أخلاق اليهود في الميزان
إن الأخلاق اليهودية نبراس لكل يهودي ، فهي عطايا الإله لذلك الشعب ، فما أن لبث حتى بدل هذه العطايا ، فلا تكاد تمضي سنوات قليلة حتى زاد رجال الدين زيادات وإضافات وتفسيرات إلي أصول العقيدة ، وجعل الحاخامات لأنفسهم الحق في تفسير التعاليم التوراتية التي وصلتهم عن الفرسيين الذين كانوا متسلطين على الشعب اليهودي(1) ، وهناك العديد من الأمثلة التي تؤكد أن التفسير البشري القائم على الهوى والمصلحة قد حرف معاني هذه النصوص وحولها إلي قوالب فارغة ، وإن كانت الرسالات السماوية رسالة حب ونزع للحقد والبغضاء ودعوة للسلام إلي من يتوق للقتال وراغبى إزهاق الأرواح والدماء ، ونداء للرحمة والعفو لمعتنقي القسوة والانتقام(2) ، فإن هذه التفسيرات قد أخرجت تعاليم الدين من الرحمة إلي القسوة ومن العدل إلي الظلم والجور 0
ونجد مفارقة بين الأخلاق اليهودية في الكتاب المقدس وبين شروح الهوى وإتباع المصلحة ، فقد أبعدت هذه الشروح روح النص المقدس عن معناه ، وأبدلت مقصده ، بما يتوافق مع أغراض الحاخامات ، وهناك العديد من الأمثلة في الأخلاق اليهودية التي قد حرف معانيها ويعجز القلم عن حصرها لكثرتها ، ولنوجز في ضرب الأمثلة المحرفة حتى لا يطول المقام ويجب أن ننبه أن هذا التحريف من جهة علماء الأطماع وليس يعيب النص المقدس الظاهر ، كما يقول القديس يوحنا فم الذهب في قوله " وإن كان اليهود غير طاهرين خلال الناموس وإن كانوا ظالمين وطامعين فإن هذا لا يفسد صلاح الناموس ـ تماما إن عدم أمانتهم لا تبطل أمانة الله "(3) 0
1ـ عدم الحقد والبغض :
وهذا الخلق الجميل في عدم الحقد والبغض للآخرين ، قد فسر بمعني يخرج عن مقصوده فالحقد والبغض لا يكونان في نفسية المؤمن ، لكن جاءت الشروح تخالف ذلك فأباحت الحقد والبغض ، لكن على من يبغض اليهودي ، جاء في التلمود " لا تحمل دم أخيك وغير اليهودي ليس أخا "(4) ،
وجاء في نص آخر " بأن القريب هو اليهودي " فلا يعتبر غير اليهودي قريب فيجوز لليهودي أن يرحم القريب وغير اليهودي يقتله أو يعذبه(5) ، وفسر هذا الخلق على أنه خاص بالقريب وليس على إطلاقه في التعامل مع الغير ، وجعلوا من هذا النص قاعدة أخلاقية ، بدلا وعوضا ، عن ذلك الخلق الرباني في التوراة 0
2ـ عدم الوشاية :
وهذا الخلق الجميل ، الذي يعيش الإنسان في كنفه مستقر الدين هادئ النفس ، أضحى متحولاً بشروح غريبة ، وبأقوال مفزعة أدت إلي عدم الاستقرار ، وهى تحول الهدوء والسلام ، إلي قلق ودماء، فقد فسر هذا الخلق بأنه خاص ببني إسرائيل ( شعب اليهود ) ، فلا يوشي يهودي بغيره وإنما يجب عليه إثارة الوشاية والفتنة بين الناس ، فنجد مثالا لهذه الفتن والوشاية اليهودية وأثرها في إثارة الحرب العالمية الأولي والثانية والثورات الإقليمية المختلفة 0
ففي بروتوكولات حكماء صهيون(6) ، اعتراف بأنهم أصحاب الفضل في إشعال أكبر الثورات العالمية والحروب العالمية فنجد الثورة الفرنسية ( 1879م ) ، والثورة الشيوعية ( 1917م ) ، وهما من أكبر ثورات العالم كانتا تحت وشاية اليهود وهم الذين يطلقون عليها الكبرى . " تذكروا الثورة الفرنسية التي نسميها الكبرى ، إن أسرار تنظيمها التمهيدي معروفة لنا جيدا لأنها من صنع أيدينا(7) 0
ففي عهد لويس التاسع عشر ملك فرنسا علم برسالة حاخام القسطنطينية التي أرسلها ليهود فرنسا وجاء فيها : " أدخلوا أولادكم دين الفرنسيين واجعلوا منهم أطباء وصيارفة ورجال دين تقتلوا فرنسا في صحتها واقتصادها ودينها " (
0
وعن الحرب العالمية الأولي والثانية يقول وليم كار(9) " ، أقام اليهود الحربين الأولي والثانية على الدولة العثمانية تمهيدا لإنشاء الدولة اليهودية ، والحرب العالمية من أجل إنشاء الدولة بالفعل ، ويمكن القول بلا مبالغة إن الثورة الروسية الكبرى كانت من عمل اليهود ، وأن هؤلاء لم يقوموا بهذا العمل فحسب ، وإنما تولوا رعاية المذهب السوفيتي ، ويمكننا نحن اليهود أن نطمئن مادامت إدارة الجيش الأحمر العليا في يد ليون تروتكس(10) 0
ولقد تنبه بعض الزعماء لهذه الوشاية وذلك الخطر ، فأخذ ينادي بضرورة طردهم من البلاد ، فيعد بنيامين فرانكلين ـ الذي كان أول رئيس مجلس تأسيس للولايات المتحدة الأمريكية ( 1779م ) يحذر من اليهود في خطابه قائلا : " إن هؤلاء اليهود هم أبالسة الجحيم ، وخفافيش الظلام ، ومصاصوا الدماء ، أيها السادة أطردوا هذه الطغمة(11) ، الفاجرة من بلادنا قبل فوات الأوان ضمانا لمصلحة الأمة وأجيالها القادمة(12) 0
3ـ في الرحمة بالعجزة والضعفاء :
الذي يقرأ تعاليم اليهود يري أن الرحمة بالضعفاء والعجزة ليست خلقا عاما ، وإنما هي خاصة بضعفاء وعجزة اليهود دون سواهم من الأمم ، فقد جاء في التلمود " الشفقة ممنوعة للأجنبي فإذا رأيته واقعا في نهر أو مهدد بخطر فيحرم على اليهودي إنقاذه " (13) ، بل تعدي الأمر إلي أقصي من هذا " من رأي أحد الأميين يقع في حفرة لزمه سدها بحجر " (14) ، فهل بعد هذه الصراحة من قول ؟ 0
4ـ في الصدق والوفاء :
لقد جاءت الشريعة بأخلاق فاضلة كالصدق والوفاء ، لكن التفسير الخاطئ حرفهما عن معناهما ، فجاء التفسير موضحا أن هذا الخلق مع الصاحب اليهودي ، ففي التلمود ما يبيح الكذب والغدر والخيانة لليهودي مع غير اليهود فيقول " يجوز لليهودي أن يحلف مائة يمين كاذبة عند معاملته لباقي الشعوب ، إذ اليمين جعلت لحسم النزاع بين الناس اما لغير اليهود من الحيوانات فلا اعتبار لها ، ويجوز لليهودي أن يشهد الزور ، وأن يقسم على ذلك حسب ما تقتضيه مصلحته مع غير اليهودي ... ويحق لليهودي أن يغش الكفار ، ومحظور عليه أن يحيي غير اليهودي بالسلام ما لم يخشى ضرره ، والنفاق في هذه الحالة واجب على شرط أن يستهزئ اليهودي بالكافر سرا(15) 0
5ـ العدل والمساواة :
إن كان العدل ضد الجور ، والأخلاق تدعو بالعدل و المساواة ، والنصوص الدينية تحث عليه، إلا أن التفسير التلمودي خلاف ذلك ، فقد ورد فيه " إذا جاء الأجنبي والإسرائيليون أمامك بدعوى فاستعمل الغش والخداع حتى تجعل الحق لليهودي " 0
لأنه ينظر إلي غير اليهودي بنظرة حيوانية ليس فيها تساوي ولا عدل ، فالمساواة عندهم بين اليهود فقط ، أما غير اليهود فهم خنازير نجسة خلقوا على هيئة إنسان لخدمة اليهود ، يقول التلمود " الخارجون عن دين اليهود خنازير نجسة ، وقد خلق الله الأجنبي على هيئة إنسان ليكون لائقا لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا من أجلهم "(16) 0
6ـ بر الوالدين :
برغم وضوح النصوص في بر الوالدين ، وعدم احتمالها للتأويل ، إلا أن علماء اليهود لهم تأويلات غريبة ، يقول الأستاذ / نجيب جرجس(17) ، فسر علماء اليهود النص المقصود بالسب ( أي سب الولد والديه أو لعنهما ) الذي يستوجب القتل هو المقترن باسم الرب ( يهوة ) العظيم ، كأن يسب الابن أحد والديه مقسما باسم الرب ـ مثلا ـ وأن يقول " إن أحد والديه معلون من الرب .... وما إلي ذلك، أما من يسب والديه سباً مجرداً من اسم الرب أو مقترناً بصفة من صفات الله فقط دون ذكر اسمه كان عقابه الضرب بالسياط " 0
وكأن شراح الكتاب يهذبون الأبناء ويربونهم على عدم استخدام اسم الرب في سب الوالدين ، فكن حريصا يا بني عندما تسب أمك على عدم استخدام لفظ العظمة ( يهوه ) ، وإلا يستوجب العقاب الشديد ( القتل ) 0
بل إن التلمود أخذ يضع الأم في منزلة غير لائقة في أحلام الابن فمن تفسيراته من رأي أنه يجامع أمه في منامه فإنه يفسرها بأنه سوف يؤتي الحكمة (18) 0
وبهذه الكلمة الموجزة ، يظهر التحريف في تفسير النصوص ، وبذلك نجد الهوة الواضحة بين الأخلاق الربانية التوراتية ، والشروح الأخلاقية لحاخامات اليهود المتمثل في المصلحة العامة والشخصية والسياسية ، فالنصوص الشرعية إذا فسرت بهوي وإتباع للميول والرغبات ضاعت عن مقصودها ، وأبطل تفاعلها في السلوك البشري ، فإذا بالإنسان يضل ويشقي 0
ولعلنا نسأل أنفسنا سؤال هام : ماذا يحدث لو طبقت اليهود شريعتهم الأخلاقية الربانية بدون إضافات الحاخامات لها ؟ ألم يسودهم الآمان ، وينزع عنهم الخوف ، ويتحقق لهم الرخاء فهذه دعوة للعودة إلي أصل التشريع والبعد عن التحريف والهوي البشري الذي يفسر المقصود الإلهي بفهم غير مائل للصحة ، والله من وراء القصد0