تعريف الاستشراق واسبابه
تعريف الاستشراق وأسبابه
الاستشراق فى اللغة : دراسة علوم الشرق
وفى مجمله دراسة فكر الأخر لأهداف متعددة ولأغراض مختلفة فان كان لغرض شرعي فان الإسلام لا يمنعه أما إن كان بغرض تشويه صورته ومحاوله الطعن فيها ومحاوله زعزعه عقيدة الأخر وخاصة إذا كانت عقيدة سماويه صحيحة فان الإسلام يرفض ذلك اشد الرفض حتى رفض الإسلام قتال الأخر إلا بعد مجادلته ومحاورته قال الله تعالى (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هى أحسن ) ولهذا سن الإسلام تشريعاته خاصة فى قضية الحوار مع الآخر.
أولا – تعرض نقاط الاتفاق والاختلاف حتى لا تتفرق القلوب حتى قال احدهم :
إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يشعب
ثانيا – الاعتراف بنقاط الحق فى العدو:
فعين الرضا عن كل عيب كليله لكن عن السخط تبدى المساوية
لكن إذا أردت أن تحاور الأخر فينبغى أن تملى على الملا ما تتفقان عليه ثم ما تختلفان فيه وهذا منطق القران قال الله (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) وهذا أدب القران فالقران يعلمنا آداب الحوار مع الأخر- فالقران علمنا الأدب فقال (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ ) اى إما إننا نحن الاثنين على هدى إما نحن فى ضلال فتعالوا نتجادل وبعد ذلك يتضح وجه الحق (قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا) فنسب الجرم إلى ذاته – ذات الداعى ثم تأدب فى حديثه مع الخصم بهدف استدراجه وإلزامه على قضيته فقال ( ولا نسئل عما كنتم تعملون ) ولم ينسب الجرم إلى نفوسهم .
7
وسيدنا إبراهيم عندما تكلم مع ربنا وخاطبه قال (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين ِوَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) والسياق كان يقتضى أن يقول " وإذا امرضنى فهو يشفين " لكنه نسبه المرض إلى نفسه والشفاء
إلى ربه فهو يعلمنا كيف نتأدب مع ربه استنادا إلى قوله (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) .
وأيوب قال أيضا فى القران (وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ) ولم يقل انك مستني بالضر وأنت ارحم الراحمين فنسب الضر إلى ذاته ثم طلب الشفاء من ربه .
وقال الخضر لموسى(أمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) فنسب الخضر العيب إلى نفسه .
ولما كان الخضر يتكلم عن الرحمة قال (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ) .
وفى سورة الفاتحة قال الله (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) فنسب النعمة إلى الله فى خطابه معه ونسب الضلال والغضب إلى مجهول .
والشاهد – أن دراسة فكر الأخر إن كانت غرض علمي فهى مطلوبة غير مرفوضة أما إن كانت لغرض جدلى وغرض احباطى وتشويهى فهى مرفوضة فى الإسلام .
س / ما موقف الإسلام من الاستشراق ؟
إن كانت دراسة فكر الأخر لغرض العلم والتعلم فمقبولة أما إن كانت لغرض تشويهى وتحريفى فهى مرفوضة فى الإسلام لا دليل عليها .
س / حدث ما هى أسباب نشأة علم الاستشراق ؟
جـ : أولا : علم الاستشراق نشأ لأسباب عده منها :
8
1_ انتشار الإسلام السريع فى دول الشرق والغرب وذلك بسبب صفاء نييه المسلمين الأول وجهادهم من اجل نشر الدعوة الإسلامية وبسبب توسيد الأمر الى أهله – قال تعالى (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) والمعروف العام والمنكر العام ورد الدليل عليه فى قوله تعالى (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) اى ينهون عن المعروف التى اصطلحت الطباع
على انه معروف عام وينهون عن المنكر التى اصطلحت الطباع على انه منكر عام والنبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما أراد أن يرجع المرء الى فطرته قال" البر ما وقر فى القلب وصدقه العمل والإثم ما حاك فى النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس " .
وهناك منكر خاص ومعروف خاص وهى المعنى بقوله (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ ) وقوله (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ ) ولهذا قال الله (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) .
إذا فقد دعى المسلمون الأول إلى الإسلام وذلك لصفاء نيتهم وجاهدوا من اجل نشر الدعوة الإسلامية ولهذا انتشر الإسلام وكان السبب فى انتشاره (أ)- وضوح عقيدته :. القرضاوى يقول " إن تعاليم الإسلام واضحة كل الوضوح فأطفال المسلمين يعرفون ما هى أركان الإسلام وأركان الصلاة معروفه مشاعة فالناس يصلون فى الشوارع والطرقات فعامة النصارى واليهود يعرفون كيف يصلى المسلمون لكن فقهاء المسلمين يعجزون عن إدراك كيف يصلى النصارى وذلك بسبب وضوح عقيدة الإسلام – الطفل فى الشارع حافظ التحيات ويحفظ جيدا أركان الإسلام وحديث " بنى الإسلام على خمس " .
