أهلا وسهلا بك إلى منتديات أئمة الأوقاف المصرية .
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
منتديات أئمة الأوقافالخطبة الاسترشادية 24 شوال 1437هـ 29 يوليو 2016 الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالإثنين يوليو 25, 2016 8:24 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافاليوم السابع / غلق باب التقديم لمسابقة الدعاه بعد غد الثلاثاء الموافق 26 يوليو 2016 الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالأحد يوليو 24, 2016 8:13 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافضوابط الاعتكاف لشهر رمضان 1437 هـ 2016 م الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالإثنين مايو 30, 2016 7:51 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتعميم : عدم حضور أي دورات تدريبية إلا بتصريح من الأوقاف الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالإثنين مايو 30, 2016 7:36 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتعليمات هامة للأئمة قبل شهر رمضان 1437 هـ 2016 م الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالإثنين مايو 30, 2016 6:46 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة التسوية لوظيفة إمام وخطيب المجموعة الأولى الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس أبريل 28, 2016 7:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء المرشحون أوئل القراءة الحرة لمرافقة بعثة الحج لهذا العام 1437هـ 2016 م الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالأربعاء أبريل 20, 2016 8:53 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة التفتيش العام إبريل 2016 مالوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالأربعاء أبريل 20, 2016 8:41 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافإلى اخي الأستاذ سعد غابة فضلا الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالجمعة أبريل 15, 2016 1:36 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقاف وفاه كبير ائمه مركز زفتى غربيهالوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالسبت أبريل 02, 2016 6:49 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقاففضيلة الشيخ زكريا السوهاجي وكيل وزارة الأوقاف بأسوان يفتتح مسجد الروضةالوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالسبت مارس 26, 2016 6:55 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافتكليف د خالد حامد برئاسة لجنة الاتصال السياسي بالوزارة يعاونه الأستاذ مخلص الخطيب الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالسبت مارس 19, 2016 9:13 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافحوار فضيلة الشيخ جابر طايع رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف مع جريدة الأهرام الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالجمعة مارس 18, 2016 12:06 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافافتتاح عشرة مساجد غدا الجمعه 18 مارس 2016 مالوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس مارس 17, 2016 11:50 pm من طرفمنتديات أئمة الأوقافالمطالبون بالتسوية بالمؤهل الجامعي عليهم التوجه لمديرياتهم فورا وآخر موعد غدا الثلاثاء الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالإثنين مارس 07, 2016 6:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافاقتراح من فضيلة الشيخ عبد الناصر بليح بعمل انتخابات مجلس إدارة الصندوق بالمديريات أو بقطاعات ثلاثه الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالأحد مارس 06, 2016 7:57 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافماذا تعرف عن صندوق نهاية الخدمةالوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالأحد مارس 06, 2016 7:36 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافإعلان شغل وظائف بمديرية أوقاف بني سويف الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس مارس 03, 2016 7:48 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الذين سيحصلوا على الدرجات بوزاة الأوقاف لجميع العاملين بالوزارة 2016 الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس مارس 03, 2016 7:33 am من طرفمنتديات أئمة الأوقافأسماء الناجحين في مسابقة إيفاد القراء في شهر رمضان 1437هـ 2016 م الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالثلاثاء مارس 01, 2016 8:50 am من طرف

منتديات أئمة الأوقاف المصرية  :: الداعية جامع وجامعة

شاطر
الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس يناير 27, 2011 4:23 am
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الرتبه:
الصورة الرمزية


البيانات
عدد المساهمات : 9
نقاط : 22
تاريخ التسجيل : 19/01/2011

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: الوسطية في ضوء القرآن الكريم الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس يناير 27, 2011 4:23 am



الوسطية في ضوء القرآن الكريم



تعريف الوسطيَّة

الوسطيَّة في اللغة

جاءت كلمة (وسط) في اللغة لعدّة معانٍ، ولكنها مُتقاربة في مدلولها عند التأمّل في حقيقتها ومآلها.
قال ابن فارس: (وسط): الواو والسّين والطّاء: بناء صحيح يدلّ على العدل والنّصف.
وأعدل الشيء: أوسطه، ووسطه، قال الله  (أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143).
ويقولون: ضربتُ وَسَطَ رأسِه - بفتح السين - ووسْط القوم - بسكونها -، وهو أوسَطُهم حسبًا - إذا كان في واسطةِ قومه وأرفعهم محلا ( ).
ومن هذا الكلام يتَّضح أن (وسط) تأتي بفتح السّين وسكونها، وفتحها أكثر استعمالا كما سيأتي.
ويمكن إجمال المعاني التي جاءت تدلّ عليها هذه الكلمة فيما يلي ( ) .
1- (وسْط) بسكون السّين تكون ظرفًا بمعنى (بين)، قال في لسان العرب: وأمَّا الوسْط بسكون السّين فهو ظرف لا اسم، جاء على وزان نظيره في المعنى وهو (بين)، تقول: جلست وسْط القوم، أي: بينهم، ومنه قول سوار بن المضرب:
إنيّ كأنـيّ أرى مـن لا حيـاة
ولا أمانـة وسْـط النَّاس عُريانـًا ( )

