الحل الإسلامي لأزمة الرأسمالية
الحل الإسلامي لأزمة الرأسمالية
د. محمد عمارة | 17-08-2010 00:27
عندما أدخلت الرأسمالية الطفيلية الغربية إلى النفق المظلم للأزمة الاقتصادية العالمية الحالية التي فاقت وتفوق في شدتها ومخاطرها نظائرها السابقة.. التفتت أصوات غربية عاقلة إلى الحل الإسلامي الذي يحرم التجارة في النقود ـ أي يحرم الاقتصاد الرأسمالي الطفيلي والوهمي ـ الذي هو السبب فى هذه الأزمات الرأسمالية المزمنة ـ التفتت هذه الأصوات إلى "الحل الإسلامي المنقذ" من هذا الكابوس الذي يأخذ منهم بالخناق .. ليس إيمانًا بالإسلام ولا حبًا فيه.. وإنما من باب " المنفعة البرجماتية" !.
وفى هذا الإطار كتب رئيس تحرير المجلة الفرنسية (التحديات) "فنسان بوفيس" أواخر سنة 2008 م ـ إبان زيارة بابا الفاتيكان لأمريكا ـ يقول :
"إنه في حين يمر العالم بأزمة مالية تجتاح جميع معالم النمو في طريقها يجب علينا قراءة القرآن بدل نصوص البابوية. ولو طبق رجال البنوك الطامعون بالمردود على الأموال الخاصة ولو قليلاً الشريعة الإسلامية ومبدأها المقدس: "المال لا ينتج المال" فإننا لم نكن لنصل إلى ما وصلنا إليه".
وبعد أشهر قليلة من تاريخ كتابة المجلة الفرنسية هذا الذي كتبته عن الحل الإسلامي لأزمة الرأسمالية الغربية.. حل "المال لا ينتج المال" أي تحريم الاقتصاد الوهمي الربوي الطفيلي.. قرر بابا الفاتيكان نفسه رغم عدائه المعلن والشديد للإسلام ـ أن تطبق مصارف الفاتيكان بعض مبادئ المالية الإسلامية.. وكتبت صحيفة الفاتيكان الرسمية "اوسير فاتور رومانوا" في مارس 2009 تقريرًا قالت فيه " إن التعليمات الأخلاقية التي ترتكز عليها المالية الإسلامية قد تقوم بتقريب البنوك إلى عملائها بشكل أو أكثر من ذي قبل فضلاً عن أن هذه المبادئ قد تجعل هذه البنوك تتحلى بالروح الحقيقية المفترض وجودها بين كل مؤسسة تقدم خدمات مالية.. وإن موافقة أكبر سلطة دينية للديانة الكاثوليكية ( البابا) على تطبيق مصارفها بعض مبادئ المالية الإسلامية قد يخفف حدة الأصوات اليمينية المتشددة في روسيا وفي الولايات المتحدة التي تطالب بإطفاء بريق الصيرفة الإسلامية عبر ربطها بتمويل ما يسمى "الإرهاب" .. ولأن قرار البابا هذا سيزيد من توعية أتباع الديانات الكاثوليكية بالمالية الإسلامية بشكل خاص، وبالدين الاسلامي بشكل عام.
نعم .. لقد تحدثت المجلة الفرنسية (التحديات) ـ التي تصدر في فرنسا "بنت الكاثوليكية" وأكبر دولها ـ عن أولوية قراءة القرآن والشريعة الإسلامية وفلسفة الإسلام في الأموال والنقود ... على "نصوص البابوية" !! وما هي إلا أشهر قليلة وتحت ضغط الإفلاس لعالم الرأسمالية الطفيلية الغربية المتوحشة ـ تحدث بابا الفاتيكان نفسه عن "بريق الصيرفة الإسلامية" وعن التعليمات الأخلاقية التي ترتكز عليها المالية الإسلامية .. وعن ما تقدمه هذه الأخلاق الإسلامية في الصيرفة من إنقاذ للمؤسسات المالية الرأسمالية الغربية، كما تحدثت الصحيفة الرسمية للفاتيكان عن ضرورة الإقلاع عن ربط البنوك الإسلامية بتمويل ما يسمى "الإرهاب" ذلك الربط الذي يمارسه اليمين الديني في أمريكا!..
وصدق الله العظيم {هُوَ الَذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ} (التوبة : 33).. فرغم العداء للإسلام.. ورغم السعي الحثيث المحموم لتنصير المسلمين.. يظهر "الحل الإسلامي" لأزمة الرأسمالية الطفيلية الغربية المتوحشة على سائر "الحلول".. ويشير الكارهون للإسلام ـ من باب "المنفعة البرجماتية.. والمصلحة الدنيوية" بالاستفادة من الحلول التي تقدمها الصيرفة الإسلامية وفلسفة الإسلام في الأموال: "المال لا ينتج المال" .. والنقود "بدل منفعة .. وليست سلعة يتاجر فيها"..