رمضان في القنوات الفضائية التطرف .. والتطرف المضاد بقلم الأستاذ مجدي سالم
في الصميم
بقلم :مجدي سالم
رمضان في القنوات الفضائية
التطرف.. والتطرف المضاد
بقلم : مجدي سالم رئيس تحرير جريدة عقيدتي
تحدثت العدد الماضي عن التطرف في العلم وتطرف بعض العلماء الذين جعلوا العلم وسيلة لتدمير الحياة ونشر التعاسة بين البشر وذلك ردا علي ما ذكره الدكتور أحمد زويل حول الفتاوي المتطرفة التي يراها البعض تعوق التقدم العلمي وتقف حائلا أمام اللحاق بالمستقبل.
واليوم ومع سيل الإعلانات للترويج لبرامج ومسلسلات رمضان القادم " وقبله بشهر تقريبا " أجد نفسي أمام تطرف لا أستطيع أن أصفه إلا بأنه تطرف وقح وفج.. تطرف وتفريط ما بعده تفريط سوف ينشأ عنه بلا شك تطرف في الاتجاه الآخر.. ولنبدأ الحكاية من أولها.
مع بداية شهر رجب وقبل أن يهل علينا رمضان بستين يوما بدأت الكثير من القنوات التليفزيونية - فضائية وأرضية - الإعلان عن استعداداتها لمعركة شهر رمضان أو حرب شهر رمضان الترفيهية وقدمت العديد من الأسلحة التي كدستها وتشمل عشرات وربما المئات من المسلسلات والبرامج والمسابقات والأفلام بهدف اجتذاب أكبر عدد ممكن من المشاهدين طوال ساعات الليل والنهار وجلب أكبر حصيلة من الإعلانات لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.
الهدف من هذه المعركة شغل كل أوقات الناس خلال شهر رمضان "وليس أوقات الفراغ" وتسليتهم خلال فترة امتناعهم عن الطعام والشراب "وليس الصيام" لأن الامر الطبيعي ان يفقد الصيام الهدف منه مع انغماس الصائمين في مشاهدة هذا الكم الهائل من التهريج والرقص وكل ما تحتويه هذه البرامج والمسلسلات من مواد تخرج بالإنسان الصائم عن صيامه.
والنتيجة الطبيعية لكل هذا أن يكسب المعركة شياطين الإنس الذين حاربوا نيابة عن شياطين الجن وإبليس نفسه بفقدان الشهر الكريم معناه وخروج المسلمين منه بمزيد من الذنوب والمعاصي بدلا من المغفرة التي وعد الله بها من يصوم رمضان إيمانا واحتسابا.
هذه الحرب ضد الشهر الكريم التي بدأ شياطين الإنس دق طبولها من الآن تحدث تحت سمع وبصر المسئولين وتحظي بتأييدهم الجارف تمثل نموذجا لما يحدث طوال العام ولكنها أكثر تركيزا في رمضان.
وإذا كان الكثيرون من هؤلاء المسئولين يرون أن العبادة والالتزام في شهر رمضان مسئولية كل مواطن ولا يعنيهم " وربما يضايق بعضهم " أن يعطي الناس لرمضان حقه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن ولذلك فهم يتركون الناس فريسة لإغراءات الشاشة الصغيرة فإنني أخاطبهم بالمنطق الذي يجب أن يفهموه وهو منطق المصلحة العامة.
كلنا نعلم ما الذي يحدث في شهر رمضان.. إسراف في كل شئ.. في اللهو وفي الطعام والشراب والسهر وفي استهلاك الكهرباء.. نسرف في كل شئ إلا شيئا واحداً لا نفعله علي الإطلاق وهو العمل والإنتاج.. هل يرضي هذا المسئولين ؟!! وهل يتناسب هذا الإسراف والتوقف عن العمل والإنتاج مع مصالح هذا الوطن الذي أقسمنا جميعا علي السعي نحو تحقيقها والدفاع عنها ؟!! أم أن مصالح المستفيدين مما يحدث أهم عندهم ؟!!
نأتي لما هو أخطر والذي يخشاه المسئولون ولكنهم لا يضعونه في اعتبارهم وهو التطرف المضاد وبمعني آخر الإفراط المواجه للتفريط والذي كثيرا ما حذرت من أنه نتيجة حتمية لما نعيشه من استغراق في الترويج لكل ما يبعد الناس عن وسطية الإسلام والاعتدال وهو أمر لن أطيل في الحديث عنه لأننا نراه يوميا وعانينا منه كثيرا!!