الحمد لله الذي أبان الطريق وأوضح المحجة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسله مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، كساه من حُلل النبوة ما زاده مهابةً وبهجة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الذين فدوه بكل ما لديهم من نفسٍ ومهجة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما أمَّ هذا البيت زائر واعتمره وحجه.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وروّوا قلوبكم وأرواحكم من شمائل نبيكم ، وتأمَّلوا خصاله العظيمة وشمائله الكريمة، واربطوا أنفسكم وناشئتكم وأسَرَكم بها رباطاً محكماً وثيقاً يسمو عن التخصيص في أوقات، والتعيين في مناسبات، فليس هذا من منهج السلف الثقات.

واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن هذه الشمائل المصطفوية والسجايا النبوية ينبغي أن يكون لها تأثير عملي في إصلاح المنهج، وأثرٌ تطبيقي في إحكام المسيرة والبناء، في عصرٍ كثرت فيه المتغيرات، وتسارعت فيه المستجدات عبر كثيرٍ من القنوات والشبكات، فالسنة خير عاصم من شرور هذه القواصم.

وإن الأمة اليوم بحاجة أكثرَ من أي زمان مضى إلى الاتحاد على منهج الكتاب والسنة حتى تتلاقى الجهود في ميدان واحد نحو الهدف السامي الذي يسعى إليه كل مسلم لقيادة سفينة الأمة إلى برّ الأمان وشاطئ السلامة بعيداً عن كل ما يعكِّر صفوَ ورودها. وإن كل مسلم على ثغر من ثغور الإسلام في خدمة دينه وعقيدته وسنة رسوله بحسب مكانه ومسؤولية.

فأروا الله ـ أيها المسلمون ـ من أنفسكم خيراً، سيروا بخطى متوازنة يتوّجها العلم الشرعي، الذي من خلاله يُبنى الوعي الواقعي؛ لتأخذ هذه الأمة دورها القيادي ومكانها الريادي من جديد في مقدمة الركب، ولتقود البشرية الحيرى مرةً أخرى إلى مواطن العز والشرف، وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

هذا وصلوا وسلموا ـ رحمكم الله ـ على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى صاحب الحوض المورود واللواء المعقود والمقام المحمود.

من بلغ العلا لجلاله سطع الدجى لجماله

حسُنت جميع خصاله صـلوا عليه وآلـه

صلوا عليه صلاةَ متَّبعٍ له محبٍّ له مقتفٍ آثارَه متمسِّك بسنته، فلا إطراء ولا جفاء، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا، فقال تعالى قولاً كريماً في محكم التنزيل وأصدق القيل: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

المولد النبوي الشريف
المقدمة :
سبحان الذي خلق الإنسان وسخر له الملكوت 00 وأعطى الإنسان كل شيء وفضله وكرمه على جميع المخلوقات فأرسل إليه الرسل واختار من الرسل أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وصدق الله عز وجل عندما قال في كتابه الحكيم :
بسم الله الرحمن الرحيم
( كل الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد ) البقرة 253 صدق الله العظيم .
وأخبرنا تعالى أنه أرس نبيه إلى العالم رحمة للعالم قالت تعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) صدق الله العظيم .
واختار الله عز وجل إنساناً من بني البشر حتى يكون منهم وتكون عليهم الحجة قال تعالى : ( قل لو كان في الأرض ملائكة يمسون مطمئنين لأنزلنا عليهم من السماء ملفاً رسولاً . كل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا ) صدق الله العظيم . والله عز وجل أعطى رسوله الحكمة وفصل الخطاب ورفع ذكره
قال تعالى : " ورفعنا لك ذكرك " بمعنى أنه لا يذكر الله عز وجل إلا مقترناً بذكر نبينا عليه الصلاة والسلام فكان واجبنا اتجاه تلك الشخصية العظيمة المكرمة في السماء قبل الأرض أن تحظى باهتمام جميع سكان المعمورة فشرعت واستعنت بالمولى عز وجل أن أقدم ورقاتي هذه حتى تكون شاهدة لي عند المولى عز وجل وفي ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . فأخذت أرتشف من سيرته العطرة أتجول فيها وأتعلم منها وأحاول أن أجمع بعض الفقرات تعريفاً بمحتويات البحث التالية :
ثانياً : محتويات البحث :
1- اسمه صلى الله عليه وسلم .
2- الزمان .
3- المكان .
4- القبيلة .
5- الأب .
6- الأم .
7- العمات .
8- أمهات النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة .
9- مشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم .
10- وفاة أمه ( صلى الله عليه وسلم ) وتوليه جده عبد المطلب .
11- كفالته عمه أبو طالب .
12- تجارة النبي صلى الله عليه وسلم في حال السيدة خديجة .
13- بعثته .
الفصل الثاني – ويشتمل على :
1- شمول رسالته صلى الله عليه وسلم على أسباب التقدم والرقي .
أ - غرس العقيدة الصحيحة .
ب- استخدام العقل .
ج - الطاعة للمولى عز وجل .
د – حسن المعاملة .
هـ - العدل .
و – وحدة الإمام .
2 – سماحة النبي صلى الله عليه وسلم وأفكاره للذات .
3 – خاتمة .
4- المراجع .

