صور العداوات التي شنها الأعداء على الدعوة الإسلامية قديما وحديثا

تتمثل هذه العداوة فى :.

أولا: عداوات مادية ثانيا : عداوات فكرية

أولا : العداوات المادية :

1_ محاوله قتل صاحب الدعوة والمدعوين ثم تعذيبهم والتنكيل بهم وأسرهم وكتب التاريخ تحدثنا عن تلك المحاولات التى أصابت الإسلام والمسلمين لكن الله سلم منها رقابهم وأباد أهل الكفر والكفار واذال دولة الباطل وأقام على أثرها دولة الحق (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ).

2_ الإساءة لشخص الرسول (صلى الله علية وسلم ) فحاولوا الإساءة بالرسوم المسيئة لشخصه ومرة أخرى حاولوا الطعن فى سنته ومره أخرى حاولوا الإساءة لصحابته الكرام
يا من أسأت برسم فى مشفعنا شلت مدى الدهر والتاريخ يمناك
كيف اجترأت على خير الورى سفها قد بؤت بالخزي ظلاما وافاك
إن الرسول لنور الكون اجمعه لكن تعامت عن الأنوار عيناك

3_ اتهموا صحابة الرسول (صلى الله علية وسلم ) بل ناصبوهم العداء وطالبوا صاحب الدعوة (صلى الله علية وسلم ) أن يتركهم وان يتنحى عنهم وهددوه قائلين له إن هؤلاء هم أذناب العرب لا قيمه لهم ولا وزن فان كنت تريدنا يا محمد فنحهم جانبا فهم رسول الله أن يستجيب لمطالبهم رغبة فى إسلامهم فانزل الله قوله ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يردون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين ) هدد رسول الله حتى قالوا يا محمد هذا بلال عبد وهذا سلمان الفارسى وهذا عمار هم أراذل القوم فانزل الله قرأنا يمدح هؤلاء النخب بقوله تعالى ( يريدون وجهه ).

1

4_ اتهموا أبا هريرة بكثرة التحديث عن رسول الله (صلى الله علية وسلم) حتى اضطر أبا هريرة أن يدافع عن نفسه حتى قال ( كان الناس يلزمون رسول الله ويفارقونه أما أنا فكنت الزم رسول الله فى حلى وترحالي على شبع بطنى ولقد سمعت من رسول الله مالا يسمعه غيرى إلا عبد الله بن عمر فانه كان يكتب ولا اكتب ولذلك قال الناس أكثر أبو هريرة من حديث رسول الله ولولا اياتان فى كتاب الله ما حدثتكما بحديث ثم تلا قول الله تعالى (ان الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) .

5_ اتهموا بعض الصحابة بأنهم جفاه غلاظ الأكباد ورأينا بعض الصور حتى رأينا أخر مؤتمر عقد فى مجمع البحوث الإسلامية كان يحث على احترام الصحابة ويشير إلى قول الرسول (صلى الله علية وسلم ) : ( أصحابي كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم ) النجم فى السماء إنما هو علامة يزين بها السماء ويهتدى بها الحيران قال الله (وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) وقال الله (وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) ومن ثم قال الرسول اصحابى كالنجوم بايهم اقتديتم اهتديتم اصحابى كالنجوم فى علوها وارتفاعها واهتدائها (وْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) العداوة كانت قديمة للرسول ثم انتقلت عبر الأزمان حتى وصلت إلى عهدنا .

وفى البداية ساوموا رسول الله وقالوا له يا محمد لك الجاه والسلطان ولك المال ولك أحسن فتياتنا ورفض رسول الله وقال إنما ابغى وجه الله ثم انتقلوا يساومون رسول الله فى صحابته وكان يقف العدو أمام رسول الله فيدعوا رسول الله له فينقلب صديقا على الفور وهذا من تأييد الله لرسوله (صلى الله علية وسلم ) فعمر بن الخطاب رضى الله عنه كان من إحدى دعوات رسول الله حين قال( اللهم اعز الإسلام بأحب العمرين إليك ) عمر ابن الخطاب وعمرو ابن هشام فكانت الدعوة من نصيب عمر بن الخطاب.
قال انس بن مالك والحديث فى مسلم ( دعا رسول الله عشية الخميس لعمر فكان ليله الجمعة بين أظهرنا فى صفوف المسلمين ) وانتم جميعا تعرفون قصه إسلام عمر وصدقت نبوءة عمر فاعز الله به الإسلام فى حياه النبى وبعد حياه النبى – فأما عزته للإسلام فى حياه النبى حين وقف على جبل الصفا حين أراد أن يهاجر قائلا : من أراد أن ييتم ولده أو تثكله أمه أو
2

