فصائل اليقظة الإسلامية
فصائل اليقظة الإسلامية
ظاهرة اليقظة الإسلامية والإحياء الديني ، التي برزت واجتذبت جماهير واسعة – على نحو غير مسبوق – في العقود الأخيرة ، من الظلم ومن الخطأ النظر إليها – عند تقويم الإيجابيات والسلبيات فيها – ككتلة واحدة صماء ....
فإذا مثلت هذه الظاهرة الإسلامية تياراً إحيائياً ، يبتغي العودة الكاملة إلى كامل الإسلام ، واتخاذ هذا الإسلام منهاجاً شاملاً لكل مناحي الحياة – العقيدية والعبادية والخلقية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية ... إلخ – فإن في هذه الظاهرة العديد من الفصائل والتيارات التي تتمايز في إطارها العام ..
§ فهناك الجماهير العريضة ، غير المؤطرة ولا المنظمة في أحزاب أو حركات ، والتي اندفعت وتندفع ملايينها إلى الالتزام بأحكام الإسلام ، باحثة عن حدود الله في شئون حياتها ، وعن معالم الحلال والحرام في هذه الحياة ... ومحيية سنن الإسلام وشعائره في تفاصيل شئونها الحياتية .
§ وهناك فصيل وتيار العمل الخيري - غير السياسي – الذي أقام ويقيم ، في عالم الإسلام آلاف الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإغاثية والتنموية والصحية والفكرية والثقافية والتعليمية والدعوية .. إلخ .. إلخ .. وهو تيار يقيم قطاعاً من البنى التحتية التي تسهم في تخفيف مشقات حياة الناس ، بواسطة الحلال الإسلامي ، مُبرزاً دور الإسلام في البناء الاجتماعي والإنساني ..
§ وهناك أهل الفكر والاجتهاد والتجديد ، الذين نذروا أنفسهم لصناعة الفكر والثقافة ، انطلاقاً من المنظور الإسلامي ، يبدعون في ميادين الفكر الإسلامي على تعدد وتنوع هذه الميادين ؛ إصلاحاً لمناهج هذا الفكر ؛ وتجديداً لفلسفاته ؛ وصياغة لمعالم وسمات وقسمات مشروع حضاري إسلامي ، يكون دليل عمل لكل فصائل وتيارات الإحياء الإسلامي المعاصر .
§ وهناك التيار الحركي المنظم والمؤطر في أحزاب وجماعات وجمعيات ذات مقاصد سياسية .. وأغلب هذا التيار – على امتداد أوطان الأمة – يلتزم الوسطية الإسلامية والاعتدال الإسلامي – فيدعو إلى برامجه ومقاصده بالكلمة الطيبة ، والحكمة والموعظة الحسنة ، ويحاور ويجادل الفرقاء غير الإسلاميين بالتي هي أحسن ، ويصبر ويصابر على الكثير من ألوان القهر والتضييق والعقبات ، والحجر التي تصب عليه وتوضع في طريقه ، ويعاني من الابتلاء بها .. وهو يحتكم إلى جماهير الأمة عبر آليات الشورى والديمقراطية .
§ وهناك – من أهل الحركة – شريحة محدودة العدد ، اختار شبابها طريق الغضب والرفض والعنف والاحتجاج .. إما " رد فعل نزق " لعنف النظم والحكومات التي حرمتهم من العمل القانوني السلمي المشروع .. وإما لتأويلات فاسدة لبعض المأثورات الإسلامية – من أحاديث الفتن وآخر الزمان .. ومن فتاوى عزلوها عن ملابسات صدورها – وإما للأمرين معاً .. وهذه الشريحة وإن قل عددها ، إلا أن صوتها قد أصبح عالياً ، كطبيعة أصوات الغضب والاحتجاج دائماً .. وبسبب من المخطط الإعلامي الخبيث الذي يسلط على هذه الشريحة كل الأضواء ليشوه كل الصورة ، وليلقي ظلال هذه الشريحة على كل الموكب العريض لظاهرة اليقظة الإسلامية المعاصرة .. وذلك بهدف حجب الإيجابيات الكبيرة والكثيرة لأعظم ظواهر عصرنا من أنظار الجماهير !.