أولاً : الاسم :
سمي بأفضل الأسماء فقد كانت تسمية من السماء قبل أن يسميه أهل الأرض . فقد سماه جده قبل أن يسمه أهله أمه رؤيا تسميته من قبل السماء .
فسمي بمحمد ليحمده أهل الأرض كما هو محمود في السماء . فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن قره بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النصر بن كنانة بن خديمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن يعرب بن يشجب بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن .
وروى الطبراني وابن عساكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ابن العواتك من سليم .
وروى ابن عساكر عن قتادة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في بعض نزواته أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب أنا ابن العواتك .
وروى عن علي ابن أبي طالب رضى الله عنه : أن النبي أجرى فرسه مع أبي أيوب الأنصاري فسبقه فقال صلى الله عليه وسلم أنا ابن العواتك إنه لهو الجواد البحر – يعني فرسه .
وروى ابن عساكر : النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد أنا ابن الفواطم .
والعواتك هم جدات النبي صلى الله عليه وسلم كما يذكر ابن عساكر أن العواتك من جداته صلى الله عليه وسلم
14 3 قرشيات 4 سلميات 2 عدويتان 2 هذلية .
وقحطانية وثقيفة وأسدية وقضامية .
وذكر ابن سعد أن الفواطم من الجدات عشرة .
وروى الإمام أحمد بن حنبل والبيهقي عن العرياص بن سارية السلمى رضى الله عنهم جميعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إني عند الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم عن ذلك : أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى .
وروى ابن سعد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان يهودي قد سكن مكة فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود قالوا لا نعلم قال : أنظروا فإنه ولد في هذه الليلة نبي هذه الأمة ( أحمد ) الآخرين وعلى كتفيه علامة . فانصرفوا فسألوا فقيل لهم . ولد لعبد الله ابن عبد المطلب غلام . فسماه جده محمد .
لأنه ولد يتيماً لم يستشعر عطف الأبوة لكنه وجد أمه فيها صلابة الأبوة ورحمة الأمومة فإذا نظرت إليه كانت قريبة عهد بفراق زوجها فجدد نظرها في نفسها حزناً مبرحاً فرأت على ثغرة ابتسامة متوهجة وفي عينيه تطلع إلى السماء ولعل خيالها المصور أسعفها فأرادها في وجه وليدها المحبوب وجه والده الحبيب .
ثانياً : الزمان :
قسم المولى عز وجل الزمان إلى حقب جعل فيها أربعة حرم وفضل بعض الليالي على بعض وبعض السنين على بعض وبعض القرون على بعض فجعل أفضل القرون هو قرن النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال : النبي صلى الله عليه وسلم أفضل القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه .
فقد ولد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن الأثير تبعاً لأبي جعفر ولد عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع وعشرين سنة مضت من سلطان كسرى أنوشوران وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة اثنين وأربعين من سلطانه أ. هـ وقد اتفق الرواة على أن ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في طي العام الذي تزوج فيه أبوه بأمه فلم يكن بين بناء عبد الله الذبيح على آمنة بنت وهب ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سنة ويوم وفاته كان تسعة عشر سنة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
يومئذ حمل في بطن أمه وعلى ذلك تكون سنة وفاة عبد الله أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم هي سنة تزوجه بأمه ولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من شهر ربيع الأول عام الفيل من زمن كسرى أنوشروان يوافق اليوم المكمل للعشرين من شهر أغسطس سنة 570 بعد ميلاد المسيح عليه السلام .
ثالثاً : المكان :
ولد في الجزيرة العربية بوجه عام وخاصة شمال تلك الجزيرة المعروف بأرض الحجاز وهي بوجه أخص ( مكة ) من أرض الحجاز .
والتاريخ الطبيعي عرف للجزيرة العربية في جملته خصائص شاملة تشترك فيها جميع أجزائها وعرف بعد ذلك خصائص فصلت الجنوب عن الشمال وعرف خصائص امتازت بها ارض الحجاز وخصائص امتازت بها مكة في موقعها من أرض الحجاز . عاصرت تلك الخصائص الجزيرة العربية مفرقة بين شمالها وجنوبها أماداً طويلة وأحقاباً متعددة تدخل مع التاريخ في أعماقه البعيدة حتى تقف معه عند مجاهل العصور التي لم تتبين له معالمها ولم تزل تمخضها الحوادث وتدافعها الأحداث وتمر مع الزمن في أطوار طبيعية حتى تبلورت إلى صورة واحدة مشت بالجنوب إلى الشمال فمزجته في خصائصه حتى صار كأنه هو جدباً وشظف عيش وقسوة طبيعية وجفوة حياة وكقهراً منظر وعبوس جو ولفح سموم وكثرة تقلبات وقلق إقامة تطلعاً إلى السماء رجاء غيث وتوثباً في أرجاء الأرض طلباً لمرعى .
وانعكست تلك الطبيعة مؤثرة في نفوس سكانها فأبدعت الأشعار التي ضرب لها الأسواق فمن تلك التقاليد الفريدة التي امتازت بها الأمة العربية .
إقامة أسواق العلم والحكمة والقريتي والقضاء .
يلقي فيها الحكماء نفائس حكمهم ويقضي فيها بالحق والعدل وتتبادل فيها الأسرى وقد تجعل فيها الأشعار وتبحث فيها المعلقات والحوليات ومن هذه الأسواق .
عكاظ - مجنه – ذو المجاز .
وفيها كانت تدور أنماط من الإنتاج العقلي وتقوم عادات وتقاليد تهدف إلى : إقامة العدل وتصفية النفوس وبعث النجدة والشهامة والكرامة والكرم والعفاف وتركيز أسس الإيمان بالحنفية السمحاء .
ومكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم معروف بمكنة مشهور فتغلب علياه حتى انتهى به الأمر إلى أن صار في عصرنا داراً للحديث ولا شكل أن هذا المكان كان جزءاً من دار جده عبد المطلب انتقلت إليها آمنة وهي حامل به صلى الله عليه وسلم .
رجع محمد صلى الله عليه وسلم من بادية بني سعد إلى مكة بعد أن بلغ من عمره سنوات أول مراحل الشباب 00 والشباب حماسة ونشاط وقوة وتطلع إلى معرفة كل مجهول ووقف عند الحيرة الفكرية وهي الآية الأولى التي قرأها محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب الوجود على صفحة الصحراء وهي التي رجع لها إلى مكة الصادرة في غي وثنيتها السكري بخمر أصنامها وكان يحمل من هموم الدنيا ما صرفه عن اللهو واللعب إنه يتيم يرى لدانه من الأطفال يرتمون في أحضان آبائهم فيملأه الحزن ألا يرى له أباً وهذا كان سبب في عزلته عن العبث والملاهي .
رابعاً : القبيلة :
وجدته الكبرى قريشاً وفرعيها الفارعين عبد مناف وزهرة اللذين انفرجا عن محمد صلى الله عليه وسلم فعبد مناف أثمر سيدها عبد المطلب ابن عبد الله 00 وزهرة أثمر سيدها وهب ابنته آمنة . وهاتان الثمرتان ضمهما القدر بالزواج بين كرام العرب فكان منهما محمد رسول الرحمة للعالمين . وورد في صحيح مسلم عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله اصطفى كتابه من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى هاشماً من قريش واصطفاني من بني هاشم .