قال د. زيد الزيد: وقد أشارت بعض المعاجم اللغوية إلى التفريق بين كلمة وسَط - بالتحريك - ووسْط بالسكون، فقالوا: إن كل موضع يصلح فيه (بين) فهو بالسّكون، وما لا يصلح فيه (بين) فهو بالفتح.
وقيل: كل منهما يقع موضع الآخر، قال ابن الأثير في غريب الحديث: وهو الأشبه ( ).
وقال الزبيدي: وقديمًا كنت أسمع شيوخنا يقولون في الفرق بينهما كلامًا شاملا لما ذكر، وهو السّاكن متحرّك، والمتحرّك ساكن ( ).
2- وتأتي - وسَط بالفتح - اسمًا لما بين طرفي الشيء وهو منه، ومن ذلك: قبضتْ وسط الحبل، وكسرت وسط القوس، وجلست وسط الدّار، وهذه حقيقة معناها كما ذكر ابن برّي ( ).
3- وتأتي - بالفتح أيضًا - صفة، بمعنى خيار، وأفضل، وأجود، فأوسط الشيء أفضله وخياره: كوسط المرعى خير من طرفيه، ومرعى وسط أي: خيار.
وواسطة القلادة: الجوهر الذي وسطها، وهو أجودها، ورجل وسط ووسيط: حسن ( ).
4- وتأتي وسط - بالفتح - بمعني عدل، قال ابن فارس: وسط: بناء صحيح يدلّ على العدل، وأعدل الشيء أوسطه ووسطه.
وقال ابن منظور: ووسط الشيء وأوسطه: أعدله.
وقال الفيروزآبادي: الوسط - محركة - من كل شيء: أعدله ( ).
5- وتأتي (وسط) بالفتح - أيضًا - للشيء بين الجيد والرديء.
قال الجوهري: ويقال: شيء وسط: أي بين الجيد والرديء.
وقال صاحب المصباح المنير: يُقال شيء وسط، أي بين الجيد والرديء ( ).
ومنه ما ورد في الحديث:  ولكن من وسط أموالكم فإنّ الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشرّه  ( ).
6- ويقال (وسط) لما له طرفان مذمومان، يراد به ما كان بينهما سالمًا من الذّمِّ، وهو الغالب.
قال الراغب: وتارة يُقال لما له طرفان مذمومان ( ).
ومثال ذلك: السّخاء وسط بين البخل والتّبذير، والشّجاعة وسط بين الجبن والتهوُّر ( ).
قال محمد باكريم ( ) وكيفما تصرّفت هذه اللفظة نجدها لا تخرج في معناها عن معاني العدل والفضل والخيرية، والنصف والبينيَّة، والتوسط بين الطرفين، فتقول: (وسوطًا): بمعنى المتوسّط المعتدل، ومنه قول الأعرابي: علمني دينًا وسوطًا، لا ذاهبًا فروطًا، ولا ساقطًا سقوطًا، فإن الوسط هاهنا المتوسّط بين الغالي والجافي ( ).
و(وسيطًا) أي: حسيبًا شريفًا، قال الجوهري: وفلان وسيط في قومه، إذا كان أوسطهم نسبًا، وأرفعهم محلا، قال العرجي:
كأنّي لم أكن فيهم وسيطًا
ولم تك نسبتـي فـي آل عمـرو ( )

و(الوسيط): المتوسّط بين المتخاصمين ( ).
و(التوسط): بين الناس من الوساطة ( ) وهي الشفاعة.
و(التوسيط): أي تجعل الشيء في الوسط ( ).
و(التوسيط): - أيضًا - قطع الشيء نصفين ( ).
و(وسوط الشمس): توسّطها السماء ( ).
و(واسطة القلادة): الجوهر الذي في وسطها، وهو أجودها ( ).
وقال فريد عبد القادر: استقرّ عند العرب أنهم إذا أطلقوا كلمة (وسط) أرادوا معاني الخير، والعدل، والنصفة، والجودة، والرّفعة، والمكانة العليّة.
والعرب تصف فاضل النّسب بأنه وسط في قومه، وفلان من واسطة قومه، أي: من أعيانهم، وهو من أوسط قومه، أي من خيارهم وأشرافهم ( ).
وأختم ما قيل في معنى الوسط بهذا الكلام للشيخ ابن عاشور، حيث قال أثناء تفسيره لقوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143).
والوسط: اسم للمكان الواقع بين أمكنة تحيط به، أو للشيء الواقع بين أشياء محيطة به، ليس هو إلى بعضها أقرب منه إلى بعض عرفًا، ولما كان الوصول إليه لا يقع إلاّ بعد اختراق ما يُحيط به، أخذ فيه معنى الصّيانة والعزّة؛ طبعًا: كوسط الوادي لا تصل إليه الرّعاة والدّواب إلا بعد أكل ما في الجوانب، فيبقى كثير العشب والكلأ، ووضعًا: كوسط المملكة يجعل محلّ قاعدتها، ووسط المدينة يجعل محل قصبتها؛ لأن المكان الوسط لا يصل إليه العدوّ بسهولة، وكواسطة العقد لأنفس لؤلؤة فيه.
فمن أجل ذلك صار معنى النّفاسة والعزّة والخيار من لوازم معنى الوسط عرفًا، فأطلقوه على الخيار النفيس كناية، قال زهير:
هم وسط يرضى الأنـامُ بحكمهـم
إذا نـزلت إحـدى الليالـي بمعضـل