فهى عقيدة واضحة ليس فيها تثليث ولا يقال فيها لثلاثة واحد ولا للواحد ثلاثة فهى عقيدة واضحة فيها صلاة وفيها زكاة وفيها حج وفيها صوم مضبوطة بضوابط شرعية محددة المكان والزمان أما الزمان فمحدد فى الصوم - أما المكان فمحدد فى الحج يعنى لا يحج إلى اى مكان سوى بيت الله الحرام ولا يصام فى اى وقت صيام مفروضا إلا فى شهر
9
رمضان أما من حيث الصلاة فحينما أدركتك الصلاة فصلى قال رسول
الله " جعلت لى الأرض مسجدا وتربتها طهورا فايما رجل من امتى أدركته الصلاة فليصل " .
(ب) شمول نظام الإسلام حيث يشمل الدنيا والدين معا
يشمل جميع مناحى الحياة سياسية واقتصادية وفكرية واجتماعية
* فأما سياسيتة فألف باء إسلام الشورى قاعدة عامة قال الله ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) .
* إمام المسلمين يعين باختيارهم قال الرسول فى أمر الصلاة وهى أمر تعبدي وصورة مصغرة للإسلام والمسلمين حين يأتم المسلمين بفرد
قال " ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبر وجعل اولهم رجل امَّ قوم وهم له كارهون " إذا فإمام المسلمين يجب أن يكون باختيارهم ثم قال رسول الله " إذا أحان وقت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمنكم أكبركم " وفى رواية قال " أقرؤكم " .
* فشمول الإسلام شمل نظام تجاه السياسة يوجد خلافه وبيعة وشورى ووزراء ويوجد ضوابط وحدود فجعل للوحي كُتاب وجعل للوزارات كتاب وحين كان يمشى الجيوش كان يقسم الجيوش إلى مقدمه ومؤخرة ووسط ثم يجعل على راس كل قسم قائد وله أتباعه ويأمر الأوامر فيقول إذا رأيتمونا قد قطعت رؤوسنا من رقابنا فلم يبقى منا رجل فلا تنزلوا من على سفح هذا الجبل .
* ووضع الإسلام نظام اقتصادي معين حين قال الرسول " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فان بينا وصدقا بورك لهما فى بيعهما وان كتما وكذب محقت بركة بيعهما " وحين قال الرسول " المحتكر ملعون والجالب مرزوق " وحين قال الرسول " ما هذا يا صاحب الطعام , قال يا رسول الله أصابته السماء قال فهلا وضعته فوق الطعام فما يراه الناس من غشنا فليس منا " وقال الله (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ) وقال الله ( وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) فهذا اقتصاد موضوع .
10
وفى الإسلام نظام اجتماعي – قالت عائشة " كان الناس فى الجاهلية على أربعه انكحه فمنها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل
وليته أو ابنته- ومنها نكاح البغايا وهى أن ترفع المرآة البغية علما لها احمر على بيتها فيتأتى الرجال الكثر وينامون معها فإذا ما وضعت جاءت بولدها فتنسبه إلى ايهما شاءت - ومنها نكاح القافة وهو أن ياتى الرجال فينامون مع المرآة فياتى من يعرف بالأشباه فينظر الى الولد فينسبه إلى ايها شاء- ومنها نكاح الاستبضاع وهو أن يقول الرجل اذهبي إلى فلان واستبضعى منه وهو يفعل ذلك رغبه فى الولد فلما جاء الإسلام أبطل كل الانكحه وأبقى على نكاح الناس اليوم "
وقال الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ
اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) إذا وضع الإسلام انظمه متعددة .
3_ الصراع الذى دار بين العالمين الاسلامى والنصراني :
الإسلام عندما جاء كان أهل الفرس فى حاله من القوة وكان العالم يحكم فى قبضة الفرس والروم فلما نشر الإسلام تعاليمه انتقلت هذه القوه التى كانت بين ايدى الفرس والروم المادية إلى غيرهم ثم أعقبتها حرب فكرية وعقدية مما أثار حقد وضغائن هؤلاء فحاولوا دراسة هذا الدين الجديد الذى سحب البساط من تحت أيديهم كما حاولوا ردعهم بالقوة لأغراضهم الشخصية فلما فشلت هذه الأغراض العسكرية على بلاد الإسلام أيقنوا أن دراسة الفكر والمعتقد هو السبيل الأوحد لمعرفه مواطن الضعف والقوة عند المسلمين ومن ثم فشلت هذه الحروب وحاولوا إدخال الناس فى دين النصارى ففشل ذلك لأنهم يعلمون أن الناس لو ساروا على فطرتهم لأسلموا ولهذا حاولوا تشويه صورة الإسلام ورميه بما ليس فيه بهدف حماية النصارى من الإسلام .