خامساً : الأب :
هو عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم
وكان يتصف بأنه أحسن رجل في قريش خلفاً وخلقاً وكان نور النبوة في وجهه فكان أ؛سن رجل منظراً في قريش وكان أكمل بني أبيه وأحسنهم وأعفهم وأحبهم إلى قريش وكان أحسن فتى يرى في قريش فقد كان فتى وسيماً جميل الطلعة وكانت أوانس مكة ونساؤها معجبان به فكان يسمو على شباب مكة يخلق هادئ وعقل رزين ولسان خلاب ووجه بشوش وكان عفاً تقياً بعيداً كل البعد عن كل ما يشين الشباب من جهالة .
فقد كان في طياته رسالة السماء فكانت مهمته هي توصيله الأمانة من الصلب الطاهر إلى الرحم الطاهر وعندما أنهى مهمته واكتملت فما بدأت إلا في النقصان فكانت الوفاة في قلب الشباب وفي قمة الوجاهة والنضوج فقد كان يشيه وجهه بنور النبوة كما شعرت فيه النساء وعندما ذهب بذلك النور ما يرغب فيه النساء وأخبروه بأن النور قد ذهب فما لهم به من حاجة 00
فكان بحق مختاراً من السماء لتحمل هذه الأمانة 00 فقد صدق النبي صلى الله عليه وسلم عندما أطلق على نفسه أنه ابن الذبيحين وهما إسماعيل وعبد الله فقد قال ابن إسحق وكان عبد المطلب بن هاشم قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عنه صفر زمزم لئن ولد له عشرة نفر ثم يلقوا وجه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة فلما توفى بنوه عشرة جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك فأطاعوه وقالوا كيف نصنع قال : ليأخذ كل رجل منكم قدماً ثم يكتب فيه اسمه ثم ائتوني ففعلوا ثم أتوه فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة وكان هبل على بئر جوف الكعبة وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة 00 فقال عبد المطلب لصاحب القداح أضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر وخرج القدر على عبد الله بن عبد المطلب أصغر بني أبيه فكان عبد المطلب يرى أن الهم إذا أخطأه فقد أشوى وهو أبو رسول الله ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفره ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه فقامت إليه قريش فقالوا ماذا تريد يا عبد المطلب قال : أذبحه فقالوا لئن فعلت هذا ولا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه فما بقاء الناس على هذا وأشار إليه بأن يذهب به الحجاز لمشورة عرافة هناك وعندما قدم المدنية فوجدوها بخير وقصى عليها عبد المطلب خبره وخبر ابنه وما أراد به ونذره فيه قالت لهم : بأن جعلوا إلى بلادكم ثم قروا صاحبكم وقربوا عشراً من الإبل ثم أضربوا عليها وعليه بالقداح فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم وإن كلما أصابت القداح عبد الله حتى وصل عدد الإبل مائة وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل فقالت قريش قد انتهى رضا ربك يا عبد المطلب فقام عبد المطلب بضرب القداح ثلاث مرات فخرجت على الإبل فنحرت فداء لعبد الله بن عبد المطلب .
سادساً :
الأم : الفرع استمداء من الأصل 00 والأرض الطيب يخرج نباته طيباً والشجر الخبيث لا ينتج إلا في ارض خبيثة فما بالنا بأم النبي صلى الله عليه وسلم 00 الذي اختاره ربه وجعله حبيبه فقد كانت أم النبي صلى الله عليه وسلم بحث خير أم حملت خير ابن فقد كانت لها من الوجاهة وإلهية والوقار ما كان لولدها في عصره فهو الذي اختاره ربه وشرفه بنسب أبوه بأمه 00
فهي آمنة بنت وهب ابن عبد مناف ابن زهرة ابن كلاب ابن مره .
لما حملت به آمنة بنت وهب كانت تقول ما شعرت أني حملت به ولا وجدت له ثقلاً كما تجد النساء 00
يروي ابن الجوزي 00 قالت آمنة لقد رأيت ليلة وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم نوراً أضاءت له قصور الشام حتى رأيتها .
وفي رواية أن أمهه جُدثت أنه قيل لفها في النوم سميه محمداً فسمته به .
وكانت قبل الزواج أفضل فتاة في قريش نسباً وموضعاً تفتح صباحها في أعز بيئة وأطيب منبت فاجتمع لها من أصالة النسب ورفعة الحسب ما تزهو به في ذاك المجتمع المكي المعتز بكرم الأصول ومجد الأعراق 00 كانت زهرة قريش اليانعة وبنت سيد بني زهرة نسباً وشرفاً وقد ظلت في خدرها محجبة عن العيون مصون عن الابتذال .
وعندما بلغ محمد صلى الله عليه وسلم سنه ست سنوات أزارئه أخوال جده عبد المطلب وعند عودتهم إلى مكة نحو ثلاثة وعشرين ميلاً من يثرب وعند قرية الأبواب مرضت آمنه أم محمد صلى الله عليه وسلم وبلغها الأجل ودفنت هناك وعادت معه حاضنته أم أيمن فكانت الحكمة الإلهية أن يولد يتيم الأب ثم يعيش بعد ذلك يتيم الأبوين حتى تصدق عليه الحكمة الإلهية كما هي كانت في غيره من الأنبياء فقد ماتت أمه عندما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنوات شرعت والدته مع حاضنته أم أيمن التي أورثها له أبوه في زيارة أخوال جده عبد المطلب وهناك لعب مع لدائه ورآه يهود يثرب فتحدثوا عنه وسمعتهم حاضنته فتوجست عليه منهم وأبلغت سيدتها فرحلوا عائدين إلى مكة ولما كانوا نحو ثلاثة وعشرين ميلاً من يثرب وقد بلغوا قرية الأبواب مرضت آمنة أم محمد صلى الله عليه وسلم وبلغها الأجل ودفنها هناك ابنها الحبيب وحاضنته أم أيمن وعادوا على بعيريهما إلى مكة .
قال ابن سعد في الطبقات :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنه فلما بلغ ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم ومعه أم أيمن تحضنه وهم على بعيرين فنزلت به في دار النابقة فأقامت به عندهم شهراً فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أموراً كانت في مقامه ذلك لما نظر إلى أطم ( قصر ) بني عدي بن النجار بعد هجرته عرفه وقال : كنت ألاعب أنيسة جارية من الأنصار على هذا الأطم وكنت مع غلمان من أخوالي نطير طائراً كان يقع عليه ونظر إلى الدار فقال ههنا نزلت بي أمي وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله بن عبد المطلب وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار وان قوم من اليهود يختلفون ينظرون إليه فقال أم ايمن فسمعت أحدهم يقول هو نبي هذه الأمة وهذه دار هجرته فوعيت ذلك كله من كلامه ثم رجعت به أمه إلى مكة فلما كانوا بالإيواء توفيت آمنه بنت وهب فقبرها هناك وقال القسطلاني في المواهب : وقد كانت أم أيمن دايته وحاضنته بعد موت أمه وكان عليه السالم يقول لها :
أنت أمي بعد أمي .
سابعاً :
العمات :
لقد خص الله عز وجل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعلها كثيرة الذرية وكان دعاء القوم بعضهم لبعض تزوجت بكراً وأنجبت عشراً وكان جده صلى الله عليه وسلم ينذر لو أنجب عشراً لذبح أحدهم 00 فقد كانت عمات النبي صلى الله عليه وسلم يحتذي بهم وكانت أصحاب رؤيا فمنن هذه العمات :
1 – صفية بنت عبد المطلب ( رضى الله عنها ) :
عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدة الزبير بن العوام أحد العشرة وهي شقيقة حمزة أمها ( هالة بنت وهب ) خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم 00 وكانت ذات شخصية قوية في طبعها تميل إلى القسوة والعنف .
