هذه الأعمال ثوابها دائم بقلم الشيخ: بكر عبدالهادي صالح مدير عام الدعوة بالفيوم هذه الأعمال ثوابها دائم
بقلم الشيخ: بكر عبدالهادي صالح
مدير عام الدعوة بالفيوم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه الإمام مسلم.
الموت أمر لا بد منه "كل نفس ذائقة الموت" وانتهاء الأجل حقيقة لا ريب فيها وقضاء محتوم لا يحتمل الجدل ولا محيص عنه ولا مناص منه لا جند يرفعه ولا قوة ترده ومن الناس من إذا مات لا تحس به الدنيا ولا يترك وراءه فراغا يتطلبه هان علي نفسه في حياته الدنيا فأهمل تكوينها وغفل عن حقائقها فخبا ذكره ساعة صعود وروحه إلي بارئها ولم يعد له وجود كما لم يبق له أثر يدل عليه.. ومنهم من جال في دنياه وصال فجاب الأرض وطاول الجبال غاص علي در الحياة وغرف من أنهارها وأدلي بدلوه في كل مجال فإذا قبضت روحه نعته الدنيا بأسرها وناحت عليه براغمها والعجماوات وعز علي أهلها أن يواريه غيب محجوب وينأي به عن ساحتهم قدر مكتوب ولما كان مقياس الإسلام عاما يشمل خامل الذكر والنابه سعي دائما إلي الطريقة المثلي والقدر المشترك الذي تقوم به عمارة الكون ما بقي الكون والذي يستطيع المساهمة فيه المقل من الجهد والمكثر فيه فلا يعيا به الضعيف الواهن ولا يفوت القوي المتوثب ولكل جزاء وتقدير والنتيجة صلاح هنا وجني طيب للثمار هناك ذلك هو أن يقدم المسلم زادا لنفسه من عمل يده وبواسطة كدحه وحده وكسب حلال وانفاق في الوجوه المشروعة الدائمة النفع.. وما أكثر الدروب والمسالك الموصلة إلي الحسني وزيادة ولكن سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم اختار ثلاثة فقط من عديد لكثرة خيرها ولشمول نفعها في الحياة وبعد الموت وتفاعلها مع المجتمع الذي تنفق فيه تجارتها وتدعيمها لبنيانه وإرسائها أسسه علي أصول ثابتة قوية فما الكلام بالمنطوق وكفي ولا بما يلفظ وحسب وإنما هناك معان عميقة وآثار دفينة تختبيء وراء فصاحة سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم تنعم الدنيا لو سارت علي نهجها بالراحة النفسية والرضا القلبي والطمأنينة الدائمة وخذ القول من مصادره ولا تعقب.
وقد وضع سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم لتحقيق ذلك الهدف ثلاث طرائق كلها بر وخير ورحمة وبركة للمجتمع الذي يعيش فيه المسلم العامل بها وإليك إيضاح القول.
1- صدقة جارية وهي الدائمة المستمرة المتواصلة وكيف يمكن الحصول علي مصدر يغل صدقة جارية بعد موت صاحبها وهذا لن يكون إلا بجهد وعرق وجد وجلد وعمل متواصل للإنتاج فإذا وجد المال وفاض عن الحاجة أمكن لصاحبه أن يجعل الفائض في بناء مدرسة عامة تقضي علي الجهل أو مستشفي يزيل الألم أو بناء دور ضيافة تؤوي عابري السبيل وتضم بين جوانحها أبناء الطريق الغرباء عن ديارهم وتمدهم بما يوصلهم إلي مستقرهم حتي ما كان يفعله السلف الصالح من غرس الأشجار.. فتلك أمور يتحدد نفعها ويدوم ثوابها ويعود بالإحسان والرحمات علي صاحبها وهي من كسبه وسعيه وجهده ولا شك.
2- علم ينتفع به.. ويندرج تحت هذا القسم من الحديث الشريف كل أنواع العلوم المفيدة للإنسانية دنيويا وأخرويا فلو صدرت عن مؤمن بالله واليوم الآخر مخترعات نافعة كان له ثوابها في الآخرة وكذلك من أسهم في تحرير المؤلفات الشارحة للإسلام الداعية إلي الخير الموجهة إلي الله تبارك وتعالي كان عمله هذا متدرجا تحت هذا المقطع من الحديث الشريف وما أحوج زماننا في جميع دوله وقاراته المعاصرة إلي علماء مسلمين مجيدين أقوياء الإيمان بالله عاملين بكتابه وسنة رسوله ليحملوا تلك الرسالة الكريمة إلي الدنيا المعاصرة.