إراحة الغير بالانتحار د.سعدالدين هلالي الجمهورية
قرآن وسنة
إراحة الغير بالانتحار
د.سعدالدين هلالي
dk.saudhelaly@hotmail.com
ظهر اتجاه مادي في أواخر الألفية الثانية يشجع كل من يري نفسه ثقيلاً علي المجتمع أن ينسحب منه بالانتحار. ويخصون بالذكر كبار السن الذين وجدوا أنفسهم عبئاً علي ذويهم بسبب المرض أو الفقر. وكذلك المصابين بالإيدز إذا وجدوا أنفسهم منبوذين وسط أسرهم وزملائهم.
والعجيب أن هذا الاتجاه المادي يبرر الانتحار لهؤلاء بأنهم أصحاب حق في قرار إنهاء حياتهم. وأن اختيار الانتخار هو الأفضل لهم من ذل العوز المالي. أو الحاجة إلي مساعدة الغير. فكان الانتحار هو سبيل الراحة والإراحة. والغريب أن هذا الاتجاه المادي الذي تبدو قسوته ويظهر جفاؤه قد لاقي آذاناً صاغية عند صناع القرار في بعض الدول الأوروبية مثل هولندا التي كانت أولي الدول اعترافاً بحق المواطن عندهم من اتخاذ قرار إنهاء حياته. وأنه يجب علي الطبيب أن يصف الطريق السهل للموت لكل من يطلبه. فيما أسموه "القتل الرحيم".
ولا تستند فكرة الانتحار من أجل الراحة أو الإراحة إلي سند شرعي. وإنما ترجع تلك الفكرة إلي نظرة اقتصادية مادية محضة تسعي إلي توفير النفقات للميئوس من عودتهم شباباً أو أصحاء قادرين علي الإنتاج لتعويض ما أنفق عليهم دون النظر للجانب العاطفي أو الإناني الذي يرعي معاني الوفاء والتعاون والرحمة.
من هنا تتضح أهمية الشرائع السماوية التي جاءت لترشيد الفكر الإنساني إذا جنح وظلم. خاصة إذا كان ظلمه علي بني جنسه من البشر. فجاء تكريم الإنسان من السماء كأمر فوقي لا يجوز التهاون فيه. وأوصاه بنفسه خيراً. وجعل حرمته أعظم حرمة من كل أموال الدنيا. قال تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلاً" الإسراء: .70
وجاءت الشريعة الإسلامية لتؤكد حظوة ضعاف البشر من كبار السن والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة بمنزلة تكريمية إضافية إمعاناً في التكريم الإنساني. حيث تتجسد في هؤلاء الضعاف معاني الإنسانية المجردة عن الصفة المادية التي قد نلاحظها في الشباب والأقوياء من البشر. فمن أكرم هؤلاء الضعاف فقد أكرم المعني الإنساني فيهم بصفة صادقة» لأنه لا يأمل من إكرامهم مكافأة منهم. ومن هنا تكفل الله تعالي : بإثابة من يكرمهم وتوعد من يهينهم ويكسرهم. فقد أخرج ابن حبان عن جابر بن عبدالله. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "كيف يقدس الله قوماً لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم" وأخرج أحمد عن أبي الدرداء أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ابغوني في الضعفاء فنما ترزقون وتنصرون بضعفائهم". وأخرج البيهقي عن أبي أمامة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ما أحب عبد عبداً في الله عز وجل إلا أكرمه الله. وإن من إكرام الله إكرام ذي الشيبة المسلم. والإمام المقسط" وحامل القرآن غير المغالي فيه ولا الجافي ولا المستكثر به" إن الانتحار بدعوي إراحة الغير اختراع شيطاني يهدم قيم الإنسانية ومبادئها. ويقضي علي ما تميز به شريعتنا الإسلامية من نشر الرحمة التي تبدأ من حماية النفس الإنسانية.
وإن استجابة الضعفاء لهذه الدعوة الشيطانية نذير شؤم عليهم بسوء العاقبة. وعلي المجتمع لفقده صمام الأمام وأسباب البركة والرزق. فالرحمة بالضعفاء هي طريق الرخاء. والتخلي عنهم هو طريق الخراب.. قال تعالي: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" النساء: .29