أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
د. محمد عمارة (المصريون) : بتاريخ 1 - 6 - 2009 في أحد الفضائيات العربية، أطل قسيس ماروني، يعمل في الفاتيكان، فأهال التراب على موقف التاريخ الإسلامي من النصارى، حتى لقد أدعى أن عمر بن الخطاب قد وضع شروطًا للتمييز ضد النصارى، أدت إلى إكراه مئات الألوف من هؤلاء النصارى على اعتناق الإسلام!!..
وإذا كان المنهاج الأفعل ـ والمفحم ـ في تفنيد هذه الدعاوى هو استدعاء شهادات النصارى أنفسهم عن الإسلام وخلفائه وتاريخه.. فإن للبابا شنودة الثالث ـ وهو بابا أكبر الأقليات النصرانية في الشرق ـ شهادة من المهم استدعاؤها.. وإعادة نشر نصوصها في هذا المقام.. وهذه الشهادة هي نصوص من خطبة البابا شنودة يوم 11 أكتوبر سنة 1977م أمام الرئيس أنور السادات ـ بمناسبة وضع حجر الأساس لمستشفى "مارمرقس" ـ بالقاهرة.. ولقد أعادت نشرها مجلة (وجهات نظر) عدد ديسمبر سنة 2005م..
وفي هذه الشهادة يقول البابا شنودة عن التاريخ الإسلامي: "في تلك العصور نجد تمازجا قد حدث بين المسلمين والمسيحيين، وظل التمازج ينمو شيئًا فشيئًا حتى وصل إلى حالة من الوحدة.. فلنا في التاريخ الإسلامي صداقات كثيرة بين حكام المسلمين وبين المسيحيين، ونراهم قد اعتمدوا عليهم في ميادين عدة لعل من أبرزها التعليم والطب والهندسة والأمور المالية".. فالتاريخ الإسلامي ـ برأي البابا شنودة ـ قد صنع نسيجًا واحدًا، امتزج فيه المسلمون والمسيحيون.. ووصلت علاقات الحكام المسلمين بالنصارى درجات "الصداقة".. وليس فقط "القبول"؟..
وعمر بن الخطاب ـ الذي افترى عليه القس الماروني ـ شهد البابا شنودة له بأنه كان مثالاً واضحًا للسماحة الإسلامية.. فقال عنه "لقد رأينا في التاريخ الإسلامي أمثلة واضحة للسماحة الإسلامية.. نذكر منها أن الخليفة عمر بن الخطاب. حينما اقترب من الموت أوصى من يأتي بعده في الخلافة من جهة أهل الكتاب بأمرين: الأمر الأول: وفاء العهود التي أعطيت لهم.. والأمر الثاني قال فيه: ولا تكلفوهم فوق ما يطيقون" ثم يمضي البابا شنودة، في الحديث عن عدل عمر بن الخطاب، فيقول: "عمر بن الخطاب، في إحدى المراحل، حينما كان الوليد بن عقبة واليًا على بني تغلب ومن فيهم من نصارى.. لما رأى عمر أن الوليد هدد هؤلاء الناس وتوعدهم، عزله من الولاية حتى لا يلقى بهم شرًا" وهناك قصة لطيفة تروى عن عمر بن الخطاب، أنه حينما كان خليفة للمسلمين، اختلف علي بن أبي طالب مع رجل يهودي، وجاء الاثنان أمام الخليفة عمر.. فقال عمر لعلي يا أبا الحسن، أجلس إلى جوار خصمك لنبحث الأمر، فجلس على ـ وقد تأثر قليلاً ـ.. وبعد أن قضي بينهما، قال عمر لعلي: هل استأت أني أجلستك إلى جوار خصمك؟ قال له علي: كلا.. أنا استأت لأنك ناديتني بكنيتي ـ يا أبا الحسن ـ وفي هذا نوع من التعظيم، خفت أن يشعر معه اليهودي بأنه لا يوجد عدل بين المسلمين.. فلم لم تساو بيننا، وإنما رفعتني عنه بأن ناديتني بكنيتي"؟!..
ثم يعقب البابا شنودة على هذا بقوله: "هكذا كان المسلمون يسلكون في العدل بين رعاياهم، أيا كان مذهبهم"..
ولا يحسبن أن هذه الشهادة ـ من البابا شنودة ـ لعمر بن الخطاب ولعلي بن أبي طالب، قد وقفت عند التاريخ الإسلامي القديم.. وأن هذا العدل الذي شهد البابا شنودة بأن المسلمين قد أقاموه بين الرعية، أيًا كان مذهبهم، قد ذهب مع ذهاب دولة الخلافة الراشدة.. لا يحسبن أحد ذلك.. فالبابا شنودة يشهد ويعلم أن هذا العدل وهذا الخير الذي صنعه عمر قد استمر عبر التاريخ الإسلامي، وحتى عصرنا الراهن، فيقول الرجل: "لقد انتهت حياة عمر بن الخطاب على الأرض، وانتهت مدة خلافته، ولكن الخير الذي عمله لم يمت بموته إطلاقًا.. وما يزال حيًا الآن يملأ الآذان ويملأ الأذهان.. ويحيا مع الناس على مدى الأزمان"!
هكذا تكلم الباب شنودة عن التاريخ الإسلامي، وعن عمر بن الخطاب، الذي يفتري عليه كثيرون وكثيرون!..