في الصميم
بقلم: مجدي سالم
تأملات في الحج .. وما بعده !!
أيام قليلة وتشهد الأراضي الحجازية أعظم وأضخم مؤتمر للبشر علي مر التاريخ .. أكثر من مليوني إنسان يتجمعون علي صعيد واحد وعيونهم تتجه إلي مكان واحد ويتحدثون بخطاب واحد وهم يرتدون زي واحد لا فرق بين كبير أوصغير ولا بين غني أوفقير .. لا فرق بين أبيض أو أسود أو أحمر أو أصفر .. كلهم بلا إستثناء يتجهون بقلوبهم قبل السنتهم بالخطاب إلي الواحد الأحد ملبين دعوته سبحانه وتعالي بالحج بكلمة لا تعرفها أي لغة اخري وهي كلمة لبيك .. لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك.
في هذا الموقف المهيب يقف الإنسان متأملا لحال هؤلاء الذين استجابوا لدعوة الله سبحانه وتعالي وهم يبذلون الكثير من المال والجهد لأداء فريضة الحج ويتساءل : كيف اجتمع كل هؤلاء البشر علي هدف واحد.. من الذي وحد قلوب الجميع ليأتون الي مكة ويطوفون بالكعبة ويسعون بين الصفا والمروة ويرتحلون إلي مني ثم يفيضون الي عرفات ليقوموا بأداء الركن الأعظم من فريضة الحج بالوقوف بعرفات حتي ما بعد غروب شمس اليوم الموعود ثم ينفرون إلي المزدلفة ثم إلي مني مرة أخري لرمي الجمرات حيث يبيتون ثلاثة ليال يعودون بعدها إلي الحرم في مكة.
كلها طقوس يؤديها المسلمون اتباعا لأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم وكما كان يؤديها وكما علمه الله سبحانه وتعالي .. ثم يعود الجميع الي أوطانهم وقلوبهم ما زالت معلقة ببيت الله الحرام وكلهم أمل ورجاء أن يتقبل الله عبادتهم وذكرهم لله ودعواتهم بصلاح أحوالهم في الدنيا والآخرة.
يتأمل الإنسان حال هؤلاء الذين يؤدون فريضة الحج وأيضا من لم يكتب لهم أداء الفريضة ويتوجهون إلي الله أن يكتبها لهم العام القادم .. كل المسلمين يعيشون أيام الحج بمشاعر واحدة كلها تستجيب لدعوة الله وتسعي إلي الإحساس بالرضا عن النفس التي بذلت كل ما تستطيع للوصول إلي هذا الشعور الذي يؤكد لها القبول عند الله.
نفعل ذلك جميعا .. ولكن .. آه من لكن هذه .. نعود بعد فترة وجيزة إلي ما كنا عليه ونتحول إلي حال يتميز فيه الغني عن الفقير والأبيض عن الأسود وتأخذنا الدنيا بكل ما فيها إلي صراعات وحروب وعداوات فيما بيننا تتعارض مع ما كنا عليه في مؤتمر الوحدة الإسلامية الأعظم حيث كنا ننعم بظل الله.. في الحج.
أتأمل وأتحسر علي حالنا الذي أدعو الله عز وجل أن يخرجنا منه لنحيا في ظله دائما!!!