المبادئ الأخلاقية فى
الرحمة (1)
الله سبحانه وتعالي رحيم ورفيق بعباده ، وهو عز وجل يحب من خلقه أن يرفق بعضهم ببعض فيجازي تعالي الرفق بالخير الكثير . فعن ابي هريرة عن النبي ( ) قال : " إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى عليه مالا يعطى علي العنف "(2) 0
واقتضت رحمة الله تبارك وتعالى وهو ارحم الراحمين أن يقدم لعباده من النعم مالا يمكن احصاءها "وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (3) ، واقتضت مشيئة علي عبادة التوحيد له ، فهو صاحب النعم وأصل كل خير ، واقتضى كمال رحمته عدم ترتيب النعم في الدنيا علي حق التوحيد فهذه النعم تساق إلي الكافرين والمؤمنين ، والعاصين والطائعين ، علي السواء لا يتعامل مع عباده بالعدل وحده ، وإنما تسبق رحمته عدله ويمد يد الرحمة للمسئ حتى يرجع ويمهل العاصى حتى يعدل ، ويفرح بتوبة التائيين ويدخلهم في رحمته إن صدقوا(4)0
ويقول ( المحاسبى ) عن رحمة الله تعالي : " عرفت رحمة الله طريقها اليك قبل أن تولد " (5) وعندما سئل أحد العارفين عن الطريق إلي رحمة الله فقال : توحيد الله ألم تسمع قوله تعالي : " إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً " (6) 0
ويقول الحسن البصري (7) : " ذكر الله الشرح والضيق في كتابة رحمة منه لعباده وترغيبا منه لهم في الأعمال التي يستوجبون بها في حكمته أن يشرح صدورهم وتزهيدا منه في الأعمال التي يستوجبون بها حكمته تضيق الصدور ولم يذكر لهم ذلك ليقطع رجاءهم ولا لييئسهم من رحمته وفضله ولا ليقطعهم عن عفوه ومغفرته وكرمه إذا هم صلحوا " 0
ولعل الشاعر يقول : (
وإنى بحمد الله ابطلت قول من نفى رحمة الرحمن أرحم راحم
بما يكـن قلبى بيانا وحجـة بمختصر الايثار بعـد العواصم
ويقول في موطن آخر : (9)
إذا فتحت أبـواب رحمـة ربنـا فما عند أصحاب الذنوب كبائر
وإن هى لم تفتح ولم يسمح الخطأ فما عند أرباب العفاف دحاير
ومــا الـربـح والخســران إلا لحكمة بهـا سـيقت المقادر
فلا حدود لرحمة الله تعالى (10)، ومن الخطأ أن تقاس عليها الرحمة البشرية أو تقارن بها ، فما أسرع ملل الرحمة الانسانية ، التي أوصى بها الله تعالى عباده التحلى بها 0
فقال تعالى : " ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ " (11) 0 فالرحمة مأمور بها العباد وهى وصية ربانية في كل الشرائع ، فهى مبدأ أخلاقى عام نجده في الشرائع السماوية الثلاثة ، متمثله في أمور حض عليها الشارع الحكيم .
والرحمة كمبدأ أخلاقى يتصف به الإله الذي أوحى إلي عبادة أن يتصفوا بأخلاقه قدر المستطاع ، فكانت الرحمة أساس كل فعل إلهى اتجاه خلقه فهو القائل : " قسمت الرحمة مائه جزء " 0
ولذا نجد الرحمة مصدرا اخلاقيا لكل التشريعات ، والأفعال الربانية ، فنجد من هذه الافعال ما يتفق في الشرائع الثلاث ، التي يتصف بها الاله الرحيم ويأمر أتباعه بأن يتصفوا فمن هذه الأخلاق :
1- من أثار رحمته تعالى علي عبادة أن شرح صدورهم للإيمان وأدخلهم حظيرة الإيمان وباعد بينهم وبين الكفر والعصيان 0
فيقول تعالى : " فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " (12) 0
فيقول محمد ( ) : " الله جعلنى عبداً كريما ولم يجعلنى جباراً عنيدا " (13) ، فمن آثار رحمته تعالي أن جعل عباده مؤمنين وشرح قلوبهم للإيمان 0
ويقول الكتاب المقدس : " لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان ، وذلك ليس منكم هو عطية الله " 0 (14) فالإيمان عطية ربانية بمن بها علي عبادة فلولا رحمته علي عبادة ما أمنوا به وما نجوا من عقابه ونيرانه.
2- ومن آثار رحمته أن خلق الليل لتسكنوا فيه والنهار لتبتغوا من فضله حتى تكونوا من الشاكرين 0
لأن الكون هو بنيان حياة الإنسان فمن رحمته تعالي علي عبادة أن مهد لهم الأرض وهيئة لهم الكون حتى يشكره علي نعمة وأعظم ما في الكون تغيره وعدم ثباته فلولا الليل ما كان السكن ولولا النهار ما كان المعاش والعمل.
