الإسلام دين البناء والتعمير للشيخ أحمد عبد النبي الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فكشف الله على يديه الغمة .
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وعلى كل من استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعد
فإننا في هذا اليوم الأغر الميمون في يوم الجمعة وفي أول يوم في العام الميلادي الجديد ويبدأ بيوم الجمعة ويدعوا المسلمين إلى الوحدة والاتحاد ويدعوا المسلمين إلى أن يكونوا على قلب رجل واحد فنسأل الله عز وجل أن يكون هذا العام عام خير وفتح وعز للإسلام والمسلمين
وإن المسلم في استقباله للأعوام والشهور والأيام ينبغي أن يسير وفق منهج الله رب العالمين سبحانه وتعالى يعلم بأن الله عز وجل خلقه في هذه الحياة للعمران وبأن الحق سبحانه وتعالى خلقه للعبادة فالإنسان إنما هو صنعة الله عز وجل وقد بين القرآن الكريم بأن الإنسان إنما هو خليفة الله في هذه الأرض " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فكان خلق الإنسان ليعمر هذه الأرض بالحياة والعمران وليعمرها بالعبادة والطاعة لله رب الأرباب وإن الحق سبحانه وتعالى أكرم الإنسان بنعم كثيرة واختصه بمميزات عدة ومن أعظم النعم التي من الله عز وجل بها على الإنسان نعمة العقل الذي ميزه الله به وميز الإنسان عن الحيوان وعن بقية المخلوقات هذا العقل مع الإنسان ليفكر به وليعيش في هذه الحياة كما أراد الحق سبحانه وتعالى خلقه الله عز وجل لعمارة هذه الأرض فأعطى له المميزات والنعم أعطاه هذا الخير الكثير حينما خلق له هذه الأرض ومهدها له فقال تعالى " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" جعل الإنسان مستعمرا لهذه الأرض التي جعلها الله عز وجل مذلله وميسرة ومسهلة له يعيش عليها ويعيش فيها مستقبلا هذه الأيام وتلك الشهور والأعوام برضا من الله وبتوفيق من الله رب العالمين سبحانه وتعالى خلق الله عز وجل الإنسان لهذه الأرض ليعمرها وتعمير هذه الأرض بالسعي فيها من أجل لقمة العيش الحلال ليعلم كل إنسان بأن الحق سبحانه وتعالى أمره بالسعي في هذه الأرض وبين الحق سبحانه وكلوا من رزقه فإن الرزق إنما هو بيد الله سبحانه وتعالى لم يجعله في يد مخلوق على ظهر الأرض ليتحكم فيه وإنما يسوقه لكل الناس وهذا من رحمة الله بنا أن جعل الرزق بيده وحدة لا بيد أحد على ظهر الأرض الرزق مال يرزق الله به الإنسان , الرزق علم يمن الله به على الإنسان , الرزق ولد صالح يمن الله به على الإنسان يكون له سندا في حياته ودعاء له بعد مماته , الرزق صحة يمن الله بها على الإنسان , كل ذلك إنما هو بيد الله ــ سبحانه وتعالى ــ فقد بين الحق سبحانه وتعالى ذلك ليضمن الإنسان هذا الرزق لنفسه وليعلم بأنه في هذه الحياة ما هو إلا سبب فنحن سبب في هذه الحياة أمرنا الله عز وجل بأخذ الأسباب وترك النتائج على رب الأرباب أمرنا بالعمل وألا يعيش الإنسان عالة على الآخرين وأن يعمل ويكد ويأتي بلقمة العيش الحلال كما بين الحق سبحانه وتعالى فامشوا في مناكبها أمرنا بالسعي وأمرنا بالعمل ولكنه بين لنا أيضا لا تطلبوا الرزق بمعصية الله فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للناس " إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله إنسان يعمل ويكد ولا ينظر بأن هذا العمل ينبغي أن يكون موافقا لشرع الله عز وجل وموافقا للكتاب والسنة ليست العبرة أن تعمل وأن تأتي بلقمة العيش وفقط وإنما ينبغي أن يتحرى ينبغي أن يذهب ويتحرى الحلال في كل عمله فقد كانت صحابة النبي ــ صلى الله عليه وسلم يتركون تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام أما أن يأتي على الناس زمان لا يبالي أمن حلال أممن حرام فهذه الطامة الكبرى .
