الخطيب ودوره في المجتمع الخطيب ودوره في المجتمع
2010-11-27
بقلم فضيلة الشيخ:- حسام العيسوي إبراهيم *
h_sneed79@yahoo.com
الخطيب الداعية من أهم أركان المجتمع، به يعرف الناس الخير من الشر، والصواب من الخطأ، وهو إمامهم في الصلاة، ومعلمهم أمور دينهم، يفصل بينهم وقت الخلاف، ويتحاكمون إليه في كل أمورهم، يبثون إليه مشاكلهم وهمومهم، فهو كالأب الحنون، والصاحب الصدوق، والطبيب الذي يداوي أمراض وعلل النفوس، فهل يعقل أن المجتمع تبرز فيه أحداث جسام، والداعية يكون بعيداً عن هذه الأحداث ؟ !، الناس تنتظر من الخطيب الكثير، فمَن يبيّن لهم كيف يتعاملون مع هذه الأحداث، ويرشدهم إلى دورهم فيها ؟، ومَن الذي يقدر على معالجة هذه الأمور إلا الداعية الخطيب ؟
لا يخفى على إخواننا من الدعاة ما تمر به الأمة الآن من عداوة صريحة، لم تعد خافية على أحد، تظهر صباح مساء بوجوهها النكدة، وألسنتها الكاذبة، تصرِّح بهذه العداوة، وتبديها بعد طول غياب، بعدما اطمأنت أن المسلمين قد باتوا في سبات عميق، قد غفلوا عن قضيتهم، وغفلوا عن دورهم المنوط بهم.
الخطيب الداعية له أدوار كثيرة تجاه الأحداث التي تحدث في مجتمعه ومن أهم هذه الأدوار:
القراءة العميقة والفهم الدقيق:- فقراءة الخطيب الداعية ليست كأي قراءة، فهي قراءة الفهم والتدبر، والوقوف على كل جزئية، فهو يتعلم لنفسه ولغيره، يستوعب الموضوع من كل جوانبه، يتعرف على كل تفاصيله؛ وكيف لا ! وهو المرشد الأول للناس، والمفسِّر والمبيّن لهم كل ما تحمله الأحداث من نفع أو ضر، أو فوائد ومنافع وأضرار؛ ولذلك فهو دائماً يتطلع إلى الأحداث، يقرأ الصحف والمجلات، يستمع إلى الفضائيات، يُصْغِي ذهنه إلى أهل الخبرة والرأي من الفقهاء في كل مجال، حتى يخرج بالنظرة الشرعية في الأمور، فيحسم الأمر للناس، بعدما بلغ الجهد منه كل مبلغ، وبذل من التعب والمشقة من وقته وجهده، فهو المخرج الوحيد لفهم الأحداث مهما تعددت الرؤى والأفكار، ومهما تعددت الألسنة والأبواق.
الهمة العالية:- فرب همة أحيت أمة، وهل يستطيع أن يعيش الخطيب الداعية بدون هذه الهمة ؟، فهذه الهمة هي التي تحي القلوب بعد مماتها، وتوقظ الغافلين بعد نومهم، وتأخذ بيد هذه الأمة إلى الخير والمجد والنصر المنشود.
أخي الخطيب الداعية: ما أحلى أن نعيش مع سير العلماء العاملين، والخطباء المخلصين !، والذين أحيوا هذه الأمة في تاريخها الطويل، فها هو العز بن عبد السلام الذي ربَّى على يديه قائداً من قوَّاد المسلمين، والذي فتح الله به بلاد المسلمين وأعادها إلى الحياة من جديد، عندما قهر قطز التتار، وها هو آق شمس الدين، الذي خرَّج للمسلمين محمد الفاتح، الذي فتح الله به القسطنطينية، وأيَّده الله ببشارة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وهاهو صلاح الدين الأيوبي، الذي طهّر بلاد الإسلام من الصليبين المغتصبين، وهل هذا كله تم إلا بفضل العلماء المخلصين، والفقهاء الربانيين، الذين حملوا مشاعل الهداية في هذا الكون، والذين أحيوا الأمة بهممهم العالية ونفوسهم السامقة، ومحاربتهم للطغيان والظلم في كل مكان.
الأمل سلاح العلماء:- هذه الأمة التي تعرضت للتخريب والظلم والطغيان منذ عشرات السنين تحتاج إلى الأمل بعدما سلبه منها أعداؤها، والذين أثقلوها بروح الهزيمة والقنوط، وروح اليأس من العودة إلى القيادة والريادة من جديد؛ وذلك بفعل الضربات المتتالية لهذه الأمة من محاربة في الأرزاق والأقوات، ومن سلب للحرية والطمأنينة والأمن، ببث قيم السلبية والاتكالية والنفعية وحب الذات، من بث روح اليأس من التغيير؛ حيث ظنَّ كثير من الناس بعد موت أحدهم أنهم لا يموتون، وأنهم على أجسادنا جاثمون، هذا الوضع يحتاج من العلماء إلى بث روح الأمل في هذه الأمة، وإلى إعادة قراءة القرآن من جديد؛ لنستخرج منه الدروس والعبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية.