الميلاد الشرعي للمظاهرات للدكتور سعد الدين هلالي الجمهورية
قرآن وسنة
الميلاد الشرعي للمظاهرات
د. سعد الدين هلالي
dr.saadheluly@hotmail.com
كانت المظاهرات والمسيرات السلمية للمطالبة بالحقوق العامة من القضايا المسكوت عنها. والتي لم يلق الفقهاء السابقون لها بالا لعدم حاجة الناس وقتها إليها. ربما لعدم الوعي الحضاري بحقوقهم العامة أو عدم إنضاجها بعد. ربما لإمكان الناس الحصول علي حقوقهم العامة عن طريق وساطة الفقهاء وعلماء الشريعة الذين كانوا بمنزلة قريبة من الأمراء وحكام الامصار في البلاد الاسلامية.
وبعد ان احتلت الدول الاوروبية أكثر الدول العربية والاسلامية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي ومن ذلك احتلال انجلترا لمصر سنة 1982م ثم قيام الحرب العالمية الاولي سنة 1914م صدرت التشريعات والقوانين المقيدة للحريات ومن ذلك القانون المصري رقم 10 الصادر من الخديو عباس حلمي الثاني في اكتوبر 1914م بشأن حظر التجمهر من خمسة أشخاص فأكثر ومعاقبتهم بالحبس مدة لاتزيد علي ستة شهور أو بغرامة لاتتجاوز عشرين جنيها مصريا اذا كان من شأن هذا التجمهر أن يجعل السلم العام في خطر. أو كان الغرض من التجمهر ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح أو اذا كان الغرض منه التأثير علي السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل وتكون العقوبة الحبس الذي لاتزيد مدته علي سنتين أو الغرامة التي لاتتجاوز خمسين جنيها مصريا لمن يكون حاملا سلاحا أو الات من شأنها احداث الموت اذا استعملت بصفة اسلحة.
وفي نقلة حضارية لمصر اصدر الملك فؤاد الاول أول دستور مصري في 19 أبريل سنة 1923م يعترف بحق الشعب في ادارة شئون البلاد. وهو مايستوجب الترخيص بالمظاهرات والمسيرات السلمية فصدر القانون رقم 14 لسنة 1923م بشأن تقرير الاحكام الخاصة بالاجتماعات العامة وبالمظاهرات في الطرق العمومية ومما جاء في مقدمته: نحن ملك مصر بما أن حق الاجتماع العام لم تعترف به ولم تنظمه القوانين المصرية بعد. وبما انه من الضروري ومن الملائم الاعتراف بهذا الحق وتقرير حدوده واحكامه لكي يتسني للأهلين الاشتراك في الحياة العامة في البلاد علي وجه هادئ ومنظم رسمنا بما هو آت.. ونص علي حق الاجتماعات والمظاهرات في فصلين.. ثم جاء الدستور المصري الصادر سنة 1971م حتي تم تجميده في العاشر من فبراير الجاري إثر نجاح الثورة الشبابية الشعبية بتأكيد هذا الحق حيث تنص مادته 54 علي أن: "للمواطنين حق الاجتماع الخاص في هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة الي اخطار سابق ولايجوز لرجال الامن حضور اجتماعاتهم الخاصة.. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون".
وبهذا يسترد الانسان شيئا من كرامته التي جعلها الله تعالي عنوانا للانسانية كما قال تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم" "الاسراء : 70".