فيقول تعالى : " وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " (15) ، خلق الله تعالى الكون للانسان أهلاً له ما يحتاجه عند التكليف ومن هذا كمبدأ أخلاقى نجد أن الانسان لا يكلف أخاه بما لا يطيق حتى يعد له مقومات ما كلفه له حتى يتحقق له النجاح والفلاح ، فمن الظلم تكليف الانسان ما لا يطيق 0
ويشير الكتاب المقدس عن هذا فيقول : " إحملوا نيري عليكم وتعلموا مني لأني وديع ومتوا ضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم ، لأن نيري هين وحملي خفيف " (16) ، وهذه الرحمة الإلهية نعمة على العباد 0
فيقول الكتاب : " فإني بالنعمة المعطاه لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي إلي التعقل، كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان "(17)0
فمن رحمتع أنه لم يحمل علي الإنسان فوق طاقته وأن يحاسبه علي مقدار طاقتهن فكل واحد يحاسب علي قدر إيمانه.
3- ومن رحمته اتقاء السيئات لعبادة المخلصين ، ومنه مغفرة العباد للمذنبين والمسيئين إليهم.
فمن رحمته أن يغفر السيئات ويقبل توبة التأئبين معلما عبادة فضيلة العفو والمغفرة لمن أساء إليهم لتنحو البشرية منحى المسامحة والعفو فيسودها المودة والرحمة فما زاد عبد عفوا إلا عز.
فيقول تعالى : " وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ " (18)0
ويقول الكتاب المقدس : " أحبوا أعداءكم باركوا لأعينكم أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويرطدونكم ، لكي تكونكوا أبناء أبيكم الذى فى السماوات فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين " (19) 0
ويقول رب العزة في الحديث القدسي (20) : " إنى والجن والإنس في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيرى وأرزق ويُشكر سواى ، خيري إلي العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمتى ، وأنا الغنى عنهم ، ويتباغضون إلي بالمعاصى ، وهم الفقراء إلي ، ومن اقبل منهم ، تلقيته من بعيد ، ومن اعرض عنى منهم ، ناديته من قريب ، أهل ذكري أهل مجالستى ، أهل شكري أهل زيارتى وأهل طاعتى أهل محبتى ، وأهل معصيتى لا أقنطهم من رحمتى ، إن تابوا إلي ، فأنا حبيبهم ، فإنى احب التوابين المتطهرين ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، ابتليهم بالمصائب ، لأطهرهم من الذنوب والمعاصى ، الحسنة بعشرة أمثالها أو أزيد ، والسيئة بواحدة أو أعفو ، فإن استغفرونى غفرتها لهم رحمتى سبقت غضبى وحلمي سبق مؤاخذتي ، وعفوي سبق عقوبتى وأنا أرحم بعبادى من الوالدة بولدها ".
ويشير الكتاب المقدس في ذلك ويقول : " الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو اباً أو أماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل ، إلا ويأخذ مئة ضعف الآن فى هذا الزمان، بيوتاً وإخوة وأخوات وأمهات وأولاداً وحقولاً مع اضطهادات وفى الدهر الآتي الحياة الأبدية " (22) 0
4- جعل الله الرحمة بسبب الطاعة للأوامر الالهية كالزكاة والصلاة ، وإتباع سنة الأنبياء فيستحق العبد الرحمة بها ، ومنها يتعلم الإنسان كمبدأ اخلاقى عدم التسرع وعقاب الآخرين بدون مخالفة للاوامر والتشريعات الانسانية 0
فمن رحمته تعالي أن جعل رحمته في الدنيا تشمل المؤمن والكافر وفي الأخرة بالمؤمنين فلا يعجل العقاب للكافرين فمن رحمته تأخير العذاب وإمهال العاصين.
فيقول تعالى : " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ " (23)
ويشير الكتاب المقدس عن هذا فيقول : " فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضا رحيم ولا تدينوا فلا تدانوا ، ولا تقضوا على أحد فلا يقضى عليكم ، إغفروا يغفر لكم " (24)
5- الرحمة اقتضت الموعظة والتنبيه والارشاد ، فالانسان يتعلم من ذلك المبدأ الاخلاقى عدم العقاب إلا بعد التنبيه والوعظ والنصح والارشاد.
فمن رحمته تعالي أنه وعظ عباده وأنذرهم حتى إذا لقوه فقد وفي معهم وعده واستحقوا وعيده.
