متى نسترد وعينا المفقود مقال للدكتور محمد داوود باليوم السابع متى نسترد وعينا المفقود؟ د محمدداوود
السبت، 30 أكتوبر 2010 - 19:46
!المحنة.. الكارثة.. المأساة التى حلت بأمتنا العربية ليست جائحة من السماء لا ندرى لها سببًا، وإنما هى بما كسبت أيدينا، جزاء دخول عقولنا حارة الجمود والوقوف عند حدود الماضى نتباهى به ونتغنى بأمجاده، وغفلنا عن مسئوليتنا عن الحاضر والمستقبل.. ويتساءل العقلاء: هل نحن شعوب ترتد إلى الوراء ولا تحسن النظر إلى المستقبل؟!! ومن العجيب والمؤلم أننا نستقبل صنيع العدو بنا بالولولة والصياح.. نستنكر ونشجب وندين إلى أن وصل بنا الأمر إلى أنَّ جهدنا قد انحصر فى إثبات خطأ العدو فى حقنا باحتلال الأرض ونهب الثروات واحتلال العقول وتغريب الفكر، وكأن ذلك سيعفينا من مسئوليتنا عن هول الكارثة التى وقعت بنا جزاء سلبيتنا وغفلتنا وجمودنا!! ويتساءل العقلاء: ماذا ننتظر من عدونا؟!! هل ننتظر أن يقدم لنا هدية؟! أو أن يسعى فى مصالحنا؟! هل ننتظر من عدونا إلا أن يتربص بنا ويكيد لنا ويدبر لإهلاكنا؟ أليس هذا هو دوره؟! بلى إنه دوره الذى يؤديه بامتياز واقتدار، لكن المشكلة فينا! والمأساة فى دورنا الغائب عن الساحة، فى سلبيتنا وجمودنا..المشكلة فى وعينا المفقود بكل أبعاد وجوانب الأزمة.. المشكلة فى تغييب العقل العربى عن ساحة الإسهام فى الإنتاج الحضارى وامتلاك رؤية للمستقبل لها وسائلها وآلياتها.. المشكلة فى أننا نمتلك ثروات طائلة لكن تخلفنا جعلنا نتسول طعامنا ووسائل حياتنا.. المشكلة فى أننا لم نحسن قراءة الواقع ولم نفقه مراتب الأعمال.. المشكلة فى أننا نتغنى بالمثاليات النورانية، فى حين أن واقعنا أبعد ما يكون عن الالتزام بهذه المثاليات.. المشكلة فى أنظمة عربية تفرض ما تريد بالعصا، وتعيش بمنطق فرعون {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} (غافر:29)• وفى ظل البطالة العقلية والذاكرة المفقودة ملأ العبث مؤسساتنا حتى صار الفساد السياسى فى المجتمعات العربية مضرب المثل.. المشكلة أننا لا نريد أن نُنصف الدين من أنفسنا، ومازلنا نعانى من البطالة العقلية والذاكرة المفقودة التى لا تستفيد من التجربة ولا تنتفع من عبر التاريخ، حتى حَوَّل البعض الدين من بناء الإيجابية فى حياتنا من قيم حضارية وزيادة مساحة الود والتسامح والتعاطف بين أهل الأديان السماوية إلى بناء ثقافة الصدام والعداء أحيانًا وتحول الدين إلى وسيلة هدم بدلا من المقصد الربانى لوجود الأديان بأن تكون سبب رحمة ومحبة.
إن الواقع يكشف لنا عن حقيقة مُرَّةٍ، وهى أن سلبيتنا المتراكمة صارت أخطر علينا من عدونا؟!
والسؤال الذى يفرض نفسه بقوة: هل يمكن أن نبقى مسلوبى الإرادة، مشلولى التفكير إلى أن يهلكنا مرض الجمود والسلبية، فيذهب الله بنا ويأتى بقوم غيرنا ثم لا يكونون أمثالنا..؟! هل رضينا أن نكون جيل السقوط والهزيمة؟! أم ستكون منا اليقظة وندرك دورنا الغائب.. ونسترد وعينا المفقود.. فتتحقق لنا الخيرية وتكون لنا المقدمة بين الأمم؟! والفائز حقًّا من يدرك دوره.