راية رسول الله صلى الله عليه وسلم السائل: أبو نصير
هناك سؤال يدور في رأسي منذ زمن، ولم أجد الإجابة الشافية: بحثت عن لون راية رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجد إلا أنها سوداء وهي راية "العقاب"، ولواؤه أبيض، فهل كانت إحدى رايات الرسول صلى الله عليه وسلم خضراء؟ أرجو إرفاقي بحديث يدل على ذلك:
عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ: سعد الدسوقي- من علماء الأزهر الشريف، فأجاب بالآتي:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من خلقه تسمية دابته وسلاحه ومتاعه، فكان اسم رايته "العقاب"، واسم سيفه الذي يشهد به الحروب "ذو الفقار" وكان له سيف آخر يقال له "المخترم"، وآخر يقال له "الرسوب" (رواه الطبراني).
وعن عبد الله بن عباس أنه قال: "كانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء"، وعن البراء بن عازب أنه قال عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كانت سمراء مربعة من نمرة" (البخاري)، وعن عبد الله بن عباس أنه قال: "كان راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض" (الترمذي).
من هذه الأحاديث الشريفة يتضح لنا أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء واسمها راية "العقاب"- ويقال إنه كان مكتوبًا عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهذه الراية التي كان يرفعها المسلمون وهي راية الإسلام.
وكان لواؤه أبيض- أي- العلم الذي يوضع على مقر قيادة المسلمين أو مقر الخليفة؛ حيث كان اللواء أبيض ويقال إنه كان مكتوبًا عليه "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وقد بقيت هذه الراية رمز المسلمين، وعلمهم يرتفع منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نهاية الدولة العثمانية سنة 1342هـ= 1924م، ولكن لماذا سمَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته بـ"العقاب"؟!
العقاب: هو سيد طيور السماء وملكهم بلا منازع، تسميه العرب الكاسر، وهو لا يأكل إلا من صيده، ولا يأكل إلا حيًّا، فلا يأكل الجيف ولا الحشرات.
هذه هي صفات العقاب بين سائر الطيور؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقى لرايته ولراية دولته ودولة أمته من بعده اسم "العقاب"، فلا عجب أنه أراد أن يكون لدولة المسلمين من الصفات بين دول العالم ما للعقاب من الصفات من غيره من جوارح الطيور؛ لتكون دولة عزيزة منيعة مهيبة ترعب أعداءها وتفتك بمن يتجرَّأ على دينها.
وبعد أن أتى الاحتلال الأجنبي وتكالب الأعداء علينا تمَّ تقسيم الدول الإسلامية ووضع الحدود المصطنعة بينها وجُعل علَمٌ خاصٌّ لكل دولة فيها وذلك من باب (فرق تسد).
وأصبح كل مسلم يعتز بعلَم دولته الذي وضعه الاستعمار له، ولم يعد أحد يتذكر راية العقاب والتي كانت توحد جميع المسلمين تحتها!.
ولكن هذا بإذن الله لن يستمر وسوف تقام دولة الإسلام قريبًا إن شاء الله وترفع راية العقاب مرة أخرى بإذن الله تعالى.
قال عز وجل: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)﴾ (النور).
فبإذن الله راية العقاب آتية بعون الله تعالى، ونصر الله قادم لا محالة، ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريبًا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.