فيقول تعالى : " وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ " (25) 0
ويؤكد ذلك الكتاب المقدس فيقول : " فكل من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بني بيته على الصخر ، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسساً على الصخر ، وكل من يسمع أقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بني بيته على الرمل ، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً " (26) 0
6- من الرحمة الالهية إمهال العباد في الاختبار والابتلاء حتى يحاسبهم على أعمالهم في الآخرة فلا يظلم أحد 0
فمن رحمته تعالي أنه يؤخر العقاب وينقي العباد بالبلاء في الدنيا حتى إذا حوسبوا في الأخرة فلا يظلم العبد مثقال زرة، فلو عجل لهم الحساب في الدنيا فما أبقي علي أحد في الدنيا لكثرة ذنوبه.
فيقول تعالى : " وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً " (27) 0
فمن رحمته عدم عقاب المسىء فور المعصية ، فيقول تعالى : " لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ " (28)، ويقول : " وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ " (29)0
ويشير الكتاب المقدس عن هذا فيقول : " أفتظن هذا أيها الإنسان الذى تدين الذين يفعلون مثل هذه وأنت تفعلها إنك تنجو من دينونة الله ، أم تستهين بغني لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلي التوبة؟ ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب، تدخر لنفسك غضباً فى يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة ، الذى سيجازي كل واحد حسب أعماله " (30) 0
7- من الرحمة تقبل التوبة والمغفرة للمسيئين فهو الغفور الرحيم ، ومنها كمبدأ أخلاقي يسامح الإنسان أخيه ويقبل منه الأعذار ويتقبل منه التوبة والإعتراف بالخطأ والندم على ما اقترفه في حق أخيه 0
فيقول تعالى في الحديث القدسي (31) : " يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولو أتيتني بملء الأرض خطايا أتيك بملء الأرض مغفرة ، ولو بلغت خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرت لك " 0
ويقول الحكيم الترمذى (32) : " حياة القلوب الإيمان ، وموته الكفر ، وصحته الطاعة ومرضها الإصرار على المعصية ، ويقظتها الذكر ونومها الغفلة 0 ومن الدعاء لله تعالي 0
كما يقول أحد الصوفية (33) : " إلهي عيوبنا لا يسترها إلا محاسن عطفك ، وذنوبنا لا يغفرها إلا مكارم لطفك ، يا من عليه المتكل ، يا من إليه المبتهل ، يا من اشتكي الضر إذ الضر نزل يا من لو أن الخلق أضعاف عليه لكفي وكيف لا يكفيهم وهو غنى لم يزل إلهي أدعوك مع خوفي لأنك رب الأرباب وأرجوك مع تقصيري كرجاء الأحباب أدعوك بلسان أملي لما كان لسان عملي فإن قبلتني فبفضلك وإن رددتني فبعدلك " 0
ويشير الكتاب المقدس فى هذا : " يا رب كم مرة يخطئ إلي أخي وأنا أغفر له؟ هل إلي سبع مرات؟ قال له يسوع: ولا أقول لك إلي سبع مرات بل إلي سبعين مرة سبع مرات " (34) 0
والرحمة كمبدأ أخلاقي تدعوا إلي التراحم بين الناس أجمعين 0
فيقول تعالي : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " (35) 0
فهذا الأمر الإلهي بالتراحم وان يتقرب الناس ويرحم بعضهم البعض 0
فيقول النبي محمد () : " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذى إذا قطع رحمته وصلها " (36) 0
ويقول الكتاب المقدس فى هذا التراحم بين الناس أجمعين : " لكنى أقول لكم أيها السامعون : أحبوا أعدائكم أحسنوا إلي مبعضيكم باركوا لأعينكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم " (37) 0
8- وهذه الرحمة كمبدأ أخلاقي لا يقتصر على التراحم بين البشر بل تتعدى إلي جميع ما فى الكون من حيوان وغيره 0
فيقول النبي محمد () : " عذبت امرأة فى هرة ( قطة ) سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ، ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض " (38)
ويقول الكتاب المقدس فى ذلك : " أي إنسان منكم له مئه خروف واضاع واحداً منها ألا يترك التسعة والتسعين فى البرية ويذهب لأجل الضال حتى يجده؟ وإذا وجده على منكبيه فرحاً ويأتي إلي بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم : افرحوا معى لأني وجدت خروفي الضال " (39)0
فرحمته تعالي شملت الدنيا بأسرها جمادها وحيوانها وإنساها فقد نهي النبي محمد () التعدي علي الشجر وعلي التعدي علي الحيوان وعدم التعدي علي الإنسان بكلمة أو فعل فقال () المسلم من سلم الناس من لسانه ويديه.
فهي الرحمة الإلهية التي نزلت من السماء إلي الأرض ويقول تعالي "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ويقول تعالي "فما رحمت من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب للأنفضلوا من حولك"