[size=21]كل من يتعامل مع الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف يدرك حرمة المال العام.. فالوزير يقابلك بابتسامة ويستمع إليك بكل تركيز ويتحدث معك بود وتواضع العلماء.. ثم تتركه دون أن تأخذ من أموال الدولة أو أموال الأوقاف شيئا حتي ولو كان لك فيه بعض الحق.
حرص الدكتور زقزوق علي المال العام قد يدفع البعض إلي وصفه بالبخل وهي صفة لا تزعج الوزير ولا تغضبه خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمال عام تجرأ الكبير والصغير عليه دون شعور بحرمة أو خوف من عقوبة أو فضيحة.
ظلت أموال الأوقاف مطمعا لكثير من الناس. بل مطمعا لجهات حكومية عديدة نهبت منها في السابق الكثير تحت مسميات مختلفة حتي جاء الدكتور زقزوق فأغلق كل المنافذ بالضبة والمفتاح.. فلا مجاملة لصديق ولا استجابة لصاحب نفوذ حتي ولو كان رئيس الحكومة.. فأموال الأوقاف "أمانة" في عنق الوزير حتي يترك كرسي الوزارة ويتنحي راضيا أو مرغما عن نظارة الوقف.
في سبيل الحفاظ علي هذه الأمانة تعرض وزير الأوقاف لهجمات كثيرة من كل الاتجاهات.. هاجمه أعضاء مجلس الشعب لأنهم فشلوا في الحصول علي ما يريدون ولم يستجب الوزير لطلباتهم ولم يخش علي منصبه من هجماتهم وتهديداتهم.. وهاجمه كتاب وصحفيون كبار لأنه لم يحقق لهم مطالبهم ولم يستجب لأطماعهم ولم يخش أيضا علي كرسي الوزير من محاولات التشويش التي يقومون بها.. وغضب منه وزراء ومسئولون كبار لأنه تمسك بالحفاظ علي أموال الأوقاف حتي آخر لحظة له داخل وزارة الأوقاف ورفض الاستجابة لطلباتهم بالحصول علي أموال أو أراض أو عقارات دون وجه حق.
لذلك يفرض وزير الأوقاف علي الجميع احترامه وتقديره حتي ولو اختلف معه البعض.. فشل الكثيرون في الاستفادة منه.
يحدث هذا في وقت تحوم فيه الشبهات حول مسئولين كثيرين في الحكومة سال لعابهم علي المال العام واستغلوا مواقعم الوظيفية الرفيعة في تحقيق مكاسب لهم ولكل المقربين منهم.
لقد حاول وزير الأوقاف علي مدي السنوات التي تولي فيها مسئولية الوزارة أن ينشر ثقافة "حرمة المال العام" بين كل المحيطين به. ونجح إلي حد كبير في تطهير الوزارة من العديد من العناصر الفاسدة والمشبوهة.. لكن المهمة لاتزال صعبة خاصة وأن الوزارة تضم ما يقرب من ثلث مليون موظف بعضهم في مواقع ومناصب ومسئوليات تشجع علي استمرار الفساد والانحراف.
وزارة الاوقاف تحتاج خلال السنوات القادمة إلي جهود مضاعفة من الوزير لمحاربة كل مظاهر الانحراف والفساد.. وإذا كان الوزير قد استطاع أن يحقق بعض أهدافه وطموحاته ويعيد الثقة في الوزارة ومسئوليها إلي حد كبير فأمامه طريق طويل يحتاج أن يقطعه بصبر وشجاعة حتي تعود وزارة الأوقاف القدوة والمثل في النظافة وطهارة اليد والعدالة والأمانة ــ لكل الوزارات والمصالح الحكومية في مصر.
تحية لوزير الأوقاف الذي عاهد الله علي الحفاظ علي أموال الأوقاف وعدم اتاحة الفرصة لناهب ــ سواء أكان فرداً أم جماعة أم حكومة ــ أن تمتد يده إليها حتي آخر يوم له في الوزارة. يارب "ربنا آتنا من لدنك رحمة وهييء لنا من أمرنا رشدا" "الكهف: 10".
[/size]