وأول ما تزوجت الحارث بن حرب بن أمية أخا أبي سفيان ثم هلك فتزوجها العوام بن خويلد أخو خديجة ( رضى الله عنها ) فولدت له الزبير والسائب .
2- أروى بنت عبد المطلب :
عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت وجة عمير بن وهب فولدت له طليباً ثم تزوجت كلده بن عبد مناف فولدت له أروى 00 وكانت رضي الله عنها بعد تعضد النبي صلى الله عليه وسلم بلسانها وتحض ابنها على نصرته .
3- عائكة بنت عبد المطلب القرشية :
عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم 00 كانت زوج أبي أمية بن المغيرة المخزومي والد أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ولها شعر تذكر فيه تصديقها بنبوته عليه الصلاة والسلام وهي صاحبة الرؤيا المشهورة في قصة
( بدر ) وقد روى ابن هشام في سيرته هذه الرؤيا فقال :
قال ابن اسحق عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد ابن رومان عن عروة بن الزبير قالا :
رأت عائكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليالي رؤيا .
هذه الرؤيا أفزعتها فبعث إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفزعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحد شك به فقال لها : وما رأيت قالت : رأيت راكباً أقبل على بعير له حتى وقف بالأيطم ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا ****** لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ألا انفروا ****** لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس ابي قبيس فرخ يمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوى حتى إذا كانت بأسفل الجبل أرفضت فما يقر بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة 000
قال العباس :
والله إن هذه لرؤيا 00 وأنت فكتميها ولا تذكريها لأحد .
ثامناً : أمهات النبي صلى الله عليه وسلم في الرضاعة :
انتظرت السيدة آمنة بن وهب مع المنتظرين مجئ المرضعات من بين سعد . وحضرت وكن عزوفاً عن اليتامى إذ أنهم يبغين من وراء الإرضاع رزقاً وأنهم لينتظرن أجراً .
وليس لليتامى حسب العرض عصب يمكن للمرضعات الاعتماد عليه في تحقيق آمالهن فكانت الرغبة منهم في الأيتام قليلة فعزفن جميعاً عن إرضاع محمد صلى الله عليه وسلم 00 حتى إذا اكتمل لكل واحدة منهم رضيع وهممن بالإياب . لم تكن حليمة قد صادفت لها حظاً ومن قبل كانت قد عزفت عن إرضاعه فلما وجدت نفسها وهكذا جهزها الله تعالى ستعود فارغة قالت لزوجها : والله إني لأكره أن أرجع من بين ضواحي ولم أخذ رضيعاً 00 والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلأخذنه وذهبت وقد صب الله في قلبها شوقاً وحنيناً للرضيع اليتيم .
يقول الأستاذ التوني : وتملكها شعور قوي غريب فعادت تقول : وإن بي لحنينا إلى الطفل اليتيم لقد آذيتهم وكنت قاسية عليه وعليهم 00
ونظر إلهيها الرجل الكريم بعين فاحصة واعية ثم قال لا تنكري علىّ من أمرك شيئاً يا حليمة 00 فقد رأيتك تتقلبين طوال الليل لم يغمض لك جفن ولم ترفأ لك دمعة ولست أدري من أمر سهرك شيئاً ولا أعرف لبكائك سبباً 00 وأنت دائماً الضاحكة الراضية القانعة فترد عليه :
والله لا أدري للأمرين من سبب ولكن أحس حنيناً للوليد وعادت تحمله حيالها وهي حنان عليه وغادر ركب الآظار مكة فترى حليمة من بشائر النبوة ما تحكيه للتاريخ . فخرجت على أتان لي قمراء بيضاء فيها كدرة معنا شارف لنا والله ما نبقى بقطره وما ننام ليلنا أجمع من حبيبنا الذي معنا من بكائه من الجوع ما في ثدي ما يغنيه وما في شارقنا ما يغذيه 00 فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل ثدياني بما شاء من لبن .
1- أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبية وهي مولاة عمه أبو لهب وعندما بشرت عمه أبو لهب بولادته اعتقها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبرها ويسأل عنها وعن أقاربها وفاء لها .
2- حاضنته أم أيمن التي أورثها له أبوه وكان سنه ست سنوات عندما زارت معه أخوال جده عبد المطلب .
3- حليمة السعدية وقد صب الله في قلبها شوقاً وحنيناً للرضيع اليتيم وأول بشارات الفيض يظهرها الله في محيط الأسرة الصغيرة حيث لما أخذته وضعته في حجرها أقبل ثدياها بما شاء منن لبن وقام زوجها لحامل فحلب منه وشرب وشربت معه حتى شبعا وكان ضامر الضرع قبل ذلك .
قالت : يقول صاحبي حين أصبحنا 00
تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسبة مباركة .
تاسعاً : مشاهدة النبي لجبريل عليه السلام :
أ – أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل وهو طفل :
التنقية حسياً ومعنوياً في عالم البشر شيء مألوف ومرغوب فيه 00 إن استحمام الإنسان استعداداً للقاء عزيز عمل يزينه العقل وتدعو إليه العادة 00 ذلك شأن البشر العادي ولقد كان شعر الصدر الشريف عملية تربية وتنقية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع علائق الحياة العادية لتبقى الذات سوية 00 وهذا الحادث وقع لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ طفولته المبكرة على يد جبريل عليه السلام .
ب – نزول الوحي :
يروي عن عائشة رضى الله عنها : قصة بدء الوحي إذ تقول أول ما بدء به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبع ثم حُبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء . فجاءه الملك فقال : أقرأ قال : ما أنا بقارئ قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : أقرأ : فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطي ثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلنا فقال : أقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال : أقرأ باسم ربك الذي خلق 00 خلق الإنسان من علق 00 أقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده على خديجة بنت خويلد وأخبرها الخبر 00 لقد خشيت على نفسي. فقالت : كلا والله ما يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل . وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .
ما أن جاء صلى الله عليه وسلم خديجة وقص عليها حتى قالت له : أبشر يا ابن عم فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم جمعت عليها ثيابها وانطلقت إلى ورقة بن نوفل ابن عمها وكان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوارة والإنجيل وقالت : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال له ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره الحبيب صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقال له ورقة : هذا الناموس الأكبر الذي أنزل على موسى عليه السلام 00 وجمل خديجة حرصها على تجلي الحقيقة ومعرفة الأمر على حقيقته ليكون إيمانها بعلم ويقين فأجرت الاختيار التالي : فقالت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن عم هل تستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك. قال : نعم 00 قالت : فإذا جاءك فأخبرني به .
فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يجيئه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة : يا خديجة هذا جبريل قد جاءني 00
قالت : قم ابن عم فاجلس على فخدي اليسرى فقام رسول صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليسرى قالت : هل تراه 00
قال : نعم 00 قالت : فتحول فاجلس على فخدي اليمين 00 فتحول وجلس . وقالت: هل تراه . قال : نعم .
قالت : فتحول فاجلس في حجري فتحول فجلس في حجرها قالت : هل تراه 00 قال : نعم 00 فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها ثم قالت : هل تراه . قال : لا 00 قالت : يا ابن عم أثبت وأبشر فوالله إنه ملك وما هذا بشيطان .
وبهذا كانت خديجة أول من استضاء بنور النبوة المحمدية وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم .
والوحي الذي جاءه 00 كما أن ورقة كان من الفائزين بالأسبقية لولا أن ***** اختر منه فلم يشهد ضحى الشمس المحمدية .
عاشراً : وفاة أمه صلى الله عليه وسلم وتولية جده عبد المطلب :
وتنتقل كفالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى جده عبد المطلب وهو شيخ وقور مجرب حكيم . فأعز محمداً لأنه ولد عبد الله الذي ارتحل عنه وفي شرخ صباه حلواً فتياً جذعاً فكان يجلسه على فراشه الخاص به الذي كان يعد له عند الكعبة المشرفة وكانت التقاليد لا تسمح بهذا – ولذا كان بعض أعمامه يحاول أن يمنعه من الجلوس فيدافع جده عن ذلك ويمسح ظهره بيده ولقد ارتفع عبد المطلب بحفيده وهو في طفولته المبكرة فوق أقطار الثقافة الاجتماعية وتنبأ له بأن له شأنا .
وفي حياة عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم حادثان مهمان :
الأول : حفر زمزم .
الثاني : حادث أصحاب الفيل .
وكان وفاة أمه وهو في السادسة من عمر النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ الثامنة كان جده عبد المطلب قد نيف على المائية وحضره أجله فأوصى بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب .
حادي عشر : كفالته عمه أبي طالب :
تولى كفالته عمه أبي طالب يحفظه ويحوطه لأنه كان شقيق عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم .
وكان أبي طالب ثالث الكفلاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم في صباه ومازال في كفالته حتى بلغ سن الرشد ثم لازمه أبي طالب فلم يتركه ولم يسلمه لقريب ولا لبعيد حتى قبضه الله في السنة الحادية عشرة من البعثة النبوية ومات أبي طالب على غير ملة الإسلام ولا زاد لما قضى الله .
وعندما أصابت قريشاً أذى شديدة وقد كان أبي طالب ذا عيال كثير 00 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان من أيسر بني هاشم آخذ من نبيه رجلاً وتأخذ أنت رجلاً فقال العباس : نعم . فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فضمه إليه . وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه وكان علي في حضن رسول الله صلى الله عليه وسلم محل الحنان والمودة والعيش الراقي خلقاً وتأديباً وحناناً .
ثاني عشر : تجارة النبي (ص) في مال السيدة خديجة :
ومرة أخرى يسافر محمد صلى الله عليه وسلم في تجارة إلى الشام 00 إنها تجارة خديجة بنت خويلد 00 كان في المرة الأولى في كنف عمه أبي طالب وهو غلام صغير أما هذه المرة فشاب موثوق فيه على مستوى المجتمع كله .
كانت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد القرى بن قصي امرأة تاجره ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء يجعله لهم منه وكانت قريش قوماً تجار فلما بلغها عن رسول الله ( ص ) من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه لكي يخرج في مالها إلى الشام وربحت تجارتها ضعف ما كانت تربح .
كانت خديجة أوسط نساء قريش نسباً وأعظمهم شرفاً وأكثرهن مالاً عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسها فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمامه لخطبتها . فخرج عمه حمزة ابن عبد المطلب فخطبها وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدت له : ( القاسم – عبد الله – الطيب – زينب – رقية – أم كلثوم – فاطمة ) عليهم السلام .
وعندما قال لخديجة هذا جبريل قد جاءني آمنت به خديجة وصدقت بما جاءت من الله وآزرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله . وإذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس رحمها الله تعالى .
وأمر الله تعالى نبيه أن يبشرها ببيت في الجنة لا صخب فيه ونصب وجاءه جبريل فقال : أقرئي خديجة السلام من ربها .
وقد جندت رضى الله عنها كل مالها في سبيل الله فأنفقت من نغير حساب وخصوصاً سنوات القطيعة والحصار في شعب أبي طالب .
ولقد كفت رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤونة العمل فكان كل عمله للدعوة . وعطفت على ضعفاء المسلمين وفقرائهم وبسطت يدها بالبذل فكانت أم المؤمنين حقاً وفعلاً بل كانت أولهن على الإطلاق مكاناً ومكانة .
وخرجت خديجة من حصار الشعب وقد وهن عظمها فسقطت فريسة المرض ولم يفلح في علاجها طب ولا دواء ورجعت نفسها المطمئنة إلى ربها راضية مرضية .
وذلك قبل الهجرة بثلاث سنوات . وبلغت المتاعب أقصى مداها لرسول الله صلى الله عليه وسلم في عام موت خديجة الذي سمي ( عام الحزن ) ومن الله عليها وعلى المسلمين بأن حفظ في نسل الزهراء بنت الطاهرة ذرية بغية عليه الصلاة والسلام فهي أم آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام .
ثالثا عشر : بعثته :
كانت بعثته صلى الله عليه وسلم على رأس أربعون سنة من عمره وحكى عن ابن عباس أنه كان عمره عند البعثة 43 سنة .
روى البخاري عن عائشة :
أول ما بدء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبع 00 ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه – أي يتعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتردد لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء .
روى ابن شهاب الزهدي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري فإذا بالملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ففزعت منه فرجفت فقلت زملوني زملوني فأنزل الله تعالى : يا أيها المدثر قم فأنذر 00
وكأن الرؤيا في بداية الأمر كالتوطئة لما بعده من اليقظة وقد جاء ذلك مصدقاً به في المنام ثم في اليقظة ويؤكد ذلك ما رواه أبو نعيم في كتابه دلائل النبوة عن علقمة بن قيس قال : إن أول ما يؤتى به الأنبياء في المنام حتى تهدأ قلوبهم ثم ينزل الوحي بعده .
وقد روى الإمام أحمد عبن ابن عباس قال : أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خمسة عشر سنة وسبع سنين يرى الضوء ويسمع وثمانية سنين يوحى إليه وقام بالمدينة عشر سنين .