ويقال: أوسط القبيلة، لصميمها.
وأمّا إطلاق الوسط على الصّفة الواقعة عدلا بين خلقين ذميمين فيهما إفراط وتفريط، كالشّجاعة بين الجبن والتهوّر، والكرم بين الشُّحِّ والسرّف، والعدالة بين الرّحمة والقساوة، فذلك روى حديث:  خير الأمور أوسطها  وسنده ضعيف ( ).
وقد شاع هذان الإطلاقان حتى صارا حقيقتين عُرفيَّتين ( ).
ومن خلال ما سبق اتَّضح لنا المعنى اللغوي لكلمة (وسط)، وما تصرّف منها، وأنها تئول إلى معانٍ متقاربة.
استعمالات الكلمة في القرآن الكريم
وردت كلمة (وسط) في القرآن في عدَّة مواضع، وذلك بتصاريفها المتعدّدة، حيث وردت بلفظ: (وَسَطاً) (البقرة: من الآية143)( ) و (الْوُسْطَى) (البقرة: من الآية238)( ) و (أَوْسَطِ) (المائدة: من الآية89)( ) و (أَوْسَطُهُمْ) (القلم: من الآية28)( ) و (فَوَسَطْنَ) (العاديات: من الآية5)( ) .
وسأذكر معنى كل كلمة حسب ورودها في القرآن الكريم، وكلام المفسرين حولها، مستشهدًا لذلك ببعض ما ورد في السنة النبويَّة.
أولا: كلمة "وسطًا":
وردت في قوله - تعالى - في سورة البقرة: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة: من الآية143).
وقد ورد تفسير هذه الكلمة في السّنة النّبويَّة، كما ذكر لها المفسرون عدّة معانٍ، وتفصيل ذلك كما يلي:
1- روى البخاري عن أبي سعيد الخدري  قال: قال رسول الله،   يُدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيُقال لأمَّته: هل بَلَّغَكُم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمَّته، فيشهدون أنَّه قد بلَّغ، ويكون الرّسول عليكم شهيدًا. فذلك قوله - جلَّ ذكره -: (وكذلك جعلناكم أمَّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النَّاس ويكون الرّسول عليكم شهيدًا). والوسط: العدل  ( ).
وروى الطبري بإسناده عن النبي،  في قوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143) قال:  عدولا  ( ).
وقد ساق الطبري عددًا من الرِّوايات في هذا المعنى. ثم ذكر تفسير هذه الآية منسوبًا إلى بعض الصَّحابة والتَّابعين، كأبي سعيد ومجاهد وغيرهما، حيث فسَّروها بـ "عدولا".
وكذلك نقل تفسير ابن عباس لها "جعلكم أمة عدولا". وقال ابن زيد: هم وسط بين النبي،  وبين الأمم ( ).
2- قال الإمام الطبري: وأمّا الوسط فإنه في كلام العرب: الخيار، يُقال منه: فلان وسط الحسب في قومه، أي متوسط الحسب، إذا أرادوا بذلك الرّفع في حسبه.
وهو وسط في قومه وواسط، قال ابن زهير بن أبي سُلمى في الوسط:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهـم
إذا نـزلت إحـدى الليالـي بمعظَـمِ

قال: وأنا أرى أن الوسط في هذا الموضع هو الوسط الذي بمعنى الجزء، الذي هو بين الطَّرفين، مثل وسط الدّار.
وأرى أن الله - تعالى ذكره - إنّما وصفهم بأنَّهم وسط لتوسّطهم في الدّين، فلا هم أهل غلوّ فيه، غلوّ النَّصارى الذين غلوا بالتَّرهُّب، وقيل هم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه، تقصير اليهود الذين بدَّلوا كتاب الله، وقتلوا أبناءهم، وكذبوا على ربِّهم، وكفروا به، ولكنهم أهل توسّط واعتدال فيه، فوصفهم الله بذلك، إذ كان أحبّ الأمور إلى الله أوسطها.
وأمَّا التأويل فإنَّه جاء بأن الوسط العدل - كما سبق - وذلك معنى الخيار، لأنَّ الخيار من الناس عدولهم ( ).
3- قال ابن كثير ( ) وقوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143). الوسط هنا: الخيار والأجود، كما يُقال في قريش: أوسط العرب نسبًا ودارًا، أي: خيرها.
وكان رسول الله،  وسطًا في قومه، أي: أشرفهم نسبًا.
ومنه الصلاة الوسطى، التي هي أفضل الصّلوات، وهي العصر، كما ثبت في الصّحاح وغيرها.
وروى الإمام أحمد ( ) عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله،   يدعى نوح يوم القيامة فيُقال له: هل بلّغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيُقال لهم: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، فيُقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمَّته، قال: فذلك قوله: (وكذلك جعلناكم أمَّةً وسطًا). قال: الوسط: العدل، فتُدعون فتشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم  رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة ( ).
4- وقال ابن الجوزي في تفسيره لهذه الآية: سبب نـزولها أن اليهود قالوا: قبلتنا قبلة الأنبياء، ونحن عدل بين الناس، فنـزلت هذه الآية.
والوسط: العدل، قاله ابن عباس وأبو سعيد ومجاهد وقتادة.
وقال ابن قتيبة: الوسط: العدل والخيار، ومنه قوله - تعالى -: (قَالَ أَوْسَطُهُمْ)(القلم: من الآية28). أي: أعدلهم وخيرهم.
قال الشاعر:
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم
إذا نـزلت إحدى الليالي بمعظم

