د. محمد عمارة | 26-04-2010 23:10
سبع سنوات مرت على الغزوة الأمريكية للعراق.
وإذا كان اغتصاب فلسطين هو أكبر مآسي العالم الإسلامي في القرن العشرين، فإن الغزو الأمريكي للعراق وتدمير مكوناته ـ كدولة ومجتمع ـ هو كبيرة الكبائر الإمبريالية الصهيونية في مطالع القرن الواحد والعشرين.
وإذا كان الوعي بالواقع هو السبيل للتعامل الرشيد معه، ولتغييره، فإن علينا أن تستعيد صورة هذا الغزو ـ الذي بدأ في 20 مارس سنة 2003م.. والذي استمرت ملحمته ثلاثة أسابيع، حتى إسقاط بغداد في 9 أبريل سنة 2003م ـ .. لقد حملت الدبابات الأمريكية التي زحفت على العراق ـ مع الجنود الذين يقودون هذه الدبابات ـ عددا من الفرقاء، الذين وإن تمايزت أشكالهم وتنوعت مقاصدهم، إلا أنهم اتفقوا على افتراس هذا البلد العربي.. حملت هذه الدبابات ـ مع الجنود ـ :
1ـ أصحاب العمائم السوداء من مراجع التشيع الصفوي، الذين احتشدوا في إيران على امتداد عشرين عامًا.. ومعهم الأحزاب والميليشيات التي تكونت وتدربت وتسلحت في إيران، والتي حاربت العراق في حرب السنوات الثمان.. ولقد دخل هذا الفريق ـ في ركاب الغزو الأمريكي الصهيوني ـ بهدف اقتناص حكم العراق.. وكان في انتظارهم ـ بالداخل ـ فتوى السيستاني ـ وهو فارسي الجنسية ـ بالامتناع عن مقاومة الغزاة.. وبالتعاون مع هؤلاء الغزاة!.
2ـ أما الفريق الثاني، الذي حملته الدبابات الأمريكية الغازية، فكان فرق التجسس والاغتيالات الصهيونية، التي انتشرت في أنحاء العراق لتغتال مقومات هذا البلد الذي أعلنت المخططات الصهيونية عن ضرورة تدميره، لأنه القوة الأخطر على الكيان الصهيوني في المشرق العربي.
3ـ أما الفريق الثالث، فلقد تكون من خمسمائة من عتاة المنصرين الأمريكيين، يقودهم غلاة قساوسى اليمين الديني والمسيحية الصهيونية الأمريكية، الذين أعلنوا ـ يومها ـ أنهم قد جاءوا لنشر المسيحية الأمريكية "لاسيما في بغداد" ـ حاضرة تاريخ الإسلام ـ ! .. ولقد كانت العلاقات التي أقامها هؤلاء المنصرون مع مسيحيي العراق وبالاً على هؤلاء المسيحيين، الذين عاشوا آمنين ضمن وطنهم وحضارتهم العربية الإسلامية عبر تاريخها الطويل.
وفي الوقت الذي قامت فيه جيوش الغزو، والإدارة التي كونها "بول بريمر" ـ المندوب السامي الأمريكي ـ بتدمير الدولة العراقية، كانت فرق الموت الشيعية والصهيونية تطارد وتغتال القوى الحية التي تمثل أعز ثروات العراق ـ العلماء والخبراء وأساتذة الجامعات وضباط الجيش والمهندسين والأطباء.. وتدمر ـ كذلك ـ مراكز البحث العلمي والمختبرات في المعاهد والجامعات..
لقد قامت فرق التجسس والاغتيال الصهيونية بتجريف المكونات الحية للعراق.. بل وسرقة آثار تاريخه الحضاري العريق، في الوقت الذي قامت فيه فرق الموت الشيعية بتجريف أهل السنة، رافعة شعار "الموت للنواصب"، لتحتكر لنفسها حكم العراق!.
وإذا كانت المقاومة العراقية قد فرضت على الغزاة الأمريكان مراجعة الحسابات.. فإن على العرب الذين حرضوا على غزو العراق مراجعة الحسابات.. فتأييد المقاومة هو السبيل لاستعادة هذا البلد العزيز إلى أحضان العروبة والإسلام.