وقفات مع سورة الفيل ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول "
أي : أما رأيت من قدرة الله ، وعظيم شأنه ، ورحمته بعباده ، وأدلة توحيده ، وصدق رسوله صلى الله عليه وسلم ، ما فعله الله بأصحاب الفيل ، الذين كادوا بيته الحرام ، وأرادوا إخرابه . فتجهزوا لأجل ذلك ، واستصحبوا معهم الفيلة لهدمه ، وجاءوا بجمع لا قبل للعرب به ، من الحبشة واليمن . فلما انتهوا إلى قرب مكة ، ولم يكن بالعرب مدافعة ، وخرج أهل مكة خوفا منهم ، أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ، أي : متفرقة ، تحمل أحجارا محماة ، من سجيل . فرمتهم بها ، وتتبعت قاصيهم ودانيهم . فخمدوا وهمدوا ، وصاروا كعصف مأكول . وكفى الله شرهم ، ورد كيدهم في نحورهم . وقصتهم معروفة مشهورة ، وكانت تلك السنة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فصارت من جملة إرهاصات دعوته ، وأدلة رسالته ، فلله الحمد والشكر .