وأصل ذلك أن خير الأشياء أوسطها، والغلوّ والتقصير مذمومان.
قال أبو سليمان الدّمشقي: في هذا الكلام محذوف، ومعناه جعلت قبلتكم وسطًا بين القبلتين، فإن اليهود يصلون نحو المغرب، والنصارى نحو المشرق، وأنتم بينهما ( ).
5- قال صاحب المنار: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143). هو تصريح بما فهم من قوله: (وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (البقرة: من الآية213). أي على هذا النحو من الهداية جعلناكم أمّة وسطًا.
قالوا: إن الوسط هو العدل والخيار، وذلك أن الزيادة على المطلوب في الأمر إفراط، والنّقص عنه تقصير وتفريط، وكلُّ من الإفراط والتَّفريط ميْلٌ عن الجادّة القويمة، فهو شرّ ومذموم، فالخيار هو الوسط بين طرفي الأمر، أي المتوسّط بينهما ( ).
6- وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143) أي: عدلا خيارًا.
وما عدا الوسط فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة وسطًا في كل أمور الدّين، وسطًا في الأنبياء بين من غلا فيهم كالنصارى، وبين من جفاهم كاليهود، بأن آمنوا بهم كل على الوجه اللائق بذلك.
ووسطًا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.
وفي باب الطّهارة والمطاعم، لا كاليهود الذين لا تصحّ لهم صلاة إلاّ في بِيَعهِمْ وكنائسهم، ولا يطهّرهم الماء من النَّجاسات، وقد حرّمت عليهم طيِّبات عقوبة لهم.
ولا كالنصارى الذين لا يُنجسّون شيئًا ولا يُحرّمون شيئًا، بل أباحوا ما دبَّ ودرج.
بل طهارتهم - أي هذه الأمة - أكمل طهارة وأتمّها، وأباح لهم الطيّبات من المطاعم، والمشارب، والملابس، والمناكح، وحرَّم عليهم الخبائث من ذلك.
فلهذه الأمّة من الدّين أكمله، ومن الأخلاق أجلّها، ومن الأعمال أفضلها.
ووهبهم الله من العلم والحلم والعدل والإحسان ما لم يهبه لأمة سواهم، فلذلك كانوا: (أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143) كاملين معتدلين، ليكونوا: (شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (البقرة: من الآية143) بسب عدالتهم وحكمهم بالقسط، يحكمون على النَّاس من سائر أهل الأديان، ولا يحكم عليهم غيرهم ( ).
7- وقال سيد قطب في تفسيره لهذه الآية:
وإنها للأمَّة الوسط بكل معاني الوسط، سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه الماديّ والحسيّ.
أمَّةً وسطًا في التصوّر والاعتقاد، أمَّةً وسطًا في التّفكير والشّعور، أمَّةً وسطًا في التَّنظيم والتَّنسيق، أمة وسطًا في الارتباطات والعلاقات، أمَّةً وسطًا في الزَّمان، أمَّةً وسطًا في المكان، ثم قال: وما يعوق هذه الأمة اليوم عن أن تأخذ مكانها هذا الذي وهبه الله لها، إلا أنّها تخلَّت عن منهج الله الذي اختاره لها، واتَّخذت لها مناهج مختلفة، ليست هي التي اختارها الله لها ( ).
هذه أهمّ أقوال المفسِّرين في تفسير هذه الآية، ومن خلال هذا التفسير اتَّضحت معانٍ سيأتي اعتبارها عند الحديث عن منهج القرآن في تقرير الوسطيَّة في فصول لاحقة.


