شروط طالب العلم اولا: شروط طالب العلم
أن يقصد بتعلمه وجه الله تعالى و أن يقطع العلائق الشاغلة عن تحصيل العلم لاسيما ما لا يسع جهله منه مما يصحح عقيدته و عبادته و عليه أن يتواضع للمعلم و أن ينقاد له و أن يأتمر بأمره و أن لا يأخذ العلم إلا ممن كملت أهليته و ظهرت ديانته فإن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم و على المتعلم أن يسلم على القوم في مجلس العلم عامة و يخص المعلم بالتحية و يجلس أمامه و يجتنب الإشارة باليد و الغمز بالعين عنده و لا يقول قال فلان خلاف قوله ولا يغتابن أحداً عنده و لا يسار في مجلسه و لا يأخذ بثوبه و لا يلح عليه إذا كسل و لا يشبع من طول صحبته فإنما هو كالنخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيئ و يتحرى المتعلم رضا المعلم و إن خالف رأى نفسه و لا يفشي له سرا و أن يرد غيبته إذا سمعها فإن عجز فارق ذلك المجلس و لا يدخل عليه بغير إذنه و إذا دخل جماعة قدموا أفضلهم و أسنهم و يدخل متطهراً قاصاً شاربه و ظفره مزيلاً كريه الرائحة
و يسلم إذا انصرف و لا يتخطى رقاب الناس و يجلس حيث انتهى به المجلس إلا أن يصرح له الشيخ أو الحاضرون بالتقدم أو التخطي أو يعلم من حالهم إيثار ذلك و لا يقيم أحداً من مجلسه و لا يجلس وسط الحلقة إلا لضرورة و لا بين صاحبين إلا برضاهما و يتأدب مع رفقته و حاضري المجلس فهذا من احترام الشيخ و مجلسه و يقعد قعدة المتعلمين لا المعلمين و لا يرفع صوته رفعاً بليغاً من غير حاجة و لا يضحك و لا يكثر الكلام بلا حاجة و لا يعبث بيده و لا غيرها و لا يلتفت بلا حاجة بل يقبل على الشيخ مصغياً إليه و لا يسبقه إلى شرح مسألة أو جواب سؤال إلا أن يعلم من حال الشيخ إيثار ذلك ليستدل به على فضيلة المتعلم و لا يقرأ عليه عند شغل قلبه و ملله و غمه و نعاسه و نحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه استيفاء الشرح و لا يسأله عن شيئ في غير موضعه إلا أن يعلم من حاله أنه لا يكرهه و لا يلح في السؤال إلحاحاً مضجراً و يغتنم سؤاله عند طيب نفسه و فراغه و يتلطف في سؤاله و يحسن خطابه و لا يستحي من السؤال عما أشكل عليه و لا يستكبر فإن العلم يضيع بين الحياء و الكبر و لا يستحي من عدم الفهم بل يصرح بذلك و لا يكذب و لا ينافق و ينبغي إذا سمع الشيخ يقول مسألة أو يحكي حكاية و هو يحفظها أن يصغي لها إصغاء من لم يحفظها و ينبغي أن يصبر على جفوة شيخه و سوء خلقه و لا يصده ذلك عن ملازمته و اعتقاد كماله و يتأول الأفعال التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة و إذا جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار و أظهر أن الذنب له و العتب عليه فهذا أنفع له ديناً و دنيا و أبقى لقلب شيخه و إذا جاء مجلس الشيخ فلم يجده انتظره و لا يفوت درسه إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك و إذا وجده نائماً لا يستأذن عليه بل يصبر حتى يستيقظ أو ينصرف و الاختيار الصبر و لا يسأل عما لا ينفع في الدين و لا ما لا يقع و لا يسأل ليستزل العالم تعنتاً و تعجيزا و أن يقصد بتعلمه أولاً تكميل نفسه بتصحيح عقيدته و عبادته فإذا فرغ من ذلك سعى في تعلم ما يكمل به غيره بتعليمهم ما تعلمه على حسب ذلك فلا يشتغل بفروض الكفايات قبل فروض الأعيان و لا يشتغل بنوافل العلوم قبل فروضها و ليحذر الاشتغال بما لا ينفع من العلوم و ليقتصر من كل علم على أنفعه فإذا رام التخصص في فن من الفنون فبعد أن يأخذ من كل علم بنصيب و ليقدم العناية بالعلوم الآلية على المقاصد مثل النحو و الصرف و أصول الحديث و أصول الفقه فإنها مفاتيح العلوم و ليتقيد بشيخ من الراسخين في العلم في ذلك كله و غيره .