. وتصدق به..
تصدق به وأنت حي، بدلا من أن يخرج رحمة ونور على المرحوم، وسيخرج سيخرج..
سبحان الله..
ولكن لو طلع في حياتك أحسن..
والنبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم يقول: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له".
انتبه..
لأن فيه حاجة مهمة جدا وكثيرا نخطأ فيها..
وليتنا في سلوك المسلم الملتزم عندها لتكون الختام..
* لا داعي لمسألة الشادر..
لا داعي..
أحدهم يقول: طيب ومن يجيء للتعزية أين يضعه؟
ولماذا تضعه؟
لماذا تريد وضعه؟ فهمني..
واحد لم يكن يعلم بأن لديك حالة وفاة، ويريد أن يذهب إليك ليلا، أليس لديك منزل يذهب إليك فيه..
- تقول: لن يسع..
- ما معنى لن يسع؟ وهل أنت عامل جلسة هناك؟ ما معنى"لن يسع" هذه؟
المفروض أن الرجل يذهب إليك: "شد حيلك يا أخي، البقاء لله، عظم الله أجرك، إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب. هل تحتاج لشيء يا أخي؟".
- لا
- السلام عليكم
وأذهب..
هل هي جلسة؟
هل سنعمل جلسة بالبيت؟
ماذا ستقعد تعمل؟
أم يقعدون ويتساءلون كل حين: كيف مات؟
- وترجع تحكي ثاني..
ما هذا الهم؟
هل كل واحد يدخل نحكي له كيف مات؟
لذلك أقول لك: لو أنك أفرغت حجرة لديك، ووضعت فيها ست سبع كراسي، بحي أنه لو دخل أحدهم وقعد يريد أن يجاملك قليلا فلا بأس..
لكن لو دخل أحدهم ولم يجد مكانا، فسيضطر يقوم ويمشي، وهذا طيب..
لكن تضع الكراسي في الشارع، فتسده..
وتضع شادر، وأجر الشادر اليوم يتكلف كثيرا، بالمقرئين والشاي والقهوة-التي لا تشرب- والكراسي وبالنور وكل هذا، لا يقل عن ستمائة جنيه اليوم..
ستمائة جنيه في المتوسط، والمعقول..
يعني عد المائة ستة مرات..
فهل لو أخرجت هذه الستمائة جنيه، للفقراء؟
تصور الفقراء، لو دخلت على بيت فقير منهم أعطيته ثلاثين جنيها..
يا الله..
انظر كم بيت ستدخل لتعطه ثلاثين في ثلاثين في ثلاثين، توسع عليه وعلى عياله، والميت يأخذ الثواب..
طيب..
يأخذ الثواب في تربته..
لكن شغل المنظرة والفشخرة، لانعمله كمسلمين لا..
يقول: هو مات له ميت، لا.. لابد أن يعمل له شادر، وأي شادر؟ ويأمر بعمل أربع بواكي وست بواكي..
وقد حضرت للميت بعدما أحضروا الكراسي، قال صاحب الميت: لا لا لا ارفع هذه الكراسي، وعد بها مرة أخرى..
لماذا؟
- كيف تحضر كراسي خشب، وهو يريد كراسي ألوميتال.. هو ميت أي كلام؟ هو ميت أي حاجة؟..
ما هذا؟ ما الذي أدخل الموت، و.. الموت، فهل الموت أيضا به كراسي ألوميتال وكراسي خشب؟ وتنظر لتجد الشادر كالفرح..
شادر مزين من الداخل، وربما إمعانا في الزينة يحضرون طفايات سجائر ويضعون فيها لمبة من الداخل بلحة، تجد العملية منورة هكذا..
ولا تشعر بأنك داخل شادر لتعزي أبدا.. أبدا..
ثم الناس، وأنت تعرف اليوم حياتنا.. من يعمل صباحا، ومن يعمل ظهرا، ومن يرجع بعد الظهر من بيته متعبا، ولا وقت لديه ليذهب للشادر، فيقول: ماذا أذهب لأفعل بالشادر، ثم يقول: أذهب وأنظم نفسي بحيث أذهب قبل نهاية الربع، أول ما المقرئ يختمه أذهب، حتى أجلس خمس دقائق وحسب، وأخرج..
طيب ولماذا كل هذا؟

جزاكم الله خيرا