ثانيًا: كلمة "الوسطى"
وقد وردت هذه الكلمة في قوله - تعالى - في سورة البقرة: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة:238) وسأذكر أقوال المفسِّرين في هذه الآية ممَّا له علاقة مباشرة في معنى "الوسط" حيث سيتَّضح سبب تسميتها بذلك، هل لأنها متوسِّطة بين الصَّلوات، أو لأنَّها أفضل الصّلوات، أو لكليْهما معًا؟ دون الوقوف عند أي الصَّلوات هي، وما سيرد حول هذه القضيَّة فهو لبيان المعنى فقط.
1- ذكر الإمام الطبري أقوال العلماء في الصَّلاة الوسطى، وأطال في ذكر أدلَّة من قال: إنَّ الصّلاة الوسطى هي العصر، ثم قال بعد أن رجَّح أن الصَّلاة الوسطى هي العصر:
وإنما قيل لها الوسطى: لتوسّطها الصَّلوات المكتوبات الخمس، وذلك أن قبلها صلاتين، وبعدها صلاتين، وهي بين ذلك وسطاهنّ.
والوسطى: الفعلى من قول القائل: وسطت القوم أسطهم سطة ووسوطًا، إذا دخلت وسطهم. ويقال للذّكر فيه: هو أوسطنا، وللأنثى: هي وسطانًا ( ). وعندما ذكر قول من قال: إن (الوسطى) هي صلاة المغرب، وهي قول: قبيصة بن ذؤيب، عقَّب الطبري على ذلك قائلا:
ووجه قبيصة بن ذؤيب قوله: (الوسطى) إلى معنى التوسّط، الذي يكون صفة للشيء يكون عدلا بين الأمرين، كالرَّجل المعتدل القامة، الذي لا يكون مفرطًا طوله، ولا قصيرة قامته، ولذلك قال: ألا ترى أنَّها ليست بأقلِّها ولا أكثرها.
ومن أجل فهم كلام الإمام الطبري في تعقيبه على ابن ذؤيب أذكر كلام قبيصة بن ذؤيب، قال: الصلاة الوسطى: صلاة المغرب، ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها، ولا تُقصر في السَّفر، وأنّ رسول الله،  لم يؤخِّرها عن وقتها ولم يُعجّلها ( ).
2- وجه ابن الجوزي أقوال العلماء في المراد بالصَّلاة الوسطى قائلا: وفي المراد بالوسطى ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّها أوسط الصَّلوات محلا.
والثاني: أوسطها مقدارًا.
والثالث: أفضلها.
ووسط الشيء خيره وأعدله، ومنه قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143).
فإن قلنا: إن الوُسطى بمعنى الفُضلى، جاز أن يدّعي هذا كل ذي مذهب فيها. وإن قلنا: إنَّها أوسطها مقدارًا، فهي المغرب، لأن أقل المفروضات ركعتان، وأكثرها أربعًا.
وإن قلنا: إنَّها أوسطها محلا، فللقائلين: إنَّها العصر أن يقولوا: قبلها صلاتان في النهار، وبعدها صلاتان في الليل، فهي الوسطى.
ومن قال هي الفجر، قال عكرمة: هي وسط بين الليل والنهار، وكذلك قال ابن الأنباري: هي وسط بين الليل والنهار.
وقال ابن الأنباري: ومن قال: هي الظهر، قال: هي وسط النهار.
فأما من قال: هي المغرب، فاحتجّ بأن أوّل صلاة فرضت الظّهر، فصارت المغرب وُسْطى.
ومن قال: هي العشاء، فإنَّه قال: هي بين صلاتين لا تقصران ( ).
ومن خلال ما سبق يتَّضح ارتباط كل قول بمعنى (الوسط) في ضوء المعاني التي سبق بيانها.
3- وقال القاسميّ في تفسيره:
و"الصلاة الوسطى" أي: الوسطى بين الصَّلوات، بمعنى المتوسّطة، أو الفضلى منها، من قولهم للأفضل: الأوسط.
فعلى الأوّل يكون الأمر لصلاة متوسّطة بين صلاتين، وهل هي: الصّبح، أو الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، أقوال مأثورة عن الصّحابة والتَّابعين.
وعلى الثاني: فهي صلاة الفطر أو الأضحى أو الجماعة أو صلاة الخوف أو الجمعة أو المتوسطة بين الطّول والقصر، أقوال - أيضًا- عن كثير من الأعلام.
ثم قال: سنح لي وقوي بعد تمعّن احتمال قوله - تعالى -: (وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) (البقرة: من الآية238) بعد قوله: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ) (البقرة: من الآية238) لأن يكون إرشادًا وأمرًا بالمحافظة على أداء الصلاة أداءً متوسّطًا، لا طويلا مُملا، ولا قصيرًا مُخلا، أي: والصلاة المتوسطة بين الطول والقصر، ويؤيّده الأحاديث المرويَّة عنه،  في ذلك قولا وفعلا.
ثم مرَّ بي في القاموس حكاية هذا قولا، حيث ساق في مادة (وسط) الأقوال في الآية، ومنها قوله: أو المتوسّطة بين الطّول والقصر، قال شارحه الزّبيدي. وهذا القول ردّه أبو حيّان في البحر.
ثم سنح لي احتمال وجه آخر، وهو أن يكون قوله: (وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى) (البقرة: من الآية238) أريد به توصيف الصَّلاة المأمور بالمحافظة عليها بأنَّها فُضلى، أي ذات فضل عظيم عند الله، فالوسطى بمعنى الفُضلى من قولهم للأفضل: الأوسط ( ).
4- أما رشيد رضا فقال:
والصَّلاة الوسطى هي إحدى الخمس، والوسطى مؤنَّث الأوسط، ويستعمل بمعنى التوسّط بين شيئين أو أشياء لها طرفان متساويان، وبمعنى الأفضل، وبكل من المعنيين قال قائلون، ولذلك اختلفوا في أيّ الصّلوات أفضل، وأيّتها المتوسّطة ( ).
5- وأختم كلام المفسّرين حول هذه الآية بما ذكره ابن عاشور في تفسيره، حيث قال:
فأمّا الذين تعلّقوا بالاستدلال بوصف الوسطى فمنهم من حاول جعل الوصف من الوسط بمعنى الخيار والفضل، فرجع إلى تتبّع ما ورد في تفضيل بعض الصّلوات على بعض، ومنهم من حاول جعل الوصف من الوسط، وهو الواقع بين جانبين متساويين من العدد، فذهب يتطلّب الصّلاة التي هي بين صلاتين من كل جانب ( ).
وبهذا التفسير لمعنى (الوسطى) من خلال كلام المفسّرين المتقدّم نلحظ الارتباط بين هذه الكلمة وموضوع الوسطيَّة الذي هو مدار هذا البحث، سواء أكانت بمعنى التوسّط بين شيئين أم بمعنى الخيار الأفضل، وسيأتي مزيد بيان لهذه القضيَّة - إن شاء الله - بعد عرض جميع الآيات.

