الفرق بين العقل والقلب والفؤاد في القرآن الكريم....أحمد سعيد الودود السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفرق بين العقل والقلب والفؤاد في القرآن الكريم
هل تبادر إلى أذهاننا يوماً ما، ما هو الفرق بين كلمة القلب و الفؤاد ؟؟؟
لا أظن ذلك فالناس غالباً لا تدرك معاني الألفاظ.
قال الله تعالى ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) الحج 46،
والآن كل واحد منا يسأل نفسه هل وظيفة القلب أن يعقل الأشياء أم أنها وظيفة العقل؟؟؟؟؟
الجواب قال الله تعالى " كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته وليتذكر اولو الالباب ) ص (29)
والألباب هنا تعني الأمخاخ وهذا رد على أن القرآن لا يتكلم عن المخ
والآن لنتدبر إذن هذا القرآن المعجزة الربانية لنصل إلى الحقيقة وإلى هنا لم نجب على السؤال إنما هذه مقدمة الإجابة على السؤال.
والجواب القلب في القرآن الكريم يشير إلى العقل ، والفؤاد يشير إلى مركز الأحاسيس فينا، و إليكم الأدلة، وأرجوا من الجميع أن يضعوا كلمة القلب بمعنى العقل في أذهانهم و سترون الاختلاف
الدليل الأول: ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا ))
الدليل الثاني: ((وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ )) القصص 10،
الفؤاد هنا مركز المشاعر فأم موسى أنفطر فؤادها على وليدها الصغير وكان ربط وظيفة القلب بمعنى العقل الذي ضبط المشاعر والأفعال لأنها كانت ستذهب إليه، ونحن نعلم دقة القرآن الكريم في استخدام الألفاظ والدلالات اللغوية.
الدليل الثالث: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)) الكهف 22،
وغفلة القلب هي غفلة العقل وعندما يغفل العقل تنشط الشهوات بغير رقيب و لا حسيب والله أولاً وأخراً عُرف بالعقل.
الدليل الرابع: ((رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)) النور 37،
عندما تقوم الساعة ستتغير الأفكار التي كانت متبناة في العقول من قبل الكافرين الذين رفضوا فكرة الحساب و الجزاء يوم القيامة.
الدليل الخامس: ((يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )) الشعراء 89،
سلم عقله من كل الأفكار المنحرفة التي تنادي بإنكار البعث أو عبادة الأصنام أو عبادة الطغاة والتعلق بهم وظن أن العزة لديهم، وسيدنا إبراهيم عليه السلام أتى الله بقلب سليم أي عقل سليم فلقد رفض أن يعبد حجارة لا تضر ولا تنفع، والقرآن الكريم مليء بالحوارات التي كان يناقش بها سيدنا إبراهيم عليه السلام الكافرين.
الدليل السادس والأخير: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا )) الأحزاب 32
عقله مريض يبحث عن شهوة كما كثير من الشباب اليوم الذين مرضت عقولهم، فمجرد ابتسامة من فتاة له تعني في عقله أنها لا تطيق العيش بعيدة عنه، ولو تكلمت معه فيالطيف ، فبمجرد الكلام أضحت تريده، أصلحهم وأصلحنا الله.
وأخيرا حديث عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ): حدثنا سليمان بن حرب عن وابصة بن معبد الأسدي أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (( لوابصة جئت تسأل عن البر و الإثم قال قلتُ نعم، قال فجمع أصابعه فضرب بها صدره وقال استفت نفسك استفت قلبك يا وابصة ثلاثاً، البر ما اطمأنت إليه النفس و اطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك )) سنن الدارامي 2421،
فالقلب بمعنى العقل هو الحاكم الأول و الأخير على ما يعرض على الإنسان من أفعال يجب عليه القيام بها من شر وخير،
قال الله تعالى "((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) الحج 46
هذه الآية دلالة قاطعة على إعجاز القرآن الكريم فالمقصود بالقلب الأول هو العقل كما هو موجود في كل القرآن الكريم من أوله إلا آخره.