ترمل زوجته فليتبعنى خلف هذا الوادي قال احدهم ( كلنا هاجر سرا إلا
عمر) وهذه عزه للإسلام فلما مات رسول الله (صلى الله علية وسلم ) اعز الله الإسلام بعمر مره ثانية وثالثة ورابعة حين فتح الله به الفتوح وسير الأمصار .
وراع صاحب كسرى أن رأى عمر بين الرعية عطلا وهو راعيها
رآه مستغرقا فى نومه فرأى فيه المهابة فى أجلى معانيـهــا
واستكبر تحت ظل الدوح مشتملا بعباءة كان طول العهد يمليهــا
فهان فى عينه ما كان يكبره من الاكاسى والدنيا بأيديهـــــــا
وعهده بملوك الفرس أن لها سورا من الجند والاحراس تحميها
فقال قوله حق أصبحت مثلا وأصبح الجيل بعد الجيل يرويهــا
أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوم قرير العين انيهــــــــا

ثانيا : العداوة الفكرية :

1_ جاء بكتب الاقدميين إلى رسول الله وصحابته يحاولون تشتيت أفكار الصحابة وصرف أذهانهم عن الدعوة وصاحبها وقد جاء رجل الى رسول الله وعنده عمر بكتب اليهود قال عمر يا رسول الله هذه كتب اليهود فيها مواعظ فاحمر وجه رسول الله (صلى الله علية وسلم ) وقال له يا عمر امتهوكون انتم وأنا بين أظهركم والله لو كان موسى بن عمران حيا ما وسعه الا ان يتبعنى ) فاخذ عمر الصحيفة وألقاها وقال بل آمنا بالله ربا وبالرسول نبيا فسر وجه رسول الله (صلى الله علية وسلم ) .

2 _ لما انزل الله تعالى الأمر بالصلاة على رسول الله (صلى الله علية وسلم ) كانت قبلة المسلمين الأولى نحو بيت المقدس وكان يجيش فى قلب رسول الله من ذلك شئ لأنها قبلة اليهود والنصارى وكان يتمنى فى نفسه أن ينزل قرانا يأمر بتغير الوجه نحو بيت أبيه إبراهيم ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما ) ( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما وما يشعرون ) وغالبا معظم السور المدنية تتحدث عن الحرب الفكرية التى شنها الأعداء على رسول الله ومنها ( وقالت طائفة من اهل الكتاب امنوا بالذى انزل على الذين امنوا وجه النهار واكفروا أخره لعلهم يرجعون )( ولا تؤمنوا إلا من اتبع دينكم)
3

( قل إن الهدى هدى الله ) فلما تمنى النبى أن يكون وجهه نحو بيت الله الحرام .
انزل الله قوله تعالى ( قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها ).
وهذه إحدى بوابات الرضا فى القران الكريم ( فلنولينك قبلة ترضاها )( فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن أناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى ) ( ولسوف يعطيك ربك فترضى ) .
فحارب اليهود رسول الله فكريا وعقديا فقالوا ( اتبع محمد اليوم قبلتنا وغدا سيتبع ملتنا ) وهم بذلك يريدون أن يشتتوا أذهان الصحابة وأذهان المسلمين فانزل الله قوله تعالى ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها ) فقالوا للمسلمين انتم حولتم قبلتكم من قبلتنا إلى قبلتكم فما حال صلاتكم الأولى وما حال إيمانكم الأول فإنما إن كنتم تمشون على قبلة خطأ وإما أن كنت صح والآن انتم على خطأ فانزل الله قوله تعالى ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) والإيمان هنا معناه الإيمان القلبى أو الصلاة استنادا لقول رسول الله ( الطهور شطر الإيمان ) اى الصلاة .
اى يضيع صلاتكم الأولى تجاه المسجد الأقصى .

3 _ محاولة تشويه صورة صاحب الدعوة فى نفوس المدعويين فمرة يقولون إن محمدا :
أ _ ابتر اى مقطوع الذكرى ليس له ولد ولا يبقى له ولد فانزل الله قوله تعالى ( إنا أعطيناك الكوثر ).