ثالثًا: كلمة (أوسط)
وقد وردت هذه الكلمة في آيتين:
الأولى في قوله - تعالى -: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89).
والثانية في سورة القلم في قوله - تعالى -: (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ) (القلم:28).
وقد ذكر المفسّرون معنى كل كلمة في موضعها، فمنهم من جعل معناهما واحدًا، ومنهم من فرَّق بين مدلوليهما، وإليك تفصيل ذلك:
الأولى: آية سورة المائدة:
1- قال الطبري: يعني - تعالى ذكره - بقوله: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89) أعدله.
قال عطاء: أوسطه: أعدله.
وقال بعضهم: معناه: من أوسط ما يطعم من أجناس الطعام الذي يقتاته أهل بلد المكفَّر أهليهم، ومن ذلك قول ابن عمر: من أوسط ما يطعم أهله الخبز والتّمر، والخبز والسَّمن، والخبز والزيت، ومن أفضل ما يطعمهم: الخبز واللحم.
وقال آخرون: من أوسط ما يُطعم المكفّر أهله، قال إن كان ممن يشبع أهله أشبع المساكين العشرة، وإن كان ممن لا يشبعهم لعجزه عن ذلك أطعم المساكين على قدر ما يفعل من ذلك بأهله في عُسره ويُسره.
ثم عقَّب الطبري على ذلك بقوله:
وأولى الأقوال عندنا قول من قال: من أوسط ما تُطعمون أهليكم في القلّة والكثرة ( ).
2- وقال ابن الجوزي:
في قوله: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89) قولان:
أحدهما: من أوسطه في القدر، قاله عمر، وعلي، وابن عباس، ومجاهد.
الثاني: من أوسط أجناس الطعام، قاله ابن عمر، والأسود، وعَبِيدَة، والحسن، وابن سيرين ( ).
3- وقال القرطبي:
تقدَّم في سورة البقرة أن الوسط بمعنى الأعلى والخيار، وهو هنا منـزلة بين المنـزلتين، ونصفًا بين طرفين، وعن ابن عباس، قال: كان الرجل يقوت أهله قوتًا فيه سعة، وكان الرّجل يقوت أهله قوتًا فيه شدَّة، فنـزلت: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89) وهذا يدلّ على أن الوسط ما ذكرناه، وهو ما كان بين شيئين ( ).

4- وقال الزمخشريّ:
(مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89) من أقصده، لأنَّ منهم من يُسرف في إطعام أهله، ومنهم من يُقتّر ( ).
5- وأختم هذه الأقوال في معنى (أوسط) فيما قاله سيد قطب حيث قال:
و(أوسط) تحتمل من (أحسن)، أو من (متوسّط)، فكلاهما من معاني اللفظ، وإن كان الجمع بينهما لا يخرج عن القصد، لأنَّ المتوسط هو الأحسن، فالوسط هو الأحسن في ميزان الإسلام ( ).
الثانية: آية سورة القلم:
1- قال الطبري:
وقوله: (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) (القلم: من الآية28). يعني أعدلهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
قال ابن عباس: أوسطهم: أعدلهم، وبمثل ذلك قال مجاهد، وسعيد، والضّحَّاك.
وقال قتادة: أي أعدلهم قولا، وكان أسرع القوم فزعًا، وأحسنهم رجعة ( ).
2- وقال القرطبي:
(قَالَ أَوْسَطُهُمْ) (القلم: من الآية28) أي: أمثلهم وأعدلهم وأعقلهم ( ).

3- وقال ابن كثير:
(قَالَ أَوْسَطُهُمْ) (القلم: من الآية28) قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومحمد بن كعب، والربيع بن أنس، والضّحاك، وقتادة: أي أعدلهم وخيرهم ( ).
4- وقال ابن الجوزي:
(قَالَ أَوْسَطُهُمْ) (القلم: من الآية28) أي أعدلهم وأفضلهم ( ).
5- قال القاسميّ:
أي: أعدلهم وخيرهم رأيًا ( ).
ومما سبق يتَّضح لنا أن كلمة (أوسط) في آية المائدة فسَّرت على عدَّة أوجه وبعدَّة معاني، منها: الأفضل، وبين القليل والكثير، وبين الجيّد والرديء، أو الشدَّة والسّعة. أمَّا آية القلم فاتَّفق المفسِّرون ( ) على تفسيرها بمعنى الأفضل والخيار وهو الأعدل.