الفصل الثاني :
شمول رسالته (ص) على أسباب التقدم :
لقد بعث المولى عز وجل سيدنا محمد هادياً ومبشراً ونذيرا وداعياً إلى الله تعلى بمنهج قويم يهدي البشر ويخرجهم من دياجيل الظلام إلى نور الإيمان فأرسله تعالى بمنهج السماء الذي أشتمل على أسباب رقي الإنسان وفلاحه في دنياه فكانت رسالته صلى الله عليه وسلم هي بحث خير رسالة مع خير رسول وكانت هذه الرسالة تحتوي على قواعد إصلاح المجتمع التي تفككت أوصاله وتهالكت مبانيه وأصبحت البشرية في صراع فأرسل المولى عز وجل رسوله بذلك المنهج وبتلك الرسالة التي اشتملت على قواعد الاستقرار والتقدم والأمان والرخاء فمن هذه القواعد:
1- غرس العقيدة الصحيحة .
لأن كل إنسان يبحث عن عقيدة يسير عليها ولا ريب في أن الدين الإسلامي بل وسائر الأديان قد جاءت لبيان ما يرشد الخلق إلى معرفة الله تعالى باعتقاد وجوده وصفاته 00 فقال تعالى :
ـ قل هو الله أحد .
ـ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .
ـ وما أرسلنا 00 قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدوني .
ـ إن الدين عند الله الإسلام .
ـ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء .

2- استخدام العقل :
لأن العقل هو أساس ذلك الدين : قال تعالى إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا .
وحث النبي صلى الله عليه وسلم على لسان ربه أن ينظر الإنسان في كل شيء فقد قال تعالى :
ـ فلينظر الإنسان مم خلق .
ـ وفي أنفسكم أفلا تبصرون .
ـ ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون .
ـ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .
ـ ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين .
ـ وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون .
ثم يصف المولى عز وجل حال الكفار الذين عصوا كلام رسول ربهم فقال تعالى على لسانهم وقالوا :
ـ وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فهذا دليل على أن استخدام العقل هو أحد قواعد الإيمان وجاءت الرسالة المحمدية تحث أبناؤها على أعمال العقل الصحيح إعمالاً صحيحاً والتفكر في آيات الله عز وجل آناء الليل وأطراف النهار وأن يذكروه بكرة وأصيلا .
3- الطاعة للمولى عز وجل والامتثال لأوامره :
فإن المولى عز وجل ميز الإنسان باستعداده لقبول عبادة خالقه بما منحه العقل والنطق وخصه بهما دون سائر الحيوانات والجمادات فكلفه بالعبادة وحده قال تعالى:
ـ إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا .
وظاهر الأمانة احتمال التكليف وما ينجم عنه من ثواب وعقاب وطاعة ومعصية .
ثم أوجب على الإنسان الشكر باستدامه الذكر والخضوع لأوامره ونواهيه تعالى وذلك واضح في قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ هل تدري يا معاذ ما حق الله على العباد؟
وما حق العباد على الله ؟
قال معاذ : الله ورسوله أعلم .
قال : (ص) فإن حق الله على العباد وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً .
وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً فأمره تعالى لصالح الإنسان وليس يعود على الله بنفع .
مثال : ذلك قوله تعالى في الأضحية 00
ـ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها لكن يناله التقوى منكم .
وعندما يأمرنا تعالى الصلاة فهي لحكمة قال تعالى :
ـ أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وهكذا نجد مقاصد الشريعة الإسلامية وأحكامها في مصلحة الإنسان ولخيره في دنياه وأخرته .
4- حسن المعاملة :
لقد أرسى الإسلام قواعد رسالته على حسن المعاملة وجعل أصل الإنسان واحد قال تعالى :
ـ هو الذي خلقكم من نفس واحدة .
ـ وهو الذي جعلكم شعوباً وقبائل لتعارفوا وجعل المقياس هو التقوى . قال تعالى:
ـ إن أكرمكم عند الله اتقاكم .
ـ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
ولقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث عديدة تشير إلى حسن المعاملة الواجبة . فقد روى البخاري :
قوله النبي صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً .
وقال تعالى : إنما المؤمنون أخوة .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .
وكانت قواعد رسالته صلى الله عليه وسلم تأمر بحسن المعاملة مع الأهل في المنزل وبالأخص مع الزوجة . قال تعالى :
ـ وعاشروهن بالمعروف .
وكانت حسن المعاملة مع الأقارب والوالدين بالأخص في منزلة عظيمة . قال تعالى :
ـ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين أحسانا .
ـ وقضى ربكم ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا وكانت المعاملة الحسنة مع الجار عظيمة . قال تعالى :
ـ والجار الجنب والصاحب بالجنب .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم مازال خليل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه .
وكانت حسن المعاملة مع المجتمع بعدم التحدث في حقوق العباد وعدم التعرض لهم بالسب أو القذف .
قال تعالى :
ـ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه وقال صلى الله عليه وسلم :
ولا يتجسسوا ولا تحسسوا ولا تبغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا00
5 – العدل :
بالعدل والنظام قامت السموات والأرض . فالعدل يوجد دعائم الأمن وبالعدل تنتظم أحوال الرعية ولقد نص القرآن الكريم على إقامة قسطاس العدل في الشؤون المختلفة فبما يحدث بين الناس من تشاجر وتنازع .
قال تعالى :
ـ إن الله يأمر بالعدل .
ـ وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :
إن الله يحب البصر الناقد عن ورود الشبهات ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات .
والعدل في الرسالة المحمدية له العديد من المعاني التي منها . الفداء قال تعالى :
ـ ولا يؤخذ منها عدل .
ومنها القيمة قال تعالى أو عدل ذلك صيام ومنها الشهادة .
وقال تعالى : إن الله يأمر بالعدل – أي الشهادة .
ومنها يعدلون أي يشركون . قال تعالى :
ـ وهم بربهم يعدلون .
ـ والعدل خلاف الجور والعدل نوعان :
مطلعة يقتضي العقل حسنه . ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخاً ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك وكف الأذى عن من كف أذاه عنه . وعدل يعرف كونه عدلاً بالشرع ويمكن أن يكون منسوخاً في بعض الأزمنة . كالقصاص والأرش .
والعدل هو أساس الرسالة المحمدية التي أمر الله عز وجل به فقال تعالى :
ـ إن الله يأمركم 00 وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .
فقد ورد في نزولها كما قال ابن عباس : هي للبر والفاجر وهذا أمر منه تعالى : بالحكم بالعدل بين الناس ولهذا قال : زيد ابن اسلم – نزلت هذه الآية في الأمراء يعنب الحكام بين المسلمين . وفي الحديث الشريف . إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله إلى نفسه وفي الأثر عدل يوم كعبادة أربعون سنة .
6 – وحده الإمام :
وهي الانطواء تحت لواء واحد ورئيس واحد أنطواءاً حقيقي ********
فقال تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا .
ـ وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم .
ـ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :
ـ من مات ولبس في رقبته بيعة مات على الجاهلية .
ـ لا يحل لثلاثة نفر في سفر إلا أن يؤمروا عليهم أحدهم .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ـ خيار أمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشر أمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم وكنا يا رسول الله : أفلا ننابذهم ؟ قال : لا ما أقاموا فيكم الصلاة .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أهان السلطان أهانه الله .
سماحة النبي صلى الله عليه وسلم وإنكاره للذات في رسالته :
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم متمسك بالأوامر الإلهية وكان حريصاً على أن يكون صادقاً للمولى عز وجل . وعندما سئلت السيدة عائشة رضى الله عنهما عن خلقه :
قالت : كان خلقه القرآن وكما عبر عنه بأنه قرآن يمشي على الأرض فكانت الأوامر الإلهية تحثه دائماً على :
ـ وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين .
وكان يأخذ وصايا لقمان لابنه وصايا إلهية له فقال تعالى :
ـ ولا تمشي في الأرض مرحاً .
وكان يريد الدار الآخرة – فقال تعالى في شأنهم تلك الدار الآخرة يجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا - .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله أوصى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد .
فكانت سماحته وتواضعه وإنكاره لذاته صلى الله عليه وسلم هي أهم سمات التي تميزت بهما تلك الشخصية العظيمة الجليلة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بريئاً من الرياء والتصنع مستقل الرأي – لا يدعي ما ليس فيه – ولم متكبراً ولا ذليلاً ضرعاً بل كان في ثوبه المرقع بخطاب بقوله الحق المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم ويرشدهم إلى ما يجب أن يكونوا عليه في هذه الحياة وما يجب أن يعدوه في أخرتهم .
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب التواضع والظهور بطبيعته الحقيقية التي لا تكلف فيها ولا تصنع ولا خيلاء ولا نفاق ولا طلاء وعلى قدر حبه للتواضع كان يكره الكبر والتكبر والغطرسة والتعاظم ويبغض الفخر بالإحساس والأنساب والتظاهر بالغنى والحياة والسلطان والقوة والعظمة . فكانت سماحته صلى الله عليه وسلم مع الخدم أنه ما نهر خادماً قط وصدق أنس عندما قال : خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما قال لي شيئاً قط فقلت لما فعلت ولا شيء تركته قط لما تركته .
وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا في بيته كان ألين الناس بساماً ضحاكاً .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مساعدة أهل بيته فكان صلى الله عليه وسلم في خدمتهم فهو القائل : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي 00
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخسف نعله ويرقع ثوبه ويطعم شاته .
فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أن في أحد الأسفار وأمر أصحابه بذبح شاه فقال أحدهم : على ذبحها وقال آخر على سلخها وقال آخر . على طبخها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى جمع الحطب فقالوا يا رسول الله تكفيك العمل . فقال: علمت أنكم تكفوني ولكن أكره أن أتميز عليكم .
وأن الله سبحانه وتعالى يكره من عبده أن يراه متميزاً بين أصحابه .
فكانت حياته صلى الله عليه وسلم مليئة بالسماحة وإنكار الذات فهو الذي أخبر عنه المولى عز وجل :
وإنك لعلي خلق عظيم .
وهو القائل على نفسه : أدبني ربي فأحسن تأديبي .