ولكن هل المقصود في القول الثاني هو العقل؟
لا بل هو القلب المتداول الآن ولهذا بين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية تبيان جليا فقال التي في الصدور لأن القرآن عندما يتكلم عن القلوب إنما يقصد القلوب التي في الرؤوس أما هنا فأراد أن يوضح هذه المرة أن القلوب التي تعمى هي التي في الصدور وليست التي في الرؤوس فالقلوب التي في الرؤوس ربما لا تفقه وربما لا تفكر ولكن إن فكرت وعرفت الحقيقة لا تتبع هذه الحقيقة لأن القلب الذي في الصدر يرفض الإتباع لهذا نجد أن الهداية منقسمة إلى قسمين هداية الدلالة وهي محلها القلب الذي في الرأس وهداية التوفيق أو القبول وهي محلها في القلب الذي في الصدر .
وحقا كما قال ربنا عز وجل" فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)) تعمى عن الموعظة والخشوع..
والآن سؤال آخير لماذا يسمى العقل قلبا؟
الجواب قبل أن تعرف لماذا يسمى العقل قلبا يجب أن تعرف لماذا يسمى القلب الذي في الصدر قلبا .....
يسمى القلب الذي في الصدر قلبا لأنه كثير التقلبات من خير إلا شر ومن حسد إلى حب ومن إيمان إلا كفر ومن عفاف إلى شهوات بذيئة وهكذا أيها الإخوة
وسمي العقل بالقلب لأنه يقلب الحقائق وتقلب عليه الحقائق فأحيانا يرى الحق باطل والباطل حقا وهكذا
فالآية تؤكد أن القلب هو الذي يعقل ويتدبر , وبذلك لا يبقي مجـال للشـك حول تعيين مركز المعرفة والإدراك عند الإنسان , فالقلب هو مركز المعرفة والإدراك والشعور وليس الدماغ , وهذا لا يعني أن الدماغ ليس له علاقة بالوعي والحس بل هو المجمع الرئيسي للأعصاب والحواس , وهـو مرآة العقل التي يدرك القلب بواسطته عالم المادة والحس ويتصرف فيها فالقرآن لم يذكر الدماغ كمصدر للوعي ولا في أي آية من القرآن بل أكد على أنه القلب فقط (" أفرأَيتَ من اتخذَ إلههُ هواهُ وأضلهُ اللهُ على علمٍ وختمَ على سمعِه وقلبِه وجعلَ على بصرِه غشاوةً فمن يهديهِ من بعدِ اللهِ أفلا تذكرونَ ") الجاثية : 23 .
فالسمع هو مفتاح الإدراك وخاصة الإدراك الشرعي , فالقرآن نزل على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - وسمعـه , ونقله الرسـول الكريم إلى الصحابة بواسطة السمع , فإذا سمع الإنسان الحق وأدركه بقلبه نطقَ به بلسانه فيشهد به فيكون مؤمناً , كما يحصل في عالم الشهادة فمن وُلدَ أصماً يكون بالضرورة أبكماً , وإن كان جهاز النطق سليماً لأن النطق مرتبط بالسمع فمن لا يسمع لا ينطق وبالتالي يكون محروما من اللغة التي هـي وسـيلة التفـاهم بيـن الناس
وكذلك من لم يشهد بقلبه الحقيقة المحمدية لا ينطق بها لسانه إلا منافقا
فالروح والقلب والنفس تأتي أحيانا بمعنى واحد, ,, وأحيانا تختلف المعـاني حسـب نظام الإسناد للمعاني , وقوله - تعالى - (" ربُّكم أعلمُ بما في نفوسِكم إن تكونوا صالحينَ فإنهُ كانِ للأوابينِ غفوراً ") الإسراء : 25 .
أي أعلم بما في قلوبكم ,,وقوله تعالى (" لا يزالُ بنيانُهم الذي بَنـَوا ريبـةً فـي قلـوبِهم إلا أن تقطَّـعَ قلوبُهم واللهُ عليمٌ حكيمٌ ") التوبة : 110 .
