معنى الأحرف السبعة عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها عليه وكان رسول الله أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال له رسول الله اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله هكذا أنزلت ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه .
عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي قال أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف 0
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب قال أتى جبريل النبي فقال إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك على سبعة أحرف فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ 0
معنى الأحرف التي أرادها النبي ههنا فإنه يتوجه إلى وجهين أحدهما أن يكون يعني بذكر أن القرآن أنزل على سبعة أحرف سبعة أوجه من اللغات لأن الأحرف جمع حرف في الجمع القليل مثل فلس وأفلس ورأس وأرؤس والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه الآية فالمراد بالحرف ههنا الوجه الذي تقع عليه العبادة يقول جل ثناؤه ومن الناس من يعبد الله على النعمة تصيبه والخير يناله من تثمير المال وعافية البدن وإعطاء السؤال ويطمئن إلى ذلك ما دامت له هذه الأمور واستقامت له هذه الأحوال فإن تغيرت حاله وامتحنه الله تعالى بالشدة في عيشه والضر في بدنه والفقر في ماله ترك عبادة ربه وكفر به فهذا عبد الله سبحانه وتعالى على وجه واحد ومذهب واحد وذلك معنى الحرف ولو عبده تبارك وتعالى على الشكر للنعمة والصبر عند المصيبة و الرضى بالقضاء عند السراء والضراء والشدة والرخاء والفقر والغنى والعافية والبلاء إذ كان سبحانه أهلا أن يتعبد على كل حال لم يكن عبده تعالى على حرف فلهذا سمى النبي هذه الأوجه المختلفة من القراءات والمتغايرة من اللغات أحرفا على معنى أن كل شيء منها وجه على حدته غير الوجه الآخر كنحو قوله ومن الناس من يعبد الله على حرف أي على وجه إن تغير عليه تغير عن عبادته وطاعته على ما بيناه والوجه الثاني من معنى الأحرف أن يكون سمى القراءات أحرفا على طريق السعة كنحو ما جرت علية عادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره وكان كسبب منه وتعلق به ضربا من التعلق وتسميتهم الجملة باسم البعض منها فلذلك سمى النبي القراءة حرفا وإن كان كلاما كثيرا من أجل أن منها حرفا قد غير نظمه أو كسر أو قلب إلى غيره أو أميل أو زيد أو نقص منه على ما جاء في المختلف فيه من القراءة فلما كان ذلك نسب القراءة والكلمة التامة إلى ذلك الحرف المغير المختلف اللفظ من القراءة فسمى القراءة إذ كان ذلك الحرف منها حرفا على عادة العرب في ذلك واعتمادا على استعمالها نحوه ألا ترى أنهم قد يسمون القصيدة قافية إذ كانت القافية منها كما قال وقافية مثل حد السنان تبقى ويهلك من قالها يعني وقصيدة فسماها على طريق الاتساع وكذا يسمون الرسالة على نظامها والخطبة بكمالها والقصيدة كلها والقصة بأسرها كلمة إذ كانت الكلمة منها فيقولون قال قس في كلمته كذا يعنون خطبته وقال زهير في كلمته كذا يريدون قصيدته وقال فلان في كلمته كذا أي في رسالته قال الله تبارك وتعالى وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا فقال إنما يعني بالكلمة ههنا قوله في سورة القصص ونريد أن نمن على اللذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهمن وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون فسمى ما في الآيتين من منة على بني إسرائيل وجعلهم أئمة ووارث الأرض وتمكينه إياهم إلى غير ذلك مما تضمنتا كلمة وقال مجاهد في قوله تعالى وألزمهم كلمة التقوى قال لا إله إلا الله فسمى هذه الجملة كلمة إذ كانت الكلمة منها فكذا سمى رسل الله القراءات أحرفا إذ كانت الأحرف المختلف فيها منها فخاطب من بالحضرة وسائر العرب في هذا الخبر من تسمية القراءة حرفا لما يستعملون في لغتهم وما جرت عليه عادتهم في منطقهم كما بيناه فدل على صحة ما قلناه........