رابعًا: كلمة (فوسطن) .
وردت في قوله - تعالى -: (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (العاديات:5) وذلك في سورة العاديات، الآية الخامسة.
وقد ذكر المفسِّرون أنَّ معناها من التوسط في المكان، وهذه جملة من أقوالهم:
1- قال الطبري:
يقول - تعالى ذكره -: فوسطن بركبانهن جمع القوم، يقال: وسطت القوم - بالتخفيف -، ووسّطته - بالتّشديد -، وتوسّطته، بمعنى واحد ( ).
2- وقال ابن الجوزي:
قال المفسّرون: المعنى: توسّطن جمعًا من العدوّ.
وقال ابن مسعود: فوسطن به جمعًا، يعني مزدلفة ( ).
3- وقال القرطبي:
(جَمْعاً) (العاديات:5) مفعول بـ "وسطن" أي: فوسطن بركبانهن العدوّ.
يُقال: وسطت القوم أسِطُهم وسْطًا وسطَة أي: صرت وسطهم.
يقال: وسطت القوم - بالتّشديد والتخفيف - وتوسّطتهم، بمعنى واحد.
وقيل: معنى التّشديد: جعلها الجمع قسمين، والتّخفيف: صرن وسط الجمع ( ).
4- وقال القاسمي:
(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) (العاديات:5) أي: فتوسطن ودخلن في وسط جمع من الأعداء، ففرَّقته وشتَّته.
يقال: وسطت القوم - بالتَّخفيف - ووسّطته - بالتَّشديد وتوسّطته، بمعنى واحد ( ).
5- وقال سيد قطب:
وهي تتوسّط صفوف الأعداء على غرَّة، فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب ( ).
ومن خلال ما سبق يتَّضح أن معناها التوسّط والوسط.
أحاديث نبوية في (الوسط)
السنة شارحة للقرآن، ومبيّنة له، وقد وردت بعض الأحاديث التي فيها الدّلالة على معاني (الوسط).
ولأهميّة التعمّق في فهم مدلول هذا المصطلح، فسأذكر بعض الأحاديث التي ورد فيها ما يدلّ على هذا المعنى، مع توضيح المراد حسب سياق الحديث، حيث قد يكون فيه دلالة على الوسط لا على الوسطيَّة.
1- عن أبي سعيد الخدريّ  قال: قال رسول الله،   يدعى نوح يوم القيامة، فيقول: لبيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بّلغت؟ فيقول: نعم، فيُقال لأمَّته: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير! فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمَّته، فيشهدون أنَّه قد بلَّغ، ويكون الرسول عليكم شهيدًا، فذلك قوله - جل ذكره -: (وكذلك جعلناكم أمَّةً وسطًا لتكونوا شهداء على النَّاس ويكون الرَّسولُ عليكم شهيدًا).  والوسط: العدل رواه البخاري ( ).
والمراد بهذا الحديث واضح، وهو أن الوسط فسّر هنا بالعدل، وهو المقابل للظّلم، حيث إن أمّة محمد،  شهدوا بما علموا، (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا) (يوسف: من الآية81). وهو الحق، فلم تكن شهادتهم لهوًى مع نوح، عليه السلام - وحاشاهم من ذلك - ولم يشهدوا مع قوم نوح بالباطل، وأنّى لهم ( ) ذلك، وهذا هو العدل، لأنَّ الظّلم له طرفان والعدل وسط بينهما، فالشَّهادة مع أحد الخصمين بدون حق ظلم، والشّهادة بالحقّ دون النّظر لصاحبه عدل، فأمَّة محمد،  ممّن قال الله فيهم: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (الأعراف:181).
2- روى الترمذي قال: لما نـزل قوله - تعالى -: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) (الروم: 1-4) خرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي مكَّة: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) (الروم: 1-4) قال ناس من قريش لأبي بكر، فذلك بيننا وبينك، زعم صاحبك أن الرّوم ستغلب فارس في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟! قال: بلى - وذلك قبل تحريم الرّهان - فارتهن أبو بكر والمشركون، وتواضعوا الرّهان، وقالوا لأبي بكر: كم تجعل البضع: ثلاث سنين إلى تسع سنين، فسمّ بيننا وبينك وسطًا ننتهي إليه، فسمّوا بينهم ست سنين ( ).
والستّ هنا هي الوسط بين ثلاث وتسع، فقبلها ثلاث وبعدها ثلاث.
3- عن عبد الله بن معاوية الغاضري  قال: قال رسول الله،   ثلاث من فعلهنّ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: من عبد الله وحده، وعلم أنَّه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيّبة بها نفسه، رافدة عليه كل عام، ولم يعط الهرمة، ولا الدرنة، ولا المريضة، ولا الشّرط اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم، فإنَّ الله لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشرّه  ( ).
والوسط هنا ما بين أجود الغنم وبين السيئ والمعيب، وهو مثل قوله - تعالى -: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) (المائدة: من الآية89). كما سبق.
4- عن جابر بن عبد الله  قال:  كنا عند النبي،  فخطّ خطًّا، وخطَّ خطَّين عن يمينه، وخطَّ خطَّين عن يساره، ثم وضع يده على الخطّ الأوسط، فقال: "هذه سبيل الله"، ثم تلا هذه الآية: (وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)  [سورة الأنعام، الآية: 153]. ( ).