الخاتمة
لا توجد خاتمة لذلك الموضوع المشرف فسيرته العطرة لا تنتهي ورسالته أبدية إلى قيام الساعة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم هو خير الأنبياء وجاء بخير الرسالات فكانت حقاً نبراس هداية ونور مبين فاستحقت أن تكون خاتمة للشرائع السماوية . فقد كرم المولى عز وجل هذه الأمة بقوله تعالى : كنتم خير أمة . وذلك لا طاعة أمره تعالى وطاعة نبيه فاستحقت بتلك الطاعة أن تبلغ مشارف الأمم . واستحقت أن تتملك صدارة الأمم ورقي تلك الأمة بتمسكها بأشياء التقدم من كتاب ربها وسنة نبيها . فكان أسباب تقدمها اشتمال رسالة النبي صلى الله عليه وسلم على أساب التقدم .


المراجع :
1- القرآن الكريم .
2- مختصر سيرة بن هشام الجزء الأول .
3- بشائر النبوة الخاتمة د. رؤف شلبي .
4- محمد من نبعته إلى بعثته أ. محمد الصادق عرجوني .
5- هذا الحبيب يا محب محمد صلى الله عليه وسلم ، أ. أبو بكر الجزائري .
6- عبد الله أبو النبي ، أ. محمد فوزي حمزه .
7- نساء حول الرسول ، أبو عبد الرحمن عويضه .
8- تراجم سيدات بيت النبوة .

جزاكم الله خيرا