فالشك محله القلب , وتقطع القلوب هو انفصالها عن القلب المادي " أي الموت"
والاتصـال بيـن القلب الروحاني والقلب المادي هو سر الحياة الإنسانية على الإطلاق , وهو مجهول الكيفية , لأنه ليس من عالم المفاهيم المادية , وبالتالي لا يقاس على أساس نظام المساطر الأرضية للزمان والمكان ويقول الحق جل وعلا (" فإذا سويتُه ونفختُ فيهِ من روحِي فقعـُوا لـهُ ساجدين ") الحجـر : 29 .
ذكــر من الآيات التي تؤكد بأن القلب هو مركز الوعي والإدراك والعلم والفقه
يقول الحق جل وعلا (" إن في ذلك لذكرى لمن كانَ لهُ قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيدٌ ") ق : 37 . .وقوله : (" أفلم يسيروا في الأرضِ فتكونَ لهم قلوبٌ يعقلون بها أَو ءاذانٌ يسمعونَ بها فإنها لا تعمى الأبصارُ ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدورِ ") الحج : 46 .وقوله (" إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا ") الإسراء : .46 -
فيامقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
ولعلنا نذكر حديث الحبيب المصطفي (صلي الله عليه وسلم )
(الا ان في الجسد مضغه اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب )
صدقت يا رسولنا الحبيب الكريم
فاللهم اجعل قلوبنا عامره بذكرك واسرارنا خاضعه لطاعتك انك علي كل شيء
وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم
-------------------
نقلا عن موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
مقتبس من موضوع للدكتور محمد راتب النابلسي...هنا
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الفرق بين الإحساس والإدراك والعقل ؟
الإحساس : أن ترى الضوء بعينك أو أن تسمع الصوت بأذنك أو أن تشم الرائحة بأنفك أو أن تشعر بالحرارة بجلدك ، هذا هو الإحساس.
ولكن قد يضع طفل يده على أفعى يرى لها ملمساً ناعماً ، يروق له منظرها يروق له ملمسها الناعم وهي أفعى ، لو كان في سن أكبر وعرف ما الأفعى لكان له موقف آخر ، إذاً هو رآها بعينه ولمسها بيده وما أدرك حقيقتها .
إذاً فرق بين الإحساس والإدراك ، فالإدراك عن طريق الفكر ...يمكنك أن تقرأ مقالة عن مضار التدخين وتدخن ، الإدراك أحياناً لا يكفي للابتعاد عن الشيء ، لكن في بعض الحالات إذا وصل الإدراك إلى درجة عقل القلب أبعاده عندئذ تكف عن هذا العمل .
الفرق الدقيق بين العقل وبين الإدراك ، هو أن الشيء إذا كان ضاراً وابتعدت عنه معنى ذلك أنك عقلته ، قد تدرك ولا تتخذ موقفاً، أما إذا عقلته لابد من أن تتخذ موقفاً من هذا الشيء، دائماً مع العقل موقف عملي ، ومع الفكر إدراك ، والإدراك قناعة .
الحواس : تشعر تحس ، والفكر يدرك والقلب يعقل ، المعول عليه هو القلب ، حينما تأخذ موقفاً عملياً ، معنى ذلك أنك عقلت الحقيقة، والدليل قال الله تعالى :
[سورة الأنفال]
دليل آخر ، قال الله تعالى :
[سورة القصص]
فالإنسان لا يمكن أن يسمى عاقلاً إلا إذا تُرجمت أفكاره إلى ممارسات ، إلا إذا تُرجمت أفكاره إلى سلوك إلى مواقف ، فالذي ينجي الإنسان يوم القيامة لا قناعاته ولكن تصرفاته وانضباطه والتزامه واستقامته وفعله وتركه .
إذاً بالحواس نحس ، بالفكر ندرك ، بالقلب نعقل ، هذه الحواس وذاك الفكر وذاك القلب هي القوة الإدراكية في الإنسان.