والوسط هنا: هو الشيء بين الشيئين، متوسّط بينهما.
ونجد بيان هذا الصّراط في الحديث الآتي:
عن النّواس بن سمعان  قال: قال رسول الله،   ضرب الله مثلا صراطًا مستقيمًا، وعلى كَنَفي الصّراط سوران فيهما أبواب مفتَّحة، وعلى الأبواب ستور مُرخاة، وعلى الصّراط داعٍ يدعو يقول: يا أيّها النَّاس اسلكوا الصّراط جميعًا، ولا تعوجّوا، وداع يدعو على الصّراط، فإذا أراد أحدكم فتح شيء من تلك الأبواب قال: ويلك لا تفتحه فإنَّك إن تفتحه تلجه، فالصراط: الإسلام، والسّتور حدود الله، والأبواب المفتَّحة محارم الله، والداعي الذي على رأس الصّراط كتاب الله، والدّاعي من فوقه واعظ الله يذكر في قلب كل مسلم  ( ).
5- وقال   إنَّ في الجنَّة مائة درجة أعدَّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدَّرجتين كما بين السَّماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنَّه أوسط الجنَّة، أو أعلى الجنة  ( ).
قال الحافظ بن حجر: قوله:  أوسط الجنة أو أعلى الجنة  المراد بالأوسط هنا: الأعدل والأفضل، كقوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) (البقرة: من الآية143)( ).
6- وقال   البركة تنـزل وسط الطّعام، فكلوا من حافَّتيه، ولا تأكلوا من وسطه  ( ).
والوسط هنا: نقطة الالتقاء بين أطراف متساوية. أو هو أشبه ما يكون بمركز الدّائرة ومنتصفها.
7- وعن عبد الله بن مسعود   أن رسول الله،  خطَّ خطًّا مربَّعًا، وخطّ وسط الخطّ المربّع، وخطوطًا إلى جانب الخطّ الذي وسط الخطّ المربّع، وخطًّا خارجًا من الخطّ المربّع، فقال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا الإنسان الخطّ الأوسط، وهذه الخطوط إلى جانبه الأعراض تنهشه  ( ).
والوسط هنا: هو ما كان بين عدَّة أطراف والمسافة بينه وبين كل طرف متساوية.
8- وقال   وسّطوا الإمام وسدُّوا الخلل  ( ). أي اجعلوه وسط الصّف - في منتصفه - من أمامه، بحيث يكون طرفا الصّفّ متساويين بالنّسبة لموقف الإمام.
9- وقال   لعن الله من جلس وسط الحلقة  ( ). وهو الذي يجلس في وسط الحلقة، ولو لم يكن في منتصفها تمامًا، وإنَّما من جلس في داخلها بعيدًا عن أطرافها فهو في وسطها.
10- وقال   أنا زعيم بيت في رَبَضَ الجنَّة لمن ترك المراء وإن كان محقًّا، وبيتٍ في وسطِ الجنَّة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وبيتٍ في أعلى الجنة لمن حَسُنَ خُلُقُه  ( ).
والوسط هنا ما كان بين الرّبض والأعلى.
11- وقال   لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحبّ إليَّ من أن أمشي على قبر مسلم، وما أُبالي أوسط القبر قضيت حاجتي أو وسط السّوق  ( ).
والمراد بالوسط - هنا - الوسط المكاني.
12- وقال   ليس للنساء وسط الطّريق  ( ).
ومعنى الوسط كما في الحديث الذي سبقه الوسط المكاني، وهو ما كان بين الشيئين وهو منه، لأن المشروع في حقّ المرأة أن تكون بجانب الطّريق لا في وسطه، لما يحدث من فتنة بسبب بروزها وتعرّضها للرّجال.
هذه بعض الأحاديث التي وردت وفيها لفظ (الوسط). ومعناه، ومنها ما يدلّ على معنى الوسطيَّة، ومنها ما ليس كذلك، إذ لا تلازم بين (الوسط) و(الوسطيَّة)، فكل وسطيَّة فهي وسط، ولا يلزم من كل وسط أن يكون دليلا على الوسطيَّة، فقد يكون من الوسط المكاني أو الزّماني ونحوه، كما سيأتي بيانه - إن شاء الله -.





الموضوع الأصلي : الوسطية في ضوء القرآن الكريم // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: محمودبرايا






توقيع : محمودبرايا





الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس يناير 27, 2011 1:44 pm
المشاركة رقم:
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
المشرف العام
الرتبه:
الصورة الرمزية

الشيخ / أحمد عبد النبي

البيانات
عدد المساهمات : 1621
نقاط : 3184
تاريخ التسجيل : 23/04/2010
العمر : 43
العنوان : تلبانه مركز المنصورة محافظة الدقهلية

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:


مُساهمةموضوع: رد: الوسطية في ضوء القرآن الكريم الوسطية في ضوء القرآن الكريم Emptyالخميس يناير 27, 2011 1:44 pm



الوسطية في ضوء القرآن الكريم


جزاك الله خيرا
وما خير رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ بين أمرين إلا اختار أوسطهما





الموضوع الأصلي : الوسطية في ضوء القرآن الكريم // المصدر : منتديات أئمة الأوقاف المصرية // الكاتب: الشيخ / أحمد عبد النبي






توقيع : الشيخ / أحمد عبد النبي






الــرد الســـريـع
..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 3 والزوار 17)



الوسطية في ضوء القرآن الكريم Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة