مباركة النجاح وسرقته للدكتور سعد الدين هلالي الجمهورية 26 فبراير 2011 م
قرآن وسنة
مباركة النجاح وسرقته
د. سعد الدين هلالي
dr.saadheluly@hotmail.com
النجاح هو الفوز والظفر بما تريد. تقول: "نجح فلان نجْحًا" بفتح النون أو ضمها مع سكون الجيم. أي فاز وأدرك غايته.. وتقول: "فاز فلان بالخير فوزًا" أي ظفر به.. ولا يطلق الفوز أو النجاح إلا في الخير غالباً. قال تعالي: "ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة. يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيما" "النساء: 73".
والنجاح شيء عظيم يعتز به صاحبه. فيري الحياة جميلة. ويستمتع بنشوة الكرامة الإنسانية التي تخفف عنه كَبَد الحياة. فيساعده ذلك للبحث والاجتهاد عن نجاح آخر. لأن النجاح سلسلة حلقات مترابطة غير محدودة. وليس حلقة واحدة تائهة أو منقطعة. لعموم قوله تعالي: "نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم" "يوسف: 76". إشارة إلي أنه كلما علمت شيئاً كان ما علمته سبباً لعلم آخر. وهكذا يسعي الناجح والفائز دائماً للبحث عن التالي من النجاح والفوز.
والناس يتعاملون مع أهل النجاح كما يتعاملون مع سائر أصحاب النعم بأحد أمرين: إما التهنئة والمباركة. وإما السرقة والحقد..
1- أما التهنئة والمباركة لأصحاب النجاح والنعم. فهي شيمة الكرماء من الناس. حتي جعلها الإسلام حقاً إنسانياً. لعموم قوله تعالي: "وتعاونوا علي البر والتقوي" "المائدة: 2". وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة أن النبي "صلي الله عليه وسلم" قال: "من حق المسلم علي المسلم خمس: إذا لقيته فسلم عليه. وإذا دعاك فأجبه. وإذا استنصحك فانصح له. وإذا عطس فحمد الله فشمته. وإذا مات فاتبعه".. وقد ذهب أكثر العلماء إلي أن ذكر المسلم من باب بيان الواقع. وليس قيداً حقيقياً. فالمعني أن تلك الحقوق المذكورة في الحديث ليست للمسلم خاصة. وإنما هي حق لكل إنسان في الجملة.
2- وأما سرقة نجاح الغير والحقد عليه فهي من صفات اللئام من الناس. وقد شنع الإسلام عليهم وأنكر فعلهم. فقال سبحانه: "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا. فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب. ولهم عذاب أليم" "آل عمران: 188".
وقد أثمرت ثورة الخامس والعشرين من يناير الماضي عن كشف صنوف في البشر يحاول بعضهم سرقة نجاحها من الشباب الفاعلين. ويحاول بعض آخر أن يستكثر عليهم النجاح حقداً وحسداً.. والأغلبية المنصفة من الناس لا ينكرون فضل شباب الثورة ويقرون بحقهم في استكمال نجاحهم.
إن الفرق بين الناجح وبين سارق النجاح هو أن الأول مستمر في طريق الفوز والعطاء.. أما سارق النجاح فسيقف عند الدرجة التي سرقها وكثيراً ما يعجز عن الحفاظ عليها. لأنه لا يعرف كيف ينجح.
إذا أردنا المجد فلنرفع أيدينا عن سرقة نجاح الآخرين. ولنبعد قلوبنا عن حقدهم. وليسعي من يظن قدرته علي العطاء إلي العطاء الموازي أو المكمل.. لقوله تعالي: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" "المطففين: 26".
الصفحة السابقة