ب_ ومره يشوهون صورة النبى من خلال الحديث عن زوجاته وإشاعة قصة الإفك حول زوجة صاحب الدعوة من خلال هذا الطعن يقفد الصحابة الثقة فى بيت الدعوة وبيت النبى وكيف يكون القدوة وهم يعلمون أن القدوة هى أساس الدعوة فإذا فقدت الثقة فى القدوة فلن تنجح الدعوة ومن ثم حاولوا تشويه صورة عائشة فانزل الله ( أولئك مبرئون مما يقولون لهم مغفرة ورزق ) وانزل تهديدا عظيما لهؤلاء الذين جاءوا بالإفك ( إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ ) وفى نهاية القصة قال ( إذ تلقونه بالسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) .
4

جـ _ واتهموا النبى بأنه طلق زوجاته وكان فى عرف العرب أن الرجل لا يطلق زوجته إلا إذا كان ضعيف العقل يعنى غير حكيم لا يعرف كيف يدير
بيته ولما جاء النبى إلى حفصه وقال لها ويحكى وويح ابيكى ان كان ما سمعت صوابا فانزل الله قوله ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ) والواو فى قوله ( وأبكارا ) تسمى واو الثمانية .

د_ زعموا فى رسول الله (صلى الله علية وسلم ) انه مقطوع النسب حين مات والده ثم والدته فكفله جده ثم عمه فماتوا جميعا وما ناصبوه العداء حتى وجاهروا به واشتدوا فيه إلا بعد موت عمه لأنهم ظنوا ألا ظهر له حتى القوا مخلفات الجذور وهو فى صحن الكعبة فدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم )وعليه بعض منها وبكت فاطمة فقالت له يا رسول الله ألا تدعوا الله فقال لها يا فاطمة إن الله جاعل لما ترين فرجا ومخرجا .

4_ وفى غزوه بدر عادوا المسلمين وشتتوا أذهانهم عن ساحة المعركة ولما نام المسلمون واحتلم احدهم ألقى الشيطان فى قلوبهم أنهم على الباطل فكيف يلقون عدوهم وهم جنب وانزل الله عليهم ماء من السماء ( وانزل عليكم ماء من السماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ) فكان الماء جند من جنود الله إذ نصر به الأولياء وقهر به الأعداء حتى قال احدهم :

فى بدر عز الإسلام وهوت للباطل أصنام
وتعالت رايه خالقنا وطغى عنا الإجرام
قد قاد القلة مؤمنه للحق رسولا وإمام
فتعالى الله يؤيده وعليه صلاة وسلام

وهذه من صور العداءات الفكرية فى غزوة بدر ثم تبعها صورة ماديه كانوا يزيدون عن الألف رجل ومعهم الإبل والنساء ومعهم الماء وتقدم النساء ثم دقوا الطبول قال ابن كثير فى تفسيره ( جاءت وفود العرب إلى رسول الله فى بدر وعزفوا وغنت المغنيات ودقت الطبول وأبى الله إلا أن تنوح هذه

5

المغنيات على أرواح أزواجهم وأبى الله لهذه الطبول إلا أن تكون طبول أقداح واتراح – فكان النساء عندما تصيبهم مصيبة يدقون الطبول وينوحون ) ففى بدر عادوا رسول الله فكريا .

*وفى احد عادوا رسول الله ماديا وفكريا – ماديا عندما أرادوا قتل رسول الله – وفكريا عندما أشاعوا أن رسول الله قد قتل فقد كان فى عريشه ودخل فى جسمه ضربات وفى وجهه ضربات وفى أسنانه ضربات لكن رسول الله مؤيد من قبل الله وعندها زعزعت تلك الإشاعة نفوس أصحاب رسول الله فى غزوه حنين لما اجتمعوا نفرا من المسلمون وقد راوا أنهم كثره أشاع المشركون بينهم حروبا فكريه فانصرف المسلمون عن صفوفهم فاهتزت نصرة الإيمان ودخلت فى قلوبهم غطرسة الكبر قال الله ( ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتكم ولم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وانزل جنودا لما تروها وعذب الذين كفروا ) فى هذا اليوم ادخلوا فى قلوبهم الغرور بأنهم كثرة حتى قال احد الصحابة ( اليوم يوم الملحمة قال الرسول بل قولوا اليوم يوم المرحمة ) وعندها وقف الرسول ثابت الجنان مربوط الجأش قوى القلب قال على ( كنا نلقى العدو فما كان احد اقرب إلى العدو من رسول الله وكنا إذا حمى الوطيس اشتدت الحرب اتقينا برسول الله فما كان احد اقرب إلى العدو منه وكان النبى واقف يقول ( أنا النبى لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) .(محاضرات فى مادة الاستشراق لفضيلة الاستاذالدكتور&خالدعبدالله &استاذ الدعوة والثقافة الاسلامية)