في صحبة الصالحين العناصر
1 – تصوير الأزمة.
2 – موت القلوب .
3 _ حياة القلوب.
الحمدلله رب العالمين ، لامعبود سواه ، ولا إله إلا هويحيي قلوب الموتي بمعرفته ، ويرفع قدرهم بطاعته ، ويسكنهم الفردوس الأعلي بفضله ورحمته.
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريكله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه من خلقه وخليله ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه .
وبعد : فأوصيكم أحبتي في الله ونفسي بتقوي الله تعالي في السر والنجوي ، واللجوء إليه والرجاء منه في الرخاء والبلوي.
أيها الأحبة في الله : حاطت بنا الأزمات ، وتكالبت علينا النكبات ، وتداعت علي بلادنا الأمم كما تتداعي الأكلة إلي قصعتها ، وبالتالي : كثرت منا الشكوي ، وطال بنا الأنين ، فهذه بلادنا تحتل واحدة تلو الأخري ، وأعراضنا تنتهك عرض عرضا ، ومقدساتنا تدنس في كل حين وآن ، والغلاء ضرب بأطنابه في البلاد الأمراض من كل نوع صارت تنخر في صحة العباد.
وياللأسف ..؟
ماتت منا القلوب ، وهانت علينا الأوطان ، ودنست أمام أعيننا المقدسات ، وحوصر - علي مرآي ومسمع من الدنيا كلها – الأهل والخلان.
ونصرخ – إن استطعنا أن نصرخ - مع كل نازلة : ما الحل ..؟
وندور في فلك أعدائنا نبحث عندهم عن الحل ، وهذا عين الضلال ؛ إذ لاحل إلا عند رب البلاد والعباد ، ومن بيده ملكوت السموات والأرض.. وهو الله سبحانه وتعالي ، محيي قلوب العباد ، وكاشف الضر عن البلاد.
وبدون اللجوء إلي الله تعالي : فلنعلم جميعا أن قلوبنا قد ماتت.
واقرؤا معي ما يقوله رجل صالح عن أسباب موت القلوب ، لنعرف :
هل قلوبنا ماتت فعلا..!!؟
وكيف نعمل علي إحيائها لوكانت قد ماتت .. !!
مر إبراهيم بن إسحاق بسوق البصرة:
فاجتمع إليه الناس .. وقالوا له : يا أبا إسحاق.. ما لنا ندعوا فلا يستجاب لنا ....!!؟؟
قال : لأن قلوبكم ماتت بعشرة أشياء:
الأول :عرفتم الله تعالى .. !!
فلم تؤدوا حقه
الثاني :زعمتم أنكم تحبون رسوله صلى الله عليه وسلم .. !!
وتركتم سنته
الثالث : قرأتم القرآن ...: !!
ولم تعملوا به
الرابع: أكلتم نعم الله تعالى ..!!
ولم تؤدوا شكرها
الخامس : عرفتم أن الشيطان عدوكم ..!!
ووافقتموه
السادس : عرفتم أن الجنـة حـق ..!!
ولم تعملـوا لها
السابع : عرفتم أن النـار حـق ..!!
ولم تهربوا منهــا
الثامن : عرفتم أن المـوت حـق ..!!
ولم تستعــدوا له
التاسع : إذا انتبهتم من النوم : اشتغلتم بعيوب الناس..!!
ونسيتم عيوبكم
العاشر : دفنتــم أموتاكم ..!!
ولم تعتبـروا بهم
اللهم احي قلوبنا بذكرك
أحبتي في الله : لا تيأسوا من روح الله ورحمته..!!
حيث إنه يمكن لنا- بإذن الله ، مع توافر الرغبة - أن تحيا القلوب التي ماتت.
تقولون لي : كيف يتم ذلك ...؟؟؟!!
تعالوا معي لنستمع إلي الحل عند هذا الرجل الصالح من أمة محمد صلي الله عليه وسلم ؛ لعلنا نصل بما وصل به هو إلي الحل والخلاص من كل مشاكلنا وأزماتنا..!!
روي عن شقيق البلخي أنه قال لحاتم الأصم: قد صحبتني مدة... فماذا تعلمت؟
قال: ثمان مسائل:
الأولى: نظرت إلى الخلق... فإذا كل شخص له محبوب، فإذا وصل إلى القبر : فارقه محبوبه..!!
فجعلت محبوبي حسناتي لتكون معي في قبري .
الثانية: قرأت قوله تعالى: (ونهى النفس عن الهوى) (النازعات40)..!!
فأجهدتها في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله.
الثالثة: رأيت كل من معه شيء له قيمة عنده : يحفظه..!!
فلما قرأت قوله تعالى: (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) (النحل:96) : صرت كلما وقع معي شيء له قيمة وجهته إلى الله ليبقى لي عنده.
الرابعة: رأيت الناس يرجعون إلى المال والحسب والشرف، وليست بشيء..!!
فلما قرأت قوله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات:13) : عملت بالتقوى حتى أكون عند الله كريماً.
الخامسة: رأيت الناس يتحاسدون...!!
فلما قرأت قوله تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) (الزخرف:32) : تركت الحسد بالكلية ؛ لأن الحسد اعتراض على الله سبحانه.
السادسة: رأيت الناس يتعادون..!! فلما قرأت قوله تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) (فاطر:6) : تركت عداوتهم، واتخذت الشيطان وحده عدوا.
السابعة: رأيت الناس يذلون أنفسهم في طلب الرزق..!!
فلما قرأت قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) (هود:6) : اشتغلت بما له علي، وتركت ما لي عنده، ثقة به، ويقينا بما عنده.
الثامنة: رأيت الناس متوكلين على تجارتهم وصنائعهم وصحة أبدانهم..!!
فتوكلت على الله.. عملا بقوله تعالي (فإذا عزمت فتوكل على الله) (آل عمران:159).
اللهم أحي قلوبنا بمعرفتك ، وأنقذنا من أوجاعنا بقدرتك ، واغفر لنا خطايانا برحمتك.