نطلب الرزق بالليل وبالنهار ثم ندعوا الله بأن تكون هناك بركة لهذا المال أو لهذا الرزق الذي ساقه الله إلينا وذلك لن يأتي إلا إذا كان هناك إخلاص وإتقان لهذا العمل الذي يقوم به الإنسان ولذلك قيل " بأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " فإتقان العمل وجودة العمل إنما تعود على الإنسان بالخير في هذه الحياة الدنيا يعود عليه بالبركة في المال , ليست البركة أن يزيد الله لك المال فحسب وإنما البركة أن يمنع الله عنك سوءا أو شرا أن يبعد عنك الأمراض والأوبئة وأن يبعد عنك تلك الأمور التي تنفق فيها المال كل ذلك بركة من الله يمن بها على الإنسان
وإن الدين الإسلامي دين يدعوا إلى البناء والتعمير ديننا يدعوا إلى أن يكون الإنسان في عمله مخلصا ديننا يدعوا إلى أن يكون الصانع في صنعته مخلصا ومنتجا بإخلاص وضمير حينما يكون ذلك فإن هذا المجتمع سيكون مجتمعا ناتجا نافعا سائرا وفق ما أراد الله عز وجل وهذا الاتقان لا يأتي إلا بمراقبة الله عز وجل والإخلاص في العمل الذي يقوم به الإنسان في الصباح والمساء حينما يبين لنا النبي ــ صلى الله عليه وسلم أخلص دينك يكفك العمل القليل العمل هو الذي ينفع صاحبه في هذه الحياة الدنيا العمل الصالح والعمل الذي تقوم به إن جاءت لك النية الصادقة في العمل الذي تؤديه فإن الله عز وجل سيمنحك الخير في هذه الحياة الدنيا حينما يعيش الإنسان بذلك سائرا وفق البناء والتعمير فإنما ينفذ وصية رسولنا ــ صلى الله عليه وسلم ــ الذي يدعونا إلى هذا البناء والتعمير حينما يبين لنا " إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها "
فالإسلام بذلك يحبب في العمل ويبعد الناس عن التكاسل فالإسلام دعوة للعمل والاتقان دين يحث أتباعه على الخير في هذه الحياة يحذر من التكاسل والتلاعب في أقوات الناس دين يحذر من التخريب والفساد والإفساد في الأرض وإنما يأمر الناس إلى ربط حياتهم بالله رب العالمين وألا يفرطوا في شعائر الله فهي التي تنفع الإنسان هناك من يأتي لنفسه بحجج واهية ويقول لنفسه بأن العمل عبادة ويترك الصلاة ليست هناك عبادة تنفع صاحبها وتمنع الإنسان من السجود لله والركوع لله رب العالمين إن أردنا ببركة في أعمالنا ينبغي علينا أن نحافظ على شعائر ديننا وعلى الصلاة فهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد العمل كله علينا إخوتى الإيمان والإسلام أن نتواصى بتقوى الله فهي التي تنفع الإنسان في الدنيا والآخرة وتقوى الله تكون مع الإنسان سببا في بعده عن الحرام وعن طريق الشيطان
علينا إخوتي الإيمان ونحن نستقبل عاما ميلاديا جديدا أن نستقبله بالعمل الصالح وبالإخلاص وبمراقبة الله عز وجل وأن يكون هدفنا بناء أوطاننا وأن نعتمد على البناء والتعمير لا على التخريب والفساد والإفساد فذلك يعود على المفسد في المقام الأول قبل أن يأتي للآخرين وينبغي على الإنسان أن يرتب أوراقه وأن يجدد نيته مع الله رب العالمين وينبغي على الإنسان أن يخطط لمستقبله بالخير في هذه الحياة الدنيا والإسلام يعلمنا بأن يكون الإنسان نافعا لنفسه ولمجتمعه ولكل الناس الآخرين علمنا الإسلام بأن يكون الإنسان ثمرة نافعة منتجة في هذا المجتمع الذي يعيش فيه ينبغي ألا يكون عالة على الآخرين وإنما يعمل ويجد ويكافح من أجل لقمة العيش ويأخذ بالأسباب فأنبياء الله كانوا يعملون فآدم كان فلاحا وإدريس كان خياطا ونوح كان نجارا وداود كان حداد وسيدنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ـ كان راعيا للأغنام وكان يعمل بالتجارة علمنا الإسلام بأن يكون الإنسان بناء لهذا المجتمع سائرا وفق ما أراد الله عز وجل يعيش في هذا المجتمع بالنية الصادقة في عمله مخلصا منتجا فإن سار بالإخلاص ومراقبة الله عز وجل وسار بالعمل الصالح فإن الله سينفع هذا المجتمع وسيأتي له التقدم والرقي والازدهار .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا وأن يكون ذلك في ميزان حسناتنا أجمعين اللهم آمين
ألقيت هذه الخطبة بمسجد الخفاجية بقرية تلبانة مركز المنصورة محافظة الدقهلية
21 من شهر ربيع الأول لعام 1437 ه الموافق 1 يناير 2016 م
كتبه الشيخ أحمد محمد عبد النبي
المنسق العام لأوقاف الدقهلية