القرضاوي وسلاح التحريم للأستاذ بسيوني الحلواني
بقلم : بسيوني الحلواني
جريدة عقيدتي 20 يوليو 2010
كلنا يحترم الداعية والفقيه الكبير الدكتور يوسف القرضاوي وننظر إليه علي أنه أفقه فقهاء العصر ونادرا مايجود الزمان بمثله في العلم والشجاعة والقدرة علي إنتاج هذا الكم لهائل من المؤلفات الإسلامية المتنوعة.
لكن لا أدري لماذا يخاطبنا الدكتور القرضاوي دائما وهو يحمل سلاح "التحريم" حتي في قضايا وإشكاليات تحتمل الرأي والرأي الآخر وينبغي أن يتحاور العلماء والمفكرون حولها بمنطق "هذا رأيي وذاك اجتهادي".
في قضية بناء الجدار الحدودي بين مصر وقطاع غزة فاجأنا الدكتور القرضاوي بفتوي تحرم اتخاذ أية اجراءات علي الحدود مع أنه يعلم جيدا أن قواعد الشريعة الإسلامية تعطي لولي الأمر حق اتخاذ الاجراءات التي يراها مناسبة للحفاظ علي الأمن ومنع التهريب.. وكان يمكن للدكتور القرضاوي أن يعلن رأيه الرافض لبناء الجدار كما فعل العديد من العلماء والكتاب والناشطين السياسيين دون أن يدخل بنا في دائرة الحرام الشرعي.
في قضية زيارة المسلمين للقدس والصلاة في المسجد الأقصي المبارك لدعم اخواننا المحاصرين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتوصيل رسالة عملية لإسرائيل بأننا لن نفرط في ثالث الحرمين الشريفين ولن نتنازل عن القدس عاصمة ورمزا تاريخيا للدولة الفلسطينية.. فاجأنا الدكتور القرضاوي بفتوي تحرم سفر المسلمين إلي القدس بتأشيرة إسرائيلية وبذلك أدخل كل علماء فلسطين الذين وجهوا الدعوة للمسلمين ويلحون علي زيارة المدينة المقدسة لدعم صمود أهلها.. في دائرة الحرام فهم جميعا يدعون إلي حرام.. مع أنهم أكثر من غيرهم الذين يقدرون فوائد هذه الزيارة ومنافعها السياسية والاقتصادية والمعنوية للفلسطينيين.
بإمكان الداعية والفقيه الكبير الدكتور يوسف القرضاوي أن يرفض ويدين ويعترض ويختلف مع كل الناس دون أن يدخل بنا دائرة الحلال والحرام.. فهو الذي علمنا وسجل في العديد من مؤلفاته الشرعية أن الأصل في الأشياء الاباحة وأنه لا تحريم إلا بنص.. ولا أدري ما هي النصوص التي تمنع ولاة الأمر من اتخاذ اجراءات علي الحدود لضبط الأمن ومنع تهريب الأشخاص والأسلحة والسلع التموينية المدعومة من أموال الشعب.. وما هي النصوص التي تحظر علي المسلمين زيارة مدينة إسلامية مقدسة والصلاة في مسجد من المساجد التي حثنا إسلامنا علي شد الرحال إليها؟!
إن استخدام سلاح التحريم في مثل هذه القضايا والأمور الخلافية والجدلية سيفتح الباب علي مصراعيه للفتاوي المتضاربة التي تضع الناس في حيرة واضطراب.. وهذا ما حدث بالفعل حيث اعترض علماء مجمع البحوث الإسلامية علي فتوي القرضاوي حول الجدار الحدودي وأصدروا فتوي جماعية تعارض فتواه.. واعترض علماء فلسطين علي فتواه حول زيارة القدس وصدرت عنهم فتاوي وآراء تعارض وتفند ما ذهب إليه.
وبذلك يسهم عالم كبير في وزن وحجم القرضاوي في إثارة البلبلة والحيرة والقلق والاضطراب الشرعي بين المسلمين!!
يا رب
"قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين"
"سورة هود: 47"