علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أمه أم ولد اسمها غزاله وهو على الأصغر وأما الأكبر فإنه قتل مع الحسين عليهما السلام وكان على هذا مع أبيه وهو ابن ثلاث وعشرين سنة إلا أنه كان مريضا نائما على فراش فلم يقتل وكان يكنى أبا الحسين وقيل أبا محمد
عن عبد الرحمن بن حفص القرشي قال كان علي بن الحسين إذا توضأ يصفر فيقول له أهله ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء فيقول تدرون بين يدي من أريد أن أقوم
وعن عبد الله بن أبي سليم قال كان علي بن الحسين إذا مشى لاتجاوز يده فخذه ولا يخطر بيده وكان إذا قام إلى الصلاة أخذته رعدة فقيل له مالك فقال ما تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي
وعن أبي نوح الأنصاري قال وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا يقولون له يا بن رسول الله النار يا بن رسول الله النار فما رفع رأسه حتى أطفئت فقيل له مالذي ألهاك عنها قال ألهتني عنها النار الأخرى
وعن سفيان قال جاء رجل إلى علي بن الحسين رضي الله عنه فقال له إن فلانا قد آذاك ووقع فيك قال فانطلق بنا إليه فانطلق معه وهو يرى أنه سينتصر لنفسه فلما أتاه قال يا هذا إن كان ما قلت في حقا فغفر الله لي وإن كان ما قلت في باطلا فغفر الله لك
وعن أبي يعقوب المدني قال كان بين حسن بن حسن وبين علي بن الحسين بعض الأمر فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو مع أصحابه في المسجد فما ترك شيئا إلا قاله له قال وعلي ساكت فانصرف حسن فلما كان في الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه فخرج إليه فقال له علي يا أخي إن كنت صادقا فيما قلت لي فغفر الله لي وإن كنت كاذبا فغفر الله لك السلام عليكم وولى قال فاتبعه حسن فالتزمه من خلفه وبكى حتى رثى له ثم قال لاجرم لاعدت في أمر تكرهه فقال علي وأنت في حل مما قلت لي
وعن جعفر بن محمد بن محمد عن أبيه قال قال علي بن الحسين فقد الأحبة غربة وكان يقول اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع العيون علانيتي وتقبح سريرتي اللهم كما أسأت وأحسنت إلى فإذا عدت فعد على وكان يقول إن قوما عبدوا الله عز و جل رهبة فتلك عبادة العبيد وآخرين عبدوه رغبة فتلك عبادة التجار وقوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار
وعنه عن أبيه أن علي بن الحسين كان لايحب أن يعنيه أحد على طهوره وكان يستقي الماء لطهوره ويخمره قبل أن ينام فإذا قام من الليل بدأ بالسواك ثم يتوضأ ثم يأخذ في صلاته وكان يقضي ما فاته من صلاة النهار بالليل ثم يقول يا بني ليس هذا عليكم بواجب ولكن أحب لمن عود نفسه منكم عادة من الخير أن يدوم عليها
وكان لايدع صلاة الليل في الحضر والسفر وكان يقول عجبت للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة ثم هو غدا جيفة وعجبت كل العجب لمن شك في الله وهو يرى خلقه وعجبت كل العجب لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى وعجبت كل العجب لمن عمل لدار الفناء وترك دار البقاء
وكان إذا أتاه السائل رحب به وقال مرحبا بمن يحمل زادي إلى الآخرة وكلمة رجل فافترى عليه فقال إن كنا كما قلت فنستغفر الله وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال جعلت فداك ليس كما قلت أنا فاغفر لي قال غفر الله لك فقال الرجل الله أعلم حيث يجعل رسالته وعن شيبة بن نعامة قال كان علي بن الحسين يبخل فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة
وعن محمد بن إسحاق قال كنا ناس من أهل المدينة يعيشون لايدرون من أين كان معاشهم فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل
وعن أبي حمزة الثمالي قال كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول إن صدقة السر تطفىء غضب الرب عز و جل
وعن عمرو بن ثابت قال لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سود في ظهره فقالوا ما هذا فقالوا كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة
وعن ابن عائشة قال قال أبي سمعت أهل المدينة يقولون ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين
وعن سفيان قال أراد علي بن الحسين الخروج في حج أو عمرة فاتخذت له سكينة بنت الحسين سفرة أنفقت عليها ألف درهم أو نحو ذلك وأرسلت بها إليه فلما كان بظهر الحرة أمر بها فقسمت على المساكين وعن سعيد بن مرجانة أنه قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار حتى إنه يعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج فقال علي بن الحسين أنت سمعت هذا من أبي هريرة قال سعيد نعم فقال لغلام له أفره غلمانه إدع مطرفا فلما قام بين يديه قال اذهب فأنت حر لوجه الله عز و جل أخرجاه في الصحيحين
وتوفي بالمدينة سنة أربع وتسعين وقيل ثنتين وتسعين ودفن بالبقيع وهو إبن ثمان وخمسين سنة رضي الله عنه