شهوة الإفتيات د. سعد الدين هلالي الجمهورية الثلاثاء الموافق 18 يناير 2011
قرآن وسنة
شهوة الإفتيات
د. سعد الدين هلالي
شهوة الإفتيات من الشهوات التي تضيع هيبة الإنسان وتسبب انتقاص احترامه. وإذا كان كثير من الناس لا يعرفون من مخاطر الشهوات إلا شهوتي البطن والفرج فقد فاتهم التعرف علي مخاطر الشهوات الأخري.
ان الشهوة تعني الرغبة الشديدة. والحصول عليها يحقق اللذة المادية. وبهذا يكون للإنسان شهوات كثيرة. ومن أشدها خطرا شهوة الافتيات. والمقصود بالافتيات الاستبداد بالرأي. أو التدخل في شئون الآخرين دون استئذانهم. أو التعدي علي حق من هو أولي منه. والمفتئت حسب تعريف العامة هو: "الحشري" الذي يحشر نفسه فيما ليس له.
وقد كثر اتباع هذا الصنف من الناس. ويزداد عددهم بكل أسف بسبب عدم صدهم. لأن المستبد ينتشر دائماً في فراغ الساكتين. ومن أمثلة هؤلاء المفتئتين أولئك المتطوعون بدون داعية للمطالبة بحماية المسيحيين في مصر بعد حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية رأس السنة الميلادية 2011. مع ما لكيانهم الكنسي"من شخصية اعتبارية حرة قادرة علي التعبير ومدركة لمصلاحها. وإذا كان لها من حاجة فنحن المسلمين المتعايشين مع رعاياها أولي بهم. لما بيننا من رحم المصاهرة وشراكة الأموال وزمالة المهن والوظائف ووحدة الوطن.
لقد جاء الإسلام الخاتم مكملا للشرائع السماوية السابقة وداعيا لمكارم الأخلاق ومنها تهذيب الشهوات. نعم تهذيب الشهوات وليس قطع الشهوات لأن قطع الشهوات يخالف الطبائع المخلوقة. وهو نوع من الحرب علي النفس بخلاف تهذيب الشهوات الذي يصحح مسارها ويأخذ بزمامها إلي طريق الأمان بما لا يكبتها ويدمرها. وفي الوقت نفسه يبعدها عن إيذاء الآخرين وإضرارهم. وهذا ما يمكن تسميته بالشهوات الآمنة.
وكان تصحيح الإسلام لمسار شهوة البطن بالسعي في الأرض والتكسب المشروع أو بتلقي مساعدات الآخرين مما يكون عن طيب نفس. لما أخرجه أحمد برجال ثقات عن عمرو بن يثربي. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ من مال أخيه شيئا إلا بطيب نفس منه". كما كان تصحيح الإسلام لمسار شهوة الفرج بالزواج وفتح الباب لسعة الاختيار من كل امرأة غير مرتبطة بحق للغير ولم تكن محرمة بنسب أو مصاهرة أو رضاع. كما قال تعالي: "وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين" "النساء: 24". وبهذا لم يعد هناك وجه للانحراف الاجتماعي والاعتداء علي أموال الآخرين واعراضهم بدعوي إشباع شهوتي البطن والفرج طالما كان باب الحلال مفتوحا من المكاسب والتزاوج. وهذا ما أكده النبي- صلي الله عليه وسلم -في خطبة الوداع. كما أخرج الشيخان عن أبي بكرة أن النبي -صلي الله عليه وسلم -قال: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".
وقد ينقص البعض معرفة تهذيب الإسلام لشهوة الافتيات التي تسوق صاحبها إلي التدخل في شئون الآخرين والنيل من خصوصياتهم بما يثير الفتن وينشر الكراهية ويؤجج الخصومة دون كبت أو قمع للمفتئتين. وهذا ما سنوضحه في اللقاء التالي بإذن الله تعالي.